الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجتياج البرلمان.. انتكاسة اخرى

حسين القطبي

2016 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


حركة الجماهير في الثورات، وفي المراحل الحاسمة من فترات تاريخها، هي ليست مجرد انفلات امني، او مروري، كما حدث في اجتياح مبنى البرلمان العراقي يوم الجمعة الماضي، وكأن الجماهير وهي تجتاح سور المنطقة الخضراء مجموعة من المشجعين الغاضبين، العائدين للتو من مباراة خاسرة.

حركة الجماهير في لحظات حرجة كهذه تحتاج الى دراسة وافية للوضع الامني والسياسي، تتمثل بقيادة تمتلك برنامجا معدا لمرحلة تطورها لحظة بلحظة، من اجل السيطرة على المجريات واتخاذ القرارات المناسبة وفقا لمجرى الاحداث الاني، واخر ما تحتاجه هو "سيد" يوجه الجماهير للانقضاض على اهم مؤسسات الدولة، ثم يودعهم لانه ينوي الاعتكاف لشهرين!

ترى، ماذا لو تدخلت القوات المسلحة يوم الجمعة الماضي من اجل حماية مبنى البرلمان، وحدثت مواجهة نارية، مما ينذر بوقوع مجزرة بين المتظاهرين، وهذا احتمال وارد...
وماذا لو قام نفر من المتظاهرين بالخروج عن وصايا السيد وحملوا السلاح وارتكبوا جرائم قتل او تفجير مباني، او اي خرق امني اخر قد تكون له عواقب اكثر وخامة؟؟؟

لست ضد حركة الجماهير العفوية، فالشعوب قد تخرج عن صمتها احيانا، حتى بدون وجود قيادة لضبط تحركاتها، فتقوم بالتظاهر وعرض المطاليب، وحتى الاعتصام امام المباني الحكومية، ولكن الحركات العفوية لم تنجح يوما في تغيير وضع قائم، وتحتاج دائما لعقول تقف وراءها، كمنظومة فكرية متكاملة تمتلك تصورا لما بعد نجاح الثورة.
ولو عدنا للثورات الكبرى في التاريخ لوجدنا فيها فلاسفة ومفكرين وقادة ميدانيين يحركون الجماهير وبدونهم لا تنجح التحركات وتتحول الى مجرد فوضى، وتنتهي بنتائج اكثر كارثية، وربما اقرب مثل نسوقه هنا هو انتفاضة اذار في العام 1991م ضد السلطة الديكتاتورية في العراق، وكذلك التحركات التي وصفت في بداية العشرية الراهنة بـ "الربيع العربي" وما الت اليه المجتمعات من انتكاسات ليس من السهل ان تتعافى منها في المستقبل المنظور.

لماذا البرلمان بالتحديد؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟
لماذا تهجم الجماهير على البرلمان، وهو من المفترض ان يكون صوت المواطن، الذي فوضه بانتخابات عامة، من اجل ان يكون سلاحا له بوجه الحكومة والسلطة التنفيذية والمؤسسات القمعية؟

ولماذا بهذا التوقيت بالذات؟ الم يكن البرلمان في ذلك اليوم يناقش الاسماء التي طرحها السيد مقتدى الصدر نفسه لتشكيل "حكومة التكنوقراط"؟ وكان المفترض ان تقدم الجماهير دعمها للبرلمانيين من اجل "اصلاح" الحكومة على ضوء اقتراحات السيد الصدر نفسه؟

اعتقد ان الهجوم على مبنى البرلمان في هذا التوقيت قد اضر ببرنامج الاصلاح الذي كان السيد الصدر وجماهيره هؤلاء يعولون عليه الامال، وهو حركة متسرعة من قبل السيد الصدر نفسه، الذي دفع الحشود، وانزوى ليعتكف، وانما كان عليه ان يدعو الى التهدئة حتى نهاية التصويت على الحكومة.

ولا ادري على من يقع اللوم، عليه، ام على الحشود التي داهمت البرلمان، اقدس مكان في الدولة، بمزاج غاضب، كانها عائدة من مباراة خاسرة...

وفي كل الاحوال فان الحدث لم يقدم اي خدمة للاصلاح، ولم ينتج عنه سوى انهيار قيمة الدولة، وعزز ثقافة الارتجال واللامبالاة بالمؤسسات العامة، بما يشبة اجواء سقوط النظام السابق، وهو عودة 13 سنة الى الوراء، وضياع تجربة كل هذه السنين لا يمكن وصفها الا بانها كانت انتكاسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد