الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلب تحترق

يوسف أحمد إسماعيل

2016 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


صرخةٌ ملأت حناجر كل من رأى وسمع القذائف تتساقط على أحياء حلب " المحررة " و " المستعمرة " وطبعاً الأشد قسوة وجبروتاً وفتكاً هي التي تسقط على أحياء حلب " المحررة " بحكم قوة السلاح الجوي وكفاءته في المعركة البدائية السورية . ولكن الملفت للانتباه أنه في غمرة الدم المباح ، وفي قسوة الجدران الساقطة على الأطفال والنساء بشكل خاص ، كانت صرخات البعض مازالت ترى في الدم السوري دَمَيْن؛ طاهر نقيّ، وخبيث مباح . وهذا البعض هو الذي مازال متخندقاً في الحرب مع أحد طرفي الصراع ؛ على أساس أن الطرف الذي يقف إلى جانبه نقي طاهر ، و الآخر خبيث مارق؛ بمعنى أن هذا البعض لم يفق من غفوته ، حين صدّق في لحظة الحراك الأول ، أنه يقف مع الثورة كحق وفعل اجتماعي تحرري ، أو أنه يقف مع النظام بوصفه قلعة الممانعة الأخيرة في وجه الامبريالية العالمية . إلا أنه مضت خمس سنوات على الحراك الأول ، وذابت خمس ثلجات ، وتقسّمت البلاد إلى خمسين كنتوناً وقُتل خمسمئة ألف إنسان ، وهُجّر خمسة ملايين ، و نزح أكثر من خمسة ملايين آخرين ، وارتفع أكثر من خمسين علماً غير علم الثورة ، ولفّق النظام أكثر من خمسمئة ألف كذبة ، وتلوّن بخمسة آلاف قناع ! فهل بعد ذلك يمكن القول : مازال من حق السوري أن يتخندق في أحد الموقفين ؛ موقف الثورة على الاستبداد أو موقف الممانعة ضد الامبريالية العالمية .. ألم يدرك ذاك البعض أن الحراك اعوَجّ، وأن النظام هو أكثر اعوجاجاً من الحراك المعوجّ أيضاً . وإلا كيف يمكن الوصول إلى تصالح مع القاعدة وإن استغلت الثورةَ السورية لتبييض لحاها ، وكيف يمكن التصالح مع النظام ، وإن استغل لحى القاعدة لإعادة تأهيل نفسه وتبييض دمويته .
ولذلك فإن الصرخة " حلب تحترق " هي فعل موجع ، وواقع دموي ، ومأساة إنسانية بشكل عام ، وسورية بشكل خاص ، ونقول سورية لأن الدم المراق هو دم سوري ، وليس دماً إرهابياً ؛ هو دم حالم بالحمام والياسمين ، وليس دماً موالياً لأنه يقيم في الأحياء " المستعمرة " فالموالي الآن هو الموالي لحرمة الدم السوري ، والمعارض الآن هو المعارض لإراقة الدم السوري .. ولذلك فالصرخة " حلب تحترق " ليست تجارة وحمّالة لتوجيهات سياسية ، ومواقف وآراء متضاربة ، إنها صرخة من أجل الدم المحرّم ، من أجل سورية الإنسان ، والبلد ، والوطن ... ودون ذلك فلتسقط الأقنعة المتماهية بالإنسان السوري ، إن كانت من النظام أو المعارضة المسلحة ؛ لأن السلاح كان خياراً كارثيا ، من النظام الفاشي أولاً ومن المعارضة الموتورة بأحلام سلفية ثانياً . وبين الموتورَيْن يسقط الطفل السوري ، وتحترق حلب السورية ، حلب حيث يقطن أخي الودود ، وصديقي صاحب " باب اليمام " وجاري المحب للحياة ، وصحبتي المحبة للشعر والأمل وغناء العندليب ..لمدينتهم ، أولئك ، أصرح " حلب تحترق " لأن الذي يحترق هو الحياة في حلب لصالح الموت ومصاصي الدماء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟