الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إن شفت قاضي بينضرب وصندوق اقتراع في الترعة بينقلب: يبقى انت أكيد أكيد في مصر

هويدا طه

2005 / 12 / 6
كتابات ساخرة


ليس أسوأ من أن يشعر أحدهم أنه صار (أسيرا) لهاجس موضوع ٍ واحد.. قضية واحدة.. أو زاوية أحادية لمشكلة ما.. تهيمن على ذهنه لفترة تطول بأكثر مما قدّر، ليس أسوأ من هكذا شعور عندما تكون عاشقا للحظات- التحليق- التي تمنحها لك الكتابة.. ثم تجد نفسك بفعل هذا الأسر (عالقا) في مسألة ما تستغرقك.. فتخشى أن تضعف أجنحتك التي تحلق بها.. أن تفقد (شغف الدوران) في كل الاتجاهات.. أن تقوم بأكبر عملية انتحارية يرتكبها كاتب.. الاجترار! هكذا شعرت عندما وجدت كل متابعاتي للفضائيات هذا الأسبوع تدفعني دفعا نحو.. الكتابة عن الانتخابات المصرية.. تاني؟! لأ.. حرام! مش عايزة.. دعوني أعيش! في العالم آفاق أخرى.. الدنيا مليانة بلاوي تمارس معها فعل (النقد) غير بلوى الانتخابات المصرية! لكن أبداً.. كلما تابعت بلوى أخرى.. تقفز إلى ذهنك بلواك، يوم الاثنين الماضي ظلت كل القنوات تقريبا-على مدار النهار- تنقل تسجيلا لمحاكمة صدام حسين التليفزيونية، كل المحللين سواء من فريق مع أو من فريق ضد راحوا يُتبلون تحليلاتهم- أو محللاتهم- بعبارة(محاكمة عادلة)! إما باستجداءٍ بلا طائل.. أو بتشف ٍ غير عابئ ٍ بأن يتوارى، لا تشعر أبدا أن أيا ً منهم كان صادقا، لكنك سرعان ما تخرج من أجواء (بلوى) العراقيين- بينما عرض المحاكمة مستمر- لتتخيل يوم تكون (بلوى المصريين) في القفص.. ومن باب الصدق مع الذات خلينا نكون واضحين: لما ييجي دا اليوم في الحالة المصرية.. مش عايزينها تكون عادلة!
هذه الحالة من (السأم) العبثي فرضتها ملابسات الانتخابات بكل ما افتضح فيها من أمرنا أمام العالم، تحت تأثير هذا السأم وأثناء مروري بالريموت كنترول على تلك المحطات- رقم مئة وطالع- التي لا نعرف هوياتها عادة ولا نشاهدها.. استوقفتني صورة للشارع المصري في يوم انتخابي في واحدة من تلك المحطات.. فاستمعت للحوار بين المذيع ومراسلها في مصر، المراسل كان أجنبيا (وسيم وزي القمر.. متعرفش إزاي وصّلناه حضاريا إلى درجة أن يصف- بمهارة بالغة- وظيفة البلطجي في الديمقراطية المصرية!) كان يقول لمحاوره باللغة الإنجليزية ملاحظة عابرة.. مفادها أنه في نفس الوقت الذي تتم فيه الانتخابات في مصر.. هناك انتخابات في دول أخرى في قارة هنا أو أخرى هناك.. لكن الانتخابات المصرية فيها- حسب تعبير ذلك المراسل الرقيق: إيجيبشيان تاتش! هذه (اللمسة المصرية) في الانتخابات وصف المراسل لمحطته بعض مظاهرها مثل إلقاء صناديق الاقتراع في الترع.. ووصف بعض أدواتها كالسيوف والسواطير.. لكنه بالطبع مجابش سيرة الصنج(أو السنج)! فهي مفردة يصعب أن يفهم غير المصريين دورها الثقافي! بل وحتى المصريين الذين سلبهم القدر فرصة النشأة في حي يتاح فيه للبلطجي تحقيق ذاته.. لا يعرفون مدى ما يتمتع به البلطجية من الاستخدام الفعال- عالي الكفاءة والتدريب- للسيوف والسواطير والصنج.. إضافة إلى المصطلحات المكملة لها حضاريا! أمام إحدى المواقع الشبابية خفيفة الظل على الإنترنت كانت ابنتي تضحك ببراءة شديدة.. وهي تقرأ ما نقله ذلك الموقع من بعض تلك العبارات غير المألوفة لها (وقد نجت في نشأتها من تلك البيئة بفعل التطور الطبقي) منها أن بلطجيا أمام إحدى اللجان أخرج مطواة قرن غزال من تحت إبطه وراح يلوح بها:(إللي حيقرب من اللجنة واللا يفكر يدي صوته.. حاقطعه، محدش يحوشني.. حاموته.. ده عايز المرشح بتاعه يكسب! قاضي مين إللي يحوشني.. خش يا خويا علي وحوشني.. حاضربك وأضربه)!
من الظواهر الأخرى (الأرفع في السلسلة الانتخابية).. ذلك الظهور الإعلامي المفاجئ والمكثف لبعض الشخصيات خلال تلك الأيام منذ الجولة الأولى للانتخابات وحتى اللحظة.. حتى أنك تندهش: كيف ينظمون مواقيتهم؟! منهم بالذات مجدي الدقاق من الحزب الوطني، على الحرة تلاقيه.. في الجزيرة مرابط.. في العربية متواجد.. محجوز دائما لقناة النيل.. ومضمون في قناة دريم.. تركب سيارتك فيأتيك صوته عبر الإذاعة.. وهذا ما سمح به وقتنا لمتابعته ووقته لملاحقتنا!.. والمسكين لا تعرف كيف يتحمل هذا الموقف الذي تضعه فيه جميع تلك القنوات.. فالدور المطلوب منه دائما هو ستر الحزب الوطني الحاكم في أكثر لحظاته عُريا ً، تشعر أن وجهه يسوّد ويحمّر ويصّفر.. يهيئ إليك أنه سيقسم ألا يوافق على الظهور ثانية في إحدى تلك البرامج الشريرة الحاقدة.. لكنك تفاجئ بوجهه على قناة أخرى بعد أقل من ساعة يتلون بنفس الألوان!.. تاني يا دقاق.. تاني؟! إزاي وليه بيعمل في نفسه كده؟ متعرفش!
ظاهرة البلطجية بالنسبة للفضائيات.. كانت اكتشافا تراثيا! راحت القنوات تفسر وتحلل.. لكن الأظرف أنهم جميعا ينطقونها بالجيم المعطشة! حتى حسين عبد الغني المراسل (المصري) لقناة الجزيرة يعطش الجيم في كلمة البلطجية.. تشعر بالشفقة عليه وأنت تراه صريع الاغتراب في اضطراره لتعطيشها.. إتباعا لسياسة تحريرية في كل الفضائيات العربية تضطهد الجيم المصرية، بلطشية؟! كم أفقدوها جميعا ما تتمتع به من (ألق)! في برنامج العاشرة مساء على قناة دريم أعربت المذيعة الحبابة منى الشاذلي عن خوفها من الظاهرة وهي تسأل ضيوفها قائلة:(طيب وبعدين.. وبعد الانتخابات ما تخلص وتنتهي وظيفة البلطجية! مش يمكن يقابلوني في الشارع؟! إيه الحل؟) طبعا كان الدقاق من ضمن الضيوف.. وبوجه متعرق متعدد الألوان قال:(الحل سيادة القانون)! أحسنت يا دقاق والله أحسنت! بس بتقول الكلام ده لمين؟!
تتابع الفضائيات لحظة بعد لحظة.. يتجدد فيك (السأم) كلما صادفت برنامجا يتناول الشأن المصري.. على قناة أوربت لحقت بجزء من برنامج يستضيف السيد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.. الرجل بالطبع يحق له أن يلقب نفسه بلقب (الفاتح) إن أراد.. بعد الفتح الكبير في غزوة الانتخابات! سئل عن الجماعة (إن هي- يعني- تقلدت أمور الحكم في البلد المفتوح) ماذا سيكون موقفها من منتجعات شرم الشيخ، قال سيادة المرشد العام:(طبعا حنقفلها.. السايح إللي ييجي بلدنا لازم يحترم عاداتنا وتقاليدنا و..) طبعا قبل أن يكمل هربت! راودني سؤال: صحيح لو- يعني- وقعت الفاس في الراس.. يا ترى حيطلع قانون بفرض الحجاب على نساوين مصر؟! صحيح بعد الانتشار الأفقي والرأسي والمائل.. للحجاب والخمار والنقاب وباقي أجناس الطرح في مصر أصبحت المصريات غير المحجبات أقلية لا تذكر.. لكن المسألة ما زالت شخصية، لكم خماركم ولي شعري! بس يكون في معلوم الجماعة من دلوقتي.. لا يمكن بحال من الأحوال- حتى لو كان الإخوان عن يميني والقاعدة عن يساري- لا يمكن.. لا يمكن أحط على راسي طرحة!
هربت من سيادة المرشد العام إلى قنوات الأغاني.. بسرعة نسمع حاجة قبل ما يقفلوها! طالعتني أغنية:(لما تلاقي الجد في إيده حفيده.. والناحية التانية السبحة في إيده.. يبقى انت اكيد اكيد في مصر)! لا.. وضحت.. السبحة في إيده.. السبحة في إيدك.. أيام وتبقى السبحة في إيدنا كلنا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة


.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد




.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم


.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?




.. لعبة الافلام الأليفة مع أبطال فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد