الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية

جوزيف ستالين

2016 / 4 / 30
الارشيف الماركسي


ترجمة سعيد العليمى


حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزيف ف . ستالين
)يحيى كل الحاضرين ظهور الرفيق ستالين على المنصة بهتافات عالية متصلة . يقف الجميع . تسمع هتافات من كل انحاء القاعة : " هوراه للرفيق ستالين ! " " عاش الرفيق ستالين !" "عاش ستالين العظيم !""هوراه للعبقرى العظيم ، الرفيق ستالين!" " عاش " " الجبهة الحمراء" "هوراه للرفيق ستالين !" )
1 – تشكيل لجنة الدستور ومهامها
ايها الرفاق ، تشكلت لجنة الدستور التى سلمت مسودتها للنظر فيها من قبل المؤتمر الحالى ، كما تعرفون ، بقرار خاص من المؤتمر السابع لسوفييتات اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية . وقد تم تبنى القرار فى 6 فبراير ، 1935 . وينص على :
"1 . تعديل دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية فى اتجاه :
"أ) مزيد من مقرطة النظام الانتخابى باستبدال حق الانتخاب غير المتساوى بحق الانتخاب المتساوى ، والانتخابات غير المباشرة بالانتخابات المباشرة ، والتصويت العلنى بالتصويت السرى ،
"ب) طرح تعريف اكثر دقة للاساس الاقتصادى والاجتماعى للدستور بجعل الدستور يتسق مع علاقات القوى الطبقية الراهنة فى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية حيث جرى ( انشاء صناعة اشتراكية جديدة ، والقضاء على طبقة الكولاك ، ونجاح نظام المزارع الجماعية ، وتعزيز الملكية الاشتراكية بوصفها اساس المجتمع السوفييتى ، وما الى ذلك ) .
"2 . ان يوجه اللجنة التنفيذية المركزية لاتحادالجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ان تنتخب لجنة دستور التى سوف توجه الى ان تصيغ نصا معدلا للدستور وفقا للمبادئ المشار اليها فى المادة 1 ، وان تسلمه للمصادقة عليه فى دورة انعقاد اللجنة التنفيذية المركزية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية .
"3 . ان تخاض الانتخابات العادية المقبلة لاجهزة الحكومة السوفييتية فى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية وفق النظام الانتخابى الجديد ."
كان هذا فى 6 فبراير 1935 . فى اليوم التالى على تبنى هذا القرار ، اى ، 7 فبراير 1935 انعقدت الدورة الاولى للجنة التنفيذية المركزية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ، والتقت تنفيذا لقرار المؤتمر السابع للسوفييتات فى إ.ج.إ.س ، وشكلت لجنة دستور تضم 31 شخصا . واعطت توجيهاتها للجنة الدستور بأن تجهز مسودة لدستور معدل فى إ.ج.إ.س.
كانت هذه هى الاسس الشكلية والتعليمات التى صدرت عن الهيئة العليا فى إ.ج.إ.س . التى كان على عمل لجنة الدستور ان ينطلق منها .
وهكذا كان على لجنة الدستور ان تدخل تغييرات على الدستور النافذ الآن ، الذى تبنيناه فى 1924 ، واضعين فى اعتبارنا التغييرات باتجاه الاشتراكية التى ظهرت فى حياة إ.ج.إ.س . فى الفترة من 1924حتى اليوم .
2 . التغييرات الحاصلة فى حياة إ.ج.إ.س . فى الفترة من 1924 حتى 1936
ماهى التغييرات الحاصلة فى حياة إ.ج.إ. س. التى ظهرت فى الفترة من 1924حتى 1936 والتى كان على لجنة الدستور ان تعكسها فى مسودة الدستور ؟
ماهو جوهر هذه التغييرات ؟
ماذا كان الوضع فى 1924 ؟
كانت هذه هى الفترة الاولى من السياسة الاقتصادية الجديدة ، حينما سمحت الحكومة السوفييتية بدرجة معينة من احياء الراسمالية بينما تتخذ كل الاجراءات لتطوير الاشتراكية ، حينما قدرت ان تؤمن ، فى سياق المنافسة بين النظامين الاقتصاديين – النظام الرأسمالى والنظام الاشتراكى – تفوق النظام الاشتراكى على النظام الراسمالى . كانت المهمة هى تعزيز موقع الاشتراكية فى سياق هذه المنافسة ، لتحقيق القضاء على العناصر الرأسمالية ولاستكمال انتصار الاشتراكية بوصفها النظام الاساسي للاقتصاد القومى .
ان صناعتنا ، خاصة الصناعة الثقيلة ، قدمت صورة مزرية فى هذا الوقت . ومن الحقيقى انها قد استعيدت تدريجيا ، ولكنها لم ترفع مخرجاتها بعد لاى درجة تقارب مستوى ماقبل الحرب . لقد كانت مؤسسة على التقنية القديمة ، المتخلفة ، غير الكافية . وقد كانت تتطور باتجاه الاشتراكية . مثل القطاع الاشتراكى من صناعتنا فى هذا الوقت حوالى 80 فى المائة من اجماليها . ولكن مايزال القطاع الراسمالى يسيطر على مالا يقل عن 20 فى المائة من الصناعة .
قدمت زراعتنا صورة اكثر بشاعة .من الحقيقي ان طبقة ملاك الارض قد قضى عليها ، ولكن من ناحية اخرى ، الطبقة الراسمالية الزراعية ، طبقة الكولاك ، مازالت تمثل قوة معتبرة لحد بعيد . واجمالا ، تشبه الزراعة فى هذا الوقت محيطا لاحد له من مزارع الفلاحين الصغار الافراد ذات ادوات فنية قروسطية متخلفة . يوجد فى هذا المحيط فى شكل جزر ونقاط صغيرة معزولة ، مزارع جماعية ، ومزارع دولة ، وهى اذا ماتحرينا الدقة ، لم تكن بعد ذات دلالة معتبرة فى اقتصادنا القومى . كانت المزارع الجماعية ومزارع الدولة ضعيفة ، بينما كان الكولاك قويا . لم نتحدث فى هذا الوقت عن القضاء على الكولاك ، وانما على تقييدهم .
ونفس الشئ لابد من قوله عن تجارة البلاد .
مثل القطاع الاشتراكى فى البلاد حوالى 50 الى 60 بالمائة ، لااكثر ، بينما احتل كل بقية المجال التجار ، والمتاجرين الخاصين الآخرين . هكذا كانت الحياة الاقتصادية فى بلادنا فى 1924 . ماهو الوضع الآن فى 1936 ؟
كنا فى هذا الوقت فى المرحلة الاولى من السياسة الاقتصادية الجديدة ، اى بدايات النيب ( س.إ.ج ) ، الفترة التى شهدت قدرا معينا من احياء الراسمالية ، الآن ، على اى حال ، نحن فى آخر مراحل النيب ، نهاية النيب ، فترة التصفية الكاملة للراسمالية فى كل مجالات الاقتصاد القومى .
خذوا الحقيقة التى يتعين ان نبدأ بها ،خلال هذه الفترة نمت صناعتنا وباتت قوة عملاقة .
الآن لايمكن ان نصفها بأنها ضعيفة او سيئة التجهيز . على النقيض، انها مؤسسة الان على ادوات فنية جديدة ، غنية ، حديثة ، مع صناعة ثقيلة متطورة قوية ، وحتى صناعة بناء آلات اكثر تطورا . ولكن اكثر الاشياء اهمية هو ان الراسمالية قد اختفت كلية من مجال صناعتنا ، بينما يتحكم شكل الانتاج الاشتراكى وحده فى مجال صناعتنا . الواقع ان حجم مخرجات صناعتنا الاشتراكية الراهن يتجاوز صناعة ماقبل الحرب بسبعة اضعاف الامر الذى لايمكن ان نعتبره تفصيلا لاشأن له .
فى مجال الزراعة ، بدلا من محيط المزارع الفلاحية الصغيرة الفردية ، بادواتها البائسة فنيا ، مع نفوذ الكولاك القوى ، لدينا الآن ميكنة الانتاج ، وقمنا على نطاق اكبر مما فى اى مكان آخر فى العالم بالعمل بادوات فنية حديثة ، فى شكل نظام شامل من المزارع الجماعية ومزارع الدولة . كل واحد يعلم ان طبقة الكولاك فى الزراعة قد قضى عليها ، بينما قطاع المزارع الفلاحية الصغيرة الفردية ، بادواتها الفنية القروسطية المتخلفة ، تشغل الان مكانا ضئيلا ، وحصتها فى الزراعة فيما يخص مجال المحاصيل لايبلغ اكثر من اثنين او ثلاثة بالمائة . لاينبغى ان نتغاضى عن حقيقة ان المزارع الجماعية الآن رهن تصرفها 316000 تراكتور بطاقة اجمالية قدرها 5700000 حصان ، ومع مزارع الدولة الجماعية ، زيادة على 400000 تراكتور بطاقة اجمالية 7580000 حصان .
اما بالنسبة لتجارة البلاد ، فإن التجار والمضاربين قد قضى عليهم تماما فى هذا المجال . التجارة كلها الان فى يد الدولة ، الجمعيات التعاونية ، والمزارع الجماعية .
تجارة سوفييتية جديدة – تجارة بلامضاربين ، تجارة بدون راسماليين – قد قامت وتطورت .
وهكذا بات الانتصار الكامل للنظام الاشتراكى فى كل مجالات الاقتصاد القومى حقيقة .
وماذا يعنى هذا ؟
هذا يعنى ان استغلال الانسان للانسان قد قضى عليه ، وازيل بينما الملكية الاشتراكية لتطبيقات وادوات الانتاج قد تأسست بوصفها اساسا لايمكن زعزعته للمجتمع السوفييتى . ( تصفيق متواصل .)
ونتيجة لكل هذه التغيرات فى مجال الاقتصاد القومى فى ا.ج.إ.س لدينا الان اقتصاد اشتراكى جديد ، لايعرف الازمات ولا البطالة ، ولايعرف الفقر ولا الخراب ، الذى يقدم لمواطنينا كل فرصة لأن يحيوا حياة مزدهرة ومثقفة .
هذه هى بصفة اساسية ، التغيرات التى جرت فى مجال اقتصادنا خلال الفترة من 1924 الى 1936 .
واتساقا مع هذه التغيرات فى الحياة الاقتصادية فى إ.ج.إ.س ، تغيرت ايضا البنية الطبقية لمجتمعنا .
لقد ازيلت ، كما تعرفون ، طبقة ملاك الارض نتيجة للنهاية المنتصرة للحرب الاهلية . اما بالنسبة للطبقات الاستغلالية الاخرى ، فقد شاركت مصير طبقة ملاك الارض . كما كفت الطبقة الراسمالية فى الصناعة عن الوجود . وكفت طبقة الكولاك فى مجال الزراعة عن الوجود . وكف التجار والمضاربون فى مجال التجارة عن الوجود . وهكذا قضى على كل الطبقات المستغلة .
وتبقى هناك الطبقة العاملة . وتبقى هناك طبقة الفلاحين . وتبقى هناك الانتليجنسيا .
ولكن سوف يكون من الخطأ ان نفكر ان هذه الجماعات الاجتماعية لم تتعرض لتغيرات خلال هذه الفترة ، وكأنها بقيت على حالها كما كانت ، فلنقل ، فى فترة الراسمالية .
خذ على سبيل المثال ، الطبقة العاملة فى إ.ج.إ.س . بقوة العادة ، نسميها غالبا البروليتاريا . ولكن ماهى البروليتاريا ؟ البروليتاريا هى طبقة محرومة من ادوات ووسائل الانتاج ، فى ظل نظام اقتصادى تكون فيه ادوات ووسائل الانتاج ملكا للراسماليين حيث يستغل الراسماليون البروليتاريا . البروليتاريا هى طبقة يستغلها الراسماليون . ولكن فى بلادنا ، كما تعلمون ، قد قضى على الطبقة الراسمالية بالفعل وصودرت ادوات ووسائل الانتاج من الراسماليين ونقلت الى الدولة ، التى تمثل الطبقة العاملة قوتها القائدة . ونتيجة لذلك ، فان طبقتنا العاملة ، بعيدة عن ان تكون محرومة من ادوات ووسائل الانتاج ، وعلى النقيض فهى تملكها بشكل مشترك مع كل الشعب . وحيث انها تملكها ، وقد قضى على الطبقة الراسمالية ، فقد استبعد اى امكان لاستغلالها . حيث ان هذا هو الحال ، هل يمكن ان تسمى طبقتنا العاملة بروليتاريا ؟ من الواضح ، انه من غير الممكن . قال ماركس انه اذا كان على البروليتاريا ان تحرر نفسها ، فعليها ان تسحق الطبقة الراسمالية ، وان تنتزع ادوات ووسائل الانتاج من يد الراسماليين ، وان تزيل شروط الانتاج التى تخلق البروليتاريا . الا يمكن القول بأن الطبقة العاملة فى إ.ج.إ.س قد حققت هذه الشروط من اجل تحررها ؟
بلاجدال يمكن ولابد ان يقال هذا . ولكن ماذا يعنى هذا ؟ يعنى هذا ان بروليتاريا إ.ج.إ.س قد تحولت كلية الى طبقة جديدة ، الى الطبقة العاملة فى إ.ج.إ.س التى قضت على النظام الاقتصادى الراسمالى ، التى اسست الملكية الاشتراكية لادوات ووسائل الانتاج وتقود المجتمع السوفييتى على طريق الشيوعية .
وكما ترون ، فإن الطبقة العاملة فى ا.ج.ا.س هى طبقة عاملة جديدة كلية ، طبقة عاملة تحررت من الاستغلال ، لم يعرف التاريخ مثلها من قبل .
دعونا نتوجه لمسألة الفلاحين .
من المعتاد ان يقال ان الفلاحين طبقة من صغار المنتجين ، واعضاءها متذررون ، منتشرون على وجه الارض يكدحون فى عزلة فى مزارعهم الصغيرة بادواتهم الفنية المتخلفة ، وانهم عبيد الملكية الخاصة ومستغلون من ملاك الارض دون عواقب ، ومن الكولاك ، والتجار، والمضاربون ، والمرابون ، ومن ماثلهم .
وبالفعل ، ففى البلدان الراسمالية فإن الطبقة الفلاحية ، اذا تناولنااها فى عمومها ، هى طبقة كذلك بالفعل .
هل يمكن ان يقال ان طبقتنا الفلاحية اليوم ، الفلاحين السوفييت ، مأخوذون فى جملتهم يشبهون تلك الطبقة الفلاحية ؟ لا ، لايمكن ان يقال ذلك . لم تعد هناك فى بلادنا طبقة بهذا الشكل . طبقتنا الفلاحية السوفييتية هى طبقة فلاحية جديدة كليا . لم يعد هناك فى بلادنا ملاك ارض او كولاك ، تجار ومرابون ممن يمكن ان يستغلوا الفلاحين .
وعلى ذلك ، فإن طبقتنا الفلاحية هى طبقة تحررت من الاستغلال . اضف الى ذلك ، فطبقتنا الفلاحية السوفييتية ،باغلبيتها الساحقة ، هى طبقة فلاحية ذات مزارع جماعية ، اى ، انها تؤسس عملها وثروتها ليس على العمل الفردى وعلى الادوات الفنية المتخلفة ، وانما على العمل الجماعى وعلى ادوات حديثة . واخيرا ، فاقتصاد فلاحينا مؤسس ، ليس على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وانما على الملكية الجماعية ، التى نمت على اساس العمل الجماعى .
كما ترون ، فإن الطبقة الفلاحية هى طبقة فلاحية جديدة كليا . لم يعرف تاريخ البشرية لها مثيلا .
واخيرا ، دعونا نتوجه لمسألة الانتليجنسيا ، لمسألة المهندسين والفنيين ، للعاملين على الجبهة الثقافية ، للموظفين بصفة عامة ، وماالى ذلك . تعرضت الانتيليجنسيا ايضا لتغيرات كبرى خلال هذه الفترة فلم تعد الانتيليجنسيا القديمة المحافظة التى حاولت ان تضع نفسها فوق الطبقات ، والتى كانت بالفعل ، فى قسمها الغالب ، قد خدمت كبار الملاك والراسماليين .ان الانتيليجنسيا السوفييتية هى انتيليجنسيا جديدة كليا . مرتبطة فى اعمق جذورها بالطبقة العاملة وبالفلاحين . فى المحل الاول فقد تغير تركيب الانتليجنسيا حيث لايشكل الناس الآتون من الارستقراطية والبورجوازية الا نسبة ضئيلة من الانتليجينسيا السوفييتية ، من 80 الى 90 فى المائة من الانتليجينسيا هم اناس اتوا من الطبقة العاملة ، ومن الفلاحين ، او من فئات اخرى من السكان الكادحين . واخيرا ، فإن انشطة الانتليجنسيا ذاتها قد تغيرت . كان عليها قبلا ان تخدم الطبقات الثرية ، فلم يكن لديها بديل . اليوم لابد وان تخدم الشعب ، لأنه لم يعد هناك اى طبقات مستغلة . ولهذا السبب تحديدا فهى عضو متساو فى المجتمع السوفييتى ، الذى تقف فيه جنبا الى جنب مع العمال والفلاحين ، متعاونة معهم ، ومنخرطة فى بناء مجتمع اشتراكى لاطبقى جديد .
كما ترون ، فان هذه انتليجنسيا عاملة جديدة كليا ، لن تجدوا لها مثيلا فى اى بلد آخر من بلدان الارض .
هذه هى التغيرات التى جرت خلال هذه الفترة بصدد البنية الطبقية للمجتمع السوفييتى .
علام تدل هذه التغيرات ؟
اولا ، تدل على ان الخطوط الفاصلة بين الطبقة العاملة والفلاحين والانتليجينسيا قد محيت ، وان الحصرية الطبقية القديمة تختفى . وهذا يعنى ان المسافة بين الجماعات الاجتماعية تتلاشى بثبات .
ثانيا ، وهى تدل على ان التناقضات الاقتصادية بين الجماعات الاجتماعية تنحل وتنمحى .
واخيرا تعنى ان التناقضات السياسية بينها هى ايضا تنحل وتنمحى .
هذا هو الوضع بشأن التغيرات فى البنية الطبقية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية .
ان صورة التغيرات فى الحياة الاجتماعية فى ا.ج.ا.س لن تكتمل اذا لم نقل بضع كلمات عن التغيرات فى مجال آخر ايضا . مايحضرنى هو مجال العلاقات القومية فى ا.ج.ا.س . كما تعلمون ، هناك حوالى ستين امة داخل الاتحاد السوفييتى ، مجموعات قومية ، وقوميات . الدولة السوفييتية دولة متعددة القوميات . ومن الجلى ، فإن مسألة العلاقات بين شعوب ا.ج.ا.س لايمكن الا ان تكون ذات اهمية اولى بالنسبة لنا . تشكل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية كما تعلمون فى 1922 ، فى المؤتمر الاول لسوفييتات اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية . وقد تشكل على اساس المساواة والانتساب الطوعى لشعوب ا.ج.ا.س . الدستور القائم الآن ، جرى تبنيه عام 1924 ، وقد كان اول دستور لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية . لقد كانت هذه هى الفترة التى لم تكن فيها العلاقات بين الشعوب قد استقرت بشكل سليم ، حينما كانت بقايا عدم الثقة نحو الروس الكبار قائمة ولم تختف بعد ، وحينما كانت القوى الطاردة مازالت فعالة . كان من الضرورى فى ظل هذه الظروف ان نقيم تعاونا اخويا بين الشعوب على اساس المساعدة المتبادلة اقتصاديا ، وسياسيا ، وعسكريا موحدين اياهم فى دولة فيدرالية موحدة متعددة القوميات . ولم يكن بمقدور الحكومة السوفييتية الاتدرك صعوبة هذه المهمة .
لقد كان امامها التجارب غير الناجحة للدول متعددة القومية فى البلدان البورجوازية . لقد كان امامها تجربة النمسا – المجر القديمة ، التى انتهت الى الاخفاق . مع ذلك ، فقد قررت ان تقوم بتجربة انشاء دولة متعددة القومية ، لانها عرفت ان دولة متعددة القومية قامت على اساس الاشتراكية لابد وان تصمد امام كل واى اختبار .
لقد مضى اربعة عشر عاما منذ هذا الوقت . وهى فترة طويلة بمايكفى لاختبار التجربة ؟ لقد اظهرت هذه الفترة بما لايدع مجالا للشك ان تجربة تكوين دولة متعددة القومية قائمة على الاشتراكية كانت ناجحة تماما .هذا هو الانتصار الموثوق فيه للسياسة القومية اللينينية . ( تصفيق متصل )
كيف يمكن ان نفسر هذا الانتصار ؟
ان غياب الطبقات المستغلة ، وهى المنظمة الرئيسية للمعاناة بين الامم ، غياب الاستغلال ، الذى يزرع عدم الثقة المتبادلة ويشعل الانفعالات القومية ، حقيقة ان السلطة فى يد الطبقة العاملة وهى خصم كل استعباد والحامل الحقيقى لافكار الاممية ، الممارسة الفعلية للعون المتبادل بين الشعوب فى كل المجالات الاقتصادية والحياة الاجتماعية ، واخيرا، الثقافة القومية المزدهرة لشعوب اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ، الثقافة القومية فى الشكل والاشتراكية فى المضمون – كل هذه والعوامل المشابهة قد احدثت تغييرا راديكاليا فى مظاهر شعوب ا.ج.ا.س . ، واختفى شعورهم بانعدام الثقة المتبادلة ، وتطور بينهم شعور بالثقة المتبادلة ، وهكذا تأسس تعاون اخوى حقيقى بين الشعوب ضمن نظام دولة اتحادية مفردة .
نتيجة لذلك ، لدينا الان دولة اشتراكية كاملة التكوين وقد تشكلت ، وصمدت لكل الاختبارات ، والتى يمكن لاى دولة قومية فى اى جزء من العالم ان تحسدها على استقرارها . ( تصفيق حاد ) .
هذه هى التغيرات التى جرت خلال هذه الفترة فى مجال العلاقات القومية فى ا.ج.ا.س .
هذا هو اجمالى التغيرات التى جرت فى مجال الحياة الاقتصادية والسياسية – الاجتماعية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية من 1924 حتى 1936 .
3 . الخصائص الرئيسية النوعية لمسودة الدستور
كيف انعكست كل هذه التغيرات فى حياة ا.ج.ا.س فى مسودة الدستور الجديد ؟
بمعنى آخر : ماهى الخصائص الرئيسية النوعية لمسودة الدستور التى سلمت للنظر فيها من المؤتمر الحالى ؟
لقد كلفت اللجنة بأن تعدل دستور 1924 . وقد اثمر عمل لجنة الدستور نصا جديدا للدستور ، مسودة دستور جديد لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية . انطلقت لجنة الدستور عند كتابة الدستور الجديد ، من افتراض انه لاينبغى الخلط بين الدستور والبرنامج . هذا يعنى ان هناك اختلافا جوهريا بين البرنامج والدستور . فبينما يتحدث البرنامج عن ذلك الذى لم يوجد بعد ، عن ذلك الذى ينبغى ان يتحقق ويكتسب فى المستقبل ،فإن الدستور على النقيض ، لابد وان يتحدث عن ماهو قائم بالفعل ، عن ذلك الذى تحقق وجرى كسبه الآن ، فى الوقت الحاضر . فالبرنامج يتعامل بصفة اساسية مع المستقبل ، اما الدستور فمع الحاضر .
مثالان نضربهما على سبيل البيان .
لقد نجح مجتمعنا السوفييتى ، بصفة اساسية ، فى تحقيق الاشتراكية ، لقد خلق نظاما اشتراكيا ، اى لقد حقق مااسماه الماركسيون بكلمات اخرى المرحلة الاولى او الدنيا من المجتمع الشيوعى . وعليه ، فقد حققنا ، بصفة اساسية ، بالفعل المرحلة الاولى من الشيوعية . الاشتراكية . ( تصفيق متواصل .) المبدأ الاساسي فى هذه المرحلة من الشيوعية هى ، كما تعلمون ، صيغة : " من كل حسب طاقته ، ولكل حسب عمله " هل ينبغى ان يعكس دستورنا هذه الحقيقة ، حقيقة ان الاشتراكية قد تحققت ؟ هل ينبغى ان يستند على هذا الانجاز ؟ بلاجدال لابد من ذلك . لابد من ذلك لأن الاشتراكية فى ا.ج.أ.س هى شئ قد تحقق وكسبناه بالفعل .
ولكن المجتمع السوفييتى لم يصل بعد المرحلة الاعلى من الشيوعية ، حيث يكون المبدأ الحاكم صيغة : من كل حسب طاقته ، ولكل حسب حاجته " رغم انه يضع نصب عينيه هدف تحقيق المرحلة الاعلى من الشيوعية فى المستقبل . هل يمكن لدستورنا ان يتأسس على المرحلة العليا للشيوعية ، التى لم توجد بعد والتى مازال عليها ان تتحقق ؟
لا. لايمكن ، لأنه بالنسبة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية لم تتحقق بعد المرحلة الاعلى من الشيوعية والتى سوف تتحقق فى المستقبل . لايمكن ، اذا لم يكن عليه ان يتحول الى برنامج او اعلان عن انجازات المستقبل .
هذه هى حدود دستورنا فى اللحظة التاريخية الراهنة .
وهكذا فإن مسودة دستورنا الجديد هى موجز للطريق الذى عبرناه ، موجز للمكتسبات التى حققناها بالفعل . بمعنى آخر ، انها تسجيل وتجسيد تشريعى لما تحقق بالفعل وكسبناه كحقيقة واقعية . ( تصفيق حاد ).
هذا هو الملمح الاول النوعى لمسودة الدستور الجديد لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية .
اضف الى ذلك ، تنطلق دساتير البلدان البورجوازية عادة من الاعتقاد بأن النظام الراسمالى نظام غير قابل للتغيير . وينطوى العماد الاساسي لهذه الدساتير على مبادئ الرأسمالية ، على اعمدتها الرئيسية : ملكية الارض ، الغابات ، المصانع ، الاشغال ، وادوات ووسائل الانتاج الاخرى ، استغلال الانسان للانسان ووجود المستغلين والمستغلين ، عدم الامان للاغلبية الكادحة من قطب فى المجتمع ، والترف لغير الكادحين وهم الاقلية الآمنة فى قطب آخر . وهى تستقر على هذه ومعها الاعمدة المشابهة للراسمالية . انها تعكسها ، وهى تجسدها فى القانون .
وبخلاف هذه ، فان مسودة الدستور الجديد لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ينطلق من حقيقة ان النظام الراسمالى قد صفى ، وان النظام الاشتراكى قد انتصر فى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية .العماد الاساسي لمسودة الدستور الجديد لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية هو مبادئ الاشتراكية ، التى تمثل اعمدتها اشياء انجزت وتحققت بالفعل : الملكية الاشتراكية للارض ، والغابات ، والمصانع ، وادوات ووسائل الانتاج الاخرى ، القضاء على الاستغلال والطبقات المستغلة ، القضاء على الفقر بالنسبة للاغلبية والترف بالنسبة للاقلية ، القضاء على البطالة ، العمل كالتزام وواجب مشرف على كل مواطن قادر بدنيا ، وفقا لصيغة : " من لايعمل ، لايأكل " ، الحق فى العمل ، اى ، حق كل مواطن فى ان يحصل على توظيف مضمون ، الحق فى الراحة ووقت الفراغ ، الحق فى التعليم الخ الخ . تستند مسودة الدستور الجديد على هذه القواعد وماماثلها من اعمدة الاشتراكية . وهو يعكسها ، ويجسدها فى القانون .
هذا هو الملمح النوعى الثانى لمسودة الدستور الجديد .
اضف الى ذلك . تنطلق الدساتير البورجوازية ضمنيا من الفرضية القائلة بأن المجتمع يحتوى على طبقات متعادية ، على طبقات تملك الثروة وطبقات لاتملك ثروة ، وانه ليس مهما من يصل الى السلطة ، فإن قيادة المجتمع بواسطة الدولة ( الديكتاتورية ) لابد وان تكون فى ايدى البورجوازية ، وان هناك حاجة للدستور لتعزيز نظام اجتماعى مرغوب فيه من قبل الطبقات المالكة ، ومفيد لها .
وبخلاف الدساتير البورجوازية ، فان مسودة الدستور الجديد لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ينطلق من حقيقة انه لم تعد هناك اى طبقات متعادية فى المجتمع ، وان هذا المجتمع يضم طبقتين صديقتين ، من العمال والفلاحين . وان هذه الطبقات ، الطبقات العاملة هى الموجودة فى السلطة ، وان قيادة المجتمع بواسطة الدولة ( الديكتاتورية ) هى فى يد الطبقة العاملة ، اكثر الطبقات تقدما فى المجتمع ، وان هناك حاجة للدستور بغرض تعزيز نظام اجتماعى مرغوب فيه من قبل الشعب العامل ومفيد له .
هذا هو الملمح النوعى الثالث لمسودة الدستور الجديد .
اضف الى ذلك . تنطلق الدساتير البورجوازية ضمنيا من فرضية ان الامم والاعراق لايمكن ان تحوز حقوقا متساوية ، وان هناك امما ذات حقوق كاملة وامم ذات حقوق غير كاملة ، اضافة الى ذلك ، توجد فئة ثالثة من الامم والاعراق ، المستعمرات على سبيل المثال ، لها حتى حقوق اقل من الامم ذات الحق الكامل . وهذا يعنى ، ان كل هذه الدساتير فى اساسها قومية ، اى ، دساتير الامم الحاكمة .
بخلاف هذه الدساتير ، فان مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ، هو على النقيض ، اممى بعمق فهو ينطلق من فرضية ان لكل الامم والاعراق حقوقا متساوية . وهو ينطلق من حقيقة انه لا الاختلاف فى اللون او اللغة ، او المستوى الثقافى ، او مستوى التطور السياسي ، او اى اختلاف آخر بين الامم والاعراق يمكن ان ينهض سندا لتبرير عدم المساواة فى الحقوق القومية . انه ينطلق من فرضية ان كل الامم والاعراق بغض النظر عن وضعها الماضى والحالى ، بغض النظر عن قوتها او ضعفها ، لابد ان تتمتع بحقوق متساوية فى كل مجالات حياة المجتمع الاقتصادية ، والاجتماعية ، والسياسية ، والثقافية .
هذا هو الملمح النوعى الرابع لمسودة الدستور الجديد .
والملمح النوعى الخامس لمسودة الدستور الجديد هو تماسكه واتساقه فى نزوعه الديموقراطى . من وجهة النظر الديموقراطية ، يمكن تقسيم الدساتير البورجوازية الى مجموعتين : مجموعة من الدساتير تنكر بصراحة او تنعدم فيها فعليا حقوق المساواة بين المواطنين او حرياتهم الديموقراطية . المجموعة الاخرى من الدساتير تقبل عن طيب خاطر،بل وحتى تروج للمبادئ الديموقراطية ، لكنها فى نفس الوقت تبدى تحفظات وتضع قيودا تبتر هذه الحقوق والحريات الديموقراطية .
وهم يتحدثون عن حق الانتخاب العام لكل المواطنين ، ولكن فى ذات الوقت يحدونه بموطن الاقامة ، والمؤهلات التعليمية واحيانا حتى بنصاب للملكية . انهم يتحدثون عن الحقوق المتساوية للمواطنين ، ولكنهم يتحفظون بأن هذا لاينطبق على النساء ، او ينطبق عليهن جزئيا . وهكذا وماالى ذلك .
مايميز مسودة الدستور الجديد لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية هو انه يخلو من مثل هذه التحفظات والقيود . حيث انه لايوجد فيه تقسيم للمواطنين الى فعالين وسلبيين ، ففيه ، كل المواطنين فعالين . فهو لايعترف باى تمييز فى الحقوق بين الرجال والنساء " مقيمون " او " غير مقيميين " ، من ذوى الاملاك او ممن لاملكية لهم ، متعلمون ام غير متعلمين .
بالنسبة له ، كل المواطنين لهم حقوق متساوية . ليس وضع الملكية ، ولا الاصل القومى ، ولا الجنس ، ولا المنصب ، انما القدرة الشخصية والعمل الشخصى ، هو مايحدد وضع كل مواطن فى المجتمع .
واخيرا ، ماتزال هناك خاصية نوعية اخرى لمسودة الدستور الجديد . تقتصر الدساتير البورجوازية عادة على بيان الحقوق الشكلية للمواطنين ، دون ان تعنى بشروط ممارسة هذه الحقوق ، حول فرصة ممارستها ، حول الوسائل التى يمكن ان تمارس بها . انهم يتحدثون عن حقوق المواطنين ، ولكنهم ينسون انه لايمكن ان تكون هناك مساواة بين صاحب العمل والشغيل ، بين مالك الارض والفلاح ، اذا كان الاول يملك الثروة والثقل السياسي فى المجتمع بينما الاخير محروم من كليهما – اذا كان الاولون مستغلون ، والاخيرين مستغلين . او ايضا : هم يتحدثون عن حرية الكلام ، والاجتماع ، والصحافة ، وينسون ان كل هذه الحريات قد تكون جميعا صوتا فارغا بالنسبة للطبقة العاملة ، اذا لم يكن للاخيرة من سبيل الى الاماكن المناسبة للاجتماعات ، محلات الطباعة الجيدة ، مع وجود كميات كافية من ورق الطباعة .
مايميز مسودة الدستور الجديد انه لايقصر نفسه على بيان حقوق المواطنين الشكلية ، وانما يشدد على ضمان هذه الحقوق ، والوسائل التى يمكن بها لهذه الحقوق ان تمارس .فهو لايعلن حقوق المواطنين فحسب ، وانما يضمنها بمنحها تجسيدا قانونيا بحقيقة ان نظام الاستغلال قد قضى عليه ، لحقيقة ان المواطنين قد تحرروا من كل استغلال . وهو لايعلن الحق فى العمل فحسب ، بل يضمنه بمنحه تجسيدا قانونيا حتى انه ليست هناك ازمة فى المجتمع السوفييتى ، كما ان البطالة قد قضى عليها . وهو لايعلن فحسب الحريات الديموقراطية وانما يضمنها قانونيا بتجسيدها بتقديم موارد مادية محددة . وواضح ، من ثم ، ان النزعة الديموقراطية فى مسودة الدستور الجديد ليست هى النزعة الديموقراطية " العادية " المعترف بها عالميا " بشكل مجرد ، وانما هى الديموقراطية الاشتراكية .
هذه هى الملامح النوعية المبدئية للدستور الجديد فى ا.ج.ا.س.
هذه هى الطريقة التى يعكس بها الدستور الجديد التقدم والتغيرات التى حدثت فى الحياة الاقتصادية والسياسية - الاجتماعية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية فى الفترة من 1924 الى 1936 .
4 . النقد البورجوازى للدستور الجديد
بضع كلمات حول النقد البورجوازى لمسودة الدستور الجديد .
ان مسألة موقف الصحافة البورجوازية الاجنبية من مسودة الدستور له بلاشك بعض الاهمية . بقدر ماتعكس الصحافة الاجنبية الرأى العام لأقسام متنوعة من سكان البلدان البورجوازية ، لانستطيع ان نتجاهل نقدها لمسودة الدستور .
اول رد فعل للصحافة الاجنبية على الدستور قد جرى التعبير عنه باتجاه محدد – وهو التكتم علي مسودة الدستور ، وانا اشير هنا لموقف الصحافة الأشد رجعية ، الصحافة الفاشية . ظنت هذه المجموعة من النقاد انه من الافضل التكتم على مسودة الدستور وان تتظاهر بأنه ليس هناك مسودة كهذه ، ولم تكن هناك ابدا . قد يقال ان الصمت ليس نقدا .
ولكن هذ ليس حقيقيا . ان منهج التزام الصمت ، كمنهج خاص فى تجاهل الاشياء ، هو ايضا شكل من النقد – وهى صيغة غبية مثيرة للسخرية ، هذا حقيقى ، ولكنها شكل من النقد . لكل هذا . ( ضحك وتصفيق ). ولكن صمتهم لم يكن ذو فائدة . ففى النهاية كانو مضطرين لفتح الصمام وان يخطروا العالم انه ، وان كان الامر محزنا ، بأن هناك مسودة دستور لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية بالفعل ، وليس فقط انه موجود وانما هو يبدأ فى ان يمارس تأثيرا خبيثا على عقول الناس . ولم يكن من الممكن ان يكون الامر بخلاف ذلك ، لأنه ، قبل اى شئ ، هناك شئ يدعى الرأى العام فى العالم ، وهناك الجمهور القارئ ، الناس الاحياء ، الذين يريدون ان يعرفوا الحقائق وان الاحتفاظ بهم فى شباك الخداع لفترة طويلة هو امر غير ممكن . فالخداع لايحمل احدا بعيدا ...
المجموعة الثانية من النقاد تعترف بأن هناك بالفعل شئ يدعى مسودة الدستور ، لكنه يعتبر ان هذه المسودة ليست بذات اهمية كثيرة ، لانها ليست بالفعل مسودة دستور وانما قصاصة من ورق ، وعدا فارغا ، مع فكرة انها ليست الا انجازا لمناورة معينة لخداع الشعب .
وقد اضافوا ان ا.ج.ا.س. لايمكن ان يصدر مسودة افضل ، لأن اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية هو نفسه ليس دولة ، ولكنه مجرد مفهوم جغرافى ( ضحك عام )، ومادام ليس دولة ، فإن دستوره لايمكن ان يكون دستورا حقيقيا . ويمثل نموذجيا هذه المجموعة من النقاد ، وهى تبدو غريبة ، المجلة الالمانية شبه الرسمية : " المراسل الالمانى الدبلوماسي - السياسي " هذه المجلة تعلن بوضوح ان مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية هى وعد فارغ ، خداع وتدليس ، " قرية بوتمكين " . وهى تعلن بدون تردد ان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية " ليس شيئا اكثر او اقل من مفهوم جغرافى محدد بدقة ( ضحك عام ) ، وبالنظر الى هذا ، فان دستور ا.ج.ا.س. لايمكن ان يعتبر دستورا حقيقيا .
ماذا يمكن ان نقول عن هؤلاء الذين يسمون بالنقاد ؟
يصور الكاتب الروسي العظيم شيدرين فى واحدة من حكاياته ، موظفا رسميا برأس خنزير ، ضيق الافق جدا وبليد الذهن ، ولكنه واثق بذاته ومتحمس الى اقصى حد . بعد ان ارسي هذا البيروقراطى " النظام والهدوء " فى الاقليم " تحت سلطته " وبعد ان قضى على الالآف من سكانه واحرق مالاحصر له من مدن فى سياق هذه العملية ، نظر حوله ، وفى الافق لمح امريكا – بلد معروف قليلا ، حيث ، يظهر ، ان هناك حريات من نوع او آخر تخدم فى تحريض الناس ، وحيث تدار الدولة بطريقة مختلفة . لمح البيروقراطى امريكا واصبح ساخطا : اى بلد هذا ، كيف وصل الى هناك ، وبأى حق يوجد ؟ ( ضحك وتصفيق . ) وبالطبع ، كانت قد اكتشفت مصادفة منذ بضعة قرون ولكن الا يمكن ان تغلقها مرة اخرى حتى لايبقى منها شبح ؟ ( ضحك عام . ) عندئذ كتب امرا : " اغلقوا امريكا مرة اخرى ! " ( ضحك عام . )
يبدو لى ان السادة من " المراسل الالمانى الدبلوماسي – السياسي "وبيروقراطى شيدرين يشبها ان يكونا حبتى بازلاء . ( ضحك وتصفيق ) . لقد كان ا.ج.ا.س دائما قذى فى عين هؤلاء السادة . وقف اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية لمدة تسعة عشرة عاما كمنارة تنشر روح التحرر داخل الطبقة العاملة فى كل انحاء العالم مثيرا غضب اعداء الطبقة العاملة . وقد تبين ان هذا الاتحاد للجمهوريات الاشتراكية السوفييتية لايوجد فقط ، وانما ينمو ايضا ، ولاينمو فقط ، بل انه حتى يزدهر ، وهو لايزدهر فقط بل يؤلف مسودة دستورجديد ، مسودة تثير العقول وتلهم الطبقات المضطهدة بأمل جديد . ( تصفيق ) .
كيف يمكن للسادة فى هذه المجلة الالمانية شبه الرسمية ان يكونوا الا ساخطين بعد هذا ؟ اى نوع من البلدان هذا ؟ - ويعوون ، بأى حق يوجد ؟ ( ضحك عام ) . واذا كان قد اكتشف فى اكتوبر 1917 ، لم لايمكن ان نغلقه مرة اخرى حتى لايتبقى منه شبح ؟
وعلى ذلك فقد قرروا : اغلقوا ا.ج.ا.س مرة اخرى ، اعلنوا على الملأ ان ا.ج.ا.س ليس شيئا سوى مفهوم جغرافى . ( ضحك عام ) .
عند كتابة امره باغلاق امريكا مرة اخرى ، فإن بيروقراطى شيدرين بالرغم من كل بلادته الذهنية اظهر بعض الواقعية بأن اضاف لنفسه : " على اية حال ، يبدو ان ذلك ليس فى نطاق سلطاتى ." ( انفجارات من الضحك والتصفيق ) . لااعرف مااذا كان السادة فى المجلة الالمانية شبه الرسمية قد وهبوا ذكاءا كافيا ليشكوا فى انه – بينما يمكنهم بالطبع ان " يغلقوا " هذا القطر او ذاك على الورق – ونحن نتحدث بجدية على اية حال ،ان " ليس هذا مما يدخل فى نطاق سلطتهم ... " ( انفجارات من الضحك وتصفيق ) .
اما بالنسبة لوصف دستور ا.ج.ا.س بأنه وعد فارغ ، " قرية بوتمكين " الخ ، فاننى اود ان اشير الى عدد من الحقائق الراسخة التى تتحدث عن نفسها .
اطاحت شعوب ا.ج.ا.س فى عام 1917 بالبورجوازية واسست دكتاتورية البروليتاريا ، اسست حكومة سوفييتية . هذه حقيقة ، وليست وعدا .
اضف الى ذلك ، قضت الحكومة السوفييتية على طبقة ملاك الارض ونقلت للفلاحين ماينوف على 150000000 هكتار من ملاك الارض السابقين ، والحكومة ، واراضى الاديرة ، زيادة على وفوق ماكان من اراضى فى حيازة الفلاحين بالفعل . وهذه حقيقة وليست وعدا .
اضف الى ذلك ، ان الحكومة السوفييتية صادرت الطبقة الراسمالية ، وانتزعت البنوك ، والمصانع ، والسكك الحديدية وادوات ووسائل الانتاج الاخرى ، واعلنت هذه ملكية اشتراكية ، ووضعت على رأس هذه المشاريع افضل اعضاء الطبقة العاملة . هذه حقيقة ، وليست وعدا . ( تصفيق متواصل ) .
اضف الى ذلك ، بعد ان نظمت الصناعة والزراعة وفق خط اشتراكى جديد ، مع قاعدة تقنية جديدة ، احرزت الحكومة السوفييتية اليوم مركزا تنتج فيه الزراعة فى ا.ج.ا.س مرة ونصف اكثر مما كانت تنتجه فى فترة ماقبل الحرب ، وحيث تضاعف الدخل القومى اربع اضعاف مقارنة بفترة ماقبل الحرب . كل هذه حقائق وليست وعودا . ( تصفيق متواصل ) .
كما ان الحكومة السوفييتية قد قضت على البطالة ، وقررت الحق فى العمل ، الحق فى الراحة ووقت الفراغ ، الحق فى التعليم ، قدمت اوضاعا مادية وثقافية افضل للعمال ، والفلاحين والانتيليجنسيا ، وقد امنت ادخال حق الانتخاب العام ، المباشر والمتساوى مع التصويت السرى لمواطنيها .
كل هذه حقائق وليست وعودا . ( تصفيق متواصل . )
واخيرا ، خرج ا.ج.ا.س بمسودة دستور جديد الذى ليس وعدا وانما تسجيل وتجسيد تشريعى لهذه الحقائق المعروفة عامة ، تسجيل وتجسيد تشريعى لما تحقق بالفعل وكسبناه .
قد يسأل احدهم : بالنظر الى كل هذا ، الى اى شئ يمكن ان يرقى كل حديث هؤلاء السادة من المجلة الالمانية شبه الرسمية عن " قرى بوتمكين " سوى ان يكون محاولة من جانبهم لأن يخفوا عن الشعب الحقائق بشأن اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ، ان يضللوا الشعب ، ان يخدعوه .
هذه هى الحقائق . والحقائق ، كما يقال ، اشياء عنيدة . قد يقول السادة من المجلة الالمانية شبه الرسمية : لعمرى انها اسوأ حقائق . ( ضحك .) ولكن حينئذ ، يمكن لنا ان نجيبهم بكلمات المثل الروسى المشهور : " لم تصنع القوانين من اجل الحمقى " . ( ضحك وتصفيق متواصل ) .
اما المجموعة الثالثة من النقاد فلاتنفر من الاعتراف ببعض القيمة فى الدستور الجديد ، وهم يعتبرونه شيئا جيدا ، ولكن ، كما ترون ، فانهم يشكون كثيرا فيما اذا كان عدد من مبادئه يمكن ان يطبق عمليا ، لانهم مقتنعون ان هذه المبادئ غير عملية بشكل عام ولابد ان تبقى حرفا ميتا .وهؤلاء ، اذا ماوصفناهم باعتدال ، متشككون . وهؤلاء المتشككون يمكن ان تجدهم فى كل البلدان .
ولابد من ان نقول ان هذه ليست المرة الاولى التى نلقاهم فيها . حينما استولى البلاشفة على السلطة عام 1917 قال المتشككون : ربما لم يكن البلاشفة باصحاب اردياء ، ولكن لن يأت شئ من حكومتهم ، سوف يفشلون . وتبين فى الواقع ، على اية حال ، انه لم يكن البلاشفة هم الذين فشلوا ، وانما هؤلاء المتشككون .
قالت هذه المجموعة من المتشككين خلال الحرب الاهلية والتدخل الاجنبى : ليست الحكومة السوفييتية شيئا رديئا ، بالطبع ، ولكن يمكن ان نغامر بقول ان كولتشاك ودينكين ، ومعهما الاجانب ، سوف يصلون الى السلطة . تبين على اية حال ، ان المتشككين كانوا مخطئين ايضا فى حساباتهم .
حينما نشرت الحكومة السوفييتية الخطة الخمسية الاولى ظهر المتشككون مرة اخرى فى المشهد وقالوا : الخطة الخمسية الاولى شئ جيد ، بالطبع ، ولكنها عسيرة التحقق ، ومن غير المحتمل ان تنجح خطة البلاشفة الخمسية الاولى . وقد برهنت الوقائع ، على اية حال ، ان المتشككين قد لازمهم سوء الحظ : جرى تنفيذ الخطة الخمسية فى اربع سنوات .
ونفس الشئ لابد ان يقال عن مسودة الدستور الجديد والانتقادات التى وجهت اليه من قبل المتشككين . وماان طبعت المسودة حتى ظهرت هذه المجموعة من النقاد مرة اخرى فى المشهد بشكيتها العابسة وريبيتها بشأن قابلية بعض مبادئ الدستور للتطبيق العملى .
مامن ادنى مرتكز للشك فى هذه الحالة ، ايضا ، سوف يفشل المتشككون ، سوف يفشلون اليوم مثلما فشلوا عدة مرات قبلا . تصف المجموعة الرابعة من النقاد ، وهى تنتقد مسودة الدستور الجديد ، بأنه " ينحرف الى اليمين " وباعتباره " تخليا عن دكتاتورية البروليتاريا " ، وبوصفه بأنه " تصفية للنظام البلشفى " . " لقد انحرف البلاشفة الى اليمين ، هذه حقيقة " ، هذا هو مايعلنونه فى جوقة من الاصوات المختلفة . والمتحمسون خاصة فى هذا الصدد جريدة بولندية معينة ، وايضا بعض الصحف الامريكية .
ماذا يمكن لنا ان نقول عن هذا النوع من النقاد ؟
اذا كان توسيع قاعدة ديكتاتورية الطبقة العاملة وتحويل الديكتاتورية الى نظام لقيادة المجتمع اكثر مرونة ،ومن ثم ، اكثر قوة من قبل الدولة يفسر من جانبهم ليس بوصفه تقوية لديكتاتورية البروليتاريا وانما اضعاف لها ، او حتى تخليا عنها ، يكون من المشروع ان نسأل : هل يعرف هؤلاء السادة بالفعل ماذا تعنى ديكتاتورية البروليتاريا .
اذا كانوا يعرضون التجسيد التشريعى الذى اعطى لانتصارات الاشتراكية ، والتجسيد التشريعى الذى اعطى لنجاحات التصنيع ، والتجميع ، والمقرطة بوصفها " انحرافا الى اليمين " فمن المشروع ان نسأل : هل يعرف هؤلاء السادة الفرق بين اليسار واليمين ؟ ( ضحك عام وتصفيق .)
لايمكن ان ينتابنا ادنى شك بأن هؤلاء السادة قد ضلوا الطريق تماما فى نقدهم لمسودة الدستور ، واذ ضلوا طريقهم ، فانهم يخلطون اليسار باليمين .
لايمكن الا ان نتذكر ، فى هذا الصدد ، " الخادمة " بيلاجيا فى رواية جوجول " النفوس الميتة " . يحكى جوجول ان بيلاجيا عرضت ان تعمل كدليل لسائق العربة ، سيليفان ،بينما لاتعرف يمين الطريق من يساره ، فضلت طريقها وتورطت فى وضع محرج . لابد من ان نعترف انه رغم كل مزاعمهم فإن ذكاء نقادنا فى الجريدة البولندية لايعلو كثيرا على ذكاء " الخادمة " بيلاجيا فى " النفوس الميتة " . ( تصفيق ) .الا تذكرون ان سائق العربة سيليفان قد رأى انه من الملائم تعنيف بيلاجيا لخلطها اليمين باليسار وقال لها : " ايتها السيقان القذرة ... انت لاتعرفين اليمين من اليسار " . يبدو لى ان ناقدينا تعيسي الحظ لابد وان يعنفوا بذات الطريقة :
" اوه ، ايها النقاد الآسفون ... انتم لاتعرفون ماهو اليمين وماهو اليسار " ( تصفيق متواصل "
واخيرا ، هناك بعد مجموعة اخرى من النقاد .
بينما تتهم المجموعة الاخيرة مسودة الدستور بالتخلى عن ديكتاتورية الطبقة العاملة ، فإن هذه المجموعة ، على النقيض ، تتهمه بأنه لم يغير اى شئ فى الوضع القائم فى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ، بترك ديكتاتورية الطبقة العاملة كما هى لم تمس ، وبعدم منح الحرية للاحزاب السياسية ، وبالابقاء على المركز القيادى الراهن للحزب الشيوعى فى ا.ج.ا.س وهذه المجموعة من النقاد تدعى ان غياب حرية تشكيل الاحزاب فى ا.ج.ا.س هو من اعراض انتهاك مبادئ الديموقراطية . ولابد ان اعترف ان مسودة الدستور الجديد تستبقى نظام ديكتاتورية الطبقة العاملة ، بالضبط كما انها تستبقى بلاتغيير المركز القيادى للحزب الشيوعى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية .( تصفيق حاد ) . اذا كان النقاد المبجلون يعتبرون هذا خللا فى مسودة الدستور ، فليس لنا الا ان نأسف لذلك . ونحن البلاشفة نعتبر ذلك ميزة فى الدستور الجديد . ( تصفيق حاد ) .
وبالنسبة لحرية تشكيل مختلف الاحزاب السياسية ، فنحن نتبنى الى حد ما وجهة نظر مختلفة . الحزب هو قسم من طبقة ، اكثر اقسامها تقدما .تعدد الاحزاب ، ومن ثم ، حرية الاحزاب ، يمكن ان توجد فقط فى مجتمع توجد فيه طبقات متطاحنة مصالحهامتعادية ولايمكن التوفيق بينها – حيث يوجد هناك مثلا ، راسماليون وعمال ، ملاك ارض وفلاحون ، كولاك وفلاحون فقراء ، الخ. ولكن فى ا.ج.ا.س لم تعد هناك مثل هذه الطبقات كالراسماليين ، وملاك الارض ، والكولاك ، الخ . ففى ا.ج.ا.س هناك فقط طبقتان ، العمال والفلاحون ، - ومصالحهما - ابعد ماتكون عن المعاداة من جانبيهما - وانما على النقيض ، ودية . نتيجة لذلك ، لاتوجد ركيزة فى ا.ج.ا.س لوجود احزاب متعددة ، وبناء عليه ، لحرية تشكيل هذه الاحزاب .
فى ا.ج.ا.س هنك ركيزة فقط لحزب واحد ، وهو الحزب الشيوعى . فى ا.ج.ا.س يمكن لحزب واحد فقط ان يوجد ، الحزب الشيوعى ، الذى يدافع بشجاعة عن مصالح العمال والفلاحين حتى النهاية . وهولا يدافع عن مصالح هذه الطبقات بشكل ردئ على الاطلاق ، ولايمكن ان يثور الشك حول هذا ابدا . ( تصفيق حاد ) . انهم يتحدثون عن الديموقراطية . لكن ماهى الديموقراطية ؟
الديموقراطية فى المجتمعات الراسمالية ، حيث توجد طبقات متطاحنة ، هى ، فى التحليل الاخير ، ديموقراطية للاقوياء ، ديموقراطية للاقلية المالكة . فى ا.ج.ا.س ، على النقيض الديموقراطية هى ديموقراطية للشعب العامل ، اى ، الديموقراطية للجميع . ولكن يترتب على ذلك ان مبادئ الديموقراطية قد انتهكت ، ليس بمسودة الدستور الجديد فى ا.ج.ا.س ، ولكن بالدساتير البورجوازية . لذلك اظن ان دستور ا. ج .ا.س هو الدستور الوحيد الديموقراطى حتى النهاية فى العالم .
هذا هو الوضع بشأن النقد البورجوازى لمسودة الدستور الجديد لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية .
5 .تعديلات واضافات الى مسودة الدستور
دعونا ننتقل الى تعديلات واضافات مسودة الدستور التى اقترحها المواطنون خلال مناقشة المسودة على نطاق الامة .
انتجت المناقشة على نطاق الامة لمسودة الدستور ، كما تعلمون ، عددا كبيرا لحد بعيد من التعديلات والاضافات . وقد نشرت كلها فى الصحافة السوفييتية. بالنظر الى التنوع العظيم للتعديلات وحقيقة انها ليست ذات قيمة متساوية ، فلابد ، فى رأيى ، ان تقسم الى ثلاث فئات .
تتقوم الملامح المميزة لتعديلات الفئة الاولى فى انها لاتتعامل مع المسائل الدستورية وانما مع المسائل التى تنطوى فى اطار العمل التشريعى الجارى للهيئات التشريعية المقبلة . بعض المسائل التى تتعلق بالتأمين ، بعض المسائل التى تتعلق بتطورالمزارع الجماعية ، بعض المسائل التى تتعلق بالتطور الصناعى ، المسائل المالية – هذه هى الموضوعات التى تتناولها هذه التعديلات .
من الواضح ان مؤلفى هذه التعديلات لم يكونوا واضحين بشأن الفارق بين المسائل الدستورية ومسائل التشريع الجارى . لذلك يكافحون من اجل تضمين اكثر مايمكن من القوانين فى الدستور ، وهكذا يميلون الى تحويل الدستور الى شئ يشبه فى طبيعته مجموعة القوانين . لكن الدستور ليس مجموعة قوانين . الدستور هو قانون اساسي ، وهو قانون اساسي فقط . لايستبعد الدستور بل يفترض العمل التشريعى الجارى من جانب الهيئات التشريعية المقبلة . يقدم الدستورالاساس القانونى لانشطة هذه الهيئات التشريعية المقبلة . وعلى ذلك فإن التعديلات والاضافات من هذا النوع ، التى لاتأثير مباشر لها على الدستور ، يتعين فى رأيى ، ان تحال للهيئات التشريعية المقبلة فى بلادنا .
وتحت الفئة الثانية لابد ان ندخل تلك التعديدلات والاضافات التى تجهد لأن تدخل فى الدستور مواد من الاحالات التاريخية ، او مواد من الاعلانات التى تتعلق بما لم تنجزه السلطة السوفييتية بعد ومايتعين عليها ان تنجزه فى المستقبل . ان تصف فى الدستور المصاعب التى تغلب عليها الحزب ، الطبقة العاملة ، وكل الشعب العامل خلال السنوات الطويلة من النضال من اجل الاشتراكية ، ان نشير فى الدستور الى الهدف النهائى للحركة السوفييتية ، اى ، بناء المجتمع الشيوعى الكامل – هذه هى الموضوعات التى تتناولها هذه التعديلات والاضافات ، بتنويعات مختلفة . واظن ان مثل هذه التعديلات والاضافات يجب ان تنحى جانبا لأنه لااثر مباشر لها على الدستور . فالدستور هو تسجيل وتجسيد تشريعى للمكتسبات التى تحققت وتأمنت بالفعل . مالم نرغب فى ان نشوه هذا الطابع الجوهرى للدستور ، فعلينا ان ننأى عن ملئه بالاحالات التاريخية الى الماضى او بالاعلانات التى تتعلق بالانجازات المقبلة للشعب العامل لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية . لهذه الاشياء لدينا وسائل ووثائق اخرى .
واخيرا ، تحت الفئة الثالثة لابد ان نضع التعديلات والاضافات التى لها تأثير مباشر على الدستور .
عدد كبير من هذه التعديلات فى هذه الفئة هو ببساطة مسألة صياغة . وعلى ذلك فيمكن ان نحيلها الى لجنة الصياغة فى المؤتمر الجارى التى اظن ان المؤتمر سيشكلها ، مع تعليمات بأن تقرر حول النص النهائى للدستور الجديد .
اما بالنسبة لبقية التعديلات فى الفئة الثالثة ، فهى ذات مغزى مادى اعظم ، وفى رأيى لابد من قول بضع كلمات عنها .
1 . اولا وقبل كل شئ حول التعديلات الخاصة بالمادة الاولى من مسودة الدستور . هناك اربع تعديلات .
البعض يقترح ان نستبدل بالكلمات " دولة العمال والفلاحين " بكلمات " دولة الشعب العامل " . والاخرون يقترحون ان نضيف كلمات " والانتيليجنسيا العاملة " . وتقترح مجموعة ثالثة ان نستبدل الكلمات " دولة العمال والفلاحين " بكلمات " دولة كل الاعراق والقوميات التى تقطن اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية " .
مجموعة رابعة تقترح ان نستبدل كلمة " فلاحين " بكلمتى " مزارعين جماعيين " او"كادحوا الزراعة الاشتراكية " .
هل يتعين تبنى هذه التعديلات ؟ اظن لا .
عم تتحدث المادة 1 من مسودة الدستور ؟ انها تتحدث عن التركيب الطبقى للمجتمع السوفييتى . هل يمكن لنا نحن الماركسيين ان نتجاهل مسألة التركيب الطبقى لمجتمعنا فى الدستور ؟
لا، لايمكن . كما نعرف يتكون المجتمع السوفييتى من طبقتين ، العمال والفلاحين . وعن هذا تتحدث المادة 1 من مسودة الدستور . وعلى ذلك فإن المادة 1 من الدستور تعكس بدقة التركيب الطبقى لمجتمعنا . وقد يسأل : ماذا عن الانتليجنسيا العاملة ؟ لم تكن الانتيليجنسيا طبقة( اجتماعية) ابدا ، ولايمكن ان تكون طبقة – فهى فئة وستظل فئة ، تجلب افرادها من كل طبقات المجتمع . جلبت الانتيليجنسيا اعضاءها فى الايام الخوالى من صفوف طبقة النبلاء ، من البورجوازية ، وجزئيا من صفوف الفلاحين ، ولحد لايؤبه له من صفوف العمال . فى زمننا ، وفى ظل السوفييتات ، تجلب الانتيليجنسيا اعضاءها بصفة اساسية من صفوف العمال والفلاحين . ولكن بغض النظر عن من اين تجلب اعضاءها ، واى طابع يمكن ان تتسم به ، فإن الانتليجينسيا فئة وليست طبقة .
هل ينتهك هذا الوضع حقوق الانتيليجنسيا العاملة ؟ لا ليس بأقل درجة ! لاتتناول المادة الاولى من مسودة الدستور حقوق فئات المجتمع السوفييتى ، وانما التركيب الطبقى لهذا المجتمع . يتناول الفصلين العاشر والحادى عشر من مسودة الدستور . حقوق الفئات المختلفة فى المجتمع السوفييتى ، بما فيها حقوق الانتيليجنسيا العاملة.
واضح من هذين الفصلين ان العمال ، والفلاحين ، والانتيليجنسيا العاملة يتمتعون تماما بحقوق متساوية فى مجالات الحياة الاقتصادية ، والسياسية والاجتماعية ، والحياة الثقافية فى البلاد .
وعلى ذلك ، لايمكن ان تكون هناك مسألة انتهاك لحقوق الانتيليجنسيا العاملة .
ولابد ان يقال نفس الشئ عن الامم والاعراق التى تشكل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية . ففى الفصل الثانى من مسودة الدستور اشير الى ان ا.ج.ا.س هو اتحاد من الامم تملك حقوقا متساوية . هل يجدر بنا ان نكرر صيغة المادة 1 من مسودة الدستور ، التى لاتتناول التركيب القومى للمجتمع السوفييتى ، بل تركيبه الطبقى ؟ من الواضح ، انه لايجدر بنا ان نفعل ذلك . وبالنسبة لحقوق الامم والاعراق التى تكون ا.ج.ا.س فقد جرى تناولها فى الفصل الثانى ، والعاشر ، والحادى عشر من مسودة الدستور . ويتضح من هذه الفصول ان امم واعراق ا.ج.ا.س تتمتع بحقوق متساوية فى كل مجالات الحياة الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية فى البلاد .
وعلى ذلك لايمكن ان تكون هناك مسألة انتهاك للحقوق القومية .
سوف يكون من الخطأ ايضا ان نستبدل كلمة " الفلاحون " بكلمات " المزارع الجماعي " او " كادحوا الزراعة الاشتراكية " . فى المحل الاول ، لأنه بجانب المزارعين الجماعيين مايزال هناك اكثر من مليون مزرعة وسط الفلاحين لاتدخل ضمن المزارعين الجماعيين . ماذا نفعل بشأنهم ؟ هل يقترح مؤلفوا هذا التعديل ان نلغيهم من دفاترنا . ليس من الحكمة ان نفعل ذلك .ثانيا ، حقيقة ان اغلبية الفلاحين قد بدأت الزراعة الجماعية لايعنى انهم قد كفوا عن ان يكونوا فلاحين ، وانه لم يعد لهم اقتصادهم الشخصى ، ومزارعهم الخاصة ، الخ . ثالثا ، بالنسبة لكلمة " عامل "سوف يكون علينا ان نستبدلها بكلمات " كادحوا الصناعة الاشتراكية "، والتى لم يقترحها مؤلفوا التعديلات لسبب او آخر .
واخيرا ، هل اختفت الطبقة العاملة وطبقة الفلاحين بالفعل فى بلادنا ؟ واذا لم يكونوا قد اختفوا هل جدير بنا ان نستبعدهم من قاموسنا الذى استقررنا عليه بشأنهم ؟ يتضح ، ان التعديل الذى خامر المؤلفين لايتعلق بالمجتمع الراهن ، وانما بالمجتمع المقبل حيث لن يعد للطبقات وجود حينما يكون العمال والفلاحين قد تحولوا الى كادحين فى مجتمع شيوعى متناغم . وعلى ذلك فهى تستبق اوضاعنا ولكن حينما نكتب دستورا لاينبغى ان ننطلق من المستقبل ، وانما من الحاضر ، مما يوجد بالفعل . فلاينبغى للدستور ان يستبق الوضع الفعلى .
2 . ثم يلى ذلك تعديل للمادة 17 من مسودة الدستور . يقترح التعديل ان نستبعد تماما المادة 17 ، التى تحتفظ لجمهوريات الاتحاد بحق الانفصال بحرية من ا.ج.ا.س .واظن ان هذا المقترح خاطئ ومن ثم لاينبغى تبنيه من المؤتمر . ان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية هو اتحاد طوعى من جمهوريات الاتحاد لها حقوق متساوية .
ان نستبعد من الدستور المادة التى تخول حق الانفصال بحرية من ا.ج.ا.س معناه اننا ننتهك الطابع الطوعى لهذا الاتحاد . هل يمكن ان نوافق على هذه الخطوة ؟ اظن اننا لايمكن ولاينبغى ان نوافق عليها . لقد قيل انه مامن جمهورية واحدة فى ا.ج.ا.س يمكن ان تريد الانفصال عن ا.ج.ا.س ، وعلى ذلك فليس للمادة 17 اهمية عملية .
من الحقيقى ، بالطبع ، انه مامن جمهورية واحدة يمكن ان ترغب فى الانفصال عن ا.ج.ا.س.
ولكن هذا لايعنى على ادنى تقدير اننا لاينبغى ان نثبت فى الدستور حق جمهوريات الاتحاد فى الانفصال بحرية عن ا.ج.ا.س . فى ا.ج.ا.س مامن جمهورية متحدة ترغب فى اخضاع جمهورية متحدة اخرى .ولكن هذا لايعنى على ادنى تقدير ان علينا ان نحذف من دستور ا.ج.ا.س المادة التى تتناول المساواة فى الحقوق بين جمهوريات الاتحاد .
3 . ثم هناك اقتراح وهو ان نضيف مادة جديدة للفصل الثانى من مسودة الدستور ، بمامفاده مايلى : عند الوصول الى مستوى مناسب من التطور الاقتصادى والثقافى ترفع الجمهوريات الاشتراكية المستقلة ذاتيا الى وضع اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية . هل يمكن ان نتبنى هذا الاقتراح ؟ لا اظن ان علينا ان نتبناه . لقد كان اقتراحا خاطئا ، ليس فقط بسبب مضمونه ، وانما ايضا بسبب الشرط الذى يضعه ، لايمكن للنضج الاقتصادى والثقافى ان يكونا اساسا محفزا لتحويل الجمهوريات المستقلة ذاتيا الى فئة جمهوريات الاتحاد بقدر ماان التخلف الاقتصادى والثقافى يمكن ان يكون اساسا حافزا لترك اية جمهورية بعينها فى قائمة الجمهوريات المستقلة . ليس هذا تناولا ماركسيا ، ولا لينينيا للمسألة . فعلى سبيل المثال ، تظل جمهورية التتار مستقلة ذاتيا بينما جمهورية الكازاخ ستصبح جمهورية اتحاد ، ولكن هذا لايعنى انه من وجهة النظر الثقافية والاقتصادية ان جمهورية الكازاخ اعلى مستوى من جمهورية التتار . الحال هو العكس تماما . ويمكن ان يقال نفس الشئ ، على سبيل المثال ، عن جمهورية الفولجا الالمانية المستقلة ذاتيا وعن جمهورية اتحاد القرغيز ، حيث وضع الاولى اعلى ثقافيا واقتصاديا من الاخيرة ، رغم انها تظل جمهورية مستقلة ذاتيا .
ماهى اسس تحويل الجمهوريات المستقلة ذاتيا الى فئة جمهوريات الاتحاد ؟
هناك ثلاث اسس .
الاول ، لابد ان تكون الجمهورية المعنية جمهورية حدودية ، ليست محاطة من جميع الجهات باقليم اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ،لانه مادامت جمهوريات الاتحاد لها الحق فى الانفصال عن ا.ج.ا.س . فإن الجمهورية ، فى صيرورتها جمهورية اتحاد ، لابد ان تكون فى وضع فعلى ومنطقى يمكنها من ان تثير مسألة الانفصال عن ا.ج.ا.س . ويمكن لهذه المسألة ان تثار فقط من قبل جمهورية ، فلنقل ، متاخمة لدولة اجنبية ، ومن ثم ليست محاطة من كل جانب باقليم ا.ج.ا.س . بالطبع ، مامن واحدة من جمهورياتنا سوف تثير بالفعل مسألة الانفصال عن ا.ج.ا.س .ولكن مادام حق الانسحاب من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية مكفولا لجمهوريات الاتحاد ، فلابد ان يرتب على نحو لايصبح فيه قصاصة من ورق . خذوا ، على سبيل المثال ، جمهورية البشكير او جمهورية التتار . دعونا نفترض ان هذه الجمهوريات المستقلة قد تحولت الى فئة جمهوريات اتحاد. هل يمكن لها فعليا ومنطقيا ان تثير مسألة الانفصال عن ا.ج.ا.س. ؟ لا، لايمكنها . لماذا ؟لانها محاطة من كل جانب باقاليم وجمهوريات سوفييتية ، واذا ماتكلمنا بدقة ، مامن مكان تذهب اليه ان انفصلت عن ا.ج.ا.س ( ضحك وتصفيق .) وعلى ذلك ، سوف يكون من الخطأ ان تتحول مثل هذه الجمهوريات الى فئة جمهوريات الاتحاد .
الثانى ، ان القومية التى تمنح اسمها لجمهورية سوفييتية لابد ان تؤلف بدرجة اكبر اواقل اغلبية مدمجة داخل تلك الجمهورية . فلنأخذ جمهورية القرم المستقلة ذاتيا ، على سبيل المثال . انها جمهورية حدودية .، ولكن تتارالقرم لايؤلفون الاغلبية فى تلك الجمهورية ، على النقيض ، فانهم اقلية . وعلى ذلك ، سوف يكون من الخطأ تحويل جمهورية القرم الى فئة جمهوريات اتحاد .
الثالث ، لابد الا يكون عدد سكان هذه الجمهورية قليلا جدا ، لابد ان يكون لها ، مثلا ، ليس اقل بل اكثر من مليون ، على الاقل ؟ لانه سوف يكون من الخطأ افتراض ان جمهورية سوفييتية صغيرة ذات عدد قليل من السكان وجيش صغير سوف تأمل فى الحفاظ على وجودها كدولة مستقلة . لايمكن ان يراودنا ادنى شك بأن الوحوش الامبريالية صائدة الفرائس سرعان ماسوف تضع يدها عليها . واظن انه مالم تتوفر هذه الاسس الموضوعية الثلاثة ، سوف يكون من الخطأ فى اللحظة التاريخية الراهنة اثارة مسألة تحويل اى جمهورية مستقلة ذاتيا الى فئة جمهوريات الاتحاد .
4 . بعد ذلك هناك اقتراح بان نستبعد من المواد 22،23،24،25،26،27،28،و29 التعداد التفصيلى للتقسيمات الادارية لجمهوريات الاتحاد الى مناطق واقاليم . واظن ان هذا المقترح هو ايضا غير مقبول . هناك اناس فى ا.ج.ا.س مستعدون دائما وتواقون لان يواصلوا بلا تعب اعادة تشكيل المناطق والاقاليم وهكذا يتسببون فى تشوش وعدم يقين عملنا . تضع مسودة الدستور قيدا على هؤلاء . وهذا امر جيد للغاية ، لانه هنا، كما فى اشياء اخرى كثيرة ، نحن فى حاجة لجو من اليقين ، نحتاج الى الاستقرار والوضوح .
5 . يختص التعديل الثالث بالمادة 33 . يعتبر خلق مجلسين غير ملائم ، ويقترح الغاء القوميات السوفييتية . واظن ان هذا التعديل ايضا خاطئ . ان نظام المجلس الواحد افضل من نظام المجلسين اذا كان ا.ج.ا.س دولة امة واحدة . ان ا.ج.ا.س ليس دولة قومية واحدة .ان ا.ج.ا.س ، كما نعلم هو دولة متعددة القوميات . هذا هو سوفييت الاتحاد . ولكن بالاضافة الى المصالح المشتركة ، فان قوميات ا.ج.ا.س لها مصالحها ، الخاصة النوعية ، المرتبطة بسماتها القومية النوعية .، فهل يمكن لنا تجاهل هذه المصالح النوعية ؟ لا . لايمكن . هل نحتاج هيئة خاصة عليا لتعكس هذه المصالح تحديدا ؟ بلا جدال نحن فى حاجة لها . ولايمكن ان يكون هناك شك اننا بدون هذه الهيئة ستستحيل علينا ادارة دولة متعددة القوميات مثل ا.ج.ا.س . ستكون هيئة كهذه المجلس االثانى . سوفييت قوميات ا.ج.ا.س .
لقد جرت الاحالة الى التاريخ البرلمانى للدول الاوروبية والامريكية ، ، لقد اشير الى ان نظام المجلسين فى تلك البلاد قد اثمر نتائج سلبية فحسب – وان المجلس الثانى ينحل عادة الى مركز للرجعية وكابح للتقدم . كل هذا حقيقى . ولكن يرجع هذا الى حقيقة انه لاتوجد فى هذه البلدان مساواة بين المجلسين . فكما نعلم ، فليس من النادر ان يمنح المجلس الثانى حقوقا اكثر من المجلس الاول ، اضف الى ذلك ، فان المجلس الثانى كقاعدة يؤلف بشكل غير ديموقراطى ، واعضاءه نادرا مالايكونون معينين من اعلى . ومما لاشك فيه ،سوف نتجنب هذه النواقص اذا ارسينا المساواة بين المجلسين واذا تشكل المجلس الثانى على نحو ديموقراطى مثل الاول .
6 . اضف الى ذلك ، هناك تعديل لمسودة الدستور يقترح وجود عدد متساو من الاعضاء فى كل من المجلسين . واظن اننا يمكن ان نتبنى هذا المقترح . ففى رأيى ، ان له مميزات سياسية واضحة ، لأنه يؤكد على مساواة المجلسين .
7 .ويلى ذلك تعديل لمسودة الدستور تقترح ان ينتخب اعضاء القوميات السوفييتية بالتصويت المباشر ، كما هو الحال بصدد اعضاء سوفييت الاتحاد . واظن اننا يمكن ان نتبنى هذا المقترح ايضا .
الحقيقي ، انه قد يخلق عوائق فنية معينة خلال الانتخابات ، ولكن ، من ناحية اخرى ، سوف تكون له مميزات سياسية كبيرة ، لانه سوف يعزز مكانة القوميات السوفييتية .
8 . ثم يعقب ذلك تعديل على المادة 40 ، يقترح ان تمنح اللجنة التنفيذية للسوفييت الاعلى حق اصدار تشريعات مؤقتة .
اظن ان هذا التعديل خاطئ ولاينبغى ان يتبناه المؤتمر .
لقد حان الوقت لنضع نهاية لوضع تقوم فيه بضع هيئات بالتشريع بدلا من هيئة واحدة . ويعاكس هذا الوضع مبدأ ان القوانين يجب ان تكون مستقرة . ونحن فى حاجة لاستقرار القوانين الآن اكثر من اى وقت مضى . لابد وان تمارس السلطة التشريعية فى ا.ج.ا.س . من قبل هيئة واحدة ، وهو السوفييت الاعلى فى ا.ج.ا.س .
9 . ويلى ذلك ، تعديل مقترح على المادة 48 من مسودة الدستور ، تطالب بأن ينتخب رئيس السوفييت الاعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية ليس من السوفيت الاعلى فى ا.ج.ا.س. بل من كل سكان البلاد . اظن ان هذه الاضافة خاطئة ، لانها تعاكس روح دستورنا . وفقا لنظام دستورنا لايجب ان يكون هناك رئيس فرد فى ا.ج.ا.س. ،منتخب من كل السكان موازيا للسوفييت الاعلى ، قادر على ان يضع نفسه فى تعارض مع السوفييت الاعلى . الرئيس فى ا.ج.ا.س . هو كولليجيوم ( مجلس يتمتع كل عضو فيه بسلطة متساوية تقريبا مع الاعضاء الآخرين ) ، وهو بريسيديوم السوفييت الاعلى ، بما فيه رئيس بريسيديوم السوفييت الاعلى ، المنتخب ، ليس من قبل كل السكان ، وانما من السوفييت الاعلى ، ومسؤول امام السوفييت الاعلى . تبين التجربة التاريخية ان هيكلا كهذا للهيئات العليا هو الاكثر ديموقراطية ، ويحفظ البلاد من العوارض غير المرغوبة .
10 . ويقفوا ذلك تعديل آخر للمادة 48 .
وتقرأ على النحو التالى : زيادة عدد نواب رئيس البريزيديوم للسوفييت الاعلى فى ا.ج.ا.س. الى احد عشر ، واحد من كل جمهورية اتحادية . واظن اننا يمكن ان نتبنى هذا التعديل ، لانه سيكون تحسينا كما انه سوف يعزز فقط مكانة بريزيديوم السوفييت الاعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية .
11 .ثم يلى ذلك تعديل المادة 77 . وهو يدعو لتنظيم جديد لمفوضية شعب فى كل الاتحاد – مفوضية الشعب لصناعة الدفاع . واظن ان هذا التعديل يجب ان نقبله بالمثل ( تصفيق ) لانه قد حان الوقت لان نفصل صناعة دفاعنا وان تكون لها مفوضية شعب . يبدو لى ان هذا سوف يحسن فقط دفاع بلادنا .
12 . ويتبع ذلك تعديل على مادة مسودة الدستور ، يطالب بأن تتغير المادة بحيث تتضمن حظرا للشعائر الدينية . اظن ان هذا التعديل لابد ان نرفضه لانه يناقض روح دستورنا .
13 . واخيرا ، هناك تعديل آخر له طابع مادى بدرجة او اخرى . اشير هنا الى تعديل المادة 135 من مسودة الدستور .
وهى تقترح ان يمنع من التصويت رجال الدين ، ورجال الحرس الابيض السابقون ، وكل الاغنياء السابقون ، وكذلك الاشخاص غير المنخرطين فى اعمال نافعة اجتماعيا ، او ، وفى كل الاحوال ، ان يكون حق انتخاب هذه الفئة قاصرا عىلى التصويت لا الترشح . اظن ان هذا التعديل لابد ان يرفض كذلك . لقد حرمت الحكومة السوفييتية العناصر غير العاملة والمستغلة من حق الانتخاب ليس لكل الوقت ،وانما بشكل مؤقت ، حتى فترة معينة . وقد كان هناك وقت حينما شنت هذه العناصر حربا مفتوحة ضد الشعب وقاومت بنشاط القوانين السوفييتية . وكان القانون السوفييتى الذى نص على حرمانهم من الانتخابات رد الحكومة السوفييتية على هذه المقاومة . وقد مر وقت كاف منذ ذلك الحين . فى خلال هذه الفترة نجحنا فى القضاء على الطبقات المستغلة ، واصبحت الحكومة السوفييتية قوة لاتقهر . الم يحن الوقت بعد حتى نراجع هذا القانون ؟ اظن انه قد حان . يقال ان هذ خطر ، كعناصر معادية للحكومة السوفييتية ، يمكن لبعض من الحرس الابيض السابق ، الكولاك ، الكهنة ، الخ ان يتسللوا الى الهيئات العليا الحاكمة للبلاد . ولكن من اى شئ نخاف ؟ اذا كنتم تخافون من الذئاب ابتعدوا عن الغابة . ( ضحك وتصفيق حاد .)
فى المقام الاول ، ليس كل الكولاك السابقون ، والحرس الابيض والكهنة معادون للحكومة السوفييتية .
ثانيا، اذا ماانتخب الشعب فى مكان او آخر اشخاصا معادين ، سوف يكشف هذا ان عملنا الدعائى كان غاية فى سوء التنظيم ، واننا نستحق مثل هذ العار ، اذا ، على اى حال ، ماكان عملنا الدعائى يدار بطريقة بلشفية ، فلن يدع الشعب اشخاصا معادون يتسللون الى الهيئات الحاكمة العليا . وهذا يعنى اننا يجب ان نعمل لاأن ننتحب ( تصفيق حاد ) ، يجب ان نعمل والاننتظر ان يوضع كل شئ امامنا جاهزا بامر رسمى . وفى وقت سابق يعود الى عام 1919 ، قال لينين ، انه لن يمضى وقت طويل حتى تعتبر الحكومة السوفييتية انه من الملائم تطبيق حق الانتخاب العام دون اية قيود . ولاحظوا من فضلكم : دون اية قيود . لقد قال ذلك فى وقت لم نكن قد تغلبنا فيه على التدخل الاجنبى العسكرى بعد وحين كانت صناعتنا وزراعتنا فى حالة مزرية . مضى سبعة عشر عاما منذ هذا الوقت . ايها الرفاق ، اليس هذا هو الوقت الذى يتعين علينا فيه ان ننفذ وصية لينين . اظن ذلك .
وهاهو ذا ماقاله لينين فى 1919 فى " مسودة برنامج الحزب الشيوعى الروسى " . اسمحوا لى ان اقرأه .
" لابد ان يوضح الحزب الشيوعى الروسى لجماهير الشعب العامل ، حتى نتجنب التعميم الخاطئ لاحتياجات تاريخية عارضة ، ان حرمان قسم من المواطنين من حق الانتخاب لايؤثر فى الجمهورية السوفييتية ، كما كان الحال فى اغلب الجمهوريات البورجوازية الديموقراطية ، على فئة معينة من المواطنين تحرم من حق الانتخاب مدى الحياة ، وانما ينطبق فقط على المستغلين ، فقط على هؤلاء الذين ينتهكون القوانين الاساسية لجمهورية السوفييت الاشتراكية ، ويصرون على الدفاع عن اوضاعهم كمستغلين ، وللحفاظ على العلاقات الراسمالية . وعلى ذلك ، ففى الجمهورية السوفييتية ، هناك من جانب ، قوة مضافة للاشتراكية كل يوم وتقليص فى عدد هؤلاء الذين لديهم امكانات موضوعية فى ان يبقوا مستغلين او ان يستبقوا العلاقات الراسمالية ،وهذا يقلل بشكل آلى نسبة الاشخاص المحرومين من حق الانتخاب . وفى روسيا فى الوقت الراهن لاتزيد هذه النسبة بالكاد عن اثنين او ثلاثة بالمائة . من ناحية اخرى ففى مستقبل غير بعيد قد يخلق توقف الغزو الاجنبى واكتمال مصادرة المصادرين ، فى ظروف معينة وضعا تختار فيه سلطة الدولة البروليتارية طرائق اخرى لقمع مقاومة المستغلين ثم تطبق حق الانتخاب العام دون اية قيود " ( لينين : الاعمال الكاملة ، الطبعة الروسية ، المجلد 24 ، ص 94 . )
اظن ان هذا واضح .
هذا هو الوضع بشأن التعديلات والاضافات التى اقترحت بشأن مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية .
6 .مغزى دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية الجديد
اذا حكمنا على نتائج المناقشة على مستوى الامة ، التى استمرت تقريبا خمسة شهور ، فقد نفترض ان مسودة الدستور سوف يوافق عليها المؤتمر الحالى . ( تصفيق حاد وهتافات . يقف الجميع . )
فى خلال بضعة ايام سوف يكون لدى الاتحاد السوفييتى دستور اشتراكى جديد ، مؤسس على مبادئ الديموقراطية الاشتراكية المتطورة تماما .
سوف يكون وثيقة تاريخية تتناول بمصطلحات بسيطة ومختصرة ، تقريبا بأسلوب المضابط ، وقائع انتصار الاشتراكية فى ا.ج.ا.س ، مع وقائع تحرر الشعب العامل فى ا.ج.ا.س من العبودية الراسمالية ، وقائع انتصار ديموقراطية متماسكة وتامة وكاملة فى ا.ج.ا.س .
سوف يكون وثيقة تشهد على حقيقة ان ماحلم به ملايين الناس الشرفاء فى البلدان الراسمالية ومازالوا يحلمون به قد تحقق بالفعل فى ا.ج.ا.س . ( تصيق حاد .)
سوف يكون وثيقة تشهد على حقيقة ان ماانجز فى ا.ج.ا.س هو مما يمكن تحقيقه تماما فى بلدان اخرى ايضا . ( تصفيق حاد )
ولكن يترتب على هذا ان المغزى الاممى للدستور الجديد لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية يمكن بالكاد المبالغة فيه .
اليوم ، حينما تلوث موجة اضطراب فاشية الحركة الاشتراكية للطبقة العاملة وتلطخ المطامح الديموقراطية لافضل الشعوب فى العالم المتحضر ، فان دستور ا.ج.ا.س سوف يكون وثيقة اتهام ضد الفاشية ، معربا عن ان الاشتراكية والديموقراطية لاتقهر . (تصفيق ) . سوف يقدم الدستور الجديد عونا معنويا ودعما حقيقيا لكل هؤلاء الذين يحاربون اليوم البربرية الفاشية . ( تصفيق حاد .)
ومايزال الامر الاعظم هو مغزى دستور ا.ج.ا.س الجديد بالنسبة لشعوب ا.ج.ا.س. بينما سيكون مغزى دستور ا.ج.ا. بالنسبة لشعوب البلدان الراسمالية بمثابة برنامج للعمل ، فهو ذو مغزى لشعوب ا.ج.ا.س. بوصفه تلخيصا لنضالاتهم ، تلخيصا لانتصاراتهم فى النضال من اجل تحرر البشرية .بعد طريق النضال والحرمان الذى اجتزناه ، فمن السار والمبهج ان يكون لدينا دستور ، يتناول ثمار انتصاراتنا . من السار والمبهج ان نعلم ماالذى قاتل شعبنا من اجله وكيف حقق هذا الانتصار ذى الاهمية التاريخية الاممية . من السار والمبهج ان نعلم ان دماء شعبنا الذى اريق بغزارة لم يضع سدى ، فقد حقق نتائج .
( تصفيق متواصل.) ان هذا يسلح طبقتنا العاملة ، وفلاحونا ، والانتليجنسيا العاملة روحيا .
هذا يدفعهم الى الامام ويثير فيهم شعورا بالفخر المشروع . وهو يزيد الثقة فى قوتنا ويحفزنا لنضالات غضة ولتحقيق انتصارات جديدة للشيوعية .
( احتفاء حماسى راعد . يقف الجميع . هتافات من كل انحاء القاعة : " عاش الرفيق ستالين " . يقف الجميع وينشدون " الاممية "وبعده يستعاد الاحتفاء الحماسى . هتافات " عاش قائدنا ، الرفيق ستالين ، هوراه " ).
البرافدا 26 نوفمبر 1936
المصدر : https://www.marxists.org/reference/archive/stalin/works/1936/11/25.htm












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ




.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا


.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟




.. سيارة جمال عبد الناصر والسادات تظهر فى شوارع القاهرة وسط أكب