الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألأننا لازلنا نقاوم فلسطينيا وعربيا ؟؟

عماد صلاح الدين

2016 / 5 / 9
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ألأننا لازلنا نقاوم فلسطينيا وعربيا ؟؟

عماد صلاح الدين

صحيح، أننا في العالم العربي، لدينا مشكلات هائلة، تتعلق بالفقر وضعف الوعي والتبعية كنظم، للحالة الأمريكية والغربية، وهذه مردها في الأساس إلى القابلية للاستعمار، كما جاء في كتابات الراحل مالك من نبي عن الثقافة والحضارة، والعمل على إحيائهما عربيا وإسلاميا.

لكن الحالة العربية عموما، والفلسطينية خصوصا، ربما هي الوحيدة عالميا وتحديدا ما بعد الليبرالية المادية وتوحشها، والتي تقترب عمليا شيئا فشيئا من النازية الألمانية البائدة، والتي حدث العداء والمواجهة لها في نفس إطار الرؤية أو النموذج المادي الشمولي؛ حين رأى الحلفاء الغربيون أن فرع النموذج المادي الشمولي الواحدي في ألمانيا النازية، يعمل على فضح أمر النموذج الإطار، الذي ينظر إلى الإنسان والأشياء نظرة واحدة، أو نظرة تسوية شاملة، على حد تعبير الراحل عبد الوهاب المسيري، والذي أي هذا النموذج لا يؤمن لا بالكليات ولا بالمطلقات، بما فيها الإنسان كقيمة أخلاقية ورسالية، أو بالفكرة الأعلى، التي يستمد الإنسان قيمته منها، كروح من الخالق.

ولقد بدأ ذلك – أعلاه- ينحو مسارات عملية في الولايات المتحدة الأمريكية، كتطبيق وتنفيذ لرؤية العلمانية الشاملة، التي لا تريد أن تفصل الدين عن الدولة وحسب، كما هو المعقول والمقبول في القيم الأخلاقية والإنسانية والدينية كعلمانية جزئية، وإنما تريد فصل كل حياة الإنسان والمجتمع عن القيم المطلقة، ليغدو الإنسان يدور في سياقين:

1- السياق الاقتصادي المادي والبحث عن الربح والفائدة وتعظيمهما، ودون أو فوقه ذلك يعتبر إضاعة للوقت، بما فيها قيم الأخلاق والجمال والفن.

2- السياق الجنسي والبحث عن اللذة إلى أقصاها ومنتهاها.

ودون أن يكون للسياقين – أعلاه- سقف و قاع؛ ولا مانع وفق ذلك من القضاء على الشعوب والأمم الأخرى، ونهب ثرواتها وسرقة أراضيها وإبادتها عن الوجود، كما حدث لسكان الأرض الأصليين في الولايات المتحدة الأمريكية، أو لدى الشعوب الأصلية في كندا واسترالي،ا وحتى أجزاء من أفريقيا، اقله نقل مئات الآلاف إلى مستعمرات الرجل الأبيض الغربي كعبيد؛ وهذا هو تجسيد المفهوم الامبريالي كمخرج أساس عن الرؤية العلمانية الشاملة، التي تنظر إلى الإنسان على انه إنسان طبيعي فقط، والى الطبيعة التي ستخضع في النهاية عبر معرفة قوانينها؛ بحيث لا يكون هناك غيب، ولا يكون هناك اله مفارق، ولا حتى إنسان بالمعنى الإنساني، وليس المادي.

وليتحول العالم كله إلى تحصيل الربح والنفعية المادية، بمزيد من الفنادق والسوبرماركتات والبارات والكباريهات، وان لزم الأمر بمزيد قتل الإنسان بمزيد حروب، تلبية لرغبة المجمع الصناعي والعسكري، في بيع السلاح وتجريبه، وجني أرباح جديدة وأعلى.

وأما الجنس، فلا بد من تحقيق اللذة بشكل مفتوح، ودون ضوابط من أخلاق وإنسانية ودين، وعليه، فلا مانع وفق الرؤية المميتة للإنسان وللإله؛ خصوصا في أطروحات نهاية التاريخ وصراع الحضارات، وما بعد الحداثة، حيث لا كليات مطلقة، ولا حتى حقيقة؛ فكل شيء نسبي ولا دال عليه ولا مدلول فيه؛ فنجد مثلا أن مفهوم الأسرة ممكن أن يكون زوجا وزوجة يعني أبا وأما وأطفالا، وممكن أن يكون زوجا وزوجة وعشيقا، ويمكن أن يكون رجلا ورجلا وأولادا متبنيين، ويمكن أن يكون امرأة وامرأة وأولادا متبنيين، وطبعا الزواج يكون بين الرجل والرجل والمرأة والمرأة، ولا اعرف إن كان سيكون هناك زواج بين رجل وكلبة أو حتى كلب وبين امرأة وكلب أو حتى كلبة، فالأمور نسبية ومفتوحة، ومن ثم ما المانع!!

وهنا تظهر المشكلة مع الغرب والولايات المتحدة، في منظومتها القائمة على الواحدية المادية، وليس التوحيدية أو الثنائية، التي تقول الأخيرة بوجود شيء آخر غير الإنسان الاقتصادي والجنسي وغير الطبيعة، تسميه الديانات الروح باعتبارها نفخة إلهية من الله عز وجل، وهذه المنظومة وجدت نفسها في المنظومة الامبريالية الاستعمارية، منذ قرون قريبة، وزاد منسوبها تحديدا في الولايات المتحدة الأمريكية مع نهاية ستينيات القرن العشرين المنصرم، وتظهر تجلياتها في التابع الاستيطاني لها، وهي هنا الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل، كما كانت تظهر في جنوب أفريقيا زمن نظام الابارتهايد البائد فيه، وكانت تظهر زمن الاستعمار الغربي لدول العالم العربي في مشرقه ومغربه؛ وهي تظهر ولا زالت في سياساتها تجاه المنطقة العربية والإسلامية، من خلال التعامل العنصري مع شعوبها، والكيل بمكيالين، سواء في مسالة الحرية وتقرير المصير، أو في الديمقراطية والانتخابات، خصوصا في فلسطين وفي الأقطار العربية، قبل الثورات التي حصلت فيها منذ سنوات، وكذلك بشكل اكبر بعدها.

ولان منظومة العلمانية الشاملة، وفي هذا يستوي كمنطلق ورؤية ومقولة وممارسة، سواء لدى الدول الغربية وأمريكا أو روسيا اليوم ( الاتحاد السوفيتي – كذلك- سابقا) تقوم على فكرة معاداة الإنسان كقيمة روحية وأخلاقية وإنسانية ودينية؛ لان بالضرورة وبالتتابعية حين يجري إنكار الإله المفارق كرؤية وممارسة، أن يجري وفاق ذلك إنكار الإنسان الروح والأخلاق والمطلقات والكليات؛ لان الإنسان مستمدة روحه من قوة مطلقة متجاوزة له، وهنا ينطبق القول القرآني في قولة تعالى" نسوا الله فأنساهم أنفسهم"؛ وهذا ما تذهب إليه الحداثة والعولمة وما بعد الحداثة ونهاية التاريخ من إعلان موت الإله الذي يعني موت الإنسان كقيمة وروح وشيء آخر غير الإنسان الطبيعي؛ بل و استرسالا على نفس النسق يجري الاتجاه إلى تحقيق أو ادعاء التمكن من فض كل أسرار الطبيعة وقوانينها مستقبلا، وبالتالي السيطرة عليها تماما وكليا وشموليا( إنهاء كل حيثيات الغيبية العلمية كمفهوم ما بعد الحداثة ونهاية التاريخ؛ أي موت الحداثة نفسها والتاريخ نفسه، وهنا لا اعرف ما هي الحداثة التي كانت تمارسها النازية الألمانية على الأطفال باعتبارهم حقل تجارب حين كانت تقيس مستوى الإحساس بين طفلين توأمين موضوعين في غرفتين منفصلتين ليجري تعذيب أو قتل احدهما ليتم معرفة شعور الآخر تجاه الأول، ولا اعرف ما هي الحداثة التي قادت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي – سابقا- للتنافس والتسابق نحو أسلحة الدمار الشامل النووية والهيدروجينية بإعلان كل طرف عن قدرته على تدمير العالم خمس عشرة مرة، وهو يكفي لتدميره بما يملكون لمرة واحدة وانتهى الأمر، فماذا سيدمرون بعد ذلك، أي عقل أو منطق أو حتى علم وحداثة في ذلك؟؟).

ولذلك من الطبيعي جدا أن يكون الإسلام كدين ورؤية، وليس كدولة بل اكبر من ذلك كأمة، وكمنظور عالمي وإنساني، يجد العداء الطبيعي من الغرب وأمريكا وحتى الروس كنظم امبريالية تصدر عن رؤية علمانية شاملة تجاه الإنسان والطبيعة والكون، وان يكون هذا العداء ومخططاته تجاه أي مقاومة عربية أو فلسطينية أو إسلامية، ترفض الظلم والاحتلال والاستيطان وأعمال الإبادة الإجرامية والتطهير العرقي، وترفض أن نكون مجرد إنسان اقتصادي وجنسي، وبالتالي مصدرا لمواد الخام وسوقا لبضائعهم ومنتجاتهم وموضاتهم المختلفة، وميدان تجارب لحديث أسلحتهم الفتاكة، بل إن منظومة العلمانية الشاملة وتطبيقاتها ترفض وتعادي – عمليا- انتفاض العرب وثوراتهم تجاه الاستبداد الداخلي في دولهم؛ ذلك لان النظم العربية الرسمية في معظمها هي الأخرى وبشكل جوهري تصدر أو تقترب من منظور العلمانية الشاملة، وباعتبارها – كذلك- توابع وظيفية في مفاصل حكمية مهمة منها كأنظمة سياسية، كما هو إلى حد قريب حالة المنظومة الصهيونية الوظيفية القتالية والاستيطانية التابعة للمركز الأمريكي والغربي في فلسطين المحتلة. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟