الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
دور نقابات العمال والحركات اليسارية في تغير وضع الطبقة العاملة والمجتمع
فواد الكنجي
2016 / 5 / 1ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة
يتجسد حركة نضال الأحزاب اليسارية بالدور التي تبديه في استقطاب الأيدي العاملة لانخراطهم في مؤوسسات النقابية من اجل بلورة مواقفهم النضالية في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وفق أفق بناء الدولة الوطنية القادرة على تطوير القطاعات الإنتاجية بما يخدم قدرات التنمية والحد من الاستغلال واحتكار السلع ليتم توزيع الإنتاج وفق قيم العدالة الاجتماعية، ليساهم من تحسين وضع العمال و ازدهار الدولة و بما يحقق لكل إطراف المعادلة دينامكية اقتصادية واجتماعية يرسخ الممارسة الديمقراطية النزيهة في العمل ليتم تثبت ركائزه في مؤوسات الدولة الحكومية والمدنية، السياسية والاجتماعية، البرلمانية والمجتمع المدني، ليجعل من دور الحركات العمالية والأحزاب اليسارية دورا تعبويا لرصف صفوف العمال والكفاح من اجل ترسيخ هذه القيم في المجتمع انطلاقا من الشروط الذاتية والموضوعية لحركاتهم النضالية والتي تحمل في طياتها إبعاد اجتماعية عادلة واقتصادية و سياسية مشرفة تسود في بنيانه العلاقات الديمقراطية ليحول دون الاستغلال وهيمنه الرأسمالية الفاحشة على قدرات المجتمع كما يحصل اليوم لأغلب مجتمعاتنا البشرية في هذا الاحتيال السياسي لرأسمالية التي أصبحت بمثابة فخ توقع في كفيها حركات العمالية ليتم افتراسها في ظلال التبعية للأحزاب السياسية المهيمنة عليها ولتحل محل ولتبلور مواقفها في مسعى لقيام بدورها والتدخل في شؤون النقابات ومحاولتها الهيمنة على قيادتها وتوجيه النضال النقابي لخدمة أهدافها والمتمثل تحديدا الصوت الانتخابي بالخصوص، لدوام الهيمنة الرأسمالية - كما هي الحال اليوم - فهي تضع كل أجندتها لحيلولة دون انفلات النقابات العمالية وليستمر الهيمنة عليها وتكريس السيطرة على تحركاتها .
ومن هنا يتطلب من الأحزاب اليسارية، التي تقف على الدوام في طليعة الأحزاب التقدمية الحريصة لتقوية الحركات العمالية ونضالها للحيلولة دون هيمنة الأحزاب الرأسمالية في شؤونها، و دون استغلال أحزاب الدولة السياسية لتدخل في شؤون النقابات العمال وإحداث الفوضى في صفوفها، بقدر ما يتطلب منها واقع الأمر التفاعل مع مكومات السياسية في المجتمع وتجسيد هذه الممارسة في عمل النقابات العمالية المستقل والتي لا محال سيستقطب العمال للانخراط في النضال النقابي من أجل اخذ وانتزاع كامل حقوقهم والكثير من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ليستشف هذا الشعور لدى القطاعات العمالية بإمكانياتهم النضالية و بإمكانياتهم الإنتاجية والخدمية، مما يجعلها تنتقل إلى مستوى القرار السياسي الذي يجرها إلى الانخراط في العمل السياسي دون التبعية بل بالقرار المستقل، فيقفون صف واحدا مع الأحزاب التقدمية التحررية المؤمنة بقضايا العمال والمدافعة عنها، والساعية إلى دعمها في نضالها وتحقيق مطالبيها .
لان ما يؤخذ عليه بان في كثير من بلداننا الشرقية أصبح العمل النقابي أو بالأحرى (نقابات العمال) تابعة للأحزاب الحكومية، توجه وتسير وفق متطلباتها كأداة لتطبيق ولتحقيق أهداف حزبية ضيقة الأفق ولتنفذ أجنداتها، ليصبح العمل النقابي رهين - بشكل أو بآخر- لقرارات السياسية للأحزاب المهيمنة على الدولة، بكون أعضاء الأحزاب الحاكمة أصبحوا على واقع الحال في أغلبية بلدان العربية هم مسؤولين النقابين المسيطرين على أجندة النقابات المختلفة، وعلى المستوى الدولة، فيتم احتواء أنشطة العمالية وعمل النقابة بشكل كامل، لتصبح أية نقابة للعمال في المحصلة الأخيرة جزءا من حزب الحاكم و منظمة من منظماته، فيتم تحريك النقابات انطلاقا من القرارات الحزبية لممارسة الضغط على أي صعيد يريدون ويرغبون التحرك باتجاهه، لا من أجل تغيير ميزان القوى لصالح الشعب الكادح- كما قد يتوهم المواطن العادي- بل من اجل تحقيق أهداف حزبية آنية تكون لها علاقة خاصة بمستقبل الحزب ومخططاته سواء لتعبئة العمال اثر الانتخابات البرلمانية لمصالحهم الشخصية او لتجديد الولاء واستمرار بالحكم او للهيمنة على الإنتاج واستغلاله لمصالح الحزب ليس الا .
فهذه الممارسات الخاطئة يجب توعية العامل الكادح لكي لا تسلبه أراده الأحزاب المتنفذة، وهنا يأتي دور الأحزاب اليسارية في توعية العمل والعمل على إيجاد نقابات حرة مستقلة وان تحافظ على استقلالية قراراتهم بما يخدم إنتاجهم وحقوقهم ونضالهم الديمقراطي الحر وذلك عبر إقامة ندوات وتجمعات شعبية الهدف منه توعية العامل وتصحيح العمل النقابي لكي لا يبقى أسير الأحزاب الحكومية حتى تبقى النقابات العمالية مستقلة في ممارسة مهماتها النضالية في تنظيم العمال في أيطار النقابي و بإعادة النظر في السلوك النقابي المنحرف وتصحيح ممارساته بما يتناسب مع متطلبات المرحلة والشروط الموضوعية التي تمر بها الطبقة العمالية لكي تسترجع ثقتها بنفسها و قدراتها على طرح مطالبها ونيل حقوقها المهنية بشكل منظم و هادف وسليم، وهذا لا يتم ما لم تتحرر النقابات من التبعية للحزب الحاكم الذي يستغل الطبقات الكادحة، بكونه يمتلك القرار السياسي وسلطة الدولة و سلطة المال و يسيطر على المؤسسات بما فيها المؤسسة التشريعية و هو الأمر الذي ما يجعلها تملك سلطة التشريع لتحتوي بذلك أيضا سلطة القضاء، لتتمكن عبر هذه الأدوات من صياغة الواقع المتردي، صياغة توهم الجميع بقيام (دولة الحق و القانون) التي لا وجود لها إلا على مستوى الشعارات ، حيث الاستغلال بأبشع صوره بكون هذه الطبقات المستغلة تتميز بأخذها ما تقدمه بيدها اليمنى ما تقدمه اليسرى نظرا لطبيعة الهيمنة التي تتميز بها الدولة التابعة و خاصة في ظل عولمة اقتصاد السوق التي فسحت المجال أمام هجرة الرأس المال و إلغاء الحدود الجمركية، مما ينعكس سلبا على مستقبل العمال وحركاتهم العمالية.
ومن هنا تأتي أهمية طرح أفكار تحررية يسارية من هيمنة والتبعية دعما للنضال النقابي الذي يجب أن يتنوع و أن يتخذ أبعادا إنسانية حتى تتحقق استقلالية العمل و من خلاله عولمة النضال النقابي تبعا لعولمة المطالب النقابية التي لم تعد في معظمها ترتبط بحدود معينة و لا بدولة معينة بقدر ما أصبحت إنسانية.
و ربما يسأل سائل: ماذا لو إن حزب من أحزاب اليسار هو من يقود السلطة في الدولة وما يقال عن الأحزاب المهينة على سلطة الدولة يقال عنها.....؟
نقول ان في قلب ايدولوجيا أي حزب يساري هي توجه نحو إدارة الإعمال النقابية بما يخدم مصالح العامل والدولة معا، ولا يمكن فصل بينهما، فما يصيب العامل يصيب الدولة دون استغلال طرف لطرف الأخر، بمعنى إن العدالة الاجتماعية هي ركيزة العمل الأحزاب اليسارية على طول خط نضالها، فهي إن كانت تقود الدولة فهي تهمن عليه لفرض سلطة الأمن وتطبيق القانون وتحقيق العادلة الاجتماعية لكل شرائح وطبقات المجتمع، لا لكي تستغل السلطة من اجل مأرب حزبية كما تفعل أحزاب الحاكمة الرأسمالية او السائرة في ظلاها في المنطقة العربية اليوم...! ففي ظل اليسار لا شيء اسمه الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة والطبقة المتنفذه والطبقة المالكة ..الخ
فالحزب اليسار هو فحسب يدير ملفات ألدولة بما يحقق توازن في بني المجتمع برمته فلا فقير ولا غني ولا مستغل . ومن هنا فان اليسار بكل مراحل نضاله جاء تعبيرا صادقا عن طموحات الجماهير الشعب في الكرامة والحرية واستقلال القرار .
ومن هذه الحقيقة لقيم وعمل وكفاح الأحزاب اليسارية يتطلب المضي قدما مع تطلعات اليسار لكي يتم استعادة النقابات لمبادئها و لاستقلاليتها و لتقدميتها و لديمقراطيتها و لجماهيريتها التي تعتبر معبرا لتحقيق وحدة حركة العمال النقابية محليا و وطنيا، و حتى لا يلجأ حزب معين إلى فرض سيطرته على النقابة و النقابيين و يستبد بها، كما حصل ويحصل في كثير من بلداننا العربية و يعمل على تدجين وترويض النقابة و النقابيين .
ففي ظل الشروط التي تعيشها الطبقة العاملة في عموم منطقتنا الشرقية، و للحيلولة دون ذلك، يجب إطلاق العنان للنضال النقابي حتى يلعب دوره انطلاقا من مبادئه وأهدافه، يتحتم أن يكون النضال النقابي شاملا للنضال الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي حتى يكون هذا النضال إطارا لحماية العمال من أشكال التبعية التي تتعرض من قبل الطبقات المستغلة بزعامة الطبقة الحاكمة التي أصبحت تتحمل مسؤولية التناوب المخزي للحكم، والتي لا ترى في النقابات العمالية إلا احتياطا تحرص على توظيفه في الشروط المناسبة خدمة لأهدافها الحزبية، و هو ما يجب التصدي له بالنضال النقابي الصحيح الذي يحرص كل الحرص على مصلحة العمالية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية والسياسية و لا شيء آخر، لا كما تعمل وتسعى إليه الأحزاب الحاكمة والمهيمنة على شؤون الدولة بما فيها النقابات، تلك الأحزاب التي لا ترى في النضال النقابي إلا مناسبة للاستقطاب و الدعاية الانتخابية الرخيصة ولتمرير مصالحها فحسب .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تواصل التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في لبنان • فرانس 24
.. هاريس تلتقي ممثلين للأمريكيين من أصول عربية بميشيغان لإقناعه
.. أم فلسطينية: لا أستطيع أن أخبر ابنتي عن بتر رجليها
.. تجدد الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية والقسام تنعى أحد قادته
.. تجدد الغارات على ضاحية بيروت