الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المال يحيي الوجود ويميت العواطف

بنواحي هناء

2016 / 5 / 4
الادب والفن


في زمن بعيد جداً كان الفكر هو من يحدد وجود الشخص، أما الأن عاد المال هو من يحدد الوجود ، أصبحنا في عصر العملة كل ما كانت الودائع والأرصدة تعرف إرتفاعا كلما أثبت وجودك وقاموا بإعطائك قيمة، والعكس صحيح ، أصبحنا في عصر تعطى قيمة لمن لهم رصيد ضخم ومهم، حتى أن الأخطاء التي قد يرتكبونها قد تصبح أفعالا عادية جدا ولا عيب فيها ومبررة أيضا ، لأن لديهم المال تلك الأوراق السحرية عادت هي المتحكمة في بني البشر وفي الضمائر وفي الكثير من الاشياء.

ألحياة اصبحت مثل البورصة لا وجود فيها للفقراء والمساكين والمفكرين، ولا يمكن اثبات وجودهم بالفكر ، لان ليس لديهم رصيد وممتلكات وأسهم ، فعلا من العيب أن ينتهي عصر النخبة المثقفة والمفكرين والاشخاص العادين الذين يثبتون وجودهم بالوعي الفكري والثقافي ، ويحل محلهم أصحاب العقول الغيبة والمتحجرة التي تحمل قلوب ملوثة ، لكن رغم هذا فهي برهنت على وجودها بالمال وما أدراكم ما هذا الاخير، يفعل الكثير في نفوس الناس ويغير الكثير، حتى الطباع يغيرها ويتحول الإنسان إلى كائنات أخرى، يصعب التعرف عليهم هل هم من سكان الأرض، أم من سكان العالم الأخر.

فعلا هذه الدنيا غريبة أشخاص لا يهمهم من أين يحصلون على المال لكي يصبحوا أغنياء ويدخلون عالم البورصة لكي يتربعوا على قمم الوجود وهم لا وجود لهم في الأصل ، ولا يظنوا أن الناس تحترمهم وتقدرهم من أجل أرواحهم ، بل تحترمهم من أجل ما يملكون، وابنتهاء المصالح والمال، ينتهي الإحترام وينهار كما إنهارت أسهمهم .

الناس ألأن اصبحت تحترم ما نملك من الجاه والسلطة ، فقط لا غير فعلا منتهى الحقارة أن يصبح الإنسان عبداً مدلولاً أمام الأوراق المالية حتى أصبحنا في عصر تكترى الأرحام ، ويشترى فيها الضمير، وتباع فلذات الأكباد من أجل المال والتهمة تكون الفقر هذا الاخير ، أصبح مبرراً لكل الجرائم الفظيعة التي قد ترتكب ، لكن الفقر ليس هو المذنب وليس هو المجرم ، بل هو الضحية الذي يلقون بكل الجرائم عليه، الخلل والمجرم الحقيقي هو في عقولكم التي صُلِيَ عليها صلاة الجنازة وبموت العقل مات الضمير ، وبموت الضمير مات كل شيء ، وانهارت أسس العلاقات الأسرية والعائلية وحتى الصداقة، لأننا ما عدنا نبحث عن العاطفة فقط عدنا نبحث عن المصالح سواء على حساب أنفسنا أو على حساب الأخرين ، لا يهم المهم هو الإرتقاء، حتى ولو كلفنا ذلك حياتنا لتتحول العقول والعلاقات إلى مبدأ الرأسمالية لا مكان للعواطف فيها ، فقط نأخد من غير أن نعطي نعتمد على الربح سواء أكان مشروعا أم لا المهم هو الربح الفردي فقط لا غير .

بنسبة لي لم ينتهي عصر عبادة الأصنام والأوثان ، وعصر العبودية ولن ينتهي لأننا وقعنا عقداً طويل الأمد مع تلك الأوراق، التي قد يضحي الشخص بعضو من أعضائه للحصول عليها فعلا أتأسف على حالنا وعلى ما ألت اليه حياتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل