الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
فاتح ماي 2016 واستنهاض القوى الثورية وسط البروليتاريا
محسين الشهباني
2016 / 5 / 1ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة
تخلد الطبقة العاملة غدا داخل حدود كل دولة برجوازية مصطنعة على الصعيد العالمي ذكرى فاتح ماي، بإضراب عام عن العمل يتخلله تنظيم مسيرات حاشدة للحركة العمالية، تجوب الشوارع مع رفع الشعارات والقاء الخطب التي تستعرض الأوضاع المزرية لفئات الشغيلة في كافة القطاعات فتفسح المجال لتذكير الباطرونا وأنظمتها السياسية الحاكمة بملفاتها المطلبية العالقة وتحاول تذكيرها بتجاوزات البرجوازية المتعفنة في ميدان التشغيل.
" ثمة ملايين المحرومين، يلزمهم أن يتوسلوا الأغنياء، كما تطلب المنة، ليسمحوا بالعمل لفائدتهم. هؤلاء المحرومون يخلقون بعملهم كل الثروات، ومع ذلك يتخبطون طوال حياتهم سعيا إلى كسرة خبز، طالبين عملا كما تطلب صدقة، مدمرين قواهم وصحتهم في كد مفرط، ويعيشون حياة تضور بالجوع في أكواخ القرى وفي الأقبية والانبار بالمدن الكبرى." لينين، خطاب فاتح مايو 1904.
فاتح ماي، فرصة لاحتجاج الفئات المهمشة والمقهورة والجيش الاحتياطي للعمل والكادحين في أغلب بلدان العالم. إنه يوم تؤكد فيه الطبقة العاملة ارتباطها الأممي رغم اختلاف مواطنها ودياناتها ولغاتها وأعراقها ... ففي هذا اليوم تتحد حناجر عمال العالم لتصرخ بصوت واحد ضد الاستغلال والاضطهاد والتفقير، غاية العيش الكريم والكرامة الانسانية باعتبارهم رقم مهم في الانتاج وليسوا مجرد اصفار يتم استغلالهم من طرف البرجوازية المتعفنة وتحالفاتها الطبقية الحاكمة.
ففي هذا اليوم "يتجابه عالمان في هذا النضال الكبير، عالم الرأسمال وعالم العمل، عالم الاستغلال والاستعباد وعالم الاخوة والحرية. من جهة، ثمة حفنة من الأغنياء الطفيليين، احتكروا المعامل والمصانع والأدوات والآلات. وجعلوا ملايين الهكتارات من الأراضي وجبال الذهب ملكيتهم الخاصة. واجبروا الحكومة والجيش على خدمتهم وعلى حراسة وفية لما كدسوا من ثروات". لينين المرجع السابق.
لكن، ونظرا لهيمنة الإمبريالية وحلفائها من كومبرادور ورجعيين اليوم، تعمل البرجوازية المتعفنة وأدواتها السياسية والنقابية جاهدة على إفراغ العمل النقابي من مضمونه الكفاحي، فتعمل على احداث ترسانة من القوانين المجحفة والجاثمة على صدور الطبقة العاملة، العصب المهم في المجال الاقتصادي، بغاية تكسير شوكة العمل النقابي واقبار مطالب العمال المشروعة.
مع انحسار المد الاشتراكي منذ اغتيال الرفيق ستالين بالسم سنة 1953، وتحول الأنظمة الاشتراكية السابقة نحو الرأسمالية عقب انهيار سور برلين وانهيار التحريفية السوفياتية سنوات 1989 و1991، وتعمق الأزمة العامة لنمط الإنتاج الرأسمالي انطلاقا من سنة 1973، استهدفت سياسات الامبريالية والكومبرادور والرجعيات المحلية تصفية مختلف مكتسبات الطبقة العاملة التاريخية المتحققة نتيجة نضالاتها التاريخية ابان المد الشيوعي عقب الثورة البلشفية في روسيا.
لقد تعقدت الأزمة الثورية على الصعيد العالمي بين العدوين اللدودين البروليتاريا والبرجوازية والتي تجلت بشكل واضح من خلال تفاقم التناقض الحاد بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج (تفاقم الإنتاج الزائد وتدهور معدل الربح، مقابل تجميد الأجور والتسريحات الجماعية وخوصصة المرافق العمومية)، ونتيجة لذلك عودة الاحتجاجات الجماهيرية العمالية العفوية القوية في كل مكان (حركات لنحتل وول ستريت، وانتفاضات الجماهير المغاربية والعربية) ، وفي مقابل ذلك محاولات الامبريالية الالتفاف على هذه الاحتجاجات عبر تسخير الثورة المضادة من خلال ازلامها من القوى التحريفية والرجعية، والذي ظهر إعلاميا كما لو ان الامبريالية قد انتصرت فعلا (دعاية فوكو ياما حول نهاية التاريخ منذ سقوط جدار برلين) وان الصراع الطبقي تحول نهائيا الى صراع بين الحضارات (دعاية هنتنغتن في كتابه صراع الحضارات سنة 1991) مع فبركة عدو وهمي تمثل في صناعة الإسلام السياسي (القاعدة، النصرة، داعش...)اعتماد ترسانة من قوانين مواجهة الإرهاب،غايتها تصفية التنظيمات العمالية المعارضة. الى جانب كل هذا وذاك تعمقت الخطوط التحريفية واشباه الماركسيين اللينينيين عبر تبني ماركسيات مبتذلة تعمل أكثر على تصفية التنظيمات الجدية، وعلى تشويه الفكر الطبقي البروليتاري ويتصدر هؤلاء التروتسكيين والماويين والبدائل الجذرية والتصفويين بجميع تلويناتهم .
ولا جدال بان هذه الأزمة الثورية المعقدة تتجسد حرفيا بربوع وطننا الجريح عبر املاءات الإمبريالية واذرعها المالية والاقتصادية( صندوق النقد الدولي، البنك الدولي منظمة التجارة العالمية ... ) وتمكن النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي من تحويل اذياله من احزاب كارتونية واصلاحية وتحريفية انتهازية وادرعها النقابية الى دكاكين بيروقراطية اصلاحية تحريفية مستترة تقف وراء شعارات جوفاء ذات حمولة ثورية مع ممارسات انبطاحيه مختلفة الأشكال (الرجعية الظلامية، الاصلاحية الانتهازية، واليسراوية التحريفية... ) تعمل بكليتها على تصفية ما تبقى من مكتسبات تاريخية للجماهير الشعبية التي استشهدت واعتقلت ودفعت الغالي والنفيس طوال السنوات الماضية (قبل الاستقلال الشكلي وبعده ) بكل فئاتها وخاصة الطبقة العاملة والفلاحين الصغار وعموم كادحي وطننا الجريح (طلبة، عمال، فلاحيين صغار، معطلين، بحارة، معتقلين سياسيين، فراشة ..)
...وهم يناضلون في معظم الأحيان ضد أرباب عملهم، ضد أصحاب المصانع، الرأسماليين. ويلجأ العمال إلى الاضراب، ويتركون جميعهم في آن واحد العمل في المصنع ويطالبون بزيادات في الأجور؛ ويطالبون بعدم تشغيلهم في اليوم إحدى عشرة ساعة أو عشر ساعات، بل بتشغيلهم ثماني ساعات فقط. ويطالبون أيضا بجميع التحسينات الأخرى في حياة العامل. وهم يريدون أن يصار إلى تحسين الأوضاع في مشاغلهم، وأن يصار إلى إحاطة الآلات بأجهزة خاصة للوقاية، وألا تشوههم الآلات العمال الذين يشتغلون عليها، وأن يتمكن أولادهم من الذهاب إلى المدرسة، وأن يلقى المرضى العناية اللائقة في المستشفيات، وأن تكون مساكن العمال بيوتا لائقة، لا أكواخا للكلاب.. لينين
فبعد الافلاس السياسي التي تعاني منه هذه النقابات والاحزاب التابعة لها وبعد انبطاح تلوى انبطاح (انظر مزايدات البعض في الشعارات وتقبيلهم للأيدي الكريمة في السروالعلن ...) وتسريحات بالجملة للعمال في كافة ربوع وطننا الجريح والتواطؤهم مع الباطرونا وفقدان الثقة لدى عموم العمال في النقابات التي لا يهمها سوى جمع الانخراطات والاشتراكات ومراكمة الثروات على حساب البروليتاريا التي فقدت كافة الامتيازات التي كانت تتمتع بها وتضمن لها الكرامة والعيش الكريم.
تجتهد المركزيات النقابات اليوم فقط في للعب دور الإطفائي (الغاء مسيرات فاتح مايو سنة 2015، تأجيل مسيرة 3 ابريل وإلغاء مسيرة 10 ابريل 2016 خوفا من تداعيات فضيحة باناما، وتأجيل الحوار الاجتماعي المغشوش الى ما بعد فاتح مايو 2016) في الحالات الحرجة وتأزم النظام في ايجاد اجوبة موضوعية عن الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتفاقمة وارتفاع الاحتقان الاجتماعي لدى الفئات الواسعة من جماهير شعبنا المكلوم ( رفع الاسعار وانخفاض الرواتب وتدني كافة الخدمات ( الصحة والتعليم الشغل ) وظروف الشغل السيئة وارتفاع عدد ساعات الشغل مقارنة مع الرواتب الهزيلة ... من أجل أهداف انتخابوية مستغلين هشاشة المشهد السياسي والانبطاح العام، من أجل الاجتهاد والتنفيس عن الازمة وتقديم خدمات لترميم ايديولوجية النظام الكمبرادوري والاسترزاق على نضالات الشعب المغربي وتاريخه النضالي ومنح الشرعية من جديد للكومبرادور لضمان الاستمرار في استعباده للكادحين وتدجينهم قصد طمس الهوية الكفاحية للجماهيرية الشعبية التي تأبى الاستعباد رغم ما عانته خلال سنوات الدم والحديد. والنار انظر انتفاضات 1965 و1981 و1984 و1990. والتي ندخل اليها من جديد من خلال الاختطافات والتعذيب واحراق الذات نتيجة هدر للكرامة الانسانية ونهج القمع الوحشي لكافة الاحتجاجات المشروعة، بل ومحاولة استصدار قانون يجرم أي تشكيك في نموذج "ديموقراطية ماروكان".
إن معانقة الصراع الطبقي اليومي للجماهير الشعبية المسحوقة يتطلب من المناضلات والمناضلين النزول مع الجماهير الى ميادين الصراع اليومي ومواكبة احتجاجات الفلاحيين الصغار وعمال المصانع والمياوميون الزراعيون الفقراء وضحايا الطرد التعسفي ونستغني عن النضال البرجوازي الليبرالي الرمزي (منتديات، لقاءات، المقاهي، الحانات، منتزهات..) مع فضح الانتهازيين والتحريفيين، الذين يخونون ويبيعون بالفعل مصالح الجماهير ويدافعون على امتيازات مؤقتة ويشيعون وينشرون الأفكار البرجوازية المغلفة بشعارات ثورية.
الانتهازيين يستفيدون من الريع النقابي ( تكليفات نقابية غايتها تفريخ الموظفين الاشباح. السفريات والاجتماعات في أفخم الفنادق. الاستفادة من البنزين وسيارات الفخمة للنقابة. اتاحة التوظيف لذويهم وعائلاتهم بعيدا عن تكافؤ الفرص. التلاعب في الحركات الانتقالية بمنطق الولاءات..)
خوفا من حالات الانفلات التي تعبر عن سخط الجماهير بجميع مكوناتها ( الهاجس الامني والحفاظ على الاستقرار لان المرحلة دقيقة دوليا ) ومن جهة اخرى تكريسا للانهزامية والتخاذل والخنوع واشهار شعار السلم الاجتماعي كإجابة زائفة على الوضع المتأزم وفرض الامر الواقع كتحصيل حاصل عن المرحلة الحالية على اساس ان تراجع الحركات الاحتجاجية في مرحلة الجزر تقتضي ( تبريد الطرح ) وترخي بظلالها على كافة المستويات.
مصير الإنسانية حاليا هو بيد الحركة العمالية، لكونها الطبقة الوحيدة القادرة على الثورة الى النهاية وتحقيق الاشتراكية والسلام، ومواجهة تهديد البرجوازية المتعفنة بنشر البربرية والحروب وتدمير البيئة.
يقول لينين في هذا الصدد في سفسطة سياسية سنة 1904:
" ان حركة الطبقات الادنى تستنهض قوى ثورية، ترفع جموعا من البشر، الذين هم أولا وقبل كل شيء، قادرون على تمزيق هذه البنية العفنة بكاملها(المقصود هنا البنية الطبقية البرجوازية)، ولأنهم بسبب اخر ليسوا مكبلين بهذه البنية بأية سمات لصيقة بوضعهم، ولسوف يمزقونها بكل سرور. والأكثر من ذلك، رغم انهم ليسوا واعين تماما بأهدافهم. مع ذلك فان هذه الجماهير قادرة، على، وميالة، الى ان تمزق هذه البنية، لأن وضعها ميؤوس منه، مادام القمع الثابت يدفعها لانتهاج الطريق الثوري، وليس لديها ما تفقده سوى الاغلال. هذه القوة الشعبية، البروليتارية، تلوح مرعبة امام لوردات البنية العفنة، لأن هناك شيئا ما في وضع البروليتارية ذاته يبدو مهددا. لهذا السبب، فان أي حركة للبروليتارية مهما كانت صغيرة، ومهما كانت متواضعة في البداية، ومهما كانت فرصتها ضئيلة، فإنها تهدد بشكل حتمي ان تتجاوز اهدافها المباشرة وان تتطور الى قوة لا تتوافق مع كامل النظام القديم وتصبح مدمرة له ." (سفسطة سياسية، لينين، الاعمال الكاملة، المجلد الثامن، ص 425 – 432، دار النشر للغات الاجنبية، موسكو، 1962)
ان نزولنا يوم فاتح مايو 2016 كطبقة بروليتاريا، من أجل الصراخ غضبا في وجه الباطرونا المتعفنة وازلامها السياسيين والنقابيين بشعارات من قبيل "فلوس الشعب فين مشات، في باناما موازيين والحفلات" لهو أفضل بكثير من انتظار فتات الحوار الاجتماعي وتواطؤ السياسيين والبيروقراطيات النقابية. ان كل نزول قوي للشارع لهو خطوة جبارة نحو رسم الوعي الطبقي الجماعي وبالتالي إعطاء الصراع الطبقي زخمه الضروري.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. نتنياهو: لم نكمل إزالة التهديد لكننا غيرنا مسار الحرب
.. عاجل | وسائل إعلام إسرائيلية: مقتل إسرائيلية وإصابة آخرين في
.. حرائق وأضرار في كريات شمونة والجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مس
.. ماذا تريد إسرائيل من ساحة غزة؟
.. لماذا مخيم جباليا؟