الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال العراق.. معاناة كبيرة وحقوق مسلوبة

فاضل عباس البدراوي

2016 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بدايات نمو وتطور الطبقة العاملة العراقية، تعود الى نهاية عشرينيات وبداية ثلاثينيات القرن الماضي، حين ظهرت الكتل العمالية الكبيرة (البروليتاريا) الى الوجود، كعاملين لدى الشركات النفطية الاجنبية، بعد اكتشاف النفط بدايات عشرينيات القرن الماضي، كذلك في شركة سكك الحديد وموانئ البصرة، وفي بدايات ثلاثينيات القرن في شركة الكهرباء. ان تلك الشركات المذكورة اعلاه، كانت بأدارة أجنبية، بمعظمها كانت تحت ادارة انكليزية. مع مرور الزمن بدأ العمال العراقيين يشعرون بمرارة الاستغلال، من جهة قلة الأجور، وطول ساعات العمل، والفصل الكيفي، وغيرها من صنوف الاستغلال الطبقي.
أول تنظيم نقابي ظهر الى الوجود كان في نهاية عشرينيات القرن الماضي، حين تأسست جمعية اصحاب الصنائع، وانتخب العامل محمد صالح القزاز رئيسا لها، وقد قادت تلك الجمعية اول اضراب عمالي وشعبي في العراق ذلك عام 1930، وسمي ذلك الاضراب بأضراب الكهرباء، للمطالبة بتقليل اجور فواتير الكهرباء، ومن اجل ظروف عمل انسانية ملائمة. ثم تتالت نضالات الطبقة العاملة، سواء على الصعيد الطبقي او على الصعيد الوطني، ذلك عبر اضراباتها المتتالية على مر العقود، كأضرابات عمال النفط في كركوك وايج ثري واضرابات عمال السكك والمطابع في اربعينيات القرن الماضي، واضرابات عمال الموانئ وعمال شركة نفط الجنوب في البصرة، بداية واواسط خمسينيات القرن الماضي، اضافة لأضرابات عمال السكائر اواسط عام 1954. كما كان للطبقة العاملة العراقية دورا طليعيا، في انتفاضات شعبنا ضد الانظمة الرجعية والدكتاتورية، كوثبة كانون 1948 وانتفاضتي تشرين عامي 52 و 1956.
لقد قدمت الطبقة العاملة العراقية، خلال تلك الحقب الزمنية، العديد من الشهداء والمصابين، في سوح النضال الطبقي والوطني، واعتقل وسجن المئات من نشطائها، سواء العاملين منهم في حقل العمل النقابي او المناضلين في صفوف حزبها الشيوعي العراقي. من المعلوم ان قائد الحزب الشهيد الخالد فهد، كان منحدر من اصول كادحة، اضافة لعدد آخر من قادة الحزب.
بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، انخرط عشرات الالاف من عمال العراق، بشكل طوعي في نقاباتهم واتحادهم العام المجاهد، وحققوا المزيد من المكاسب، كمنع الفصل الكيفي، وقانون الضمان الاجتماعي وزيادات في اجور العمال، وحصول عدد من الجمعيات السكنية العمالية لأراض سكنية وغيرها من المكاسب.
بعد اغتيال ثورة تموز على يد القوى الرجعية المتحالفة مع نظام عبد الناصر الدكتاتوري التوسعي، وبأسناد مباشر من الامبريالية الامريكية والمخابرات البريطانية، في 8 شباط من عام 1963، تعرضت الحركة النقابية بصورة خاصة، والشيوعيون والقوى الديمقراطية عموما، الى حملة تنكيل وقتل همجيين، قل نظيرهما في التاريخ الحديث، تلك الجرائم تذكرنا بما يقترفه الدواعش هذه الايام، من جرائم بحق ابناء شعبنا وشعوب العالم، فدواعش اليوم هم احفاد دواعش الامس، من عصابات البعث الفاشية.
بعد سقوط النظام الدكتاتوري، على يد من جاء به للسلطة، كنا نحن العاملين القدماء في حقل العمل النقابي، نأمل ان تنهض الطبقة العاملة العراقية من جديد، وتعيد امجادها، وتحيي ارثها التاريخي، عبر اعادة تأسيس نقاباتها المجاهدة، بعد ان تحولت النقابات ايام النظام المقبور الى مراكز بوليسية، لمراقبة نشطاء الحركة العمالية، ولسوق جماهير الكادحين الى محارق حروب نظامه الفاشي.
بمرور الوقت تلاشت تلك الآمال، فلم نجد حركة نقابية مجاهدة حقيقية تظهر من جديد، ربما لأسباب موضوعية، وهي بسبب القمع الذي طالها وطال كوادرها طيلة اعوام الدكتاتورية، التي امتدت لأربعة عقود تقريبا، حيث تركت فراغا لا يمكن املاؤه بسهولة، واسباب ذاتية، هو ان الرفاق الذين تصدوا للعمل النقابي، لم يكونوا من اصحاب خبرة في مجال العمل النقابي، بالرغم من ان معظمهم كانوا مناضلين في المجال الحزبي والسياسي، لكن العمل النقابي شيء والسياسي شيء آخر، ومع الأسف الشديد، ان هؤلاء الرفاق لم يحاولوا الاستفادة من خبرات النقابيين القدماء ممن بقى منهم على قيد الحياة، كتشكيل هيئة استشارية من هؤلاء، للاستعانة بهم والاستفادة من تجاربهم، واعتقد ان سبب ذلك يعود ربما لأنانية البعض منهم، مع جل احترامي لهم.
نرى عمال العراق اليوم يعانون الامرين، تحت ظل سلطة فاسدة فاشلة، بعيدة كل البعد عن هموم الشعب و كادحيه، فالبطالة متفشية بشكل لم يسبق له مثيل، وتفجيرات الزمر الارهابية تطال بشكل مستمر حشود الكادحين، الباحثين عن لقمة عيش تسد رمقهم ورمق عوائلهم، اذ انها تحصد العشرات من هؤلاء، والسلطة عاجزة عن حمايتهم وحتى لا تواسي عوائلهم و لا تصرف لهم ولعوائلهم اية تعويضات عما اصابهم.
اما النقابات العمالية فلا وجود حقيقي لها على ارض الواقع، لا اقصد النقابات الصفراء، انما اقصد النقابات المستقلة عن السلطة واحزابها، واتحادها العام الشرعي، فلم نجد لها اي دور يذكر في قيادة نضال الطبقة العاملة العراقية، من اجل استحصال حقوقها المسلوبة، حتى انها عجزت عن تنظيم تظاهرة عمالية تضم بضع مئات من العمال، للمشاركة في التظاهرات الجماهيرية المستمرة منذ أشهر تحت يافطات خاصة بها، هذه التظاهرات التي تطالب بالكشف عن سراق الشعب ومزوري ارادته، الذين وصلوا الى دست الحكم عبر خطاباتهم الطائفية الممجوجة، التي اججت الشارع، وفرقت صفوف الشعب، لأشغاله عن المطالبة بحقوقه، فلم نجد للاتحاد العمالي العتيد! اي دور في هذا الحراك الجماهيري، حتى ولو عبر يافطة ترفع بأسم الاتحاد، مع العلم ان معظم المشاركين في الحراك الجماهيري هم من الفقراء والمسحوقين، لكنهم يسيرون خلف جهات دينية معروفة وتحت قيادتها.
والاتحاد لم يقم بواجبه، ذلك بأقامة دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية، لأستصدار حكم قضائي منها، يجيز للعاملين في القطاع الحكومي الانتماء الى النقابات العمالية، هذا القطاع الحيوي الذي يشكل العصب الاساسي للطبقة العاملة، هؤلاء الشغيلة الذين حرمهم النظام المباد من حق التنظيم النقابي، بذريعة انهم اصبحوا موظفين، كان وراء هذا الحرمان أهداف خبيثة، وهو محاولة نزع الصفة الطبقية عنهم، واستمر النظام الحالي على اتباع نفس الموروث الرجعي للنظام السابق، فكان الاولى بأتحاد النقابات اقامة دعوى، والحجة واردة، فلماذا يحق للمعلمين والمهندسين والاطباء وحتى الاعلاميين ان ينتظموا في نقابات، وهم يعملون في القطاع الحكومي، ويحرم العمال من هذا الحق؟. لذلك نجد ان العدد المحدود من المنتمين للنقابات العمالية، لا يمثلون الطبقة العاملة من الزاوية العلمية، حيث انهم من البروليتاريا الرثة، لذلك نجدهم خاملين في المطالبة بحقوقهم، وهذا ينطبق على نقاباتهم واتحادهم.
في ذات الوقت، لا توجد وسيلة اعلامية تعبر عن هموم ومعاناة عمال العراق، حتى جريدة طريق الشعب، المفروض بها انها تنطق بأسم حزب، المفروض به انه يمثل الطبقة العاملة وسائر الكادحين، فصفحاتها تخلو من صفحة مخصصة للعمال ولو مرة في الاسبوع، بينما تكرس جل صفحاتها للمواضيع الثقافية والادبية والفنية والرياضية، مع كل احترامي لتلك الشرائح في المجتمع العراقي، وهذا الامر ينطبق ايضا على الاتحاد العام لنقابات العمال، فلا نجد ولو نشرة صغيرة تصدر عنه، حتى انه مقل في بياناته بالرغم من المشاكل الكثيرة والمتعددة التي يعاني منها العمال.
عندما اكتب هذه السطور، اتذكر الايام الخوالي التي كانت الطبقة العاملة العراقية أبانها، تزلزل الارض تحت اقدام مستغليها وسالبي حقوقها، وأتساءل أين نحن اليوم من تلك الايام؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني