الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة العاملة تستقبل عيدها العالمي بمزيد من النضال

مرتضى العبيدي

2016 / 5 / 3
ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة


يستعدّ العمّال للاحتفال بعيدهم العالمي يوم غرّة ماي، وهي مناسبة سنوية لتقييم ما تمّ إنجازه في إطار الصراع الذي لا ينتهي ضدّ مستغليهم، ضاربين بذلك عرض الحائط بدعوات الوفاق الطبقي التي يكثر اللجوء إليها وقت الأزمات خاصّة، لأنّ البورجوازية الجشعة غير مستعدة البتة للتضحية بأيّ قدر مهما كان ضئيلا لتحمّل جزء من تبعات الأزمة التي تتسبب فيها سياساتها التخريبية للمجتمع. لذلك فهي لا تترك خيارا للطبقة العاملة سوى خيار النضال، وهو ما نسجّله في جميع أرجاء العالم.

إضراب عام في جزيرة "مايوت"

شهدت جزيرة "مايوت" الواقعة في أرخبيل القمور بالمحيط الهندي إضرابا عامّا تواصل أكثر من خمس عشرة يوما خلال شهر أفريل، وقد كانت الجزيرة شهدت حراكا مماثلا خلال شهر أكتوبر الماضي للمطالبة بـ "المساواة الفعلية" مع البلد الأمّ فرنسا. والمعلوم أنّ هذه الأخيرة التي تحتلّ الجزيرة منذ أواسط القرن التاسع عشر، رفضت التخلي عنها إلى دولة "جزر القمور" عند إعلان الأرخبيل من جانب واحد استقلاله عن فرنسا سنة 1975، بدعوى أنّ بقية الجزر كانت فعلا تحت "الحماية" الفرنسية ويحقّ لها طلب الاستقلال، أمّا "مايوت" ففرنسا تدّعي أنها لم تحتلها بل إنها اشترتها فهي إذن على ملكها ولا يحق لها الانفصال. ورغم ذلك فالقوانين السارية في الجزيرة هي القوانين الاستعمارية ذاتها حتّى بعد أن تمّ تصنيفها رسميا المقاطعة رقم 101 لفرنسا سنة 2011، وجزءا ممّا تسمّيه فرنسا "أقاليم ما وراء البحار" والمقصود بها المستعمرات التي لم تتخلّ عنها إلى الآن والواقعة خارج الفضاء الأوروبي أي في أمريكا اللاتينية وأقيانوسيا والمحيط الهندي وحتى في المتجمّد الجنوبي. لذلك تشهد هذه الجزيرة من حين لآخر تحركات احتجاجية كبرى للمطالبة بالمساواة الفعلية مع بقية البلاد الفرنسية وجعل القوانين الفرنسية سارية المفعول عليها. وفي الإضراب الأخير التي دعت إليه تنسيقية النقابات بالجزيرة والذي حُظي بمساندة نواب الجزيرة في البرلمان الفرنسي، كانت المطالب الأساسية تتمحور حول المساواة الفعلية وحول تطبيق قانون الشغل وقوانين الحماية الاجتماعية وبالتالي الترفيع في أجور العمّال والموظفين وفي منح التقاعد للمتقاعدين منهم إذ يتجاوز الفرق بينهم وبين الأجراء في بقية التراب الفرنسي الضعف. ولمّا اشتدت وتائر الاحتجاج وتعطلت الحركة كليا في الجزيرة لما يزيد عن النصف شهر، شهدت فيه البلاد تعطيلا كليا للحركة الاقتصادية ولحركة التنقل بين أجزاء الجزيرة التي تبلغ مساحتها 376 كلم مربّع ويقطنها ما يقارب 230 ألف ساكن، استقبلت وزيرة "أقاليم ما وراء البحار" وفدا برلمانيا ونقابيا قادما من الجزيرة للتفاوض، ووُضعت خارطة طريق تمتد على خمس سنوات لملاءمة التشريعات السائرة في الجزيرة مع التشريعات السائرة على بقية التراب الفرنسي. إلا أن النقابات التي أمضت عن الاتفاق دعت منخرطيها والمواطنين عموما إلى ملازمة اليقظة والبقاء على استعداد لمواصلة النضال في صورة حدوث تلكؤ ما في تطبيق بنود الاتفاق التي يدخل بعضها حيّزالتنفيذ خلال السداسي الثاني للعام الجاري.

فرنسا: مواصلة النضال ضد قانون الشغل الجديد

تتواصل موجات الاحتجاج ضدّ مشروع مجلة الشغل الجديد المعروض على أنظار البرلمان فبعد الإضراب العام ليومي 9 مارس و24 من نفس الشهر، تتواصل النضالات في كافة المدن الفرنسية ضدّ ذات المشروع رغم "التحسينات" التي تدّعي الحكومة أنّها أدخلتها عليه. وتتخذ هذه التحركات أشكالا عديدة منها المظاهرات التي يشارك فيها في نفس الوقت العمّال والشباب التلمذي والطلابي لما يحمله هذا المشروع من انسداد للأفق بالنسبة لهؤلاء في الحصول مستقبلا على شغل قارّ ولائق ومتلائم مع مؤهلاتهم الدراسية. إذ أن المشروع يترك الحبل على الغارب في باب الانتداب والترسيم والتسريح إذ يترك المبادرة فيها لأرباب العمل ويقلّص إلى حدّ كبير دور الهيئات التعديلية مثل تفقدية الشغل والمحاكم العرفية وحتى دور القضاء المدني والإداري. وبعد المظاهرة الكبرى ليوم 31 مارس، قرّر عديد النشطاء عدم الرجوع إلى ديارهم وتقضية الليل في أحد ميادين العاصمة الباريسية لمواصلة النقاش في كيفية ضمان الاستمرار لهذا الحراك الجماهيري الذي لم تشهد مثله فرنسا منذ عشرات السنين، ومن هنا انطلق شعار "لنقضّي الليل وقوفا" وهي عبارة عن تظاهرة مواطنية يختلط فيها البعد النقابي بالسياسي بالفكري بالثقافي. وبعد نجاح الليلة الأولى، بادرت جموع من المحتجين أفرادا ومنظمات إلى تعميم التجربة إلى أكثر من ساحة وميدان في باريس وفي عديد المدن الفرنسية، وهو حراك يتواصل اليوم ويشهد توافدا جماهيريا متزايدا ليلة بعد أخرى، ويتم خلاله الإعداد للمحطات النضالية المقبلة. كما تتمّ دعوة كبار الفنانين والعازفين لتأثيث بعض فقرات السهرات وكذلك المثقفين والمفكرين لخوض النقاشات مع الجمهور المتعطش، من ذلك مشاركة يانيس فاروفاكيس وزير المالية في حكومة سيريزا الأولى ليلة السادس عشر من أفريل الجاري. لذلك لم تنحصر النقاشات في آليات التصدّي لقانون "مريم الخمري" بل تجاوزته إلى السياسات الاقتصادية المتبعة، سياسات التقشف وإلى حالة الأزمة الفعلية التي تعيشها فرنسا وبلدان الاتحاد الأوروبي والبدائل الممكنة للخروج منها. وقد تشكلت على الشبكات الاجتماعية مواقع خاصّة لإعلام الجمهور بأماكن التجمع في إطار حركة "لنقضّي الليل وقوفا" وتواريخها. لذلك تجندت عديد وسائل الإعلام لمحاربة هذا الشكل الاحتجاجي الجديد وأكثرت من دعواتها لمفكّري اليمين وأقصى اليمين الفرنسي للتنديد بهذا الحراك وتقديمه على أنّه محاولات واهمة لإعادة صياغة شعارات قديمة وتقديم حلول وهمية لمشاكل فرنسا والمقصود بذلك طبعا الحلول ذات الأفق الاشتراكي التي يتمّ تداولها في حلقات النقاش هذه.

إضراب الأطباء الداخليين في المملكة المتحدة

لم تشهد بريطانيا منذ 68 عاما تشنجا في قطاع حسّاس كالصحة العمومية مثلما تشهده اليوم، وهو القطاع الذي كانت تتباهى به أمام بقية بلدان العالم، إذ أعلن الآلاف من الأطباء الداخليين والمقيمين الدخول في إضراب عن العمل، بما في ذلك في مصالح الاستعجالي يومي 26 و27 أفريل الجاري. والإضراب الحالي ليس الأول الذي يخوضه الأطباء هذه السنة، بل هم نفذوا ثلاث إضرابات إنذارية سابقة للتعبير عن رفضهم للقانون الجديد الذي يعتزم وزير الصحة اليميني فرضه عليهم تنفيذا للوعود الانتخابية لرئيس حكومته الذي كان وعد البريطانيين بجعل المرفق العمومي في الصحة يشتغل بكامل طاقته كامل أيام الأسبوع، دون أن يتخذ الإجراءات اللازمة لذلك من حيث الانتدابات وتحسين ظروف عمل الإطار الطبي. بل هو يتقدم اليوم إلى البرلمان بقانون جديد لتنظيم القطاع يحذف فيه بعض المكاسب المحقّقة منذ سنين من بينها منحة العمل في أيام العطل ومنحة العمل الليلي، ويعوّض ذلك بزيادة طفيفة في أجور الأطباء والإطار شبه الطبي لا ترقى إلى مستوى ما يعتزم حذفه، وفي المقابل تفرض عليهم نسق عمل غير إنساني ومخالف لكل التشريعات الشغلية إذ تصل فيه ساعات العمل الأسبوعية إلى ما بين 50 و60 ساعة. وهذا ما يرفضه الإطار الطبي إذ أنهم يعتبرون أن مثل هذا الإجراء لا يؤثر على تنظيم حياتهم الخاصة فقط، بل يؤثر أيضا على نوعية الخدمات المسداة. وقد توجهت نقابات الأطباء ببلاغ إلى الرأي العام لإخباره بمجريات الإضراب الذي من المتوقع أن يُلغى بمقتضاه خلال يومين مائة ألف موعد وإجراء 13 ألف عملية جراحية. وهكذا فإن سياسات التقشف التي تتبعها الحكومات الأوروبية بيمينها ويسارها لا همّ لها سوى تحميل تبعات الأزمة إلى الأجراء بمختلف أصنافهم، بمن فيهم الشرائح التي تعتبر تقليديا محظوظة. وهو ما يسهّل مناهضتها إذ بإمكان النقابات وغيرها من المنظمات تكتيل قوى متعددة وواسعة لرفض هذه السياسات التي تجعل حياتهم جحيما وتوسّع دائرة الفقر إلى شرائح أكبر من الأرستقراطية العمّالية والبورجوازية الصغيرة.

إضراب تاريخي لعمّال النفط في الكويت

بينما كانت البلدان المصدّرة للنفط مجتمعة بالدوحة لتدارس أوضاع القطاع أمام ما تشهده أسعار النفط من تراجع في الأسواق العالمية، أعلنت نقابات قطاع النفط في الكويت دخولها في إضراب لا نهائي احتجاجا على الإجراءات الحكومية الجديدة والتي تهدّد بالتراجع في المكتسبات. إذ تعتزم الحكومة في إطار خطة إعادة هيكلة القطاع التفويت في أجزاء هامّة من ممتلكات الشركة الوطنية للنفط لفائدة القطاع الخاص، بما في ذلك العمّال الذين تقع إحالتهم بمقتضى ذلك من القطاع العمومي إلى القطاع الخاص بكل ما في ذلك من سلبيات. وقد أكدت النقابات أن الإضراب لاقى نجاحا كبيرا في قطاع يشغل أكثر من 20 ألف بين موظفين وعمّال. وأوضحت أنّها دعت إلى الإضراب للتعبير عن رفضها لسياسة التقشف التي شرعت الحكومة في تطبيقها وكذلك ضدّ المشاريع التي تعتزم تمريرها ومن بينها مراجعة سلم التأجير باتجاه التخفيض والمساس بالمكتسبات كالتغطية الاجتماعية وغيرها. والمعلوم أنّ سعر باريل النفط مرّ من 100 دولار سنة 2014 إلى أقل من 40 دولار حاليا. ولمّا كانت ميزانيات هذه البلدان تقوم حصريا على موارد النفط، فإنها تبقى رهينة تقلب أسعار هذه المادة في الأسواق العالمية. وقد تسبّب الإضراب في انخفاض الإنتاج من 3 ملايين إلى 1,1 باريل نفط في اليوم، كما نزل إنتاج مصافي النفط من 930 ألف إلى 520 ألف باريل في اليوم. ممّا حدا بالحكومة إلى التحرك على واجهتين: دعوة النقابات إلى التفاوض بعد أن كانت تعتبر الإضراب غير شرعي والتوجه إلى سوق الشغل العالمي لانتداب يد عاملة أجنبية لتعويض العمّال المضربين. وهكذا يتّضح أنه ما من بلد ـ مهما كانت ثرواته ـ في منأى عن تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية التي تهزّ كيان النظام الرأسمالي بصفة مستمرّة منذ أواسط سنة 2008 حتى وإن عرفت بعض هذه البلدان فترات انتعاشة وقتية ومحدودة في الزمن من حين إلى آخر. وهو ما يُفنّد مزاعم البورجوازية ومنظرّيها في أن الرأسمالية هي أرقى نظام لتنظيم حياة الشعوب توصلت إليه البشرية وأن لا بديل عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أب في غزة يحمل جثمان طفله الذي قتله القصف: منصور قوم جبتلك ش


.. غارتان على ضاحية بيروت بعد -تحذير إسرائيلي بالإخلاء-




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية ثالثة تستهدف حارة حريك في الضا


.. منشور على إكس يجبر رحلة أقلعت من دلهي إلى شيكاغو على الهبوط




.. كوريا الشمالية: انضمام 1.4 مليون شاب إلى الجيش هذا الأسبوع