الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمّال العرب: هموم واحدة ومطالب مشتركة

عصام شعبان حسن

2016 / 5 / 8
ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة


بدأت الاحتجاجات العمالية في التصاعد منذ بداية الألفية، وشكلت بتكرارها ظاهرة، ساهمت في إنهاء حالة الركود السياسي في المجتمعات العربية. أسباب كثيرة كانت وراء التحركات العمالية، فمشروعات التحرير الاقتصادي وإهمال البنى الصناعية وتفكيكها، بجانب ضعف الأجور، شكلت إطاراً للحراك العمالي. تنوعت مظاهر الحراك وإشكاله وأدواته. اعتصامات، مظاهرات، احتجاجات، وإضرابات تطالب برفع القضايا المحقة، دفاعاً عن حقوق العمال. كذلك تنوعت مطالب الحركات العمالية، فغالباً ما يرفع العمال أثناء حراكهم عدداً من المطالب ترتكز على ظروف العمل، الأجور، البدلات، الضمانات الصحية والاجتماعية، وصولاً إلى مطالب أخرى تتعلق بالحرية النقابية والحق في التنظيم.
شكل النموذج المصري الحالة الاحتجاجية الأبرز بحكم ضخامة عدد الطبقة العاملة وتمددها الجغرافي، بجانب تنوع القطاعات الإنتاجية التي يعملون فيها، وتصل نسبة العمال في القطاعات الصناعية إلى نحو 6 ملايين عامل، إضافة إلى العاملين في قطاع الخدمات والجهاز الإداري للدولة، وبهذا يتجاوز حجم العمالة المصرية عتبة 24 مليون عامل.
لم يخلُ قطاع عمالي من تسجيل وقائع الاحتجاج. احتجاجات لعمال الغزل والنسيج وهو القطاع الأكبر، احتجاجات لعمال الخدمات، كعمال النظافة، وصولاً إلى احتجاجات العمال في قطاع النقل الجوي. ولعل ذلك يؤشر أولاً إلى بؤس ظروف العمل والخلل القائم في هيكل الأجور وعدم تناسب الأجر مع ارتفاع حركة الأسعار. لقد شكلت أزمة البناء الاقتصادي المصري بجانب أزمة النظام الرأسمالي حالة من التأثير المباشر على أوضاع العاملين المصريين. ومع زيادة معدلات التهميش وارتفاع الأسعار، انفجرت الحركة العمالية في بداية 2008، ليصبح الاحتجاج العمالي ومظاهر الحركة الاجتماعية فعلاً يومياً لا يعرف الغياب.


لقد كانت اللجان العمالية والتنسيقية، أداة مساعدة لتضامن العمال مع بعضهم بعضاً، وسمحت هذه الأشكال بتضامن القوى الاجتماعية التي تدافع عن العمال وتتبنى مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية. لقد ظهرت خلال السنوات العشر الماضية إشكالات عمالية عديدة منها اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات العمالية، وكذلك لجان الدفاع عن العمال، ومع تصاعد الحراك السياسي بعد 2005، برزت توجهات اجتماعية تحاول الربط بين الحركة العمالية والتغيير السياسي، وربطت الحركة الشبابية في حركتها وشعاراتها بين مطالبها في تغيير النظام وبعض مطالب العمال. كما ظهرت لجان تنسيقية بين الاحتجاجات العمالية والقطاعات النشيطة لترفع شعارات عامة ومطالب تتجاوز المطالب الخاصة بكل مصنع على حدة، وشجعت الاحتجاجات المتكررة ذات المطالب المتقاربة، من تضامن العمال مع بعضهم البعض، ولعبت النخب العمالية دوراً في ذلك، خاصة القيادات التي تعرضت للفصل أو تلك التي سعت للحفاظ على مصانعها من مخاطر التصفية والبيع. وفي هذا الصدد رُفعت شعارات كالحد الأدنى للأجر وكذلك حق العمال في قانون عمل موحد يضمن بجانب الحقوق الاقتصادية الحق في التنظيم المستقل للعمال.
لم تكن بالطبع التجربة المصرية هي الوحيدة، وإن كانت الأبرز في الاحتجاج. شكلت الحركة العمالية التونسية وحركات الاحتجاج الاجتماعي بمناطق المناجم والمعامل، ظاهرة تصدت لديكتاتورية زين العابدين بن علي، وتشابكت مدن كالمحلة الكبرى في مصر وبن قردان وسيدي بوزيد في تونس، لتشكل سدا اجتماعيا ضد السلطات. سقطت صورة مبارك بحشود عمالية وشبابية وفئات من فقراء المدن قبل اندلاع الثورة بثلاث سنوات، وخرجت كذلك مظاهرات عمالية بعدة دول عربية تواجه العنف الاقتصادي.

يمكن القول، إن الحركة العمالية كانت ضمن سياق الحركة الاجتماعية. شكلت بتكرارها مساحة من الحرية والمقاومة للسلطات، وحافظت على المجال العام من التضييق، كما شكلت إعلانا اجتماعياً عن حالة السخط التي تنتاب الشعوب ضد حكامها. احتج في مصر واعتصم وأضرب وتظاهر ملايين العمال. حملت هذه الاحتجاجات بتفاصيلها مؤشرات إلى قوة الشعوب وإمكانية التغيير.
بعد الثورة باتت الحركة العمالية تسعى بجانب مطالبها الاقتصادية إلى تنظيم نفسها. فاتحاد عمال مصر يسمى بالاتحاد الأصفر، ويضم كوادر عمالية، اعتادت تأييد الحاكم أينما كان. أغلب الاتحادات العمالية العربية برزت في فترة، أرادت فيها النظم أن يكون لها ذراع شعبي عمالي يؤيد سياساتها، وفي نفس الوقت، لم تسمح تلك السلطات التي قامت بإصلاحات اقتصادية كالنظام الناصري مثلاً أن تكون حركة العمال مستقلة عن جهاز الدولة.
خلال الثورات العربية، قلة من القيادات العمالية ساندت الحراك الذي طالب بالتغيير. وقفت قيادات تاريخية من اتحاد العمال المصري في 25 يناير تهتف لمبارك وتؤيده، على العكس من ذلك، وقف الاتحاد العام للشغل بجانب نضال العمال في تونس.
بعد الثورة استمر الاتحاد العام للشغل في مسيرته لدعم الحركة الاجتماعية، بينما ظلت تجربة التنظيم العمالي الرسمي للاتحاد العام العمالي في مصر بذات المنهج مع استثناءات قليلة.
واجهت السلطة ومازالت تواجه المطالب العمالية والاحتجاجات بتهم عديدة من ضمنها، أنها تحاول تخريب اقتصاد البلدان، فالسلطة التي تأتي إلى سدة الحكم تتهم من سبقها بتدبير الاحتجاجات. مؤخراً صعدت بعض السلطات العربية معركتها ضد العمال، في تونس ومصر كان الشعار واضحاً" العمال حين يحتجون، يضعون العصا في عجلة الإنتاج








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز