الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حِين يُقْطع رأس الثّورة

عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)

2016 / 5 / 1
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


ثلاث رجال سياسة في تونس بعد الثّورة. والبقيّة فيهم الوطني والفاشي. فيهم النّظيف والوصولي. فيهم الصّادق والكذّاب. ولكن ليس فيهم زعيم حقيقيّ، مؤهّل لقيادة البلد.


الثورة انفتحت على حقيقة وجود ثلاثة زعماء كبار في تونس. التقى ثلاثتهم بعد الثورة . وكل واحد منهم بنى مشروعه المختلف. وفي الميدان، كانت الدول الكبرى تتابع مباراة المشاريع المتضادّة، وتضرب أخماسها في أسداسها. وتحاول توجيه الأمور وفق حساباتها، دون تدخّل سافر ولا إرباك مفضوح.:

شكري بلعيد الأسد الذي تقدّم صفوف الثّورة وصاغ شعاراتها المركزيّة. هو رأس المشروع الوطني، وصاحب فكرة "المسار الثّوري" و"فن تغيير ميزان القوى". و"اللا شيء" للقوى الثورية يساوي "كلّ شيء" للقوى الرجعية" . وصاحب نظريّة "الصراع على جبهتين"، الجبهة الرّسمية وجبهة الحركة الاجتماعية...
شكري وحد التيار الوطني ، ثم بنى أوّل نموذج لجبهة تقدمية ثورية في الوطن العربي، تضمّ البعث والناصريين واليسار الماركسي والمستقلين وأنصار الحداثة والفنانين والمثقفين والنساء والشباب ! وطرح الديمقراطية كنمط انتاج وعلاقة اجتماعية وممارسة سياسيّة. وحدّد صورة تونس الجديدة وكيف تنتصر على أعدائها بعد أن حدّدهم علَنًا.
ولأنّ الرجل يؤمن بأنّ رجل السّياسة الوطني يعتمد على شعبه وليس على دول أجنبية، بقي أعزلًا فاغتيل غدرًا وغيلة. وبعده انهار المشروع.

الباجي قائد السّبسي عاد من الزمن البورقيبي بأيادي فارغة تماما، وماهي إلّا أشهر معدودة حتّى كوّن أكبر حزب في البلاد، وجرّ وراءه غالبية السكّان. وافتك تأييد دول كبرى ومتوسطة بعد أن مشت في مساندة حركة النهضة. وبذلك خنق زعيم النهضة وفرض عليه التفاوض، فطار له صاغرًا، وامتثل بين يديه مُتخلّيًّا عن كلّ خطوطه الحمراء وعن أحلام الخلافة ودستور غرّة جوان بعد أن اعتبرَ مُعارضيه "خصوم الإسلام"، ..
بِالكلام فقط، أزيحت الترويكا وصعد "الباجي" الذّئب الشّارف رئيسًا للجمهوريّة، بعد ربع قرن من التّقاعد وحفظ القرآن وتربية العصافير.

راشد الغنوشي الثّعبان الذي يتحسّس قدوم الخطر على بعد سنوات، أخرج حركة النهضة من قاع الهاوية، بعد أن عُزِلت بالكامل، ورفضها الشعب وحمّلها نتائج الخراب الأمني والأزمة الاقتصاديّة.
تمكّن بدهائه وقدرته على التوقّع من إنقاذ حزبه وإبعاده عن مدى الرّمي حتى مرّت الغارة الرّهيبة. ونهض من جديد وعاد للسلطة، ونجح نجاحًا لم يكن متوقّعًا في تفريغ مجال التّأثير السياسي والشعبي من المناوئين، وذلك بتوسّط المشهد في كلّ كبيرة وصغيرة وبالاستحواذ على عناوين مشروع الجبهة الشعبية وطرحها بدلًا منها. ففرض عليها نوعًا من البطالة. وأصبح المشهد يدعو للضحك:

النهضة "تشارك" في الحرب على الإرهاب، والجبهة تقاطع.
النهضة تساهم في "ترسيخ الديمقراطية" في تونس، والجبهة تشتم دولة قطر.
النهضة تحيي ذكرى الاستقلال، والجبهة عندها مجلس وطني لحزب من أحزابها !
وبالأخير، النهضة الحزب الذي يمثل الثورة المضادّة بامتياز يحكم تونس، والجبهة الشّعبية بعد أن فقدت عقلها المدبّر أضحت تمشي في الشوارع بلا هدف وتبكي.
مكوّنات الجبهة هي القوى الأقرب للثورة ولشباب الثورة ولأهداف الثّورة. واليوم الجبهة في موقع المتفرّج، ليس بسبب قوّة الآخرين بل بسبب ضعف قائدها القاتل.
لقد عملت هذه "القيادة" كلّ جهدها لإضعاف الجبهة ووضعها في ركن ضيّق، خارج المعادلة السياسية الرسمية، وخارج التأثير الجماهيري.. وما يثير الرّيبة والأسئلة هو أنّنا كنّا في كلّ مرّة نحذّرهم قبل أن يسيروا إلى نطح الجدار. نحذّرهم ونشرح لهم ما الذي سيترتّب عن هدا الموقف أو ذاك. ولكنّهم يتمسّكون بنطح الحائط في كلّ مرّة، والشّعب يتفرّج في ذهول !

هنالك قضيّة مهمة إسمها "دور الفرد في التّاريخ". وقضيّة القيادة السّياسية الجماعية في عصر (الأآس 6) لا بدّ من الاطّلاع عليها، بدل الحديث بحقد الأطفال عن البترودولار والعلاقة المتينة بالدّول الكبرى، والكلام الفارغ. ذلك الكلام الذي "يُدين" راشد الغنوشي و الباجي قائد السبسي على خلفية علاقاتهما ببعض الدّول، وهو كلام مضحك حقًّا.
مُضحك لأنّه ما من رجل يتهيّأ لحكم بلاده ولا ينسج علاقات مع دول كبرى لها تأثير مباشر على وطنه. ومضحك لأنّ الباجي والغنوشي ليسا في المكتب السّياسي لحزب العمّال حتّى نلومهما على عدم اتيان سياسات سوفياتية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو


.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza




.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال