الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال مصر .. صراع وجود وأزمات لا تنتهى

هشام عبده

2016 / 5 / 1
ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة


عمال مصر .. صراع وجود وأزمات لا تنتهى

الأول من مايو من كل عام، هو اليوم العالمي الذي تحتفي به الطبقة العاملة عموماً في كافة أنحاء العالم وتحييه بطريقتها الخاصة ،تحتفي بإنتصاراتها وإنجازاتها، بتدشين مؤسساتها ومصانعها، تبرز ابداعاتها وابتكاراتها، تعتز بنضالها المستمر في تحرر أوطانها وإزدهار مجتمعاتها، وتفخر بما حققته لضمان مستقبل زاهر لأطفالها، وفي المقابل تحظى بتكريم شعبي ورسمي مميزاً تقديراً لها ولدورها في الحياة والبناء والإعمار، لمساهماتها المميزة في تقدم مجتمعاتها وشعوبها وإزدهارهم، ولقد اثبتت تجارب الشعوب أن لا انتصار لثورة ولا حرية لوطن دون نضال الطبقة العاملة، ولا ازدهار للأوطان وتقدم شعوبها دون عرق وجهد الطبقة العاملة .
وعن الأسباب التي دعت للإحتفال في عيد العمال العالمي -سريعا- فالقصة ترجع بالأصل إلى ولاية "شيكاغو" الامريكية حيث النزاعات العمالية لتخفض ساعات العمل في "هاميلتون" في الحركة التي تعرف بحركة الثمان ساعات، عندما أطلق أفراد شرطة "شيكاغو" النار على عدد من العمال أثناء إضراب عام مطالبين بحد أقصى لعدد ساعات اليوم الواحد لا يزيد عن ثماني ساعات، وقد راح ضحية تلك الحادثة العشرات من أولئك العمال، ثم في "تورنتو الكندية في 1886" ،مما أدى إلى ظهور قانون الاتحاد التجارى، الذي أضفى الصفة القانونية، وقام بحماية نشاط الاتحاد في عام 1872 في كندا .
وتمت المسيرات كدعم لحركة الثمان ساعات ،كما أن إضراب عاملي الطباعة أدى إلى الاحتفال السنوي في كندا، وفي عام 1882، شهد زعيم العمال الأميريكى "بيتر ج. ماكغواير" إحدى الاحتفالات بعيد العمال في "تورنتو" واستلهاماً من أحداث الاحتفالات الكندية ،فعاد إلى "نيويورك" ليقوم بتنظيم أول عيداً للعمال يحتفل به في نفس اليوم، في الخامس من سبتمبر من كل عام ؛ وأول عيد للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية تم الاحتفال به في "الخامس من سبتمبرعام 1882م" في مدينة "نيويورك" ،وفي أعقاب وفاة عدد من العمال على أيدي الجيش الأمريكي خلال "إضراب بولمان عام 1894" ،وضع الرئيس الامريكى "جروفر كليفلاند" تسويات مصالحة مع حزب العمل باعتباره أولوية سياسية عليا، وخوفاً من المزيد من الصراعات، وتم تشريع عيد للعمال وجعله عطلة وطنية من خلال تمريره إلى الكونجرس والموافقة عليه بالإجماع ، فقط بعد ستة أيام من إنتهاء الإضراب .
وقد قامت الخمسون ولاية أمريكية بالاحتفال بعيد العمال كعطلة رسمية ، وعلى الرغم من أن الأول من مايو، هو يوم تلقى وحيه من الولايات المتحدة، فإن الكونجرس الأميركي قد خصص الأول من مايو كيوم للوفاء عام 1958، نظراً للتقدير الذي حظى به هذا اليوم من قبل الاتحاد السوفياتي .
وتحل علينا هذه المناسبة هذا العام وأوضاع الطبقة العاملة المصرية تزداد بؤساً ومعاناة ،وتتعرض لأبشع أنواع الظلم والتجويع وفض الاعتصامات السلمية بالقوة التى ربما تصل الى القتل ،التي ووصلت الى ذروتها ،وتستشري البطالة صفوفها، وتُقصف مؤسساتها اقتصاديا ،وتدمر مصانعها، وتُنهب منشآتها، وتمنع استيراد المواد الخام ومواد الصيانة، مما أدى الى ارتفاع نسبة البطالة، بل ونسبة كبيرة منهم يعيشون تحت خط الفقر، وفي اوضاع مزرية ، يرثى لها ولا يمكن تخيلها او تحملها وتضطر الى دفن بعض بقاياها طواعية في مقبرة القطاع الخاص .
عمال مصر الذين لا تذكر التضحية دون ذكرهم ،وإنخراطهم في النضال بكافة أشكاله من أجل القضاء على كل أشكال الظلم والإضطهاد والقهر التي مارستها ولا تزال تمارسها الأنظمة المتعاقبة على مصر ، وتحقيق حياة كريمة في وطن حر ،يُكفل للإنسان فيه حريته وكرامته وقوت أبنائه بشرف ودون إبتزاز أو ملاحقة، فهم من أدركوا مبكرا أن الخلاص من الظلم والإضطهاد، يبدأ بالخلاص أولا من القهر الفكرى وافرازاته وأدواته القمعية، فكانوا فعلاً وقوداً للثورات المصرية وعصبها وزادها الحقيقي .
أن عدد المصانع التي تم إغلاقها في السنوات الاربع الماضية بلغ "4700" مصنع ،وأن عدد عمال الباعة الجائلين وعمال التراحيل وصياد الأسماك وعمال تشييد البناء وصل إلى "10 ملايين" عامل يشكلون العمالة غير المنتظمة ،ويعانون من أسوأ حالات الاضطهاد الحكومى ،والإهمال فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعيشها هؤلاء العمال للسعي وراء لقمة العيش .
ومازال الوطن يئن أحوال العمال من سيئ إلى أسوأ، فأكثر من "12.000" عامل مفصول بطريقة تعسفية من شركات القطاع العام والخاص، ورغم صدور أحكام قضائية بعودة العمال المفصولين، إلا أن إدارات الشركات لم تنفذ الاحكام، لأنه لا يوجد فى مصر قانون عمل جاد يرعى حقوق عمال مصر ، ولا وجود لقادة نقابيين حقيقيين في تشريعات قانون عمل جديد يرعى حقوق الطبقة العاملة لدى أرباب الأعمال .
فلا يزال يجرى العمل بقانون العمل الموحد "رقم 12 لسنة 2003" حيث إن هذا القانون جائر على حقوق الطبقة العاملة ،ويسمح لصاحب العمل بممارسة الظلم والتعسف بحجة أن العقد شريعة المتعاقدين، وهنا أشير إلى أن العقد يصلح أن يكون شريعة المتعاقدين إذا كان طرفى العقد متساويين ،ولكن العامل بحكم حاجته للعمل يكون الطرف الأضعف ،وهنا سيتأثر الوطن سلبًا حيث نرى أن خيرة الخبرات تهاجر بقصد العمل ربما لإنعدام الثقة فى اصحاب العمل، وعدم الشعور بالأمان والإستقرار وضعف الرواتب مقابل عدد ساعات العمل ،مع العلم أن سوق العمل بحاجة لهذه الخبرات .
ويعاني العمال فى مصر أيضا وأسرهم من الذين أجبروا علي تقديم إستقالاتهم والخروج معاش مبكر، من الفقر حتى أن هناك ثلاث شركات تم تسريح عمالها ومنهم من لم يأخذ راتبه منذ شهور، مثل شركة "وبريات سمنود" 1300 عامل تم تسريح 450 منهم ،والباقي رفض ولا يجد عمل آخر، ولم يأخذوا راتبهم منذ سنتين ،وشركة "إسكو" التي تعد من الشركات العالمية، ولم يبق منها غير فرع واحد مفتوحا والباقي أغلق، والتى كانت تغزو منتجاتها اسواق اوروبا ،وكذلك شركة "مساهمة البحيرة" والذين لم يأخذ عمالها رواتبهم منذ شهور منذ شهور .
وللاسف لا يوجد لدينا نقابات أو اتحادات عمالية حقيقة ،فإدارات هذه النقابات ليس لها علاقه بالعمال سوى إنها تمثلهم غصباً عنهم حتى بدون اخطارهم وتستفيد على قفاهم وحسابهم بالتقرب من السلطة الحاكمة ،ويسافورا يمينا ويساراً ،ويتقاضوا البدلات والمهمات بإسم العمال والعمال آخر ما يهمم وتوجهات هذه النقابات سياسية وأمنية فقط ، ولا احد منهم يمثل العمال ولا حتى يتعاطى معهم بأي شيء والعمال يعانوا من ظلم أصحاب الأعمال ولا أحد يدافع عنهم أو يعمل لهم أي شيء سوى أن هؤلاء يلبسوا البدل والكرافات ويحضروا المؤتمرات المحلية والدوليه باسم العمال والعمال اخر من يعلم !!
* كيف يتم التغيير إذن ؟
الواقع أن الوسائل هنا لا تنفصل عن الغايات، فمادامت رايتنا الحمراء ترفرف نحو القضاء على الظلم والبطالة والمجتمع الطبقي عموماً بما ينطوي عليه من طغيان وظلم، فمن الطبيعي أن الطرف القادر على تحقيق ذلك وصاحب المصلحة فيه هو الجماهير التي تستغلها الرأسمالية وتقهرها ، لكن هذه الإجابة العامة رغم صحتها تفتقر إلى التحديد ذلك أن "الجماهير المستغلة والمقهورة" ليست فئة متجانسة بالضرورة، كما أنها تتضمن عناصر متفاوتة في قدرتها على الفعل والتأثير.
من بين كافة فئات الجماهير المسحوقة، هناك "طبقة العمال" التى تعتبر اهم مجموعة لها الوضع ذاته داخل نظام وعلاقات الإنتاج قادرة على لعب الدور الرئيسي، دور رأس الحربة، في المعركة ضد الرأسمالية، نعم هؤلاء العمال نجدهم أغلب الوقت في حالة قبول بالواقع القائم (لا حباً فيه ولكن بسبب عدم ثقتهم في قدرتهم على التغيير) لكن هذا الأمر لا يجب أن يخفي عن أعيننا حقيقتين مهمتين :
أولاً، إن العمال هم صناع الحياة بما فيها ،وإذا كان عملهم يحقق الربح للرأسماليين اليوم، فإن إمتناعهم عن هذا العمل غداً يمكن أن يشل النظام الاقتصادي برمته، إنهم إذاً يملكون السلاح الفعال الذي يمكنهم من التأثير .
وثانياً، إن ظروف عمل وحياة هؤلاء العمال تدفعهم دفعاً للنضال من أجل تحسين واقعهم، صحيح أن أغلب هذا النضال يتخذ طابعاً اقتصادياً ضيقاً (تحسين الأجر الإضافي تارة، وتقليل ساعات العمل قليلاً تارة أخرى...) إلا أن كل معركة يخوضها العمال تتضمن دروساً يتعلمونها ،إن المعارك الطبقية هي المدرسة الحقيقية التي يتشرب فيها العمال الوعي الطبقي .
ولكون حقوق العمال لا تنفصل عن كل ما يحدث على أرض الواقع، فحق التنظيم يجب أن يحجم بداية من الدستور لصالح الاحتكار للاتحاد الامنجى ،وتقييد حقوق التظاهر والإضراب، وتقييد كل حقوق العمل والأجر وغيرها لصالح الدولة القمعية وأصحاب الأعمال الرأسمالية ، لذا علينا ألا نغفل حرص الحكومة ورجال الأعمال دائما على صبغ اتحاد عمال مصر، الذي سبق وحكم عليه العمال بالإعدام، بكونه ممثل العمال الوحيد، وإعلانهم المستمر عن أنهم لا يرضون بغيره بديلاً، كما يجب أن نضع في اعتبارنا السعى لإلغاء قوانين تجريم الإضراب والاعتصام والتظاهر "رقم 107 لسنة2013 " ،وقبله "قانون34 لسنة2011" ،ولا يجب أن نغفل مطالبة أصحاب الأعمال الواضحة الحكومة بالتعديل في قانوني العمل والتأمينات، للتقليل من التزاماتهم تجاه العمال، لكي يوافقوا على حد أدنى للأجور في القطاع الخاص، والأهم أن نرى توجّه الحكومة في ذلك الإتجاه، أي أن سياستهم تنفّذ على الأرض، والمطلوب تغطيتها بغطاء دستورى او تشريعى ، لا أكثر ولا أقل .
وعليه .. أولا : يجب الضغط للإصدار الفوري لقانون الحريات النقابية بالتوافق مع كافة الاتفاقيات الدولية "87 لسنة 48" و98 لسنة 49" ،على أن يضمن حق العمال فى التنظيم النقابي بدون قيد أو شرط ودون تدخل من أي طرف ،وإلغاء كافة الأحكام بالحبس الصادرة ضد العمال .
- ثانيا: إصدار قانون بالحد الأدنى للأجور بما لايقل عن "2500جنيه"، وربطة بتأمين صحى واحتماعى حقيقي على العمالة المصرية "2500" على الشريحة التأمينية بنسب التضخم الحقيقية سنوياً، على أن يُطبق على المستوى الوطني وعلى كل قطاعات العمل، وتطبيقه على الحد الأدنى للمعاش، وإقرار بدل بطالة "سواء لمن لا يجد فرصة عمل أو من يتعطل إثناء العمل لأي سبب بما فيها إصابات العمل للعمالة الغير منتظمة تقدر قيمته بنفس قيمة الحد الأدنى، وإقرار حد أقصى لا يتجاوز 30 ألف جنية من اجل الحفاظ على مال الشعب المصرى .
- ثالثا : إعادة هيكلة الأجور للعاملين في القطاع الحكومي بحيث تلغي الفوارق الضخمة بين الأجور العاملين في قطاع وآخر، والفوارق ما بين العاملين في دواوين الوزارات والعاملين في المديريات .
- رابعا : إلغاء قانون "12 لسنة 2003"، وإصدار قانون عمل يراعي حقوق العمال ويحميهم من تعسف أصحاب الأعمال، ويجبر أصحاب الأعمال علي تنفيذ اشتراطات السلامة والصحة المهنية ،وتعديل جدول الأمراض المهنية ،والالتزام بإتفاقيات العمل الجماعية، خاصة أن القانون "61" لا يجيز فصل عامل مؤمن عليه ، ولكن الرئيس المخلوع "مبارك" شرع قانون رقم "12" يخالف ذلك عام 2003 .
- رابعا: ضرورة عودة العمال المفصولين من أعمالهم سواء كان هذا الفصل بسبب ممارسة نشاطهم النقابي أو سبب إغلاق شركاتهم ، وصرف كافة مستحقاتهم المالية عن فترة الفصل أو الوقف ، وعدم تأثير هذه الفترة علي ترقيتهم ، وإلغاء الفصل التعسفي للعمال مع تجريم من يقوم بذلك من أصحاب الأعمال .
- خامسا: تنفيذ الأحكام التي حصل عليها العمال بعودة الشركات للقطاع العام وضخ أموال بها لتشغيلها .
- سادسا: ضرورة مراجعة كافة صفقات الخصخصة التي تمت منذ بداية برنامج الخصخصة ، وإعادة التقييم من جهات دولية محايدة ذات شفافية ،وإعطاء العمال في المصانع المتوقفة حق تشغيلها ،وتقديم المساعدات والمزايا التي تساعدهم في التشغيل .
- سابعا: تعديل كافة القوانين التي لها علاقة بالعمال وعلاقة بعملهم، وعلي رأسها القانون"8 لسنة 1997" للحد من تلك الامتيازات الممنوحة للمستثمرين ،والتى تنال من السيادة المصرية وتحول دون حصول الناس علي حقوقها ، والقانون "203 لسنة1991"،خصوصاً مايخص الأرباح للعمال ولمجلس الإدارة أو فيما يخص العلاوات والإجازات وغيرها من حقوق عمال قطاع الأعمال العام .
- ثامنا : تثبيت كل العمالة المؤقتة ،مع حفظ كافة حقوقهم عن فترة عملهم السابقة علي التثبيت، وتعديل قانون الضرائب بحيث يتم فرض ضرائب علي المتعاملين والمتلاعبين بالبورصة ،وضرائب تصاعدية حقيقة علي أصحاب الأعمال الرأسمالية، وإلغاء الضرائب علي أجور العمال .
- تاسعا: وضع خطط عاجلة لحل مشاكل العمالة الغير منتظمة من صغار الفلاحين والصيادين والحرفيين وعمال البناء، والباعة الجائلين .... وغيرهم، وتقنين وضعهم ، ومتابعة المصانع التي أغلقت ،وتقديم الحكومة الدعم المالي لمن تعثر،وإعتبار من يغلقها متعمدا يقوم بعمل إرهابي ضد الدولة ويقدم للمحاكمة الجنائية عاجلة .
فنحن وبالرغم من كل الضغوط التي حولنا من ناحية قلة الأعداد والوعى والظروف القمعية التى تمر بها بلدنا ،علينا أن نستمر في خطنا الثوري مهما كلفنا الأمر حتى نستطيع تفجير الثورة الحقيقية "الثورة الحمراء" من أجل القضاء على الوضع الحالي بمصر وتمهيد التربة المصرية لقيام الشيوعية .
تلك هي جدلية التاريخ ومن حق الكادح أن يحلم بمستقبل مشرق، خالٍ من إستغلال الإنسان للإنسان، فرغم الظلمة الحالية ، يبقى الكادح هو المسؤول أولا وأخيراً عن تحقيق ذلك الحلم العظيم .
ياعمال العالم اتحدوا ..

هشام عبده










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد