الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاولون أمنيون

حازم العظمة

2005 / 12 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


.. ، الفيلم الذي تناقلته منذ أيام كل محطات العالم لا بد أن يثير الرعب لدى كل الأمريكيين( باستثناء عصابة بوش– رامسفيلد -رايس بطبيعة الحال) ، و لا بد أن يرعب غير الأمريكيين ، بما في ذلك الـدعاة َ" المحلّيين " للّيبرالية الأمريكية الجديدة ، كما يقال ، أعني الفيلم الذي يظهر فيه "مقاولون أمنيون " و هم يطلقون النار على أية سيارة عراقية عابرة و على أي مدنيين عراقيين عابرين ...

قوات الإحتلال الأمريكي و منذ أن بدء هذا الإحتلال تستعمل المواطنين العراقيين كـ " أحياء رهائن " أو كـ " قتلى إحتياطيين"

، المواطنون العراقيون " رهائن" بالطريقة نفسها التي كان فيها الفيتناميون " رهائن" .. ،
في الحالتين كلما سقط جنود أمريكيون قتلى و جرحى كلما تبع ذلك قتل المدنيين في "رد فعل " إنتقامي
ثمة دوافع إضافية ، بالإضافة للإنتقام : إغراق أنباء الخسائر الأمريكية أعني القتلى الذين يسقطون يومياً من الجنود الأمريكيين ، إغراق هذه بأنباء تجري صناعتها فعلاً ، و "في الواقع " *، بقتلى عراقيين مدنيين أكثر من الجنود الأمريكيين القتلى .. بحيث يبدو أن من بين"كل القتلى " الأمريكان هم الأقلية ، ليبدو وكأن ما يجري، ليس إلا فوضى عراقية –عراقية و أن الأمريكان ليسو ا هناك إلا لإعادة النظام و الأمن ..
.....
،القتلى العراقيون المدنيون يتساقطون بالعشرات مقابل كل جندي أمريكي يُقتل ، هذه هي المعادلة _ القاعدة التي يجري تطبيقها ،عن سابق عَمد ، أو عن سابق قرار استراتيجي ، و يستطيع أي باحث أن يجد العلاقة الرياضية بين هذين النوعين من الأحداث و منذ أكثر من سنتين ، أي عمليا ً منذ أن بدأت العمليات ضد الإحتلال تأخذ منحى خطيرا ً... ، و لكن ما هي دوافع القتل هذه و ما هو مبررها " السياسي" .. ، ما من إجابة ممكنة سوى الفشل ، الفشل الأمريكي العسكري و السياسي معاً ، هذا الفشل الذي تغدو تغطيته بـ " الزرقاوي" و "منظمة القاعدة في بلاد الرافدين" أقول تغدو أصعب و أصعب كلما مرّ يوم جديد من تاريخ الإحتلال الدموي هذا
، منذ أقل من أسبوع حدث شيء خطير في تطور الأحداث ، فلأول مرة يُسمع صوت واضح و قوي ، صادر عن أوساط المقاومة العراقية يدين الزرقاوي و "التكفيريين" و"قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين " و يدين عمليات قتل المدنيين ، و الرد الأمريكي لم يتأخر أكثر من ساعات قليلة ، رد دعائي و مضلل ، أعني الفيلم الذي ظهر فيه بضعة أفراد مسلحين، من جماعة الزرقاوي كما قيل في شوارع الرمادي ( وتداولته بسرعة كافة الفضائيات ) ، و قيل أنهم احتلوا الرمادي لساعات ، ظهروا و هم يرددون شعارات " القاعدة" و ما إلى ذلك..
هكذا هم يقومون بالدعاية للزرقاوي ...و "القاعدة"، تماماً كما كانوا يفعلون من البداية ، هذا هو العدو الذي صنعوه ، صنعوه دعائياً أيضاً ،و الذي يناسبهم تماماً
و هذا هو نوع الحرب الدعائية التي يمارسها الأمريكان في العراق الآن لتغطية فشلهم : من يحاربونه ليس الشعب العراقي ، وليس المقاومة العراقية ( لأن ذلك لا يعجبهم و لا يناسبهم) ، هم يحاربون " الزرقاوي " الذي هم ابتدعوه و " القاعدة " التي هم أسسوها ،أماّ وجودها في العراق ، وحجم هذا الوجود، فهو مشكوك به تماماً ..

و لكن من هم "المقاولون الأمنيون " و ما هو دورهم في كل هذا ..
، مرتزقة ، هكذا كان اسمهم دائما ، قبل هذه الحرب
، مرتزقة mercenaries
،بعد و أثناء هذه الحرب صار إسمهم " مقاولون أمنيون" security contractors سمُعتهم كـ " مرتزقة" في التاريخ كانت أوسخ من أن تكون صالحة للإستخدام في حرب " تحريرية" كهذه ...، غيروا اسمهم
، هؤلاء هم من يقوم بالـ" العمليات الخاصة "
، خاصة جداً ، من مثل :نسف مطعم في وسط بغداد لا يرتاده إلا الشعب ، نسف حسينية هنا ثم مسجد " سني"هناك ، قتل العشرات و المئات بمختلف الأساليب و اتهام " أطراف عراقية" بذلك ..مرة السنة و مرة الشيعة إمعاناً في تفتيت العراق و تدميره

هذا هو مبدء "الإغراق " الذي كنت أتحدث عنه : إغراق العراق بالدماء و إغراق الفشل بالقتل على أن يبدو كأنه عراقي- عراقي و "سني "-"شيعي " و "مذهبي " و "طائفي" أو أي لون باستثناء : مقاومة عراقية – إحتلال أمريكي

، المرتزقة ، محترفوا القتل ، ( ثمة دائماً أحاديث فائضة في إمتداح "الإحتراف " و الإنجاز الإحترافي ) يعملون بأسلوب الخلايا الصغيرة ، وهذا يناسب "العمليات الخاصة " أكثر ...، بضعة أفراد و حسب ، العمليات " الخاصة" أو العمليات" الوسخة" بمعنى مطابق، تغدو أحرج من جهةالسريةconfidentiality من أن تقوم بها وحدات "نظامية " ،و لنتذكر أن من كشف فضيحة أبو غريب هم مجندون أمريكيون لم تحتمل ضمائرهم


ثمة سبب آخر لاستخدام " القطاع الخاص " في الحروب : إنحياز " الليبراليين الجدد "في واشنطن للخصخصة ...
هي ليست المرة الأولى على أي حال، الحروب القديمة التي لا تقل همجية عن هذه و تحديداً التي خاضها الأنغلو – ساكسون ضد بعضهم و ضد "الكلتيين "كانت منذ ذلك الوقت تصنفهم بالـ" المرتزقة" بمعنى القتل المأجور، إذن ثمة "سوابق" تاريخية ...
أيضاً "المرتزقة" لعبوا دوراً كبيراً في تاريخ أفريقيا ، أعني تاريخ الحروب الإستعمارية في أفريقيا ، من أنغولا إلى السودان و من الكونغو إلى جنوب أفريقيا ، وهي وحدات تجمع في أشخاصها إلى النزعات العدوانية و الشغف بالقتل ، العنصرية و الإيمان بتفوق العرق الأبيض ، هؤلاء قتل " المحليين" بالنسبة لهم ليس سوى رياضة مشتهاة و هَوَس مرضي
، ثمة أيضاً طيارون مرتزقة ، استعملهم الإسرائيليون في حروبهم العربية

مفهوم " خصخصة " حتى الحروب ربما يكون "بادرة "أولى prototype أو نموذجاً طليعياً ...
، ربما يرسمون مستقبلاً للعالم مليئاً بحروب لا تنتهي...تخوضها الشركات في جيوش " خاصة" . ، ربما أنشأوا "شركات حربية" و خصصوا بها شعوباً بعينها ..
،ثم تباع فيها ، بمليارات و مليارات، أسلحة تنتجها بطبيعة الحال الشركات الأمريكية ... أحد الأحلام الإمبراطورية المريضة

، الجيش الأمريكي النظامي نفسه يقع في منطقة وسط بين جيش " قومي" بمعنى الدولة و بين جيش المرتزقة ، بسبب من الرواتب الكبيرة التي يدفعونها للجنود، و في حالة العراق بصورة خاصة ، وأيضا ً بسبب الطريقة التي تجري بها عملية "تجنيد المتطوعين "و التي لا تتضمن فعلياً سوى بند واحد : الإغراء بالمال و بعض الإمتيازات من مثل : النهب ، (نهب الآثار أو غيرها ) الأسباب هذه تجعل الفارق بين " جيش قومي " و " جيش مرتزقة" فارقا مُلتبَساً إلى حد بعيد

، لهذا ، و لأسباب عديدة غيرها ، ستُهزم الإمبراطورية الأمريكية في العراق ..

*

*) صناعة الأنباء "في الواقع " هذه ألا تذكر بما يسمى : "تلفزيون الواقع"reality TV ...
، النـزعات " الليبرالية" لتشيييىء الإنسان تمر بسهولة ما بين " الفن"- التلفزيوني في هذه الحالة- و "فنون" القتل و العدوان و بالعكس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة