الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا واسرائيل : علاقات مضطربة فى السياسة وازدهار اقتصادى

ناهض الرفاتى

2016 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


أخذت العلاقات الإقتصادية التركية الإسرائلية المرتبة المتقدمة خلال المرحلة السابقة فيما كان العلاقات السياسية تاتى فى المرتبة الأخيرة بسبب العديد من الأزمات المتلاحقة, والتى بدأت مؤخرا مع العام 2008 بسبب العدوان الإسرائيلى على غزة , واقتحام قوات المشاه البحرية الإسرائلية فى 31/10/2010 لإسطول الحرية واستشهاد تسعة من النشطاء الأتراك على ظهر سفينة مرمرة , والتى كانت تخطط لكسر الحصار البحرى عن قطاع غزة, أعقبها تعليق التعاون العسكرى عام 2011 , ولقد تضررت العلاقات الدبلوماسية حتى وصلت حدا التنديد العلنى للسياسات الإسرائلية بحق الفلسطينيين كما حدث فى العام 2009 والتى وصف رئيس الوزراء التركى الإجراءات الإسرائلية بحق الفلسطنيين بارهاب دولة موجها حديثه لمبعوث اسرائيل شمعون بيرس أثناء حضورهما فى المؤتمر الإقتصادى " دافوس " , وقد تغلبت المشاعر السلبية تجاه اسرائيل من قبل الشعب التركى والتى تم التعبير عنها بالتظاهرات الحاشدة أثناء عدوان عام 2014 على غزة الذى خلف أكثر من 1400 شهيد فلسطينى وتدمير البنى التحتية للقطاع , وكذلك فضيحة تورط التركى المزعوم الذى تعرض لعملاء اسرائليين فى ايران فى اكتوبر 2013 .
ويتركز عدد كبير من اليهود فى تركيا بمدينة اسطنبول حيث يقدر عددهم24 الف الا أن لهم نفوذ كبير بسبب ثرائهم البارز فى الحياه التجارية هناك , فيما يقدر عدد اليهود الاتراك الذين انتقلوا للعيش فى اسرائيل بحوالى 120 الف غالبيتهم هاجروا فى الستينات والسبعينيات اليها فرار من الفوضى الإقتصادية والعنف أنذاك . (1)
- وقد كانت تركيا اضافة لما سبق تعد ملاذا لليهود الأوربيين الذين احتضنتم أثناء فرارهم من الإضطهاد النازى , والتى كانت الدولة العثمانية تحمى اليهود فى سلطانها, وحديثا أول دولة اسلامية اعترفت باسرائيل, و منذ 1949 حتى سنة 1964 , كانت المواقف التركية تنحاز فيها للغرب ولإرضاء الولايات المتحدة مما انعكس ذلك على طبيعة العلاقات الاسرائيلية التركية فى شتى المجالات , فمثلا فى صيف 1951 وقفت تركيا الى جانب الغرب واسرائيل ضد قرار مصر منع مرور السفن الاسرائلية عبر قناه السويس. لكن اتسمت السياسات التركية فيما بعد وخاصة مع أواخر الستينات تجاه قضايا الشرق الاوسط بسياسة الحياد الى حد كبير وخاصة فى الصراع العربى الإسرائيلى. واعترفت تركيا فى عام 1975 بمنظمة التحرير الفلسطينية , وحصلت تركيا على عضوية فى منظمة المؤتمر الإسلامى سنة 1976 .
- ولقد تعززت العلاقات الدبلوماسية بعد ذلك وبدأت اللقاءات الرفيعة المستوى تنشأ بين الطرفين حيث زار الرئيس ديميريل اسرائيل , ثم زارها وزير الدفاع تورهان تايان التركي فى مايو /1975, وفى سبتمبر 1998 زارها أيضا مسعود يلماظ , أما من الجانب الإسرائيلى فقد زار اسرائيل وايزمان فى يونيو 1996 , وفى اكتوبر 1998 , وسبتمبر 1999 , وابريل 1994 , ثم زارها اسحق مردخاى فى ديسمبر 1997 , وايهود باراك فى نوفمبر 1999 , وسيلفان شالوم فى مايو 2003 , وموفاز فى شهر يونيو 2003 . وموشية كساب فى شهر 9/2003 (2).
- وتسعى تركيا من وراء هذه العلاقات تحقيق هدفين : الاول كسب دعم اللوبى اليهودى العالمى ولا سيما فى الولايات المتحدة المريكية ضد اللوبى الأرمنى واليونانى , والثانى رغبة تركيا فى الدخول الى الأسواق والمؤسسات العالمية التى اشبه بناد مفتاحه بيد اسرائيل. بالرغم من ان المزاج الشعبى التركى يعتبر اسرئيل تقع فى المرتبة الرابعة من ناحية الكراهية فيما تعتبر اليونان الدولة رقم واحد وأمريكا وروسيا فى الثانية والثالثة).
ولقد سعت اسرائيل وتسعى الى كسر الجليد فى العلاقة مع تركيا حيث اشترطت الأخرى شروط كأساس لعودة العلاقات السياسية كالإعتذار والتعويض ورفع الحصار عن قطاع غزة التى ترفض اسرائيل قبوله , ومع ذلك كان هناك مسار ايجابى وتعاون عسكرى كبير الا أنه توقف وجمد مؤخرا , وشراكة تجارية وإقتصادية مزدهرة وبقيت سليمة ومتنامية .
تعاون عسكرى متعثر بسبب الأزمة الأخيرة التى تجمد فيها التعاون العسكرى عام 2011 بعدما وصل الى المشاركة فى التدريبات العسكرية التى يطلق عليها" نسر الأناضول" , والتى تجرى فيها تدريبات عسكرية بين الطيارين الإسرائليين والأتراك , وقامت صفقات عسكرية بين الطرفين تجاوز فيها حجم المبيعات العسكرية الإسرائلية الى تركيا حوالى مليار دولار عام 2000 , فيما عقدت صفقات سابقة عام 1996 لتطوير الإسطول التركى عام 1996 بقيمة 630 مليون دولار , وكذلك صفقة تطوير 54 طائرة فانتوم بقيمة 75 مليون دولار , واتفاقيات لاحقة مثل استيراد طائرات بدون طيار بمبلغ 183 مليون -$- عام 2005 , وصفقة عام 2002 بقيمة 686 مليون دولار مع الصناعات العسكرية الإسرائلية , وصفقة بقيمة 53 مليون دولار لتحديث طائرات IMI التركية , وتحديث الدبابة التركية والهليكوبتر فى سلاح الجو التركى , بالإضافة الى العديد من الصفقات العسكرية وخاصة فى مجالات التكنولوجيا العالية التى تتمتع بها الصناعات العسكرية الإسرائلية .
وشراكة تجارية متنامية ومزدهرة تسير فى مسار خاص يختلف عن المسار السياسى والتعاون العسكرى كما صرح بذلك الدبلوماسى التركى "أوجن مريس" رئيس مركز اسطنبول لدراسات الإقتصاد والسياسة الخارجية (EDAM ), الذى قال " أن الإقتصاد التركى يتمتع باقتصاد ليبرالى ولا بد له من زيادة حجم التبادل التجارى مع اسرائيل وعدم النظر الى الحجج الأخرى, وأن يبقى متمشيا مع سياسة الإنفتاح الإقتصادى ".ولقد اتسمت هذه العلاقة دوما بالعلاقات الوثيقة والعميقة والتى قد تدفع الى تحسين العلاقات السياسية المتضررة أخيرا .
و قد كانت أهم اتفاقية بين الجانبين اتفاقية التجارة الحرة فى عام 1996 , و تطوير البرنامج التركى فى الرى و قيام تركيا بتوفير المياه الفائضة عن حاجتها الى اسرائيل , وفتح الباب على مصراعيه للسواح الاسرائيلين, فمع بداية فتره الخمسينيات وصفت العلاقات التجارية بين تركيا واسرائيل بالتقارب فى الوقت الذى كان هناك ركود وتنافر بين تركيا والعالم العربى . فبعد الاعتراف التركى بدولة اسرائيل انعكس ذلك على طبيعة العلاقات التجارية بين البلدين فقد كانت البداية فى توقيع اتفاقية للنقل الجوى عام 1951 لتنشيط السياحة زاد بعدها حجم التبادل التجارى الى 13 مليون ليره تركية ( حوالى 4.65 مليون دولار ) عام 1952 الى 65 مليون ليره تركية, ( حوالى 23.2مليون دولار 1953(حتى أصبحت تركيا الدولة الآسيوية الوحيدة من الدول الاسلامية التى تقيم علاقات تجارية مع اسرائيل مع نهاية فتره الخمسينيات, ومع بداية الستينيات تحسنت العلاقات التجارية بشكل أفضل وتحديدا عام 1960حيث بلغت الصادرات الاسرائلية الى تركيا 8.9 مليون دولار فى حين بلغت الواردات من تركيا 7.7, ولكن هذه العلاقات تأثرت بسبب الاوضاع السياسية وخاصة حرب 1973 حيث تقلصت الصادرات الاسرائلية الى تركيا 2.6 مليون دولار , وفى اواخر الثمينيات وبين عامى 1987 -1988 وصل حجم التبادل التجارى من 61.37 مليون دولار الى 90.635 مليون دولار (4).
وقد استمر حجم التبادل التجارى فى الزيادة حتى شهد ارتفاعا بالعام 2003 فى معدلات التبادل التجارى بين البلدين , بحيث بلغت بنهاية العام 2002 م 1.2 مليار دولار بزيادة تقدر 19.5 % عن العام 2001 م , وكان حجم الصادرات الإسرائيلية قد وصل الى 378 مليون دولار , أما الواردات الاسرائلية فقد وصلت الى مليار دولار (5).
وبدأ بالفعل بعد ذلك حجم التجارة فى الزيادة والإرتقاء منذ بداية العام 2002 والتى وصل فيها حجم التبادل التجارى الى 1.4 مليار دولار , ارتفع الى 2 مليار دولار عام 2003 ثم الى 3.4 مليار عام 2008 , وفى عام 2014 وصل الى 5 مليار دولار فى اشارة الى اعطاء التبعية والأولوية الى المبدأ الإقتصادى على المبدأ السياسى , ولقد احتلت تركيا المرتبة السادسة فى قائمة الصادرات الاسرائلية لدول العالم , ارتفع حجم التبادل عام 1997 من 300 مليون دولار الى 3.1 مليار دولار عام 2010 , فى حين كانت حجم الاستيراد من تركيا للعام 2010 , نحو 1.8مليار دولار .
- وتعتبر أهم الصادرات التركية لإسرائيل النسيج والمنتجات الزراعية والصناعية والمواد الغذائية والالكترونات والمواد الأولية والحبوب , بينما أهم الصادرات الإسرائلية لتركيا الكيماويات والبلاستك والكمبيوترات الضخمة ومكيفات الهواء والمواد الطبية ومعدات الإتصالات ومعدات الرى والزراعة(6).
- وبالرغم من أن حزب العدالة والتنمية التى تمتد جذوره الى الإسلام السياسى و الذى ينظر اليه كثير من الإسلاميين على اعتباره نموذجا ناحجا استطاع أن يتساوق مع النظام العلمانى فى تركيا ولم يصدم بالجيش التركى ولم تحدث أثناء فتره حكمه أى من الإنقلابات العسكرية التى كانت الحياه السياسية التركية تتلون به فى فترة الستينات , الحزب الذى أعطى المبدأ الإقتصادى الأولوية فى مجمل علاقاته مع الآخرين ومن ضمنها اسرائيل التى تعتبر العدو المركزى للمسلمين وحتى فى ظل الأزمة السياسية الحالية التى صبت الزيت على النار بعدما قامت قوات البحرية الإسرائلية باقتحام لسفينة مرمرة وقتل تسعة من الأتراك تنامت العلاقات التجارية بشكل كبير ومن المتوقع أن تزيد كما صرح بذلك وزير الاقتصاد الإسرائيلى نفتالى بنت الذى يتوقع أن تصل حجم التجارة بين تركيا واسرائيل رقما قياسيا فى العام 2014 , ومن المتوقع أن المفاوضات التى تعقد بين الطرفين سوف حاليا تفضى الى اعادة المياه الى مجاريها فى العلاقات السياسية والعسكرية فى القادم من الأيام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي