الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في غفلة ٍمن مستبدي العالم

حازم العظمة

2005 / 12 / 6
الادب والفن


كانت هذه إجاباتي على أسئلة أحمد تيناوي وكان نشرها في الأسبوعية السورية " أبيض و أسود " ، الأسئلة نفسها وُجّهت أيضاً إلى عدد من الكتاب السوريين ، أما الإجابات فقد نشرت مبتورة و مقتطعة ( أتحدث عن إجاباتي أنا و لا أعرف عن إجابات الآخرين ) أو "مقصوصة " ، و أنا متأكد أن أحمد تيناوي لم يكن المسئول عن مسألة " القص" هذه ... ، و وها أنا ذا أعيد نشر الأجوبة كما كانت و الأسئلة

أسئلة أحمد تيناوي :
1)كرس المفهوم الإشتراكي السائد طريقة تفكير انعكست على الثقافة بشكل عام و على الأدب و الفن بشكل خاص ..إلى أي حد لعبت اشتراكية الأدب كنظام ايديولوجي و اقتصادي و سياسي في صياغة الأسماء المكرسة حاليا ؟ و هل تحقق مفهوم الأدب في خدمة الشعب و المجتمع ، أم ان الأدب و الفن و الثقافة بشكل عام بقيت خادماً لقضايا أخرى ؟

2)إذا كان التحول الذي تشهده سوريا حالياً ( من نظام اقتصادي موجه- اشتراكي إلى نظام سوق اجتماعي) سيشهد تحولات في بنية التفكير المجتمعي و بالتالي تكريس مفاهيم مختلفة للثقافة –تتعلق بشكل أو بآخر بالمنحى التنافسي الذي يفرضه السوق – فهل ستبقى الثقافة تعتاش على مفهوم الخدمة ، أم أننا سنشهدتحولات أخرى تخضع لمنطق السوق ذاته؟ ثم كيف سيكون التعامل مع تلك الأسماء و نتاجاتها : تاريخياً – نقدياً- خدمياً( أي الحاجة إلى بقائها أو نفيها ) ؟

الأجوبة :
(1) من الطبيعي برأيي في بلد مثل سورية ، و لأسباب عديدة ، أن نجد نسبة عالية من الكتاب و من المبدعين بصفة عامة من اليساريين ،هذه الظاهرة ليست محلّية ، ستجد الوضع نفسه في كل البلدان الناشئة ، بل و في كل العالم، حتى في البلدان المتطورة الوضع نفسه ، دائماًالشعراء و الأدباء يسببون أوجاع الرأس للمستبدين ، الكاتب أو المبدع هو بطبيعته شخص شديد الإنشغال بالناس شخص يتأثر بحساسية عالية بما حوله
، هنالك في رأس كل مفكر و شاعر و فنان " يوتوبيا" ما و هذه اليوتوبيا رغم أن العقل البراغماتي الراهن يصنفها من "الأمراض"المستعصية إلا أنها في أساس ِنزعةٍ عميقة لدى النوع الإنساني تدفعه منذ بدء التاريخ بإتجاه "العدالة" بإتجاه الإحتجاج ضد العسف و الإستبداد ، تستطيع أن تستحضر كل من في ذاكرتك من مبدعين و أدباء في التاريخ ، خاصة التاربخ الحديث للعالم و ستجد أنه من الصعب أن تجد أديباً أو كاتباً بمفهوم ما هو " رجعي "
، كومونة باريس في 1871ضمت كل شعراء أوربا و موسيقييها و أدباءها و مفكريها
، هي ليست " مؤامرة" يسارية عالمية التي جعلت لوركا و ماياكوفسكي و ناظم حكمت و محمود درويش وبابلو نيرودا و سعدي يوسف و غيرهم ... و بيكيت و جاك لندن و د. هـ. لورنس و آراغون و ماركيز ( القائمة لا بد طويلة جداً) هي التي نصّبت هؤلاء ، في غفلة من حكام العالم المستبدين ،شعراءً و كتاباً و روائيين
، وهي ليست أيضا ً"مؤامرة" يسارية ما التي جعلت ،هنا في سورية، من أمثال سعيد حورانية وسليم بركات و رياض الصالح حسين و دعد حداد و نزيه أبو عفش وغيرهم كثيرون شعراءً و كتاباً
نزار قباني الذي يحلو لنا أن نسميه بشاعر الغزل أو شاعر المرأة كان في كل ما كتبه مدفوعا ُ بشغف لا يهدأ للحرية و للعدالة ، محمد الماغوط الذي لا يصنف نفسه " يسارياً"و كان رسميا ً أول ما نشأ " مصنفاً "على أنه قومي سوري، هو برأيي الشاعر الأكثر راديكالية و "يسارية" من كل شعراء سورية،يقول ذلك في شعره و ليس بـ"الإعلانات"...
و ما كتبه و ما يزال مسكون بالثورة و التمرد على العسف و بحب هائل للشعب و سخط شديد ، في الوقت نفسه ، على هذا الشعب الذي لا يتمرد و لا ينهض و لايثور
الأدب هو ضمير الأمة و لا بد ان يكون هكذا سمّه يساريا ً أو إشتراكيا ً أو ما تشاء ..

2) أنا أستغرب أن تسمي و ضعنا الحالي بـ "الإشتراكي".. كلما تراه حولك ، كلما نراه، لا يشبه هذا و لو من بعيد .. و من ثم نحن إذا كنا ننتقل فعلاً من "نظام" ما إلى غيره فعلى الأرجح ننتقل إقتصادياً من نظام فريد من نوعه ربما يشبه أكثر ما يشبه رأسمالية الدولة و لكن في نسخة "محلّية" جداً ، إلى ... لست أدري إلى أين ..
، الثقافة لم تحمل مرة ُ مفهوم " الخدمة" أو تكريس الأنظمة ، إن كنت فهمت سؤالك جيداً، دائماً ثمة مرتزقة يتجمعون حول السلاطين، دائماً ثمة "طبّالين " و "زمارين"، ما ينتجونه ليس أدباً و لا ثقافةً، إلا ربما بالمفهوم الهجائي لهذه الكلمات ، بمفهوم عكس الثقافة و عكس الأدب ، لا نحتاج إلى "نفي" ثقافة كهذه ،" نفت " نفسها بنفسها
بالعكس أنا أرى أن للثقافة الحقيقية و الأدب تحديداً دوراً كبيرأُ في الأيام القادمة ،
الثقافة تعمل في العمق على تبديل المجتمع و المفاهيم و الوعي ،علينا أن لا نطلب من الأدب أن ينتج شعارات و خطابات(اكتفينا من هذا) ،الأدب ينتج قيماً جمالية و هذه القيم حين تشيع تبدل بعمق الوعي الإنساني و تفتح منافذاً للحرية و في كل الإتجاهات و في النهاية تجعل العالم مكاناً جديراً بالعيش .
نحن شعب "نمطي" بل شعوب نمطية بمعنى أننا بقينا لقرون و قرون أسيري فكرة واحدة أو إن شئت عدة أفكار تتمحور حول فكرة واحدة و تتمظهر هكذا في أشكال عديدة
و دائماً نعيد : " وجدنا آبائنا على هذا "، هذا هو دور الأدب و الفن و الثقافة .. أن تفتح منافذ جديدة و أن تبدأ ذائقة جديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-