الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق(الماضي وآفاق المستقبل) الجزء الاول

عبدالحسن حسين يوسف

2005 / 12 / 6
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


المـقــدمة
بداية اود ان انوه بأن الهدف من هذه الدراسة ليست التقليل من قيمة الحركة الشيوعية في العراق فشهدائها وتاريخها النضالي البطولي وآلاف السجناء والجوع الحرمان الذي تعرض له ابناء هذه الحركة هو اكبر من أي محاولة لطمسه ولكني واعتقد ان معي الكثيرين ان تشخيص اخطار الماضي هي دروس للحاضر والمستقبل. وحتى لاتذهب تضحيات الشيوعيين الذين سبقونا سداً علينا ان نضع اصبعنا على الجرح و نحاول مثل ما حاول رفاقنا القدماء ان نضع لبنة صغيرة في هذا البناء فهي خير من السكوت وهي محاولة لغلق ماخور الهزيمة فعذراً لكل من ورد اسمه بالنقد ومجداً لكل شهداء حركتنا الابطال (الكاتب).
* * *
انضجت من بين ما انضجته على صعيد الواقع ثورة 14 تموز عوامل واسباب الصراع داخل حركة الطبقة العاملة العراقية. فبفعل ظروف الثورة نفسها امكن تبين ملامح التيار اليميني الاصلاحي المهيمن على قيادة الحزب الشيوعي العراقي ولقد كان موقف الحزب من سلطة البرجوازية ابان الثورة الدور الاكبر في تجسيد ملامح هذا التيار وجرى ذلك في الميدان وعلى ارض الواقع والتجربة العملية للجماهير. لقد تمخضت ثورة تموز عن حالة واضحة من ازدواجية السلطة تمثلت من جهة بالسلطة الديمقراطية الثورية التي كان يمثلها تحالف العمال و الفلاحين و جنود وبقية شرائح المجتمع، وراحت تقيم سلطتها (دكتاتوريتها) في المدينة والريف، فقد تهدم جهاز الدولة القديم وشل جهاز القمع وقد اغلقت مراكز الشرطة ابوابها لاشهر وفي الريف صادر الفلاحين الارض وممتلكات الاقطاعيين، وفي المدن قامت سلطة شعبية(سوفيتية) تتحمل هي مسؤلية الادارة وتشكلت قوات الجيش الشعب (المقاومة الشعبية). وظهرت الاتحادات المهنية (العمال، الطلبة) ومارست عملها دون ترخيص رسمي. كذلك ظهرت لجان ثورية في الجيش من الجنود والضباط وضباط الصف، خرقت القوانين البرجوازية ومزقتها دون ان تفقد التزامها الثوري العالي وانضباطها وبيّن سلطة البرجوازية المعزولة والخائفة والعاجزة عن ممارسة السلطة حتى بادنى اشكالها. لقد انتهت الحالة الازدواجية هذه على يد قيادة الحزب الشيوعي التي قررت تسليمها طوعاً، للاعداء وعمدت علنا على الاشتراك في جوقة البرجوازية وفي تقريرها الصادر عن اللجنة المركزية في اواسط سنة (1959)، اتهمت سلطة الشعب الثورية بالجهل والغوغائية وعدم معرفة الظرف السياسي في البلد. ان هذا الموقف الخاطىء ناتج عن منظومة فكرية كاملة هي تجسيد النظرية الاصلاحية الداعية الى عبادة المراحل التاريخية والاصرار الجامد على اجبار الحياة على الرضوخ للنصوص الجامدة وهي في النتيجة وعلى الصعيد الواقع العملي والحس الجماهيري موقف تخل عن قيادة الثورة وخيانتها قوبل بما يستحقه من الرفض وخلق حالة من الاحتجاج داخل صفوف الحزب في قواعده القريبة من الجماهير وولد ايضاحاً له من الاحباط لدى قطاعات واسعة من الجماهير الثورية واسلمتها للبؤس والوقوع تحت سيطرة ونفوذ الطبقات الاخرى. وقد كان من الغريب على الفرسان الخط الاصلاحي ان يتهموا الشعب بالجهل والغوغائية في حين لم يمض اعترافهم بجهلهم ثلاث سنوات فقد اصدروا وبتأثير مؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي سنة 1956 شعار (اسقاط الحكومة الملكية سلمياً) حتى حدث عدوان عام 1956 على مصر واشتعلت الانتفاضة في العراق لتجرهم على مراجعة موقفهم والاعتراف (بتدني مستواهم النظري) أي الاعتراف بجهلهم هم وليس الشعب. ان جذور الاصلاحية الانتهازية موجودة بقوة في تاريخ الحزب ولكن انهيار سلطة الاقطاع وصعود البرجوازية هي التي عرتها وكشفتها اكثر. ولقد جاءت الظروف والاحداث اللاحقة وخصوصاً بعد انقلاب 8 شباط 1963 البعثي الفاشي ليزيد في بلورة الصراع داخل الحزب وتعمقه، فتحت وطاءة الهزيمة ازدادت حركة الرفض وفي غمرة التسلط الارهابي للأنقلابيين ظهرت اولى بوادر التمرد هذه على يد مجموعة من ضباط الصف والجنود الثوريين، لقد ثارت آخر بقايا سلطة الديمقراطية الثورية المهزومة لنفسها بأنتفاضتها الباسلة في 3تموز 1963، واثبتت شجاعة قادتها وموقفهم البطولي اثناء محاكمتهم وموقفهم البطولي اثناء اعدامهم. وفي الوقت الذي يتم بعد جفاف دماء (حسن سريع) ورفاقه قام التيار الاصلاحي بمحاولة حل الحزب الشيوعي العراقي في اتحاد الاشتراكي العربي وهو تنظيم مسخ صنعه عبدالسلام عارف سنة 1964 هذه الخطوة التي اشتهرت باسم (خط آب) وكانت عنصر تفجير الاول للصراع داخل الحزب اذ قوبل الخط المذكور بمعارضة واسعة من لدن كوادر وقاعدة الحزب في حين لجأ قسم من الشيوعيين الى الانشقاق وتكوين حزب مستقل قاد الضابط الشيوعي المعروف (سليم الفخري) وعمل تحت اسم (الحزب الشيوعي العراقي ـــــ اللجنة الثورية). لقد كانت الانتفاضة المذكورة اول ظاهرة انشقاقية ثورية عبرت بضرورة قيام حزب ثوري للشيوعيين بعيدا عن هيمنة القيادة الاصلاحية التصفوية الا ان هذه المبادرة حملت معها نواقص وثغرات الولادة المبكرة غير الناضجة، فمن جهة لم تكن عناصر الانشقاق قد وصلت الى امكانية نظرية عالية تؤهلها لبناء حزب شيوعي ثوري بديل، ومن الجهة الثانية ان اغلب كوادر الحزب الشيوعي في التيار الاصلاحي(ل. م) فضلوا العمل من داخل الحزب لتغيره. فلقد تميز الانشقاق المذكور بتدني المستوى النظري وبأفتقار هذا الجانب من العملية الثورية لان الانشقاق بالاساس هو تعارض رؤيتين ونظريتين ولأن(اللجنة الثورية) لم تكن قادرة على تكوين نظرتها المستقلة والمتكاملة، فقد وقفت تحت تأثير التكتيك العسكري البرجوازي الذي كان مغريا وشائعاً آنذاك (تكتيك الانقلاب العسكري) وانطلاقا من هذه النظرة راحت اللجنة الثورية تعمل على تنظيم نفسها ومحاولة شن هجوم عنصره الاساسي هو الجيش، ولكن سرعان ما تبين ان التكتيك المذكور لايصلح لحزب ثوري ماركسي لينيني، وان مهمة بناء الحزب الثوري مهمة اشمل و اعمق واكثر سعة من حصره في (انقلاب عسكري). لقد افرزت عملية الرفض داخل الحزب الاصلاحي (القيادة اليمينية) على تغير سياستها وقامت برفع شعار اسقاط السلطة وبهذا العمل زالت معظم الاسباب التي دعت لقيام(اللجنة الثورية). بعدها تمكنت السلطة العارفية من توجيه ضربة قاسية لقيادة وقواعد (ل. ث)، بما فيها الامين العام (سليم الفخري) ليعود الصراع بعد ذلك الى داخل تنظيم (ل. م) فقد تشكك الكوادر وقواعد الحزب بجدية رفع شعار اسقاط السلطة وان رفعه كان مناورة لاسقاط صوت المعارضة وامتصاص نقمتها. وقد ثبت ان رأي القواعد كان في محله فلم تضع قيادة(ل. م) تكتيك مناسب مع شعار يؤمن تحقيقه، بل رفع شعار ثوري في حين ظل الاسلوب اصلاحياً لايتعدى وسائل العمل الجماهيري السلمي( كتابة الشعارات على الجدران وتوزيع البيانات والعرائض بعدها تفتقت عبقرية الاصلاحيين عن الدعوة الى دراسة التجربة منذ 1946 واعادة طبعة جديدة من انتفاضة 1948. اثناء ذلك كانت الظروف الموضوعية تنضج بسرعة، والمشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماهية تتفاقم وعزلة نظام العسكري الدكتاتوري العارفي تزداد الامر الذي شكل عامل انضاج وتعمق الصراع داخل الحزب وادى الى دفعها لاتخاذ اشكال اكثر تنظيماً فظهرت تكتلات ثورية داخل الحزب كان ابرزها: 1- تكتل لجنة منطقة بغداد الذي اشتهر تقريرها الموقع باسم (مصباح) والذي وزع على القاعدة خلافاً لرأي القيادة. 2)تكتل فريق من الكادر اللينيني التي اعلن تبنيه لكفاح المسلح. 3)تكتل وحدة اليسار الذي كان يقوده امين حسين الخيون وتبنى خط الكفاح المسلح. ان الكادر و وحدة اليسار توصلا الى حد الاندماج في حين كان هناك تنسيق بينهما مع تكتل منطقة بغداد الذي يقوده (عزيز الحاج). وفي ظل هذه الاجواء انفجر الانشقاق الذي بادرت اليه منطقة بغداد واعلن في ايلول عام 1967 ظهور ( الحزب الشيوعي العراقي ــــ القيادة المركزية). لقد كان لهذا الحدث اكبر عمل يعبر عن رفض قواعد الحزب وكوادره وجماهيره للقيادة الاصلاحية اليمينية. فلقد اثار الانشقاق في حينه دوياً هائلاً لا في العراق فحسب بل في عموم الحركة الشيوعية العالمية خارج مايسما آنذاك (بالمعسكر الاشتراكي) وقد التحق بالتنظيم الجديد الغالبية العظمى من كوادر الحزب واعضائه وتصاعدت استعدادات الجماهير والطبقات الثورية للنضال وللاول مرة في تاريخ الحركة الشيوعية العراقية والعربية وعموم المنطقة واجهت الاصلاحية اليمينية حملة تشهير وتعرية واسعة مترافقة مع عملية الانشقاق الواسعة.
الا ان ظاهرة القيادة المركزية و على الرغم من أهميتها في تاريخ الحزب قد اكتسبت قيمة اكبر من قيمتها الحقيقية واختلط في تقيمها الرغبة والطموح الثوري الجامح و الذي كللته الجماهير و قواعد الحزب بالحقائق الملموسة و بهذا أضاعت و انطمست امكانية تقييم الظاهرة و وضعها في الحجم الطبيعي الذي تمثله و قد لعبت اسباب عديدة بدورها في ذلك.
1/ كون الانشقاق حدث في ظروف امتازت بتصاعد النضالات الجماهيرية والعمالية ، الطلابية ، الفلاحية والتي صعدتها ظروف تردي الاوضاع العامة وضعف النظام وهزاله ورجعيته و عزلته القاتلة مقابل سعيه لأضطهاد الجماهير و الارتداد عن منجزات ثورة تموز البرجوازية وعقد صفقاته المشبوهة مع احتكارات النفط و شركاتها مثل شركة (أيراب الفرنسية) لاستثمار النفط في جنوب العراق ومواصلة حربه ضد الشعب الكردي و محاربته للقوى الوطنية والتقدمية و كافة مصالح الطبقات الثورية.
2/ حدث الانشقاق في ظروف هزيمة برجوازية الدولة (الكولنيالية) أثر حرب حزيران العربية الاسرائيلية (1967) الامر الذي انعكس في الواقع السياسي بصورة هزيمة للدعاوى الاشتراكية المزيفة التي طرحتها هذ الانظمة وقد تجلى ذلك بانحياز كثير من الاحزاب البرجوازية الصغيرة بأتجاه الماركسية.
3. ترافق هذا كله مع ظروف تألق الثورة الكوبية وثورة أمريكا اللاتينية وبزوغ نجم (جيفارا) الاسطوري بأعتباره صون ثورة في البلدان المتخلفة والمستعمرة وعنه انتشرت اسطورة الكفاح المسلح كوسيلة ماضية في النضال ضد الامبريالية.
بهذه العوامل يعود الفضل في اكتساب (القيادة المركزية) المكانة التي اكتسبتها بهذه في ضمير مناضلي الحزب وفي صفوف الجماهير العراقية والى هذه الاسباب بالذات تعود الهزيمة وفشل هذه التجربة اذ بفعل العوامل الانفة الذكر جرى
1/ التغاضي عن اهمية وضرورة النظرية الثورية والخطة الثورية التكتيكية والاستراتيجية لتحل محلها الارادة العفوية من تقديس (السلاح) دون نقده وتصويبه، الامر الذي انعكس بصورة فوضى فكرية داخل الحزب ضمن افكار (الجيفارية ، الدوبرية، الماوية . . الخ) الى نبذ فكرة السلاح والكفاح المسلح لأن القيادة المركزية كانت مجموعة من الكتل المتصارعة فكرياً وتنظيمياً لايجمعها الا رفضها سلوك (اللجنة المركزية).
2/ بنيت في غمرة أجواء الانشقاقات فقدان الوحدة الفكرية التي قام عليها التنظيم والتي كانت واضحة في الفترة السابقة على قيامه كدليل على ذلك يمكن ايراد مثال ترك حسين جواد الكمر(وليد) الذي يعتبر الشخص الثاني بعد عزيز الحاج، الحزب احتجاجاً على اتجاه الحزب للاقتراب من طروحات (فريق من كوادر الحزب) حول تبني خط الكفاح المسلح اذ كان يرى من جهته بأن المطلوب هو (انتفاضة عسكرية شعبية) وهو الامر الذي قام على اساسه بالتحالف مع عزيز الحاج في حينه. من جهة اخرى فقد ضمت القيادة المركزية العناصر المعروفة بتأيدها العتيد لاتجاه خط آب 1964 مثل (بيتر يوسف حميد صافي) وكثيراً من القياديين كانت خلافاتهم ثانوية لاتتعدى خلافات على المنصب الحزبي ومخصصات التفرغ الحزبي و اسباب ذاتية اخرى.
3/ أن اكبر دليل على عدم اتفاق (القيادة المركزية) النظري والسياسي هو تبنيها لبرنامج (اللجنة المركزية) حتى بعد انشقاقها واستقلالها تنظيميا وابقائها عليه بأعتباره برنامجها. ان الحدث الاكبر والاهم من بين الاحداث التي رافقت ظهور (القيادة المركزية) واكسبها سمعة واسعة هو حدث انتفاضة الاهوار المسلحة الذي تفجر في حزيران 1968. لقد كتب شيء كثير عنه وبالذات من (اللجنة المركزية) نفسها خاصة وان التيار الذي كان وراء الانتفاضة قد صفيَ أما استشهاداً او سجناً وجرى شيء ذاته على يد (القيادة المركزية) بعد الضربة الاولى التي وجهت لها في 1969 وبعد ان توفرت لها فرصة إعادة تقييم و دراسة الانتفاضة كرس مرة اخرى ومن جديد تزوير تاريخي فاضح وأغفلت الحقائق وطمس دور الرفاق و القوى ذات العلاقة بالأنتفاضة لتنسب كلها ل (ق. م)، وتتطلب الضرورة الان ان تجري اعادة ترتيب الحقائق وكما هي.
المعروف كما سبق ذكره انه كانت هناك ثلاث تنظيمات تمثل اتجاه المعارضة داخل الحزب الشيوعي أكبرها تكتل (لجنة منطقة بغداد) الذي بادر في ايلول 1967 الى اعلان (القيادة المركزية) وما ان ظهر التنظيم الجديد حتى بادر التنظيمين الآخرين تنظيم وحدة اليسار، تنظيم وفريق من الكادر الذي يقودها أمين حسين الخيون و ابراهيم علاوي (نجم محمود) الى توحيد نفسيهما والعمل تحت اسم (فريق من كوادر الحزب) وصدر التكتل الجديد مذكرة تحت عنوان (من اجل اعادة توحيد حزبنا على اسس مبدئية) وزعت بصورة واسعة وظهر واضحاً في حينه ان الحزب منقسم الى ثلاث تيارات وظل الامر على هذا الحال حتى كانون الثاني ــ شباط 1968 حيث تم عقد كونفرنس منظمة (فريق من كوادر الحزب) تقرر في حينه الاندماج بالقيادة المركزية. رغم ان التهيئة للكفاح المسلح أبتدأ في الاهوار من قبل التنظيم المذكور قبل ظهور القيادة المركزية وقد ظلت (ق. م) ترفض فكرة الكفاح المسلح وحرب العصابات وحتى كانون الثاني 1968 وجه عزيز الحاج رسالة الى تنظيم الكادر ابتدأ بالقول (أني اشارككم الرأي أيها الرفاق ان مهمة الثوري هي ليس انتظار الظروف بل خلقها أيضاً) وكان هذا اول تغيير يطرأ على (ق. م) ازاء قضية العمل المسلح وحرب العصابات. رغم ذلك فأن منظمة (ف. م. ك. ح) لم تتفق كلها بمسألة الاندماج غدت ملحة بل على العكس كان هناك رأي واضح يقول بأن عملية الاندماج قد تعني تحايلاً جديداً على شعار الكفاح المسلح و مناورة من اجل تعطيله والدليل على ذلك أن أغلبية القياديين في القيادة المركزية ومنهم عزيز الحاج لم يغادروا مدنهم واماكن تواجدهم المعروفة لتنظيم (ل. م) مما سهل القاء القبض عليهم الا ان (نجم) الذي كان مكلفاً بالتفاوض وعقد الصلة مع (ق. م) وجد ان تأجيل الاندماج لامعنى لها وأن الضرورة تدعو الى الاسراع في تحقيقه واستطاع في حينه أجتذاب كل من شهيد خالد احمد زكي والشهيد نوري كمال الى صفه، في حين بقي امين حسين الخيون مصراً على رفض مبدأ الاندماج وقرر ان يشكل تنظيمه تحت اسم (منظمة الكفاح المسلح)في حين راح نجم و انصاره يعدون لـ(كونفرنس) المنظمة وقرروا دمجها بالقيادة المركزية بشرط ان تلتزم القيادة المركزية بالكفاح المسلح في الجنوب وهكذا قام الرفاق من (تنظيم كادر الحزب) بتشكيل قاعدة عسكرية في اهوار الجنوب بقيادة خالد احمد زكي استطاعت القيادة المركزية فرض شخصين منها داخل القاعدة هم (حسين ياسين) و (عقيل حبش)، ترك الاول المعركة وهرب وفقد الثاني سيطرته على نفسه أثناء القتال مما أجبر رفاقه الى ربط يديه وفمه حتى لايسمع الجيش صياحه الهستيري وقد اقام الشهيد خالد المعركة بعد ان يأس من وعود القيادة المركزية فأعلن انفصاله عنها وغير موقعه في الاهوار، واعلن تنظيمه الجديد تحت اسم (جبهة الكفاح المسلح في العراق) هكذا فقد بدأت التهيئة للكفاح المسلح في جنوب العراق دون ان يكون لتيار عزيز الحاج أي دور او صلة فعلية فيه، ان الصلة الفعلية لهذا التيار في انتفاضة الاهوار هو صلة الدعاية والتطبيل وأصدار البيانات العسكرية في بغداد وخوفاً من النتائج بادر عزيز الحاج الى منح الرفيق الشهيد خالد احمد زكي عضوية القيادة المركزية التي تخلى عنها قبل اعلان القتال وأن كثيراً من الدكاكين السياسية لاتزال تستعمل اسم الشهيد خالد بأعتبارها وريثته الشرعية لتحوله الى أيقونة يتصدر أسمه كل ورقة صفراء تصدرها. هذه الوقائع وغيرها وبالاخص الاحداث اللاحقة على انقلاب 17 تموز 1968 الفاشي أثبت بأن (ق. م) ماهي الا تجربة غير مكتملة وغير ناضجة لأن نضج التفكير عن الضرورة الداعية لقيام الحزب الشيوعي الثوري خامر الانقلاب المذكور وظهر بالمقابل تخبط (ق. م) وعجزها عن فهم ابعاد الانقلاب وحجم المخاطر التي يمثلها والاساليب و الوسائل الكفيلة بمجابهته انطلاقاً من تأمين وصيانة الحزب و الحفاظ عليه. وفي حين كانت المسؤولية تفرض على الحزب وقفة يجري من خلالها تحليل المتغيرات الحاصلة بعد الانقلاب، ظلت (ق. م) ترفع شعارات الكفاح المسلح وحرب العصابات في حين ساهمت بأهمال الانتفاضة وقت حدوثها و تجاهلت طلبات قادتها.
هناك نقطة اخرى هامة هي نقطة تنفيذ الانشقاق و بغض النظر عن الطريقة التي نفذ فيها، فهناك رأي يطرحه (ف. م. ك. ح) يقول ينبغي ان يجري النضال لغرض عقد مؤتمر وطني للحزب وأن التيار الثوري حتماً له الغلبة فيحصل التيار الثوري أثناء المؤتمر على الشرعية الثورية و الشرعية الدستورية وقد ثبت الواقع صحة هذا الرأي فقد انحاز مع (ق. م)80% من اعضاء الحزب وكوادره العمالية مما اثار استغراب الكثيرين وهو كيف تختار الاكثرية الانشقاق عن الاقلية وقد اثارت خطوة الانشقاق هذه كثيراً من الفوضى وعدم الانضباط الحزبي أستطاعت بعدها الاقلية ان تملك زمام الامور و تعيد كيانها بعد ان سجلت ضربة 1969 الموجهة ل(ق. م) هزيمة لا للحركة الشيوعية الثورية في العراق بل هزيمة وطنية كبرى انغرست عميقاً في ضمير جماهير ومناضلي الحزب والحركة الشيوعية في المنطقة. أما المحاولات التي بذلت بعد ذلك لأحياء القيادة المكزية فقد اتجهت ذات الاتجاه الانعزالي، اذ بقيت القيادة منحصر نشاطها في كوردستان والخارج وتتصرف بروح رد الفعل على الارهاب البعثي، واستطاع (نجم) ومجموعته تصفية كل من لم يوافقهم الرأي، ابتداً بطرد (مصلح مصطفى) الامين العام للقيادة المكزية بعد عزيز الحاج و انتهاءً بقتل (ابو جعفر) القائد العمالي البارز والمنفذ الرئيسي للانشقاق في بغداد سنة 1967. ثم قامت مجموعة نجم بتصفية البقية الباقية من كوادر الحزب عن طريق عدم اختيار الاعضاء القياديين ونقل كثير من المندسين الى اماكن خطرة في بغداد والجنوب وعلى رأسهم الخائن سعد الحديثي(منصور) الذي استطاع تدمير منظمة الناصرية ومنطقة بغداد وظهر قيما بعد انه احد ضباط الامن. واستمرت شلة(ابراهيم علاوي)(نجم محمود)في كوردستان وعندما انهارت الحركة القومية الكوردية سنة 1975 بعد اتفاق الجزائر بين صدام حسين وشاه ايران انهارت معه وغادرت العراق لينقلب اكثرهم الى تجار بعد ان وزعوا مالية الحزب حسب المسؤولية والكفاءة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي