الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيد العالمي للطبقة العاملة

عامر الدلوي

2016 / 5 / 1
ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة


مقدمة تاريخية لا بد منها :
تعود خلفية هذا اليوم إلى القرن التاسع عشر إلى أمريكيا وكندا وأستراليا . فقبل الاعلان عن هذا اليوم بسنوات، كانت شيكاغو في القرن التاسع عشر تخوض نزاعات عمالية لتخفيض ساعات العمل في هاميلتون، وبشكل خاص في الحركة التي تعرف بحركة الثمان ساعات.
من أستراليا كان البدء كانت بداية عيد العمال يوم 21 ابريل/نيسان 1856 في أستراليا، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث طالب العمال في ولاية شيكاغو عام 1886 بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات، وتكرر الطلب في ولاية كاليفورنيا. وفي تورونتو الكندية حضر زعيم العمال الأميركي بيتر ماكغواير احتفالا بعيد العمال، فنقل الفكرة وتم أول عيد للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية تم الاحتفال به في 5 سبتمبر 1882 في مدينة نيويورك. أثمر نضال العمال في كندا قانون الاتحاد التجاري الذي أعطى الصفة القانونية للعمال ووفر الحماية لنشاط الاتحاد عام 1872.
ذكرى هايماركت
وفي يوم 1 مايو من عام 1886 نظم العمال في شيكاغو ومن ثم في تورينتو إضرابا عن العمل شارك فيه ما بين 350 و 400 ألف عامل، يطالبون فيه بتحديد ساعات العمل تحت شعار "ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع" ، الأمر الذي لم يَرق للسلطات وأصحاب المعامل خصوصا وأن الدعوة للإضراب حققت نجاحا جيدا وشلت الحركة الاقتصادية في المدينة، ففتحت الشرطة النار على المتظاهرين وقتلت عدداً منهم، ثم ألقى مجهول قنبلة في وسط تجمع للشرطة أدى إلى مقتل 11 شخصا بينهم 7 من رجال الشرطة واعتُقِلَ على إثر ذلك العديد من قادة العمال وحكم على 4 منهم بالإعدام، وعلى الآخرين بالسجن لفترات مُتفاوتة.
و بينما كان الجلاد ينفذ حكم الإعدام بالعمال الأربعة كانت زوجة اوجست سبايز أحد العمال المحكوم عليهم بالإعدام تقرأ خطابا كتبه زوجها لابنه الصغير جيم يقول فيه :
" ولدي الصغيرعندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت . ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أننى بريء. وأموت من أجل قضية شريفة ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفخر بابيك وتحكى قصته لأصدقائك" .
وقد ظهرت حقيقة الجهة التي رمت القنبلة عندما اعترف أحد عناصر الشرطة بأن من رمى القنبلة كان أحد عناصر الشرطة أنفسهم.
وبعد وفاة عمال على أيدي الجيش الأميركي فيما عرف بإضراب بولمان عام 1894، سعى الرئيس الأميركي غروفر كليفلاند لمصالحة مع حزب العمل، تم على إثرها بستة أيام تشريع عيد العمال وإعلانه إجازة رسمية. بقي غروفر قلقا من تقارب اليوم الدولي للعمال مع ذكرى هايماركت في 4 مايو/أيار 1886 حيث قتل أكثر من 12 شخصا حينها، وجاء إضراب شيكاغو ضمن سلسلة إضرابات نظمت في عدد من المدن الأميركية يوم الأول من مايو1886 تحت شعار :
"من اليوم ليس على أي عامل أن يعمل أكثر من ثماني ساعات"،
وبلغ عدد تلك الإضرابات خمسة آلاف إضراب وشارك فيها نحو 340 ألف.
الأول من مايو / أيار
تجاوزت قضية هايماركت أسوار أميركا وبلغ صداها عمال العالم، وأحيا المؤتمر الأول للأممية الاشتراكية ذكراها في العاصمة الفرنسية باريس عام 1889، وتمت الدعوة لمظاهرات دولية لإحياء ذكرى هايماركت عام 1890، وفي العام التالي اعترفت الأممية الاشتراكية في مؤتمرها الثاني بعيد العمال حدثا سنويا . وفي عام 1904 دعا اجتماع مؤتمر الاشتراكية الدولية في أمستردام جميع المنظمات والنقابات العمالية وخاصة الاشتراكية منها في جميع أنحاء العالم إلى عدم العمل في الأول من مايو/أيار من كل عام، وتم السعي لجعله يوم إجازة رسمية في عشرات الدول . وفي عام 1955 باركت الكنيسة الكاثوليكية الأول من مايو عيدا للعمال، واعتبرت القديس يوسف بارا أو يوسف النجار شفيعا للعمال والحرفيين، فيما سارت الولايات المتحدة على تقليدها القديم، واعتبرت أول يوم اثنين من شهر سبتمبر من كل عام عيدا للعمل، وكذلك الأمر في كندا.
تمسك الاشتراكيون والشيوعيون الأميركيون ومن وصفوا بالفوضويين، بإحياء يوم الأول من مايو وتنظيم مظاهرات ومسيرات في شيكاغو ونيويورك وسياتل وغيرها. وفي عام 1958 اعتبر الكونغرس الأميركي هذا اليوم، يوم وفاء (لذكرى هايماركت) خاصة بعدما حظى بالتقدير من دول عديدة وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي . وأعلن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور الأول من مايو يوم إجازة رسمية، وكانت مناسبة للتعبير في تظاهرات و مسيرات عن مواقف تتعلق بقضايا سياسية واجتماعية، من قبيل مسيرة دعم حقوق العمال الذين لا يحملون وثائق في الولايات المتحدة، ورفض استمرار الحرب في العراق، والاحتجاج على حالة الاقتصاد الأميركي وعدم المساواة الاقتصادية كما حصل في الأول من مايو 2012 عندما تم احتلال ساحة وول ستريت.
الحاضر المرير :
" تراكم الثروة في المجتمع الرأسمالي يقابلهُ أرتفاع نسبة الفقر والعوز في الجهة المقابلة " ماركس .
بعد الأحتلال الأميركي للعراق .. تعرفت على أحد الأخوة كان يجلب بسيارته الصالون أربعة عمال من محافظة قريبة على بغداد يشتغلون في أحد معامل إنتاج الحلويات العائدة لعائلة صناعية مرموقة في بغداد وكان يأخذ من كل واحد منهم مبلغ ألف دينار نظير جلبهم صباحا ً و إعادتهم بعد إنتهاء العمل .
أثناء حديثي معه سألته عن مدى أستفادته في ظل أرتفاع اسعار المحروقات , عندما أخترع وزير المالية حينها قصة أن مبلغ الزيادة سيحول إلى صندوق الضمان الإجتماعي ليوزع على الفقراء و المحتاجين من المشمولين بقانون الرعاية الإجتماعية , مبررا ً إنبطاحه أمام شروط صندوق النقد الدولي لتقديم المساعدة لحكومته .
كان جوابه بأنه لا يستفاد شيئا ً أمام هذه الكلف , سوى عطفه على هؤلاء الشباب لأنهم أبناء منطقته , فقلت لماذا لا تأخذ منهم أكثر من ذلك ؟ كان جوابه صاعقا ً ... مالذي سيتبقى لهم أذا أخذت منهم أكثر ؟ هل تعلم أن أجرهم اليومي هو ثلاثة آلاف دينار !!!
صدمت و أنا العارف بكم تبيع هذه العائلة علبة البسكويت المغطى بالشيكولاتة الحاوية لأربع وعشرين قطعة , كانت تباع بمبلغ ألفين و أربعمائة دينار بالجملة . فلو أفترضنا أن هؤلاء الأربعة كانوا يديرون خطا ً أنتاجيا لوحدهم و أن الطاقة الأنتاجية لهذا الخط هي 200 علبة خلال 8 ساعات عمل , لأتضح لنا أن مجموع أجرهم اليومي لا يشكل أكثر من سعر 5 علب فقط و لنفترض أيضا ً أن كلف المواد الأولية و عملية الأنتاج ستمثل سعر 95 علبة فأن سعر المائة علبة المتبقية سيكون أرباحا ً صافية للعائلة .
هنا مالذي سيحصل ... تراكم في الثروة لدى أفراد العائلة ... و تيه وضياع بالنسبة لكل عامل من هؤلاء الأربعة ... إذ مالذي سيفعله بالألفين دينار المتبقية ؟ لا شيء بالتأكيد فهي لا تكاد في حينه تكفي لما أصطلح على تسميتها " علاكة العائلة " أي كلفة تسوق الحاجات الضرورية فقط .
نضالات الطبقة العالمة العراقية بين الأمس و اليوم :
" لاشك في ان التوسع في انتاج النفط (30 مليون طن 1954 ) وفر مجالات عمل لعدد كبير من الناس الذين انضموا الى الطبقة العاملة العراقية وما ان جاءت سنة 1958 الا وقد ازداد عدد العمال العراقيين الى اكثر من مليون عامل .لكن هذا لم يحل دون تفاقم مشكلة البطالة واتساع سياسة القمع وما يلحق ذلك من اذى للعمال والذين غرق بعضهم بالديون واصبح ارباب العمل يسومونهم سوء العذاب وكانت السجون تتلقف الكثيرين منهم واصبحت النقابات والجمعيات العمالية عاجزة عن تقديم اي مساعدة مالية لهم ومما ضاعف الامر سوءا عدم وجود صناديق للضمان الاجتماعي وعدم تأسيس صناديق للتقاعد وبالرغم من تحديد وقت العمل في قانون رقم 72 لسنة 1936 بثمان ساعات إلا أن وقت العمل الفعلي كان بين 12-16 ساعة يوميا وبالأجور اليومية نفسها .هذا فضلا عن تشغيل النساء والأطفال والأحداث دون السن القانونية في أعمال شاقة وبأعداد كبيرة .وقد دفع الوضع المزري هذا العمال الى التظاهر والاضراب الذي قمع بالقوة كما حدث في مذبحة كاور باغي بكركوك سنة 1946 ووثبة كانون الثاني 1948 وانتفاضة تشرين 1952 وكان امتصاص نقمة العمال واحدا من أهداف إنشاء مجلس الاعمار والبدء بمحاولات إصلاحية للوضعين الاقتصادي والاجتماعي " . أبراهيم العلاف – ملحق جريدة المدى
لكن الإجراء الفاشي للنظام المقبور و الذي أراد التخلص من عائق كبير يقف أمام مشروعه القاضي بالتحول من الأتجاه الأشتراكي ( كما كان يشيع و يزعم ) نحو الراسمالية و أقتصاد السوق و ذلك عن طريق بيع معامل القطاع العام إلى مريديه و بطانته وبعض الصناعيين من القطاع الخاص المتأكد من ولائاتهم له . فكان قراره بتحويل العمال إلى موظفين , الأمر الذي أدى إلى شل الأتحاد العام لنقابات العمال ( رغم هيمنة حزب البعث عليه ) و تمييع دور الطبقة العاملة في الحياة اليومية لشعبنا و بروز قطاعات كبيرة من العاطلين عن العمل تحت مظلة البطالة المقتعة .
و ما جرى بعد الإحتلال , و مجئ الحثالات لتحكم العراق تحت مظلة الإحتلال من سرقات بالجملة للخطوط الأنتاجية في معظم المصانع التي تم أيقافها عن العمل و بيعها لدول الجوار و خصوصا تلك التي كانت تعاني من حصار تجاري عليها , لتأتي الأيام مثبتة لنا إن هذا الحصار لم يكن سوى مسرحية كتلك التي أجاد في لعبها رئيس النظام المقبور .
أن التخطيط لمرحلة كهذه ( مرحلة ما بعد الإحتلال ) جرى في أروقة فنادق العواصم التي شهدت اجتماعات ما سميت زورا َ و بهتانا ُ بإجتماعات المعارضة العراقية المتكررة و المتعددة , و أعني بها مرحلة جعل الوطن تابع ذليل في إقتصاده لأقتصاد أسيادهم من دول الجوار و تغييب أي دور لنضال عمالي هادف يرمي إلى الحفاظ على المكاسب التي حصل عليها بعد ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة .
و تحويل القطاعات الكبيرة من العمال إلى هامشيون يسعون إلى كسب قوتهم اليومي عبر أمتلاك ما يسمى بالـ ( بسطيات ) بعد أن أضيفوا إلى جيش البطالة الكبير . إن التاريخ سوف لن يرحم كل من شارك في تلك الإجتماعات القذرة التي قادت بالنهاية لأحتلال بلدنا و التي قضت على إقتصادياته و حاولت أن تميت النضال المستمر للعمال من أجل غد أفضل لهم و للأجيال القادمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارات إسرائيلية جديدة على عدة بلدات في جنوب لبنان


.. غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. بلال الشوبكي: المؤسسة الرسمية بحاجة لتقديم شئ للمجتمع الإسرا


.. هل ستنجح الجهود الدبلوماسية بوقف إطلاق النار؟




.. شاب يحتضن جثمان شقيقه الذي استشهد بقصف إسرائيلي في جباليا شم