الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوح في جدليات - 18 – ابصق ابصق يا شحلمون.

نضال الربضي

2016 / 5 / 3
كتابات ساخرة


بوح في جدليات - 18 – ابصق ابصق يا شحلمون.

صعد الشحلمون الكبير إلى المنصة، اعتلى الدرجات واثقا ً و قد ارتسم الحزم ُ على وجهِه ِ أمام الجنغرونات المُنتظرة منذ الصباح حتى قُدومه بعد ثلاث ساعات ٍ شديدة الحر، ضربت الشموس ُ الخمس للكوكب أثناءها الرؤوس و الرقاب، و غلت الدِّماء ُ الخضراء الُمزرقَّة في العروق.

وصل إلى الأعلى فحيى الجمع بتحية ِ كوكب: العنطبوز، ففتح فمه ثم مدَّ شفتيه للأمام و أخرج لسانه ثم تفل عليهم.

استقبل َ الجمع ُ بُصاق الشحلمون بالتهليل الصاخب، و قد توزَّعت ذراته على الوجوه ِ المُستنفَرة الهائمة. ألهب البصاق ُ الجمع َ فهتف في غليان ٍ واحد: "أبصُق أبصق يا شحلمون، إنتا فوق و إحنا هون".

تسرَّبت الكلمات ُ إلى وعي الشحلمون فانتشى و انتفخ َ و هاج َ و ماج، و أطبق َ فمه ُ و شفط َ الهواء َ العنطبوزي بقوَة ٍ بينما تستخرج ُ حُنجرتُه الشحلمونية بكلِّ بأس ٍ من فمه و بُلعومِه كل َّ ما تقدر عليه ِ من بُصاق ٍ و تسحب ُ بشراهَة ٍ كل َّ السوائل فيهما، ثم َّ فتح فمه ككهف ٍ عميق ٍ بدا، و مدَّ شفتيه كما لم يمدَّهما من قبل، و أخرج لسانَه بينما عاد َ برقبتِه للوراء فظهر َ كقوس ٍ على وشك ِ التَّحطُّم ،،،

،،، ثبت َ كميت ٍ أو تمثال ٍ صنم،

أو أن َّ الزمان توقَّف من هيبة ِ الحدث ليؤدِّي سجودا ً له قبل أن يستكمل دورته الطبيعة،،،

،،، و بقوَّة ٍ عظيمة ٍ مدَّ رقبته للأمام، و بصق كأنَّه ُ مدفع ٌ عظيم.

هذه المرَّة ضجَّ الكوكب ُ بالصراخ ِ و الهيجان ِ و الإنفعال، و صار َ كل ُّ واحد ٍ من الجنغرونات يمسح بيده العنطبوزية على جسد ِ من جاوره حيث ُ وقع َ البصاق ُ ليتبارك َ و لو بقطرة. و لساعة ٍ بعدها، وقف الشحلمون ُ منتفخا ً على المنصَّة ِ ينتظر هدوء الجمع ِ ليُبلغهم الخطاب.

حينما هدأ الجمع، قال:

"اعلموا أنِّي قد تلقيت ُ رسالة َ الدندبوح ِ الفريد، و هو يقولُ لكم: أذنت ُ لكم أن تعيشوا و تأكلوا و تشربوا"

و كما صعد بسرعة ٍ و ثقة، نزل بسرعة ٍ و ثقة، و غادر َ المكان. رسالته غزت القلوب و أشعلت َ الوجد و استحوذت على المشاعر. و لألف ِ عام ٍ بعدها كتب المفكرون و الشعراء و الأدباء و مُفسِّرو الكوكب العنطبوزي المجلَّدات العظام في تحديد المقاصد الخفيَّة و الدلالات الباطنية و المعاني المنشودة من الرسالة ِ الفريدة.


كلُّ حرف ٍ في الرسالة حمل معنى، و صار له إرادة، و لبس َ قُوَّة ما.

جماعات ٌ تأسست على مناهج شتَّى كلُّها ادَّعت أنها امتلكت الفهم الصحيح لما قاله الدندبوح و أتى به الشحلمون.

مُعجزات ٌ كُتبت عن البصاق الذي ملأ الوجوه و الأقفية َ يومها، بل إن َّ أنواعا ً جديدة ً من النباتات و الحيوانات قيل َ أَّنها نشأت من ذلك البُصاق الشحلموني.

تعصَّبت الجنغرونات العنطبوزية لكلمات الشحلمون.

بعض ُ الأحزاب ِ العنطبوزية تجاوزت الشحلمون و ادّعت أن المهم َّ هو الدندبوح لا الشحلمون، و أن َّ البُصاق وسيلة ٌ لا غاية ٌ تتوقَّف ُ الجنغرونات ُ عندها.

اقتتل الجميع مع الجميع.

و غرق الكوكب ُ في الدماء ِ الخضراء ِ المُزرقَّة.

لم يتصالح الجنغرونات أبدا ً و حينما بعد ألف ِ عام ٍ صارت لهم حضارة ٌ و علم ٌ و سلاح ٌ فتَّاك، أفنوا بعضهم.

بعد َ ألف ِ عام، صارت الساحة ُ التي شهدت البصاق الأوَّل خالية ً إلّا من شموسها و طيورها التي ما زالت تُغرِّد ُكما بدأت التغريد أوَّل مرَّة، قبل َ أن يُوجد الشحلمون و تكون الجنغرونات!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رهيييييييب يا صديقي
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 5 / 3 - 15:53 )
احييك على الاختراعات والتسميات الفحلمونية
تحياتي ومودتي


2 - سهام من نار
ماجدة منصور ( 2016 / 5 / 3 - 18:07 )
رائع جدا يا أستاذ
مقالة كهذه..سهام من نار
احترامي


3 - العزيز نضال الربضي المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2016 / 5 / 3 - 20:26 )
تحية و سلام
مفردات جديدة تقدمها للجميع كي يختار و يَنْسِبْ و يتصور
لكن اين الزيف من كل ما ظهر؟
كيف يمكن للانسان ان يتصالح مع نفسه و هو مُزّيَف؟
كيف يريد ان يؤثر في الاخر و هو مع نفسه لا يخجل من الزيف الذي غلف نفسه به سابقاً و الأن
و هو يقول -اعلموا أنِّي قد تلقيت ُ رسالة َ الدندبوح ِ الفريد، و هو يقولُ لكم: أذنت ُ لكم أن تعيشوا
و تأكلوا و تشربوا- : (
كم :
تعصَّبت الجنغرونات العنطبوزية لكلمات الشحلمون؟.
و كم لا يخجل من نطقها نطقها؟
تحية لك عزيزي
و دمتم بتمامها


4 - الأنماط الأولية وراء الرموز
نضال الربضي ( 2016 / 5 / 4 - 07:05 )
العزيزان قاسم و ماجدة،

في بداية ِ نهار ٍ جديد أتمنى لكما كل الخير و السعادة و العطاء، و التفكير الجاد و الحاد، و به نصل لإنسانيتنا الجامعة المشتركة، فتفكيرا ً موفقا ً!

في الفترة الماضية شغل كارل يونج حيزا ً كبيرا ً من تفكيري، فرؤيته للصور الجمعية بين الأمم و مذهبُه في تطوُّر البُنى النفسية إلى أنماط أولية Archetypes مشتركة بين جميع البشر ظل َّ يختمر ُ في داخلي، فكتبت ُ مقاليَّ: قراءة في اللادينية - 7 و 8،،،

،،، و مقالُنا هذا أيها العزيزان ينهل ُ من ذات ِ المدرسة، فلاحظا كيف يشترك ُ جميع ُ البشر ِ في نمط ِ الخضوع، و نمط قبول ِ الإيحاء و الأدلجة، و نمط الاقتتال الغريزي نحو إفناء الخصم،،،

،،، لاحظا أيضا ً كيف تُلبي الأدلجات ُ إشباعا ً نحو المعرفة مشتركا ً بين جميع البشر، و إشباعا ً آخر لحاجة الراحة بعد حل ِّ اللغز، و إشباعا ً بعده لحاجة الاستمرار، و كلها تنبع من غريزة البقاء البيولوجية.

مقالي مُلخَّص ٌ للتاريخ البشري كاملا ً، إنَّه ُ لوحة ٌ سوريالية يجد ُ فيها كلُّ قارئ ٍ قومه و أيدولوجيته و تاريخه و تصور شعبه للوجود، إنَّه ُ مُختصر الماضي و الحاضر و المستقبل!

دمتما بكل الود!


5 - عاتب صديقك
نضال الربضي ( 2016 / 5 / 4 - 07:19 )
أخي الكبير و الزميل العزيز عبد الرضا حمد جاسم،

أرحب بكم على صفحتي أجمل ترحيب!

نتألم ُ عندما تُوجَّه ُ السهام إلينا بغير حقٍّ إذا كان الرامي عزيزا ً أو حبيبا ً أو صديقا ً، لكن يا صديقي من منا لا يُخطئ، و ربما أنَّنا نحسب ُ شخصا ً ما راميا ً و هو لم يرمي!

قديما ً قالت ِ العرب على لسان النابغة الذبياني:

أتاني أبيت َ اللعن َ أنَّك لمتني
و تلك َ التي أهتم ُّ منها و أنصبُ

لكنه أكملَ:

و لست َ بمستبق ٍ أخا ً لا تَـلـُـمُّـه ُ
على شعث ٍ أيُّ الرجال ِ المُهذَّب ُ

فإن أك ُ مظلوما ً فعبد ٌ ظلمتَهُ
و إن تك ُ ذا عُتبى فمثلك َ يعتبُ

و جاء أيضا ً في كتاب ِ حكمة يشوع بن سيراخ (فصل 19 الآيات من 13 حتى 17)

عاتب صديقك فلعله لم يفعل وان كان قد فعل فلا يعود يفعل
عاتب صديقك فلعله لم يقل وان كان قد قال فلا يكرر القول
عاتب صديقك فان النميمة كثيرة
و لا تصدق كل كلام فرب زال ليست زلته من قلبه
و من الذي لم يخطا بلسانه عاتب قريبك قبل ان تهدده

و أحسب ُ أنَّ رسالة ً بريدية ً إلكترونية ً ستفتحُ باب خير ٍ كبير و تُجلي سوء َ فهم ٍ عظيمٍ، و إنَّك خليق ٌ بهذا النُبل.

دمت َ لأخيك!


6 - اخواني في الحوار المتمدن
شيخ صفوك ( 2016 / 5 / 4 - 07:20 )
تعليقي كان لمجرد المزاح لا اعني احد لم اشتم احد
لم يكن في نيّتي ابداً ان أسيء الي احد
انه تعليق بريء
أرجو السماح بنشره ولكم جزيل الشكر والاحترام


7 - ألعزيز شيخ صفوك
نضال الربضي ( 2016 / 5 / 4 - 07:23 )
تحية طيبة أخي العزيز!

لم يصلني تعليقُك السابق على بريدي الإلكتروني للأسف الشديد! أتمنى منك أن تعيد إرساله!

و كذلك َ كتبت ُ لأخينا عبد الرضا حمد جاسم ردَّا ً لم يصلني هو الآخر على بريدي!

يبدو أن الانتقال َ إلى السيرفر الجديد أثَّر على هذه الخدمة، علما ً أن بعض التعليقات تصل.

دمت َ بود!


8 - الاستاذ نضال الربضي المجترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2016 / 5 / 4 - 12:25 )
تحية و تقدير
اتمنى ان تعيد قراءة التعليق مرة اخرى.
بخصوص اقتراحك على صفحة العزيز قاسم حسن محاجنة اليك رابط مقال الاستاذ غسان صابور الذي اقتطفت منه تعليق ماجدة منصور..و انا اعرف انك تعرف الاستاذ غسان صابور على الاقل في الحوار المتمدن
رابط المقال
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=317444
ان وجدت فيه شيء يستحق هذه الاهانة و ذلك التجريح لك حق
لكن هل تقبل ان المخالف لك في الراي يكون قواد في نظر
أن قبلت فانت ايضاً مشمول بذلك مع الاعتذارو انا معك ان قبلت
تقبل اعتزازي و تقديري


9 - ما هكذا تورد الإبل
نضال الربضي ( 2016 / 5 / 4 - 16:45 )
أوردها سعد ٌ و هو مشتمل ُ
ما هكذا يا سعد ُ تورد ُ الإبلُ

أخي الكريم تعليقك َ غير مقبول و يمكنك َ أن تعبر عن نفسك َ بطريقة أفضل.

تبقى أخا ً كريماً و أرجو أن نُنهي الموضوع بهذا التعليق.

اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء