الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُلاحظات حول إقتحام البرلمان

امين يونس

2016 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


في 30/4/2014 ، جرتْ الإنتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة ، والتي أفرزتْ نتائجها عن وصول 328 نائباً إلى مجلس النواب . وفي 30/4/2016 ، قامَ المُتظاهرون الذين عَبروا البوابات الأمنية للمنطقة الخضراء ، بإقتحام مبنى مجلس النواب ، وبقوا فيهِ لعِدة ساعات .
أدناه بعض المُلاحظات العامّة :
* لم تكُن ولادة الحكومة ، بعد الإنتخابات ، سهلة ولا طبيعية ولا سَلِسة ، فبعد خمسة أشهُرٍ طويلة من الشَد والجَذب ، والصراعات والتنافُس والتدخلات الأقليمية ، تَمَ تكليف " حيدر العبادي " بتشكيل الحكومة الجديدة ، وإستبعاد المُرّشح الأقوى " نوري المالكي " الذي حدثتْ إنتكاسات خطيرة في عهده ، من قبيل جريمة سبايكر وإحتلال داعش للموصل والأنبار وصلاح الدين وإنهيار القطعات العسكرية في تلك المناطِق .
* بدلاً من تقديم المالكي ، للمُحاكمة جراء ما حدث تحت حُكمه ، فلقد تَم إرضاءه بمنصب شَرَفي ، وهو نائب رئيس الجمهورية ، مع النائِبَين الآخَرَين ، أسامة النُجيفي وأياد علاوي ، اللذان يتحملان أيضاً ، جُزءاً مهماً من الإنكسارات من 2010 لغاية 2014 .
* الحكومة التي تشكلتْ في 9/9/2014 ، أي بعد إحتلال داعش للموصل وسنجار وسهل نينوى ، كانتْ إمتداداً لنهج المُحاصَصة المقيتة ، الذي قامَ عليهِ العراق الجديد بعد 2003 . وكانتْ أيضاً إستمراراً في الغوص في مُستنقع الفساد الشنيع ، الذي أغرَقَ البلاد من أقصاها إلى أقصاها .
* لأنَ حيدر العبادي ، بقى أحد قياديي حزب الدعوة ، حزب الدعوة الذي ما زال يقوده نوري المالكي ، فأنهُ أي العبادي ، لم يستطع القيام بأية إصلاحات جدية ، ولم يُوّفَق في التخلُص من تبعات المحاصَصة الطائفية / القومية / الحزبية ، ولم ينجَح في الحَد من الفساد ، ولم يفلَح في إيقاف التدهور في الجيش والشُرطة ولا إسترجاع ما إحتلتْه داعش ، ولا في تحسين الوضع الإقتصادي . أي أنهُ فَشلَ على كافة الأصعدة .
* المُظاهرات التي خرجتْ في بغداد والمحافظات ، منذ عدة منتصف 2015 ، والتي رفعتْ شعارات : بإسم الدِين باكونا الحَرامِية . والتي تَصّدَرها المستقلون / المدنيون .. أرعَبتْ السُلطة الفاسدة بِكُل أقسامها . فبادَر التيار الصدري ، بإشراك جماهيرهِ في التظاهرات ، وجّيَر عملية المُطالَبة بالتغيير والإصلاحات الجذرية ، لحسابه الخاص .
* كُل ما ذُكِرَ أعلاه ، كانَتْ مُقدمات لما جرى في صبيحة 30/4/2016 .
لكن : لماذا كانتْ القوى الأمنية ، تقمع المظاهرات السلمية في بغداد والمحافظات الجنوبية ، التي يقوم بها المستقلون والمدنيون ( الذين يهتفون ضد الإسلام السياسي الفاسد ويرفعون شعارات طبقية ضد تحكُم الفاسدين الجشعين ) ، وتعتدي ، أي القوى الأمنية ، على النُشطاء وتعتقل وتُعذب العديد منهم ، بل أن قسماً منهم مُغّيَب لحد الآن .. بينما [ سّهلتْ ] تلك القوى الأمنية ، إجتياز متظاهري التيار الصدري ، لبوابات المنطقة الخضراء الحصينة ؟ .. وهُل يُعقَل أن يجري ذلك بدون أن ( تغمض السفارة الأمريكية المتواجدة على مرمى حَجَر، عينيها ) ؟ .
* الذي جرى ، هو تحقير لِما تَبَقى مِنْ هَيبةٍ قليلة للدولة العراقية . فمجلس النواب ( على عّلاته ) هو آخر الرموز القانونية والرسمية للدولة . فالسُلطة التنفيذية ، ضعيفة إذا لم نَقُل مّيِتة ، إذ ان الجيش مُنكَسِر ومُهّمَش وعديم المعنويات ، والحشد الشعبي الطائفي ومُلحقاته ، يفرض سطوته على الأرض . والحكومة مشلولة تماماً . ورئاسة الجمهورية مُجّرَد إسم .
السُلطة القضائية ، بعيدة جداً عن الإستقلالية ، وأصبحتْ مطّية يركبها المتسلطون على الحُكم ، وأداةً لتنفيذ مآربهم الشخصية والحزبية الضيقة .
أن ما جرى في 30/4/2016 ، هو إعلان رسمي ، لموت النظام الفاسد ، الذي إستمر من 9/4/2003 ولغاية اليوم .
* من المفارقات المُحبِطة : ان نهاية عهد حكومات ما بعد الإحتلال الأمريكي .. حكومات المحاصصة السخيفة والنهب المُنّظَم لموارد الدَولة ، مِنْ قِبَل طبقة فاسدة من السياسيين من الفاو إلى زاخو .. ان النهاية العَملية الحالية لهذهِ الفترة ، والفشل الذريع في كُل المفاصِل ... لايعني ، بزوغ حُكمٍ رشيد وظهور طبقة سياسية نظيفة ( فوراً ) . بل ان الأحداث تتجِه نحو كُل إتجاه ، عدا ذاك الذي يُؤسِس ( سريعاً ) لبُنيةٍ رصينة ودَولة مُؤسسات .
فما دامَ بَطل الساحة السياسية ، اليوم ، وداعية التغيير والإصلاح ، هو : مُقتدى الصَدر ، بمحدودية تفكيره وتخّبُط سياساته وفوضى قراراته .... فأن المُؤمَل من التظاهرات الأخيرة وصولاً إلى إقتحام مجلس النواب ، لا يخرج عن كونهِ ، صراعاً على السُلطة والنفوذ ، بين التيار الصدري والأحزاب الشيعية الأخرى .
فالصدر وتياره وجيشه وميلشياته ، هُم مَنْ شاركوا بفعالية في تأجيج الطائفية ، وساهموا بِقُوّة في نهب الثروة النفطية في البصرة وغيرها ، وشكلوا فُرَق الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر ومنعوا الموسيقى وكرة القدم ... الخ . فبالله عليكُم ، هل ان شخصاً بهذهِ المؤهلات وتياراً بهذهِ المواصفات ، يصلح أن يقود ثورة للتغيير أو الإصلاح الجذري ؟! .
ودعونا نتصارَح ، فأن التيار المدني أو اليسار أو المُستقلين ، أي كُل مَنْ ليسَ ضمن نفوذ أحزاب الإسلام السياسي ، بشقيهِ الشيعي والسني ولا ضمن نفوذ الأحزاب القومية العربية والكردية ، أي بمعنى آخَر ، ليسَ ضمن نفوذ الطبقة الحاكمة منذ 2003 .. أن هؤلاء ، المدنيين واليساريين والمستقلين ، لا يُشّكلونَ في الواقع ، قُوةً كبيرة تستطيع التأثير الفعلي على الأحداث ، لا سيما وهُم غير موحدون ولا يضمهم تنظيمٌ واضح المعالم راسخ البُنيان .
وبالرغم من كل هذا ، فأن هؤلاء الطيبين أعلاه ، بذلوا الكثير في ساحة التحرير في بغداد وساحات السماوة والديوانية والناصرية والبصرة وغيرها ، منذ أكثر من سنة ومن جمعةٍ إلى أخرى ... لكنهم جوبهوا بِكُل قسوة من قِبل قوى الأمن والميليشيات المشبوهة .
* بعض المتظاهرين المنفلتين ، خلال إقتحامهم لمجلس النواب ، إعتدوا بالضرب المُبرِح على نائبٍ لحزب الفضيلة الإسلامي ، ( ومع أنّي ضد إستخدام العُنف كمبدأ ، في المظاهرات ) ، وكذلك ضد عملية إقتحام البرلمان ، أساساً ، بالطريقةِ التي تمتْ بها . لكني لا أخفي عليكم ، بأني كنتُ أتمنى " في أعماقي " ، أن يُؤدَب الغالبية العُظمى من النواب ، وكُل الفاسدين في جميع مفاصل الحُكم التنفيذية والقضائية أيضاً !! . طبعاً ذلك ، ليسَ هو الحَل ، لكنهُ قد يشفي بعض غليلنا نحن العراقيين ، الذين سئمنا ، لِحَد القَرف ، من هذهِ الطبقة الفاسدة الناهبة ... إلى أن تحين الفُرصة الحقيقية لتقديمهم إلى مُحاكمةٍ مُنصِفة .
* قالَ مُتحدثٌ بإسم مجلس النواب في 1/5 أي بعد يومٍ واحد ، ان الأضرار التي لحقتْ بقاعة مجلس النواب ، يوم 30/4/2016 ، تبلغ ( 69 ) مليون دولار ! . عجباً ، كيف حسبوها بهذه السُرعة .. وكُل ما رأيناهُ من خلال الأخبار ، أوراق مبعثرة ، وضرب بعض النواب .. أم هل هي تعويضٌ للنواب المضروبين ؟ . حتى خلال هذه الأحداث المُقرِفة ، يحاولون نهب المزيد من الأموال العامة ؟ .. يا لهُم من مُمثلين للشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما فعله نظام البعث
علي عدنان ( 2016 / 5 / 3 - 18:46 )
وهذا مانتج عن نظام البعث الذي وجهه كل شره وشياطينه وقذارته ضد الشيوعيين وشرفاء ومثقفي شعبنا الطيب
ان تبرز قوى الاسلام السياسي وتتسيد ساحة وطننا بغياب الشيوعيين والشرفاء وقلتهم هو نتاج لما قام به القومجية والبعثيين ضد شرفاء شعبنا والوطنيين المخلصين
ان ترى تيارات وكتل واحزاب متاسلمة جاهلة وامية لا هدف لها سوى السرقة وتكملة ماسار عليه البعثيين المجرمين من تهديم وقتل


2 - لكَ حلال ؟
حسن الكوردي ( 2016 / 5 / 3 - 20:31 )
تحياتي أستاذ أمين .كنت جالس مع بعض ألأصدقاء نتابع وكنت أتمنى أن يحصل أكثر من الذي حصل كي يشفى غليلي . ولاكن لم يحصل ما تمنيت . وبعد إنسحاب الثوار شاهدتُ صورة رئيس البرطمان سليم الجبوري واقف أمام القنفة التي عليها آثار حمرة شفايف آلآء طالباني وعالية نصيف وفيان دخيل وهوا منزعج جدا على ما حصل ولم يفكر الجبوري يوما بألآف العوائل العراقية التي تنام وهي جوعانة بئس هؤلاء الحكام . وأخيراً تصريح المحروس والقائد المقدام نيجيرفان بارزاني الذي وصف الثوار بألبربرية وطلب إعتذار من الصدر ياسيد نيجيرفان إذا كان هؤلاء كما وصفتهم بربرية فمن تكون أنت وبلطجيتك عندما منعتم رئيس برلمان ألأقليم وطرد وزراء التغيير بجرة قلم أم لكَ حلال ولغيرك حرام يا سا سا سا ؟ .وشكرا لك


3 - من اقبــــح مارايت
كنعان شـــماس ( 2016 / 5 / 4 - 00:29 )
عراقي يرتدي بدلة فريـــــق عسكري يهرع ليقبل يدي مقتدى الصدر وفي تبرير هذا الخنــــــــــــــــوع تبين انه المسول عن عسكر حماية المنطقة الحضراء ؟؟؟ ايعقل وصلت التبلد بالعراقيين الى هذه البلوعـــة ؟؟؟ تحية يا استاذ امين

اخر الافلام

.. في الضفة الغربية المحتلة: سياسة إسرائيلية ممنهجة لجعل حياة ا


.. إسرائيل تصادر أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية منذ اتفاقيات




.. مشاركة كبيرة متوقعة في الانتخابات التشريعية البريطانية


.. غزة.. أطفال شردهم القصف الإسرائيلي ونازحون ينزحون من جديد




.. ماذا قدم حزب المحافظين للبريطانيين وما مصيره؟