الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ميليس ينصب فخاً للنظام السوري؟

سحر حويجة

2005 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


صدور القرار 1636، من قبل مجلس الأمن، شكل حلقة جديدة، في مسار تطور أزمة النظام السوري، على الصعيد الدولي، والإقليمي، حيث اعتبر خناقاً كافياً للوي عنق النظام، ودفعه للسير وفق مشيئة الإرادة الدولية، وإلاّ فليتحمل مسؤولية مواقفه، هذا التصعيد قوبل بتصعيد مقابل من النظام السوري، حيث لخص الموقف الدولي بمؤامرة تحاك ضد سوريا، وفق رغبة الراعي الأمريكي.
رفض النظام الانصياع لشروط لجنة التحقيق الدولية، بما يتعلق باختيار مكان وزمان التحقيق، مع الضباط السوريين، مصحوبة بتصريحات نارية للمسؤولين السوريين، توجت بخطاب الرئيس، مؤكدين على تسيس التحقيق، وعلى البراءة المطلقة لأي شخص سوري، مشككين بلجنة التحقيق الدولية، خاصة رئيسها ميليس، والتشكيك به على صعيد موقفه الشخصي من النظام، وتآمره مع جهات دولية ضد سوريا، الطعن بمصداقية التقرير بسبب غياب الأدلة، تهديد السلطة اللبنانية التي تبدو من وجهة نظر النظام، كأنها تسعى للانتقام من سوريا، وتريد الإيقاع بها، وتريد شراً لها، لكن الحقيقة هي أن اللبنان، يبقى الحلقة الضعيفة بالنسبة لسوريا، ناهيك عن التداخل الجغرافي، فسوريا ستشدد الخناق على البنان عبر الحدود، و سيكون اللبنان المرمى الأول للنظام السوري، إضافة إلى ثقل النظام على الساحة اللبنانية، من خلال شبكة تحالفاته، مع كثير من القوى اللبنانية، والأهم من كل ذلك الدور المحوري للقضاء اللبناني، في قضية التحقيق والتوقيف، لأي مشبوه ومتورط في هذه القضية، وفق معاهدة موقعة بين سوريا ولبنان، منذ الخمسينيات، فجاء التصعيد مع القوى اللبنانية، التي تسعى لكشف الحقيقة، وهي على قناعة، بتورط سوريين، أسوة بلبنانيين، وكان القرار اللبناني، الضمني والمعلن، إن لبنان لن يصعد مع سوريا، وإن التحقيق والتوقيف، يجب أن يكون، خارج اللبنان، توج هذا الموقف بالإسراع بطلب تشكيل محكمة دولية، هذا يدل حتى لو ثبت تورط أحد السوريين في التحقيق، فلا أعتقد أن القاضي للبناني، سيطلب توقيف وتسليم أي متورط سوري، ومن مصلحة اللبنانيين أن يعلنوا لسوريا أن أمر لجنة التحقيق الدولية، لم تعد مسألة لبنانية بل هي مسألة دولية، ربما هكذا تم تسوية الوضع مع السوريين، وعدم رغبة الحكومة اللبنانية بالتصعيد الدولي مع سورية، لما قد يصيب لبنان من عدم استقرار، يدفع البلد باتجاهات غير مرغوبة، وتضييع معالم الحقيقة، أما على الصعيد الدولي تمت تسوية الموقف مع النظام السوري، في تلبية بعض شروط النظام السوري، ضمان عدم توقيف، أي من الضباط السوريين، وسرية التحقيق، واستثناء مثول أحد الضباط الكبار أمام التحقيق، هكذا حقق النظام السوري انتصار جزئي حتى لو كان شكلياً ومؤقتاً، هذه التسوية كانت لصالح ميليس، فهو لو أنه يريد الإيقاع بسوريا، مستهدفاً إلحاق الأذى بها، لكان اكتفى بتعنت النظام السوري، لتقوم قائمة الدول ضدها، وليتدبر أمرها المجتمع الدولي، فإن موضوع إقناع السوريين بالتعاون وتسهيل التحقيق، يحتل المكان الأول بالنسبة لميليس والأمم المتحدة، وحاول رد التهم السورية، بأنه ليس هو المحقق الذي سوف يجري التحقيق مع الضباط السوريين، بل أوكل أمر التحقيق معهم لقضاة آخرين، من اللجنة، فهو يريد للسوريين أن يطمئنوا، وإن التحقيق لا يتوقف عل جهده وشخصه ورغباته، بل هو عمل جماعي تقوم به اللجنة الدولية.
ترافقت هذه المواقف مجتمعة بدعم من الشاهد المقنع، الذي بدا ظهوره مصادفة، كأنه المخلّص، يريد أن يخرج النظام من أزمته، مع أن هذا الشاهد لم يحز على صدقية مستمعيه ومشاهديه، هذا الشاهد المتطوع، قد يكون لعب دوراً، في مرحلة قبل تقرير ميليس، لصالح النظام، بأنه دخل على خط الصديق، ليتم تكذيبه أو تشويش التحقيق، ويقوم بجمع معلومات، تفيد النظام السوري، حول سير عملية التحقيق، ولكن إهمال اللجنة له ولاعترافاته، وتركه طليقاً على الرغم من أهمية المعلومات التي قدمها، يطعن في قيمة شهادته، بل على العكس ربما لقمة قذفوها في وجه النظام، ليشعر أنه كسب الجولة كاملة، ليذهب الضباط للتحقيق، وكأن جعبة ميليس فارغة، استطاع النظام توظيف حالة الشاهد هذه، وفق إيديولوجية التعبئة القائمة لدرجة تحسب أن معلومات النظام، في الطعن بصدقية التحقيق، وتسيسه، وفي التشكيك بمواقف القوى اللبنانية، وبعض الشخصيات اللبنانية، كأنه يملك البرهان والدليل العملي، عبر تطابق الرؤية بين الشاهد، والنظام. إضافة لبراءة سورية مطلقة، الشاهد هسام هسام عندما جاء إلى سوريا، بدا أنه يعلم كل شيء، عن اللبنان، وفي اللبنان يعرف كل شيء عن سوريا، رجل ظهر بصورته الأخيره تقياً، صالحاً يناشد جميع المراجع الروحية، لتغطية تهمة أنه كذاب ومخادع، شاهد استطاع الإيحاء للجمهور السوري فقط، بأن القضاء الدولي صورة طبق الأصل عن القضاء السوري، يقوم على تزوير الحقائق والرشوة والكذب. وهذا سهل الفهم من قبل المواطن السوري، لكن هل استفادت سوريا خارج التعبئة الأيديولوجية من هذا الشاهد، لا أعتقد ذلك، لأن معلوماته التي ذكرها والتي تمس كبار الضباط السوريين أو أصحاب القرار، وهو أمر صعب الوصول إليه إلا عبر التسلسل، أو من خلال علاقة مباشرة، موضوع أبو عدس، والنهاية التي انتهى إليها، فهو عنصر غير ضروري لمسرح الجريمة خاصة إن الأدلة الجنائية لم تثبت وجود شيء يخص أبو عدس، في مسرح الجريمة، وبالتالي لم يكن دور أبو عدس سوى تغطية عن الفاعل الحقيقي، ولو تم كشف الحقيقة كما تمت في مسرح الجريمة، يصبح أبو عدس غير ذي أهمية بالنسبة للجريمة ذاتها، بل هي جريمة أخرى مرتبطة بهذه الجريمة من الناحية القانونية. شهادته ضعيفة لأنها لم تبنى على مرأى ومسمع الشاهد، فكلامه منقولاً، عن غيره، ثانياً، شهادة أي شخص في القضايا الجنائية، يجب أن تكون متطابقة مع تصورات القاضي، المبنية على التحقيقات الجنائية المادية الموضوعية، ولابد أننا نعلم دقة وصعوبة مهمة التحقيق، مع مجموعة من الضباط الأمنيين يشغلون، أعلى المستويات سواء كانوا سوريين، أم لبنانيين، أي أشخاص متمرسين على مهنة التحقيق، وإيقاع المتهمين، أو تلبيس تهم، كشف المؤامرات أو طمسها، فلا بد أن ميليس يعلم صعوبة التحقيق معهم، وإن الأدلة الجنائية هي الوسيلة الأنجع مع أمثالهم، شهادة تدعم هذه الأدلة .
في النهاية إن ميليس يعتزم وضع تقريره الجديد قبل موعده بأيام، صرح بذلك قبل أن يبدأ التحقيق مع الضباط السوريين، هذا يدل على شكلية التحقيق، مع الضباط السوريين، تحقيق يتكون من جولة واحدة، عبر المواجهة بوقائع وأدلة، الضباط لن يكونوا معرضين للاعتقال والتوقيف، بل سيعودون لسوريا، وعلى الحكومة السورية، وخاصة اللجنة القضائية الخاصة، أن تقوم بهذه المهمة، وتطبق التزاماتها، وفقاً للتقرير الذي سيقدمه ميليس، إذا اقتضى الأمر ذلك، ريثما يتم تشكيل محكمة دولية، يناط بها التحقيق مع المشتبه بهم، فسوريا لن تتعرض للمطالبة اللبنانية بتسليم المتهمين، رغم قانونية هذا الطلب، خوفاً واحترازاً من ردود فعل سورية، مما دفع الحكومة اللبنانية بالإسراع بطلب تشكيل محكمة دولية، لمحاكمة المشتبهين، فهذا يدل إن هناك متهمين غير لبنانيين، و ويدل من جهة أخرى على أن ميليس قام بمهمته إلى النهاية، فهو قطع شوط أساسي، ولم يبقى من مهمة التحقيق الكثير، يمكن أن تترافق مع المحاكمة.
أما النظام السوري، الذي رفض الطرق السهلة والسريعة، في اعتقال وتوقيف الضباط السوريين، فهو بعد تقرير ميليس سيكون رهن المشيئة الدولية، وبالأخص إذا استطاع التقرير أن يقنع المجتمع الدولي، بالأدلة الكافية، وهذا مرجح، ولا يبقى أمامه سوى أن يقوم بمهمة التحقيق والتوقيف بنفسه، عبر لجنته القضائية الخاصة، ريثما تلتئم المحكمة الدولية، أو الدخول في مسلسل جديد من الضغوط، والمواجهة مع المجتمع الدولي، وهذا الاحتمال الأرجح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا