الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- المواطنون الشرفاء - ومداهمة الشرطة لنقابة الصحفيين فى مصر

بشير صقر

2016 / 5 / 7
حقوق الانسان



" المواطنون الشرفاء " الذين يطلق عليهم البعض حثالة الطبقة العاملة موجودون فى كثير من بلاد العالم لكنهم يتركزون فى البلاد المتخلفة والفقيرة حيث الفاقة والجهل وندرة فرص العمل .. وحيث تتواجد جيوش العاطلين ، وهم موجودون فى كثير من البلاد العربية خصوصا فى الشمال الإفريقى ، ولو تتذكرون فى أواخرعام 2009 إبان أزمة مباراة مصر / الجزائر فى كرة القدم كان لهم الدور الرئيسى فيما حدث فى مصر ضد الفريق الجزائرى وفيما حدث بعدها فى الخرطوم ضد الفريق المصرى وقت المجزرة الشهيرة التى جرت فى أعقاب المباراة الفاصلة بين الفريقين.

هذا وتركز دورهم فى مصر فى مهاجمة أوتوبيس لاعبى الجزائر فى المسافة بين مطار القاهرة وفندق الإقامة القريب من المطار .حيث انتظروا حافلة الفريق فى منعطف كانت سرعة الأوتوبيس فيها بطيئة جدا وهو ما يعنى أنهم يعرفون خط السير جيدا . كان الهدف من مهاجمتهم هو بث الرعب فى قلوبهم نظرا لصعوبة المباراة حيث كان مطلوبا أن يحرز الفريق المصرى أكثر من هدفين للتأهل .

المهم فى الأمر أن هؤلاء " المواطنين الشرفاء " قذفوا الأوتوبيس بالحجارة وأصابوا لاعبا أو اثنين .. ولم يفطن يومها الذين حرضوهم إلى أن هناك سيارة أخرى بها رئيس اتحاد الكرة الجزائرى ( راوراوا) وصحفيو ومصورو إحدى وكالات الأنباء الفرنسية علاوة على مندوب من اتحاد الكرة الدولى.. حيث تم تصوير حادث الاعتداء بالصوت والصورة .. وأنكر الجانب المصرى والمحرضون كل اتهامات الجانب الجزائرى حتى صدمهم الأخيرون بالوثائق والصور التى قدموها لجهات التحقيق.
إذن هناك جريمة- ارتكبت خارج ملعب المباراة – كاملة الأركان موثقة بالمستندات لا يمكن الفكاك منها.

المهم بانتهاء المباراة بهدفين لصالح الفريق المصرى كان لابد من مباراة ثالثة على أرض محايدة ( السودان) ومنذ تحدد موعدها أعد الجزائريون خطتهم للفوز بالمباراة وبالانتقام من الجمهور واللاعبين المصريين انتقاما لا يمكن نسيانه.
كان الإعداد للمعركة الثأرية كالآتى :

1- تعليمات للجماهيرالجزائرية التى تحضر المباراة بمضايقة اللاعبين المصرين أثناء سيرها .

2- قيام الجمهور الجزائرى فى الفترة من يوم الوصول الخرطوم حتى يوم المباراة بإعداد الأسلحة البيضاء والأدوات التى ستستخدم فى المعركة وإخفائها .

3- التحرش بأى مصرى يصادفونه فى شوراع الخرطوم والاعتداء عليه .

4- نقل أعداد إضافية من هؤلاء " المواطنين الشرفاء " فى طائرات تابعة للجيش الجزائرى .

5- بدء المعركة فور انتهاء المباراة أيا كانت نتيجتها فوزا أو هزيمة.

ولحسن حظ الجمهور المصرى أن فريقه خسرالمباراة الأمر الذى حد من روح الثأر التى حضر بها الجزائريون من بلادهم .. وقلل إلى حد بعيد من حجم المواجهات التى تعرض لها المصريون. وأتذكر أن هؤلاء المواطنون الشرفاء يطلقون عليهم فى الجزائر لقبين أحدهما هو المظاليط والآخر هو الحيطسط ( ومصدرها .. الحائط ) ، ويسمون فى سوريا الشبيحة وفى مصر البلطجية، وقد تم نشر صورهم عقب وصولهم مطار الخرطوم أثناء الشوط الثانى من المباراة - وهو ما يعنى أنهم لم يشاهدوا المباراة لأنهم لم يحضروا إلا لخوض المعركة مع الجمهور المصرى- واتضح ذلك من هيئتهم وجلوسهم على الأرض وانصياعهم للأوامر الصادرة من قادتهم وهو ما يعنى أنهم محدودو التعليم وفقراء ولا يملكون أى منهم قيمة تذكرة قطار فما بالك بتذكرة طائرة، وعلى الفور تم انتقالهم إلى منطقة استاد الخرطوم.

هذا وبمجرد إطلاق صافرة انتهاء المباراة خرج الجزائريون من المدرجات وانتظروا المصريين خارج الملعب .. ودارت المعركة التى كان المصريون لا يتوقعونها وليسوا مستعدين لها .. وكانت مذبحة بمعنى الكلمة.
ويتضح مما حدث فى المباراتين ما يلى:

أولا أن أجهزة الدولة من الجانبين ضالعة فى استخدام وتوظيف هؤلاء البسطاء فى معارك منافية للقانون والأخلاق وما نقصده بأجهزة الدولة لا يقتصرعلى الشرطة بل يندرج تحتها اتحادات رياضية ، نوادى رياضية ، رجال أعمال فى مواقع المسئولية إلخ .. وبالمناسبة فإن اتحاد الكرة الجزائرى وجه الاتهام لسمير زاهر رئيس الاتحاد المصرى دون غيره . أما على الجانب الجزائرى فكانت الدولة مشاركة بقوة فى التدبير والإعداد والنقل من الجزائر للخرطوم وتوفير أدوات المعركة وغيرها .

ثانيا :أن العواقب الخطيرة لاستخدام هذ ه الشريحة من المواطنين فى تسوية حسابات الدولة مع معارضيها سواء فى الداخل ( كما حدث أمام نقابة الصحفيين فى 4 إبريل 2016) أو فى الخارج ( كما حدث فى مباراتى مصر / الجزائر بالقاهرة والخرطوم 2009 ) لا توضع فى الاعتبار .. المهم هو إزاحة الخطر المباشر أو الانتقام أو غيره من هذه الأغراض.أما مخاطر تحريض فئة من المجتمع على أخرى استنادا إلى جهل إحداهما بالحقيقة فلا تعنى لهم شيئا ذا أهمية، أو دفع شعبين للاقتتال بغرض كسب مباراة كرة أو انتقاما لعدوان سابق فلا قيمة له طالما تحقق الغرض المباشر من التحريض.

لقد ظلت أحداث المبارتين عالقة فى ذاكرة الشعبين لسنوات وتطورت فى الجزائرفى أعقاب الأحداث بمهاجمة مجموعات من الجزائريين لإحدى الشركات المصرية بالجزائر والعاملين بها من المصريين.
و كان المرحوم العامل عاطف الجبالى ( بالمحلة الكبرى ) أول من لفت النظر لاستخدام هذه الفئة (البلطجية ) فى تزوير الانتخابات ، فكتب دراسة قصيرة فى هذا الشأن قدمت للقضاء فى إحدى الدعاوى القضائية بالمحلة الخاصة بتزوير انتخابات مجلس الشعب فى النصف الثانى من تسعينات القرن الماضى وتضمن الحكم مقتطفات منها .


وأشارت الدراسة إلى أن تزوير الشرطة للانتخابات بمساعدة الموظفين الإداريين أعضاء لجان الاقتراع قد صار شائعا ومعروفا فى صفوف الشعب وأصبح من بديهيات عملية إجراء الانتخابات وهو ما أسهم فى عزوف الجمهور عن المشاركة فيها ومن ثم كان ضروريا استخدام وسائل أخرى توصل إلى نفس الهدف .. وقد توصلت قريحة الشرطة إلى استخدام البلطجية فى التزويربينما اقتصرت وظيفتها ( الشرطة ) آنذاك على حشد جيوش البلطجية وتوزيعهم على اللجان وتوزيع المقابل عليهم ومدهم بالأطعمة والسجائر.. وأحيانا " بتطفيش" الجمهور بعيدا عن اللجان فى المناطق المستنيرة أو مرتفعة التعليم أو التى تتضمن أعدادا كبيرة من النساء ( الناخبات ) وهو ما ارتكبته جماعة الإخوان- فى وقت لاحق - أثناء انتخابات الرئاسة عام 2012 فى المناطق والقرى المسيحية بخليط من البلطجية وأعضاء الجماعة ومناصريها . هذا وأشارت الدراسة أيضا إلى أن ذلك لا يستخدم إلا فى المناطق المكتظة بالبلطجية وفى المدن الزاخرة بجيوش العاطلين ومنها المحلة الكبرى .

كما تضمنت الدراسة ملاحظة بالغة الأهمية فى إجابتها عن تساؤل منطقى يقول : كيف لأجهزة الشرطة التى تأسست على مكافحة الإجرام ومواجهة خرق القانون أن تركن إلى استخدام البلطجية فى مهام إجرامية ومعادية للقانون والدستور..؟

تقول الدراسة بأن ذلك يعتبر شيئا مجافيا للمنطق فى البلاد التى تكافح الجريمة فعلا وتسعى لتطبيق القانون وتحول دون خرق الدستور، أما فى مصر فمنذ المرحلة التى طبقت فيها سياسة الانفتاح ووصل للبرلمان تجارالمخدرات وأصبحت الرشوة مفتاحا للحصول على الشهادات الدراسية والدرجات العلمية واستخراج بطاقات الهوية وجوازات السفربأسماء وهمية وتزوير عقود شراء وبيع أراضى الدولة وغيرها وشيوع تجارة المخدرات المصنعة ووصولها لكل ركن فى الريف وتضاعف أعداد الفاسدين فى مرافق وأجهزة الدولة وأصبحت الرواتب والدخول الثابتة لكثير من كبار الموظفين أدنى من دخل بلطجى أو مسجل خطر لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره.. لم يكن فى مستطاع الشرطة أن تقاوم ذلك الطوفان الرهيب وهو ما ضيق المسافة الفاصلة بين طوفان البلطجية وبين أجهزة الشرطة.
وشيئا فشيئا لم تعد هناك فواصل ذات بال؛ ومن غيرالطبيعى ألا تنعكس أمراض البلطجة على أجهزة الشرطة حيث قلّت حركة الضباط فى الشوارع؛ ورويدا رويدا سيطرت البلطجة على مناطق بأكملها فى كثير من الأحياء وبعض المدن وأصبح الضباط يعتمدون على بعض البلطجية فى " جلب القضايا ".. وبلغ الأمر حدودَ أن يتشارك بعض رجال الشرطة مع المسجلين والبلطجية فى اقتناء سيارات السيرفيس القديمة وتسييرها فى نقل الركاب بين المدن الإقليمية و القرى بل وبعض أحياء المدن الكبرى ، وقد اتضح ذلك بالمصادفة عندما اختلف أحد المواطنين على أجر الركوب مع أحد السائقين الذى اعتدى على الراكب ؛ وأصر الأخير على إبلاغ الشرطة .. فرحب السائق على غير المتوقع ؛ وفى قسم الشرطة أدرك الراكب أن سلك الطريق الخطأ ولم يخرج من القسم إلا بعد أن تصالح مع السائق الذى أسال دمه.

هذا وأضافت الدراسة أن نسبة البلطجية فى المحلة تكفى لتزوير الانتخابات فى محافظة الغربية بأكملها . ومنذ ذلك التاريخ انتشر استخدام البلطجة فى تزوير الانتخابات وتوسع إلى أن أصبح ظاهرة واضحة الملامح .. كذلك تنوع استخدام الشرطة لها فى مهام أخرى.. مثل تأديب المعارضين وفض الاحتجاجات الشعبية بالقوة وتفريق المظاهرات الثورية وأبرز أمثلتها فى ثورة 25 يناير 2011 موقعة الجمل وفض مسيرة ( التحرير / العباسية ) وبعض مظاهرات شرق القاهرة بعد ذلك.

ومن هنا فإن كثيرا من المحتجين على ممارسات الشرطة لا يجدون أفضل من شعار [ الداخلية .. بلطجية] يرفعونه فى مواجهة ما يعانونه منها من عنف وإهدار للكرامة واستهانة بالقانون وخرق للدستور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع


.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد




.. مؤيدو ترامب يطالبون بإعدام القاضي وبحرب أهلية