الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تجهضوا حماسَ حماسٍ وحماسَنا بحماس

عماد صلاح الدين

2016 / 5 / 3
القضية الفلسطينية


لا تجهضوا حماسَ حماسٍ وحماسَنا بحماس
عماد صلاح الدين
أولا، لا يمكن أن توضع حماس، في سلة الإرهاب والإرهابيين، من الحركات الأصولية المتطرفة؛ كداعش وأخواتها، في المنطقة العربية، أو حتى على مستوى العالم. حماس حركة وطنية فلسطينية، ارتبط ظرف نشأتها مع الحراك الانتفاضي في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وهي حين انطلقت لم تنطلق كحركة سياسية ونضالية، مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، وإنما الارتباط هو مجرد فكري لا تنظيمي.
الجانب الايجابي في حماس؛ وهو ممتاز ورائع جدا في أنها نجحت في تفعيل المخزون الثقافي والإيماني، الذي هو رصيد الفلسطينيين والعرب والمسلمين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما جعل عملها التنظيمي والعسكري منضبطا وفاعلا ومتوازنا بل ومبدعا؛ سواء كان ذلك في مساهمتها الأبرز في الانتفاضة الأولى أو في الانتفاضة الثانية أو حتى في دورها بين المرحلتين، وكمحاولة وبغض النظر عن الاتفاق أو عدم الاتفاق معها، في الضغط على الكيان الصهيوني، من خلال العمليات الفدائية، التي دشنها رسميا في تلك الفترة الشهيد يحيى عياش قائد ذراعها العسكري القسام وقتئذ.
وبرز الجانب التفعيلي الكبير جدا لمنظومة حماس الوطنية وجناحها العسكري كتائب القسام في حروب غزة الثلاثة 2008-2009،2012 وأخيرا 2014، ويبرز هذا الجانب الفذ في زرع القدرة التوليدية والإنتاجية والى أقصاها، فيما يتعلق بالاستراتيجيا العسكرية والتكتيك فيها، بالإضافة إلى تنوع الإضافات والايجادات من شبه العدم في المنظومة العسكرية والتسليحية، خصوصا فيما يتعلق بالصواريخ والطائرات والغواصات وأطول بندقية من ناحية مدى الرماية، وغيرها كثير وكثير لا نعرفه بعد الحرب الأخيرة عام 2014.
حماس وذراعها العسكري، ومن خلال مخرجات حراكها وفاعلياتها النضالية، وبالتجربة تعطي مؤشرا أنها تعمل بهذا الكم والنوع فوق العادة، في الإطار المقاوم والتجهيز له، وهي لم تتوقف رغم كل الظروف الصعبة والقاسية.
يؤخذ على حماس، أن المفاهيم والأدبيات والتصورات، وحتى بعض السلوكيات، توحي بارتباك وعدم اتزان، في الموضوعة الوطنية كحركة فلسطينية، من خلال التشكيك بمشروعها الحقيقي؛ إن كان مرتبطا بمشروع اكبر إقليميا أو دوليا، من خلال جماعة الإخوان المسلمين.
ويؤخذ عليها – كذلك- وقوفها المتشبث عند بعض الموروثات العاداتية والتقليدية، التي كانت سائدة على عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أو على عهود إسلامية لاحقا كنمط اجتماعي وحياتي وليس كدين أو مقدس، سواء فيما تعلق بغطاء الرأس أو النقاب ( الذي يوضع على الوجه) أو غير ذلك أو حتى ما تعلق بالموقف الديني من اليهود أو النصارى والمسيحيين، في خلط ما تعلق بأمثلة ونماذج على مفهوم الباطل وليس كإطارية نهائية ومغلقة؛ بان اليهود مغضوب عليهم إلى يوم الدين، والنصارى والمسيحيين ضالين إلى يوم الدين كذلك؛ فهذه التأبيدية مرفوضة في الحكم على الناس، بغض النظر عن دياناتهم ومعتقداتهم، من أول الوقت إلى آخر الوقت، من الزمان الدنيوي.
ويؤخذ على حماس نظرتها في السياق الحزبي على انه الآخر، وربما بشكل باطني انه الكافر؛ ما دام انه ليس حمساويا أو انه فتح العلماني والديمقراطي والشعبي الماركسي أو اللينيني؛ كاتب هذه السطور قرأ بعض التعليقات على الفيس بوك عقب فوز حماس في انتخابات بيرزيت الأخيرة من بعض أنصارها أو مؤيديها احدهم من الفرحة استشهد بقول الله تعالى: "ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله"، وآخر كتب يقول: الحمد لله.
ويؤخذ على حماس عدم فصلها لما هو دنيوي في الأساس، وتدخل فيه التعقيدات المختلفة والظروف والأحوال المتنوعة والمختلفة، ويحتاج إلى السياسية والواقعية والمرونة والمناورة، والى الأبعاد الإنسانية كانسان في نهاية المطاف، وبين ما هو مقدس كنص؛ أساسه وسمكه وعمقه هي منظومة الأخلاق والقيم، وفكرة الحق والباطل، وليس القصص القرآني والأمثلة التي أكثر الله سبحانه وتعالى من ذكرها في كتابه الحكيم، باعتبارها كحوادث ووقائع، يُستقى منها الحكم والعبر والموعظة الحسنة، وليس استخدام النص هنا كحم نهائي، وإنما المعيارية الكلية والهادية للرسالة الأسمى فيه، والتي عمادها النظر في الحق والباطل.
جزء من تلك المآخذ فيه جانب من الحقيقة والصوابية، وربما تحسب على عدم الوعي الكلي الديني والسياسي، الذي تعاني منه ليس حماس وحدها، كحركة وطنية ذات توجه إسلامي، وإنما هي مشكلة مجتمع ونخب في فلسطين، كما هي الحالة العربية القريبة أيضا من ذلك.
وما أريد قوله هنا؛ انه في حال المجتمعات التي تعاني من مكونات الضعف والتراجع، نجد نوعا من الحدية المبالغ فيها سواء تعلق ذلك بالتوجه الإسلامي أو بالتوجهات الأخرى بما فيها الوطنية؛ وبخصوص الأخيرة نجد حركة فتح أو غيرها من القوى الأخرى غير الإسلامية تريد مثلا من المخزون الثقافي والديني حالة ربما اسميها ديكورية، دون أن يكون لها موقع الفاعل في مكنون النفسية الفلسطينية، كمطلق ومحفّز على تفجير الطاقة الإبداعية، ضمن خصوص الثقافة والدين والتنوع بينهما، خصوصا على مستوى نخبها الثقافية والسياسية، وليس تقريبا على مستوى قواعدها وأوسط درجاتها التنظيمية والنضالية.
ربما يجد المراقب أن حركة فتح في منسوب الوعي السياسي والواقعية السياسية أعلى درجة؛ بحكم مدى الخبرة الأسبق في العمل النضالي والسياسي.
وما بين الإيجاب والسلب في فكر وسلوك حماس، علينا ألا ننسى أنها حركة وطنية ايجابياتها تفوق بكثير جدا سلبياتها، وعلينا ألا ننجر إلى مراهنات هنا وهناك؛ لإقصاء حماس والقضاء على مجهوداتها المتراكمة عبر سنوات طوال؛ فتفقد حماس حماسها ونفقد نحن أملنا في حماس حماس، بل المطلوب أن نُكمل بعضنا البعض، فيما ينقص كل واحد فينا؛ سواء على صعيد الفرد أو الجماعة السياسية في هذه البلد، في مشهد تكاملي من الروحية الدينية والثقافية، ومن الهوية الوطنية الجامعة، في إطار من المشروع والبرنامج الوطني الشامل، والمؤسسات الوطنية الجامعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا