الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوة الناعمة للصين بأفريقيا: من إجماع بيجين إلى دبلوماسية الصحة

المصطفى عبد الحافظ

2005 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


العلاقات الصينية الأفريقية عمّقت بثبات منذ تأسيس "الصين الجديدة" في 1949، وتقوي هذه العلاقات اليوم وسائل إقتصادية وسياسية واقعية لإنجاز الهدف الصيني وهو تأسيس نظام عالمي سلمي وباعث على النمو والإستقرار الإقتصادي المستمر، وخلال فترتي الستّينات والسبعينات من القرن المنصرم، دعمت الصين حركات التحرير في العديد من البلدان الأفريقية، الى جانب أنها أعطت الكثير من المساعدات الى الدول الافريقية ( الاشتراكية ) من بناء الملاعب، مستشفيات، سكك حديد ،والكثير من عناصر البنية التحتية ويوضح ذلك السيل المتواصل من المهندسين الخبراء، والمعلمين، والأطباء الصينيين.
واليوم فإن سفر المسؤولين الصينيين إلى أفريقيا إنما يعكس وجود دبلوماسية سياسية وإقتصادية تهدف الى توسّيع الروابط الصينية الأفريقية وذلك لضمان المواد الاولية مع الثورة الاقتصادية التي تقودها الصين ولذلك يمكن القول بأن العلاقات الصينية الأفريقية تقرّر لها التقدّم وذلك من خلال مجموعة من المساعدات المالية وبرامج الدعم التقني، الى التجارة الثنائية والإستثمار المتزايد الذي تقوده الصين .
وتعتبر الصين شريك جذاب للعديد من البلدان الأفريقية لمختلف الأسباب :
• نظرة الصين إلى العلاقات الثنائية والتنمية الإقتصادية0
• إحترام بيجين الثابت لسيادة الأمم الأخرى0
• رفض الصين التام التدخل في الشؤون الداخلية للأمم الأفريقية وهذا ما يزود إحترام الزعماء والنخب للنظام الصيني0
• رفض الصين لطريقة الاصلاح من الخارج كما تحدث عنها الغرب من ضرورة تطبيق إصلاحات إقتصادية وسياسية 0
سلطة الصين الناعمة و"إجماع بيجين"
مصطلح "القوّة ناعمة، " وفقا لجوزيف ناي يعنى قدرة الدولة A على إقناع الأمم الأخرى لتبنّي نفس الأهداف التي تتبناها الدولة A بشكل يسوده الترغيب وليس الترهيب ، وهذه القوة الناعمة تتضمن الثقافة ، قيم سياسية، سياسات خارجية، وجاذبية إقتصادية كمكوّنات ضرورية من القوّة الوطنية ، ولا شك أن ثقافة الصين إنتصرت لقرون طويلة لأنها قامت على نظرة واقعية إلى العلاقات العالمية مستندة على مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية ، والاجماع الافريقي حول نموذج الصين للتنمية لا يأتي من فراغ وإنما نابع من أن الصين شجعت شركائها التجاريون الأفريقيون لتطوير إقتصادهم من خلال التجارة والإستثمار في البناء التحتي والمؤسسات الإجتماعية، بدون فرض شروط سياسية أو إصلاحات إقتصادية ،الى جانب أن الصين في حاجة متزايدة للمواد الأولية وهذا ما يجعل إقتصادها مكمّل نسبيا إلى العديد من اقتصاديات الدول الأفريقية 0
ومبدأ عدم التدخّل لا يعني بأنّ الصين ترفض إصلاح سياسيي وإقتصادي بحدّ ذاته في أفريقيا وإنما الصين تعمل على دعم الجهود تحت القيادة الأفريقية لتطوير الحكم الرشيد والتنمية المستديمة في كافة أنحاء القارة ،ويعكس ذلك تدعيمها لنجاح النيباد وتحقيق اهدافه والتي منها :الشفافية، الديمقراطية، الصحافة الحرّة، المجتمع المدني، سلطة قضائية مستقلة، وحكم القانون .
وهناك سمة هامّة ينبغي الاشارة اليها خلال دعم الصين للدول الأفريقية وهي رعاية الصين لمنتدى تعاون الصين أفريقيا حيث تعهّدت الصين بالمساهمة في تنمية الموارد البشرية في أفريقيا وذلك من تأسيس صندوق الذي يدار بإدارة صينية أفريقية مشتركة ويستخدم من قبل وزارات صينية مختلفة (شؤون خارجية وتجارة وتربية وعلم وتقنية وزراعة وصحة) لكي يتم تدريب الموظفين الأفريقيين ،إبتداء من 2003، أكثر من 6000 أفريقي درّبوا كجزء من البرنامج ، منح لأكثر من 1500 طالب أفريقي ، كما عملت العديد من الجامعات الصينية على تقوية العلاقات بالمؤسسات الأفريقية وهذا يؤدي الى خلق الروابط الدائمة بين المؤسسات الصينية والأفريقية والأشخاص ،كما روّجت الصين أيضا "دبلوماسية الصحة" مع الشركاء الأفريقيين، وذلك من خلال علاقات بين الأطباء الصينيين وملايين الأفريقيين العاديين.
الفرق الطبية الصينية ودبلوماسية الصحة علامة من علامات القوّة الناعمة:
بالاضافة الى ما تقوم به الصين من مساعدة الدول الافريقية من منح دراسية ومساعدات اقتصادية ومشروعات لدعم البنية التحتية للعديد من الدول الافريقية إلا أن هناك جانب مهم وهو دبلوماسية الصحة كأحد مؤشرات القوة الناعمة الصينية.
فاليوم تجري الصين تعاون منتظم مع الدول الافريقية في حقل الصحة،ومن ذلك الزيارات الوزارية العديدة مع الزعماء الأفريقيين لتسهيل التبادل المنتظم للفرق والتدريب الطبي للمحترفين الطبيين الصينيين ،الى جانب ما تقوم به الصين من تزويد العديد من الدول الافريقية بأجهزة طبية مجّانية ،والبرامج المشتركة لمعالجة العديد من الامراض مثل الملاريا وفيروس نقص المناعة / الأيدز.
وفي عام2002، أجرت وزارة الصحة الصينية دورة تدريبية عالمية في معالجة الملاريا والأمراض الإستوائية، وشارك في هذه الدورة 30 طالب من 17 بلد أفريقي ،وفي نفس السنة ،كجزء من منتدى تعاون الصين أفريقيا China-Africa Cooperation Forum، دعت الصين إلى منتدى صيني أفريقي للطبّ التقليدي والمواد الصيدلانية وحضر هذا المنتدى مشاركين من 21 بلد .
وجدير بالذكر أن أول فريق صيني تم ارساله الى الجزائر عام 1964 بناء على دعوة من الحكومة الجزائرية، منذ ذلك الحين أرسلت الصين بشكل متراكم أكثر من 15000 طبيب إلى أكثر من 47 بلد أفريقي وعالجت تقريبا 180 مليون مريض أفريقي ، إضافة إلى ذلك هناك الوحدات الطبية العسكرية الصينية التي شاركت في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا، والتي قدمت المساعدة الطبية إلى جنود عمليات حفظ السلام بالإضافة إلى المدنيين الافريقيين.
إلا أن التعاون الطبي الطويل بين الأفريقيين والصينيين يواجع مجموعة من الصعاب منها :
• قدرة الصين لإرسال الأعداد الكبيرة من الأطباء الطبيين إلى أفريقيا لازالت محدود لذلك يواجه التعاون الطبي مستقبل غير مؤكّد على المدى البعيد.
• الميزانيات الإقليمية قد تقلصت بعد تطبيق الإصلاحات الضريبية.
• هناك العديد من قضايا الصحة العامة داخل الصين التي تحتاج للاطباء الصينيين .
• وجود مجموعة من الأطباء أقل ميلا لقبول الإرسال لبلد افريقي لمدّة سنتين وذلك بسبب راتبهم الحكومي الضئيل.
-----------------
عن Jamestown Foundation s China Brief








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المتحدث باسم حركة فتح جمال نزال لسكاي نيوز عربية: حركة حماس


.. موفدنا: 7 غارات تستهدف منطقة حوش السيد علي في قضاء الهرمل شر




.. قوات الاحتلال تنسحب من مخيم الفارعة جنوبي طوباس بالضفة بعد م


.. سعادة حجاج كردستان العراق بوصولهم إلى أرض الحرمين الشريفين




.. شركة موديرنا تعلن عن لقاح واعد مشترك مضاد لكوفيد والإنفلونزا