الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية لنص ( الغائب ) للكاتب صاير الجنزوري مقدم من الدكتورة عبير خالد يحيي

عبير خالد يحيي

2016 / 5 / 3
الادب والفن


منذ فترة سمعت رأيا يقول : إن الكتابة هي قبل كل شيء ( كذب )، والقارئ يعرف مسبقا أنه يقرأ أحداثا من صنع الخيال ، أو على الأقل في جزء منها، وهنا تتدخل تقنيات الكتابة ، لتعطي تلك الكذبة مسحة تجعلها أقرب إلى ( الصدق ) .
ولكني أرى أن الكتابة في هذه الأيام هي حقيقة ، وحقيقة أغرب من الخيال ، لأنها مستقاة من الواقع المعاش، هذا الواقع الذي بات يضاهي بغرائبيته الأساطير، وتأتي تقنيات الكاتب هنا لتوجه الواقع من وجهة نظره، وللقارئ ان يقتنع أو لا،لأن للقارئ أيضا وجهة نظر حيال هذه الحقيقة كحدث واقع، لكن القدرة على إقناع القارئ بالحكم على الشخصيات والظروف المحيطة قد تنفلت من الكاتب .
نبدأ أولا ب تجنيس النص :
النص قصة قصيرة
الإغناء
• المميزات الجمالية في النص :

هيكلية النص واللون الأدبي المستخدم فيه:

النص إخباري تقريري بالمجمل

• الحبكة :

بدأ القص بعنوان لافت مكون من مفردة واحدة تكرر ذكرها بالنص مرتين الأولى في المقدمة والثانية في القفلة ، ولو لم تكن عنوانا ما أثارت انتباهنا في المقدمة .
ضابط بالجيش يزور أهله بالإجازات ، ويغادرهم مصحوبا بدعاء الأم التي تختمه دائما بذكر الغائب ، يصل إلى وحدته العسكرية وهنا يذهب الكاتب بسرد طويل نسبيا فيه حشو زائد كان بالإمكان الاستغناء عنه دون أن يضر ذلك بهيكلية النص ،تتم مهاجمة الوحدة من قبل جماعات يذكر الكاتب أنها إرهابية ويسهب في وصف المعركة التي تدور بين الطرفين أيضا ، حيث يقوم أحد الضباط بعملية فدائية بدخوله إلى العربة المفخخة التي اقتحمت بها الجماعة الوحدة د والانطلاق بها بعيدا لتنفجر به ويرتقي شهيد الواجب .
يتابع بطل القصة إصدار أوامره للجنود بمهاجمة المغيرين رغم شراسة المعركة التي يسقط بها الكثير من الجنود شهداء ، وهنا لا يخلو الموقف من المبالغة في إظهار شجاعة البطل وإشهاره كبطل اسطوري، مما أحدث خللا بالنص جعله يطفو إلى درجة من السطحية
(يقف بطلا من أبطال ملاحم وأساطير الأغريق )
( ظل يكبر ويطلق النار عليهم ، يفرون ،يتساقط منهم صرعى، لا يأبه أحد منهم بجثث قتلاهم ، بينما هو يقاتل تارة ، وأخرى يحمل جثث زملائه. .. )
ثم تتصاعد الأحداث حتى يقع البطل في الأسر، لنصبح في عقدة القص بلقائه مع أمير الجماعة الذي يصرخ صرخات المدوية ،تبدأ العقدة بالانفراج حال إلقائه سلاحه(خنجره ) أرضا.
لتأتي القفلة باستحضارالبطل مشهد الأم وترديده دعاءها (ربنا بنصرك أنت وزملاؤك وترجع لنا بالسلامة ويرجع لنا الغائب ).
هذا الدعاء الذي ما تحقق منه إلا سلامته هو ومعرفة هوية الغائب.

• السرد :

واقعي تقليدي طبع ببعض النمطية والمبالغة ، فيه حوار حاول فيه الكاتب التخفيف عن نفسه بعد أن اجهده السرد الإخباري المباشر، وهناك حوار داخلي فيه مبالغة بالإشادة ببطولات البطل ، كما المبالغة بإبراز بشاعة الجماعة الأخرى.
النص يدخل تحت نظرية الفن للمجتمع.
خلا النص من الصور البلاغية إلا فيما ندر
الشخصيات :
شخصية رئيسية : الضابط
شخصيات ثانوية : الأم ، الجنود ، الضابط الشهيد ، أفراد الجماعة ، أمير الجماعة.
الزمان فترة حديثة معاصرة غالبا هذه الأيام
المكان ثكنة عسكرية ، مقر الجماعة

.
مالقفلة فيها رسالة مفتوحة تراوحت بين مقولة (أخوة البطن لا تعني أخوة الطباع ) , وبين (الصراع في بلادنا ليس مع العدو الأصلي ، بل ان المتصارعون هم أخوة و أبناء الوطن الواحد ) .

د. عبير خالد يحيي

النص الأصلي

الغائب
فى كل مرة يغادر فيها البيت بعد ان يرتدى بدلته العسكرىة التى تتزين بنجمتين ذهبيتين على كتفيه ينحنى على يد أبيه يقبلها ،
ويتوجه إلى أمه التى دائما ماتنهمر دموعها فتأخذه فى حضنها
وتقبل راسه ووجهه حتى يديه تريد أن تقبلهما فيلحقها ويسارع باحتواء يديها وينحنى لها حبا وتقبيلا ، ويسالها الدعاء له ،
يلوح أبوه له داعيا بحفظ الله ونصره ، بينما أمه تظل تردد دعاءها
حتى يبتعد عن ناظريهما
(ربنا ينصرك انت وزملاؤك ويحفظكم وترجع لنا بالسلامه ويرجع لنا الغائب ).
يصل إلى كتيبته عند الغروب ..يستقبله زملاؤه بفرحة ،يتبادل معهم الضحكات والقفشات وتوزيع الفطير البلدى والجبنة القديمة والعسل الأسود ، يصلى معهم العشاء فى جماعة،ثم يخلد للنوم ،
يستيقظ قبيل الفجر للصلاة وقراءة ماتيسر من القرأن ،
ثم يبدأ عمله بالمرور على الجنود فى مكان خدماتهم ، دائما يبث الحماس فيهم ويتبادل معهم الحكايات والضحكات ، مالبث شعاع الشمس فى الظهور على استحياء فى كبد السماء ، حتى سمع دوى إطلاق رصاص قادم من الأمام ومن خلف الوحدة ، صاح فى الجنود، اثبتوا فى أماكنكم ، لا أحد يغادر ،دافعوا ياأبطال ، الله معكم ، وقف بينهم حاملا سلاحه ،يعطى تعليماته للجنود ،
بينما كانت المعركة قد بدات عند البوابة الرئيسية للكتيبة،
عربة مفخخة حاولت إقتحامها ، وفريق من الأرهابيين يتبادل إطلاق الرصاص مع الضباط والجنود ، ليشغلوهم حتى تنفجر العربة ، يدخل إليها ضابط ،يديرها بسرعه وينطلق بها ، حتى تنفجر بعيدا عن الكتيبة والجنود ،تنفجر العربة، وتصعد روحه إلى السماء التى كانت شمسها تأبى الظهور .
مازال هو مع الجنود فى مؤخرة الوحده ،يعطيهم التعليمات بإطلاق الرصاص بانتظام ، ثمة دوى ووابل من الطلقات ينهمر عليهم ،
يصيح مع الجنود ،الله أكبر،يرددون الشهادة ، نجحوا فى إسقاط عدد كبير منهم ، يتساقط الشهيد الاول ،ثم الثانى، والثالث،
لم يبق إلا هو ، أبى الفرار وترك موقعه ، ظل يكبر ويطلق الرصاص عليهم ،يفرون ويتساقط منهم صرعى ، لايأبه أحد منهم
بجثث قتلاهم بينما هو يقاتل تارة ، وأخرى يحمل جثث زملائه إلى مكان أمن جواره ، ويواصل إطلاق النار ،فى انتظار مدد يأتيه، نفذت ذخيرته ، ظهر ماتبقى من فريق الإرهابيين حوله ،
يصيح أحدهم : لاتقتلوه ، إنه صيد ثمين .
وضعوا عصابة سوداء فوق عينيه واقتادوه إلى مغارتهم وغرفة القياده بالجبل ،
استقبلهم زملائهم بالتهليل وإطلاق الرصاص فى الهواء محتفلين بالصيد الثمين ،
صاح أحدهم : أبلغوا الأمير ، معنا الصيد الثمين ،
صاح أخر : الأمير يعرف كل شئ هاهو قادم ،
ظهر الأمير فى حلته السوداء وعمامة سوداء فوق رأسه يتدلى من تحتها شعره الاسود الأشعث على كتفيه ، لايبدو من وجهه غير عينين جاحظتين تحت القناع الاسود الذي يرتديه ،يستعرض غضبه ،باطلاق الرصاص من سلاحه الذي يحمله ،
- صيد ثمين يا أمير ، نجمتين من ذهب ، قالها أحدهم ،
- هذا ماكنا نبغ ، قالها الأمير وواصل اطلاق الرصاص، وأردف قائلا : أتونى به ،
أحاط به إثنين منهم يدفعونه فى إتجاه أميرهم ،كلاهما يركله ويلعنه ، بينما الأمير يتقدم إليهم ايضا حتى يقتربا ، كلاهما فى مواجهه الأخر ،
- فكوا عنه العصابه قالها الامير :
لم يأبه الضابط لهم ولم يظهر خوفا ولا جزعا ، كان مبتسما ،واثق الخطوة ،يقف بطلا من أبطال ملاحم وأساطير الإغريق ،
ما أن نزعت العصابة من فوق عينيه ، نظر إليهم فى إباء وشموخ ، رأى جثثا سوداء متعملقة تحيطه من كل جانب ، ولايبدو منها ، غير العيون الجاحظه والشعور الطويلة،
وقف الأمير يحملق فى وجهه ، اجتاحته رعشة سرت فى جسده ،
الارض لاتسطيع حمل قدميه، كأن زلزالا يحرك الارض ويهتز بجسده المتعملق ، وبركان غضب يكاد يخرج من فوهة فاه الذى انفرج فجأة ، ثمة كابوس يمنع خروج صوته من جوفه ،
نزع قناعه وألقى بسلاحه وخنجره أرضا ، وانطلقت منه صيحة مدوية ، ظل صداها يتردد فى الفراغ المحيط بهم وبداخلهم ،
لا ! كانت صيحته وكان صداها اكثر غضبا واكثر دويا !
بينما هو ، يشاهد فوق الشاشة المعلقة بصالة العرض بذاكرته
المشهد الأخير لبكاء أمه ، وصوتها الذى يتداعى صداه بقلبه ،
فيردد دعاءها :
(ربنا ينصرك انت وزملاؤك ويحفظكم وترجع لنا بالسلامه ويرجع لنا الغائب ) .
تمت
صابر الجنزورى
20-4- 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-