الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلب تحترق 2

يوسف أحمد إسماعيل

2016 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


جبهة النصرة وأخواتها في حلب لا تملك قذائف ذكية ، وإنما قذائف بدائية ؛ ولذلك هي تسقط بشكل عشوائي على أهداف عشوائية ، ولكن ذلك ليس خارج إرادتها؛ ففلسفتها في الصراع تُبنى على أمرين . الأول البعد الديني العقدي ؛ وهنا يخرج عن موالاتها من جاء حظه أنه نزح إلى / أو أقام في " ديار الكفر " وهي الأحياء " المستعمرة " ، وبالتالي فهو في عداد الأعداء إلى أن يخرج من تلك الديار . الثاني : البعد الانتقامي الذي يعدّ الحرب همجية شمولية ، فالمدني الذي يقيم في مواقع العدو " ديار الكفر " هو مشروع سبي إلى أن يعلن توبته أو إسلامه ، ولأن ذلك في لجة الحرب غير متاح فهو ، إذن ، تحت نطاق القذائف البدائية
النظام وحلفاؤه يملك قذائف ذكية وطائرات ضاربة ، ولذلك هو لا يحتاج إلى معارك مباشرة مع عدو شرس ، فالطائرات تكفل له تدميراً شاملا للبشر والحجر في مناطق " أرض الإسلام " كما تضمن له ما لا يتحقق في المعارك المباشرة، وهو القضاء على الحاضنة الشعبية للمعارضة المسلحة، على اعتبار أنها تمدها بالعزيمة أو المقاتلين أو البعد الاجتماعي الانتقامي ، ولذلك هي أيضاً هدفا لا يقل أهمية في نظر النظام عن الهدف المباشر المتمثل بالمسلحين .
وفق الرؤيتين ؛ المعارضة المسلحة والنظام ، توسعت الحرب في حلب من صورتها التقليدية إلى صورة إرهابية ، يعمل فيها الطرفان على قتل المدنيين كأهداف استراتيجية، على الرغم من أن كل الشرائع الدينية والوضعية لا تماثل بين المسلح والمدني ، وإن كانا ينتميان إلى ذات البيئة الاجتماعية أو الثقافية أو الدينية أو الطائفية أو العائلية ! فكيف انحدرت الحرب السورية إلى هذا المستوى من الجريمة ضد الإنسانية !؟
فمن لم يستطع النزوح من حي السكّري إلى " مناطق النظام " أصبح في نظر النظام إرهابياً ، ومن لم يستطع الخروج من حلب الغربية في نظر النصرة وأخواتها أصبح موالياً وفق الجغرافية السورية الجديدة .
وفي البحث عن علاقة التوازي بين الخطين ؛ حبهة النصرة وأخواتها ، وجبهة النظام وحلفائه ، يتبيّن أنهما يسيران على خط واحد من التطابق على الرغم من أنهما على مسارين لا يلتقيان ؛ ففيهما معا نجد أن ّ :
ـ المدني هدف مشروع باعتبار الرؤية والغاية .
ـ الفعلَ إرهابيّ باعتبار الوقائع والاستراتيجية
ـ مفهومَ الجغرافية ، موالية ومعارضة ، هو ذاته يتماثل مع " ديار الكفار " و " ديار الإسلام " عنصرياً بسبب النظرة الشمولية المبنية على إما أن تكون معي أو مع الشيطان الذي هو الآخر .
وعليه وُضِع المدني السوري في عنق الزجاجة حيث لا خيار له إلا بين أمرين ؛ إما أن يهرب من وطنه / الجحيم ، أو أنه يتماثل ، رغما عنه ، مع المسلح الذي يناصر النظام أو المسلح الذي يناصر جبهة النصرة وأخواتها . أما صمته فلم يعد خياراً؛ لأن العدوَّيْن له ؛ النظام والمعارضة ، لم يريا فيه بريئاً أو صامتاً ، فهو فاعل بحكم جغرافيته أو حيّه أو مذهبه أو دينه أو تواجده في هذه اللحظة هنا أو هناك ، تحت قذيفة ذكية من النظام أو قذيفة بدائية من المعارضة المسلحة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو