الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمصر ...أزمة نقابة الصحفيين تكشف أزمة أعمق

بهجت العبيدي البيبة

2016 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


 أزمة حقيقية تلك التي نشبت بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية، تلك الأزمة كشفت عن أزمة أعمق تتمثل في شيئين هامين: الأول غياب الحكمة، والثاني التعصب والتحزب والاستقطاب الذي أصبح سمة كل شيء في مصر، والذي شهدنا أَوْجَهُ في آخر اختلاف في الرأي في قضية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية.

وغياب الحكمة كان من طرفي الأزمة واضح كل الوضوح اِبْتِداءاً من السماح لاثنين من المطلوبين أمنيا بدخول نقابة الصحفيين، ثم عدم التعاون من قِبَل نقيب الصحفيين ومجلس إدارة النقابة مع الجهات الأمنية لتسليم المطلوبين بأمر النيابة العامة بالضبط والإحضار، ولم تكن الحكمة جَلِيةً فيما أقدمت عليه وزارة الداخلية ب " اقتحام النقابة " في حادثة هي الأولى من نوعها في التاريخ، وهنا ممكن أن يتساءل البعض، عن الوسيلة التي كان يمكن بها القبض على مطلوبين أمنيا لجئا  لمبنى نقابة الصحفيين، وهو سؤال الهدف منه تبرير دخول الأمن للنقابة، ويبدو سؤالا منطقيا، وإن كنت أرى أن الداخلية ورجالاتها لم تكن - لو أرادت - أن تَعْدِمَ وسيلة، وهو ما كان سيجنبنا مثل هذه الأزمة.

إن أنصار الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأنا منهم، لديهم حساسية مفرطة في أي رفض لقرار أو تصرف أو فعل تأتي به السلطة التنفيذية، فهم في حالة توجس دائمة ولديهم قناعة لا تقبل أي شك أن الدولة مستهدفة باستهداف النظام، هذا النظام الذي يرى فيه أتباعه أنه طوق النجاة الوحيد لهذا الوطن، وهؤلاء الأنصار جاهزون مستعدون للنيل ممن يأتي برأي مخالف لما تراه السلطة التنفيذية، وليس الرئيس عبد الفتاح السيسي وحسب.

إن المؤيدين لاقتحام النقابة!! يسوقون العديد من الاتهامات للصحفيين، الذين يرونهم من أهم أسباب عرقلة الرئيس في نَهْضَةٍ وَعَدَ بها قبل توليه كرسي الحكم، ويعمل، في الحقيقة، بكل طاقته لإنجازها.

وعلينا أن نعترف أن المجال الصحفي، مثله مثل كافة المجالات في مصر، به الصالح والطالح، ولكنه في النهاية يبقى صوت وضمير الأمة بالأغلبية العظمى فيه، والتي تعلن تأييدها بكل وضوح وصراحة - وتتهم في ذلك - للرئيس، وتدفع في تشكيل وعي ورأي عام يلتف حول الوطن، ولعله لو أخذنا نموذجا، لوجدنا أن الأغلبية الساحقة من كتاب الرأي في الصحافة المصرية يشعلون شمعة تضيء الطريق للمواطن للالتفاف حول قضايا الدولة الهامة والتي تعتبر قضايا مصير، وتدافع بكل قوة وحماسة عن الرئيس، عن إيمان في أنه يبذل قصارى جهده، وفي أنه رجل المرحلة لا شك في ذلك، وفي المقابل لن تعدم صوتا يختلف مع هذه السيمفونية، وهذا يتفق وطبائع الأمور.

والذي يجب أن يعلمه المواطن الشريف!، أن الغيرة على نقابة الصحفيين أمر محمود، فحضارة وتقدم الدول تقاس بما تمنحه للإعلام من حرية ومكانة،  والنقابة كملنا تمثل حالة رمزية فهي قلعة الحريات العامة، تلك الحريات التي تضمن تفاعل مجتمعي، يُخْضِعُ الأفكار للبحث والدرس والتمحيص، ومن ثم الحصول على رؤى أقرب للصواب منها للخطأ، نعم ليس على رأس الصحفي أو الكاتب ريشة، وليس فوق القانون، ولا ينبغي له ذلك، فهو مواطن مصري، يخضع لما يقرره الدستور من واجبات، كما يتمتع بما يسمح به الدستور من حقوق، ولكنه يظل المستشرف للمستقبل، المُشَكِّلَ للوعي، الناقد البصير، المحرك للهمم، الذائد عن قيم المجتمع.

إن الأزمة الراهنة بين أصحاب القلم وبين المنوط بهم الذود عن القانون وتنفيذه، إن كان الأغلبية العظمى فيها من الشعب مُفَضلَة أن تنحاز للقانون وتنفيذه، وهو أمر محمود، فالخوف كل الخوف، أن تفتح بابا، لا يجب أن يُفْتَحَ، يسيء لمصر ولنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي بين الفينة والأخرى، يتم اصطناع أزمة له، غالبا ما تكون من الداخل، تغطي على تلك الإنجازات التي يحققها الرجل، والتي يدفع ثمنها النظام، إن تراكم الأزمات يبدو لي هدفا لهؤلاء الذين يعملون بكل طاقاتهم لإسقاط مصر من خلال إسقاط النظام.

بكل تأكيد لن تعدم مصر حكماء، يستطيعون تهيئة الأجواء في مصر، على كل المستويات، لنزع فتيل الأزمات من ناحية، وإزالة حالة الاستقطاب الحاد، بين طرفين لا يوجد بينهما مقارنة، من ناحية ثانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 50.000 لاجئ قاصر في عداد المفقودين في أوروبا | الأخب


.. مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!! • فرانس 24 / FRANCE 2




.. نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو جرى اتفاق بشأن الرهائن والهد


.. رفعوا لافتة باسم الشهيدة هند.. الطلاب المعتصمون يقتحمون القا




.. لماذا علقت بوركينا فاسو عمل عدة وسائل أجنبية في البلاد؟