الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصورة الشعرية

ذياب فهد الطائي

2016 / 4 / 29
الادب والفن


الصورة الشعرية

ذياب فهدالطائي
يقول إبن منظور (الصورة حقيقة الشيء وهيئته وصفته )
يقول د .علي الحمداني (الصورة تعني الشكل فصورة البيت شكله ومعنى صورة البيت اللفظ ،وصياغة الفكر... صورته )
اما عبد القاهر الجرجاني فيقول (إعلم أنّ قولنا الصورة إنّما هو تمثيل قياس نعلمه بعقولنا على الّذي نراه بأبصارنا)
الصورة الشعرية تركيب لغوي يمّكن الشاعر من تصوير معنى عقلي وعاطفي متخيل ليكون المعنى متجليا أمام المتلقي، حتى يتمثله بوضوح ويستمتع بجمالية الصورة التزينية.وتعتمد التجسيد والتشخيص والتجريد والمشابهة
ومن حيث هي تركيب لغوي لا تعدو أن تكون الشكل الفني الذي تبرزه الكلمات والجمل ، حين تنتظم في سياق فني خاص، أو لنقل هي تشكيل لغوي خاص ، يجسد مضمون تجربة الشاعر ورؤيته الخاصة ، في هيئة ما يمكن استحضارها ، وتمثلها في الذهن
ويعرفها ازرا باوند أنها "تلك التي تقدم تركيبة عقلية وعاطفية في لحظة من الزمن" والصورة لا تنفصل عن اللغة لأنها "انبثاق عن اللغة"
وتعرف دادو اسيه الصورة (أنّ الصورة الشعرية هي الشّكل الّذي تتشكل فيه المعاني سواء أكانت حقيقية أم موازية فتصوير المعان يعني أن يصوغها الأديب و ينظمها ويشكلها على هيئات معينة هي أساس التّفاضل والتّمايز)
واعتقد أن اقدم من تناول موضوع الصورة الشعرية بمقاربة موضوعية هو (الجرجاني) فقد عمد إلى المقابلة بين الشعر والرّسم مركزا على الجانب البصري في التصوير الشعري، وبهذا يكون قد اقترب من طروحات الفلاسفة المسلمين القدامى الذين رأوا في الشعر، بما يقوم عليه من تخييل،أنّه « يمثّل لمخيّلة المتلقي مشاهـد بصرية واضحة، و إنّ أفضل الوصف الشعري هو ما قلب السّمع، وجعل المتلقي يتمثّل مشهدا منظورا كأنه يراه ويعانيه».
ليس من شكّ أنّ الصورة الفنية نتاج ملكة الخيال، وديناميكية الخيال لا تعني محاكاة العالم الخارجي، وإنّما تعني الابتكار والإبداع، وإبراز علاقات جديدة بين عناصر متضادّة، أو متنافرة، أو متباعدة، وعلى هذا الأساس، لا يمكننا قصر الصورة الفنية في الأنماط البصرية فقط، بل إنها تتجاوز هذا إلى إثارة صور، لها صلة بكلّ الإحساسات الممكنة التي يتكوّن منها الإدراك الإنساني ذاته،وهذا الابتكار والإبداع هونتاج التخيل الخلاق للمبدع الذي لابنقل الواقع بصيغة أخرى وانما يضيف للواقع ما هو متخيل
ولكن حديثنا عن الصورة الشعرية وهي بمختلف أنواعها قادرة على إقامة علاقات جديدة بين الألفاظ، واستحداث استعمالات لغوية مبتكرة، تقود حتماً إلى خلقٍ صورى جديد ليس على مستوى الدلالات الوظيفية أو المعنوية المعروفة فحسب وإنما على مستوى الدلالات النفسية أيضاً وفي هذا الصدد يقول د.عز الدين اسماعيل "أن للصورة مستويين.. هما المستوى النفسي والمستوى الدلالي"، مشيراً إلى أن للصورة وظيفتين نفسية ومعنوية، ومن خلال تحديد الوظيفة النفسية فإن الصورة الشعرية ستتجاوز كثيراً الفقر الصوري الذي يتمخض عن القراءة البلاغية التقليدية. في ضوء ما مر من مفهومات سأتعامل مع الصورة الشعرية في شعر الرواد، ومدى تعبيرها عن غربتهم)
والصورة الشعرية في بنيتها اللغوية هي تمثيل مجازي ليس المقصود أن تستدعي اللفظة فيها صورة المدلول الحقيقي،
يقول حبيب الصايغ في قصيدته النمور (ج1 ص 19 ):
النمور التي شاركتني المعاطف والبرد
والخطوات السريعةرضعتني حليب النحيب
النمور التي آثرت أن تغني

النمور هنا تصوير مجازي لمجموعة من الشباب تشاركت في تحمل المشاكل وفي الافلات من قبضة الشرطة بالخطوات السريعة ...إنها صورة لمدركات انسانية
ويستمر الصايغ في قصيدته ليكشف إن تلك النمور (تقول اليوم شيئا جديدا )، المجموعة التي تعلّم منها المبادئ والتي تبنت طريقا للنضال السياسي ،ربما متشددا ، تتحدث اليوم لغة أخرى ،لغة تبريرية ومهادنة
النمور التي سكنت بيتنا قبلنا
النمور تتهاوى
وتدعو ابن آوى
نبيا قديما وتاه
النمور التي ايبست عشب جيراننا
النمور التي أرهقتنا من النبش في ظلنا
تقول الان شيئا جديدا
وتتركنا في مهب الظنون
الصايغ هنا يقدم لنا طرقا استدلالية تقودنا عبرها الدلالات التي يحددها بعناية فائقة الى مجموعة من الإحالات التي يمثل توقفها تكثيفا للصورة/الفعل ،والتي تحفز المتلقي على البحث عن تفسير تأويلي للصورة التي يراها بتركيب لغوي مكثف
اليست هذه الصورة هي التي جسدها الروائي الكبير نجيب محفوظ في (اللص والكلاب ) .
سعيد مهران الذي كان يستمع الى رؤوف علوان وهو من النمور التي (أرهقتنا من النبش في ظلنا ) يفاجئ حينما يخرج من السجن برؤوف علوان قد تغير فهو يدعو ابن آوى نبيا قديما وتاه ،إنه نموذج المثقف الانتهازي الذي يمكن ان يتحول وفق مؤشر مصالحه الشخصية
أو شخصية يوسف عبدالحميد السويسى بطل رواية «الرجل الذى فقد ظله) للروائي فتحي غانم التي صدرت في عام 1962
ما نعنيه بالصورة الشعرية هو ما ذهب اليه الدكتور صلاح فضل (الشـــﻛ-;-ﻝ-;- اﻟ-;-ﺒ-;-ﺼ-;-ـــري اﻟ-;-ﻤ-;-ﺘ-;-ﻌ-;-ـــﻴ-;-ن ،ﺒ-;-ﻘ-;-ـــدر ﻤ-;-ـــﺎ-;- ﻫ-;-ـــﻲ-;- اﻟ-;-ﻤ-;-ﺘ-;-ﺨ-;-ﻴ-;-ـــﻝ-;- اﻟ-;-ـــذﻫ-;-ﻨ-;-ﻲ-;- اﻟ-;-ـــذي ﺘ-;-ﺜ-;-ﻴ-;-ـــرﻩ-;- اﻟ-;-ﻌ-;-ﺒ-;-ـــﺎ-;-رات اﻟ-;-ﻠ-;-ﻐ-;-وﻴ-;-ـــﺔ-;-، وأﺼ-;-ـــﺒ-;-ﺤ-;-ت اﻟ-;-ﺼ-;-ـــورة اﻟ-;-ﺸ-;-ـــﻌ-;-رﻴ-;-ﺔ-;- ﻤ-;-ـــﺜ-;-ﻼ-;-، تقف على نفس مستوى صورة الغلاف وصار من اﻟ-;-ﻀ-;-ـــروري أن ﻨ-;-ﻤ-;-ﻴ-;-ـــز ﺒ-;-ـــﻴ-;-ن اﻷ-;-ﻨ-;-ـــواع اﻟ-;-ﻤ-;-ﺨ-;-ﺘ-;-ﻠ-;-ﻔ-;-ـــﺔ-;- ﻟ-;-ﻠ-;-ﺼ-;-ـــور ﻓ-;-ـــﻲ-;- ﻋ-;-ﻼ-;-ﻗ-;-ﺘ-;-ﻬ-;-ـــﺎ-;-
ﺒ-;-ـــﺎ-;-ﻟ-;-واﻗ-;-ﻊ-;- اﻟ-;-ﺨ-;-ـــﺎ-;-رﺠ-;-ﻲ-;- ﻏ-;-ﻴ-;-ـــر اﻟ-;-ﻠ-;-ﻐ-;-ـوي، ﺤ-;-ﺘ-;-ــﻰ-;- ﻨ-;-ﺴ-;-ــﺘ-;-طﻴ-;-ﻊ-;- ﻤ-;-ﻘ-;-ﺎ-;-رﺒ-;-ـﺔ-;-( ﻤ-;-ﻨ-;-ظوﻤ-;-ــﺔ-;- اﻟ-;-ﻔ-;-ﻨ-;-ــون اﻟ-;-ﺒ-;-ﺼ-;-ــرﻴ-;-ﺔ-;- اﻟ-;-ﺠ-;-دﻴ-;-ـدة وﻨ-;-ﺘ-;-ﺄ-;-ﻤ-;-ــﻝ-;- ﺒ-;-ﻌ-;-ــض ﻤ-;-ﻼ-;-ﻤ-;-ﺤ-;-ﻬ-;-ــﺎ-;- اﻟ-;-ﺘ-;-ﻘ-;-ﻨ-;-ﻴ-;-ﺔ-;- ووظﺎ-;-ﺌ-;-ﻔ-;-ﻬ-;-ﺎ-;- اﻟ-;-ﺠ-;-ﻤ-;-ﺎ-;-ﻟ-;-ﻴ-;-ﺔ-;-)
وقد انتقل الاهتمام بدراسة الصورة الشعرية لدى النقاد العرب بسبب تأثرهم بالنقد الغربي، الذي أولى الصورة عناية خاصة، فقد أكد معظمهم أن مصطلح الصورة الشعرية دخل إلى نقدنا عن طريق الاطلاع المباشر على النقد الغربي، والترجمة عنه.
ويقول محمد حسن عبد الله (كل قصيدة إنما هي صورة )
والصورة الشعرية تشكل اليوم في الدراسات النقدية الحديثة عنصرا مهما لكونها تدخل في عمق تجربة الشاعر ورؤيته لوظيفة الشعر وقدرته على الابداع والإمساك باهتمام المتلقي ،ولهذا يرى تشومسكي بوجود مستويين للجملة هما
البنية السطحية ،والتي تشير الى المستوى التركيبي والنحوي
البنية العميقة ،وهي التي ترتبط بالمعنى او الدلالة
والصورة الشعرية هي المصدرالأساس للخلق الدلالي داخل لغة الإبداع الشعري ،من هنا فهي البنية العميقة للقصيدة
أما بنية القصيدة فهي خاصية معمار القصيدة الشعرية واتي تطور مفهومها على أساس أن النص هو بنية أكثر من كونه شكلا وأداة ، وقد شكلت دراسات (جماعة براغ ) في مفهوم الاتجاه الوظيفي في دراسة اللغة ليشمل جميع أوجه النص (الصوت ،الموضوع)
لقد نشأت جماعة براغ على يد اللغوي التجيكي (فيلام ماثيزيوس )عام 1926 ،ويمثلها اليوم العالم رومان باكستون ،وتعتمد الجماعة على منجزات البنيوية في طروحاتها النقدية للمدرسة التاريخية
والصورة الشعرية والبنية في القصيدة الحديثة تمثلان ( الشكل والمضمون )
والصورة الشعرية لايقدر على صياغتها ، إلاّ الشاعر المبدع وهو الّذي يصوغ المعنى في قالب من الالفاظ صياغة أروع من الخيال
ويرى بول ريفيري (إن الصورة هي إبداع ذهني صرف وهي لايمكن أن تنبثق من المقارنة وإنما تنبثق من الجمع بين حقيقتين واقعيتين تتفاوتان في البعد قلة أو كثرة ،إن الصورة لا تروعنا لأنها وحشية أو خيالية ،بل لأن علاقة الأفكار فيها بعيدة وصحيحة)
أما جون كوهين فيرى إن الشعرية هي تكثيف اللغة أما الصورة فهي من الناحية البنيوية شمولية ،ومن الناحية الوظيفية تكثيفية ،فهي إذا شمولية لكي تتكثف
إن دراسة الصورة الشعرية تكشف لنا عن رؤية الشاعر وذلك لأنه يحقق فيها (ذاتيته ) وقدرته على صياغة تجربته الشعرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?صابة الفنان جلال الذكي في حادث سير


.. العربية ويكند |انطلاق النسخة الأولى من مهرجان نيويورك لأفلام




.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي