الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب .. و هويتنا البيضاء

عبد الجبار الغراز
كاتب وباحث من المغرب

(Abdeljebbar Lourhraz)

2016 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


الغرب .. و هويتنا البيضاء



عبد الجبار الغراز *
عندما تعرفنا ، كعرب ، على الغرب ، قدم لنا هذا الأخير ثقافته بشكل فج ، عن طريق تغلغله " في نسيجنا الثقافي ، على أنها تمثيل نموذجي عالمي في التدبير الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي و الثقافي و العلمي ..
حدث ذلك بطرق مختلفة زاوجت ما بين الترغيب المتجلي في التبشير بقيم حداثية عالمية كالحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية، و بين الترهيب المتجلي في التدخل العسكري و استعمال القوة المفرطة المؤدية إلى عنف و عنف مضاد .
و عندما أحرزنا على استقلالنا السياسي ، أردنا أن نسلك النهج الذي يقود إلى معاصرة لا تقلل من قيمة ما هو متجذر و متأصل فينا ، فجربنا الخوض مع الخائضين في تجارب عدة : ليبرالية ، اشتراكية ، قومية ... ، وتبنينا نماذج دولاتية قطرية، و لم نكن، و الحقيقة تقال ، في وضعية حقيقية للاختيار بين النموذج الأنسب لنا ، بل كانت تتقاذفنا رياح اليمين و اليسار طيلة سنوات الحرب الباردة.
و عندما بشر فوكوياما بنهاية التاريخ ، نهاية الإيديولوجيات ، و بتحرر الأسواق و تعولم العالم ، كانت الأحادية القطبية لنا بالمرصاد تتعقب كل تحرر جدي يروم تقدمنا المنشود .. لحظتها علمنا أنه لم يحدث أي تثاقف حقيقي بين عالمنا و عالم الغرب ، فازداد نسيجنا الثقافي تمزيقا، و أصبحنا في وضعية جبرية لا تسمح بحرية الاختيار بين نموذجه الليبرالي و بين نموذجنا الأصيل. فساد التوتر و التباعد بيننا و بينه.
نرغب الآن، في عصر الثورة المعلوماتية، و بعد هذه التجارب المتأرجحة بين النجاح و الفشل، أن نشارك العالم و نقتسم معه هذا الإرث الحضاري العالمي الإنساني، المناهض للعبودية و المساءل مساءلة نقدية لكل أشكال التطرف و الغطرسة.
لكن، كيف السبيل إلى ذلك و نحن لا نسعى إلى تجديد أدوات اشتغالنا السياسي، لتوسيع آفاق الرؤية و الفهم الموضوعي للأشياء المحيطة بنا، و محاربة كل جمود سياسي و تحجر عقائدي ؟
و كيف سنستطيع الوقوف من جديد و نحن لم ندبر بشكل عقلاني اقتصادنا و ثقافتنا لحل إشكالياتنا الكبرى كالفقر و الأمية و التخلف و التبعية ، و لم نصلح منظوماتنا السياسية و التربوية و الثقافية و الفكرية على ضوء متغيرات هذا العصر المعولم ؟
ينبغي أن نتحلى ، قبل فوات الأوان ، بالشجاعة و بالحزم و بالمرونة لتكون لنا موطئ قدم صلبة في هذا العالم ، و نصنع لأنفسنا مستقبلا زاهرا يليق بنا .
لقد آن الأوان أن نكف ، كعرب ، عن توجيه قاذفات النقد نحو بعضنا البعض ، و نعلم جميعا أن سبب كل هذا التردي و هذا الضعف الذي لحق بنا ، هو تلك الصورة النمطية التي رسمها الغرب عنا و أظهرنا ، من خلالها ، ككائنات آدمية لا عمق تاريخي و حضاري لها ..
صورة سنورثها، و لا شك ، بوعي منا أو بدونه ، إلى أجيالنا اللاحقة ، إذا لم نع ظرفيتنا الدقيقة التي نتواجد فيها حاليا.
فالنكوص و الارتداد و المكر اللاشعوري و الحيل الدفاعية من أجل الحفاظ على هوية عربية " بيضاء " لا يشوبها كدر و لا تتخللها نواقص ، ما عادت آليات دفاعية تليق بنا .
و الأمة التي تنشد الحياة هي تلك التي تبحث باستمرار عن نفسها.. فبالفحص و بالتأمل المبطن بالنقد الذاتي لأحوال وجودنا تكمن القيمة الحقيقية لنا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 50.000 لاجئ قاصر في عداد المفقودين في أوروبا | الأخب


.. مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!! • فرانس 24 / FRANCE 2




.. نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو جرى اتفاق بشأن الرهائن والهد


.. رفعوا لافتة باسم الشهيدة هند.. الطلاب المعتصمون يقتحمون القا




.. لماذا علقت بوركينا فاسو عمل عدة وسائل أجنبية في البلاد؟