الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدينة المواطنة

المريزق المصطفى

2016 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


المدينة المواطنة
المريزق المصطفى

يعيش العالم الحضري اليوم تحديات كبرى على أكثر من صعيد، ذلك أن المدينة ( و صناعها)، باتت تحتل صدارة لا يستهان بها على مستوى التفكير في تدبير الفضاء العام و جعله فضاء للعيش المشترك.
إنها مناسبة لاستحضار الإرث السوسيولوجي الذي أفرزته جامعة شيكاغو التي تأسست سنة 1892، و التأمل في ما راكمته في ميدان علم الاجتماع الحضري، و ما احتلته المدينة المواطنة من مكانة في دراساتها و أبحاثها باعتبارها " مركزا للسيطرة الاقتصادية و السياسية و الثقافية، و محورا تدور حوله جماعات و أنشطة متنوعة دون أن ترتبط فيما بينها بصلات أو علاقات شخصية أو اجتماعية حميمية"، حسب تعبير "لويس ويرث" المنتمي لنفس الجامعة.

و المدينة المواطنة كانت و لا زالت عنوان أبحاث علمية مختلفة و متعددة، اختار منها أحد مؤسسي و قياديي مدرسة شيكاغو، "روبرت بارك"، سنة 1915، مواضيع تهتم بدراسة مشكلة الهجرة و محدودية الحلول المتاحة لمعالجتها، و الأسباب التي أدت إلى ظهور امتداد المدينة خارج مدارها و توسعها على شكل ضواحي.

أما عالم الاجتماع الألماني، ماكس فيبر فهو الآخر اهتم بالمدينة المواطنة في كل أبعادها سنة 1921..اهتم بفكرها و تاريخها الاجتماعي. كما اهتم بها أفلاطون، مرورا بابن خلدون، و جوفاني بوترو، و تونيس و سمييل، و اللائحة طويلة.

إن استحضار جامعة شيكاغو- في هذا الظرف بالذات، أي بعد مرور أزيد من 120 سنة- هو استحضار ل"لايكولوجية الحضرية" و تطورها داخل الأقسام الجامعية الأنتروبولوجية و السوسيولوجية. و التي شهدت قمة أوجها من 1920 إلى نهاية الثلاثينان، من خلال الأبحاث التي قدمها العديد من الرواد الأوائل مثل الانتروبولوجي "ويليام طوماس" قبل الحرب العالمية الأولى، و علماء لاجتماع أمثال " روبرت بارك، لويس ويرث، رودريك مكنزي..."، اضافة الى الجغرافيين ك"ارنيست بوركيس" و غيرهم. و استحضار رواد سوسيولوجية العالم الحضري بفرنسا منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، و عل رأسهم المهندسين الكبار و الرواد المرموقين أمثال " موريس هالبواك" صاحب كتاب "المورفولوجية الاجتماعية" و كتاب "الإطارات الاجتماعية للذاكرة" و الذي يعتبر الوحيد من بين "الدوركايميين" الذي أدخل الرابط بين المورفولوجيا و الطبقات الاجتماعية. حيث اعتبره " فيريت" العمر الثاني لدوركهايم مابين الحربين.

الفرنسي "بول هونري شومبار دو لو" صاحب كتاب "الحياة اليومية للعائلات العاملة"، و موريس هالبوك".. اشتغلا معا على إرساء اللبنات الأولى لدراسة ظاهرة التمدن و النظر للمدينة في ارتباطها بالتركيبة الاجتماعية الطبقية، كما لا بد من استحضار "شومبار" الحياة اليومية و أنماط عيش الطبقة الشعبية، في مرحلة اشتداد أزمة السكن.

و مع خمسينيات القرن الماضي، زادت حدة أزمة السكن في فرنسا و أصبحت المدينة قضية سياسية، ما عجل بالتفكير في كيفية توجيه النمو الحضري ابتداء من الستينات، على خلاف بلجيكا التي كان المشكل يطرح لها من ناحية الكيف و ليس الكم، أو كندا التي كان همها هو خلق التوازن بين مونريال و باقي الأقاليم.

و يبدو أن فرضية هونري لوفيبر، قد تحققت. حيث في كتابه "سوسيولوجية العالم الحضري" يشير إلى أن الأرض تسير نحو تمدن كلي شيئا فشيئا، حيث أصبح عدد المتمدنين مضروبا في 12. كما أن ما شهده سكان العالم منذ العشرية الأولى من القرن الحالي من زحف حضري و تزايد حجم السكان بشكل ملفت للانتباه، وصل سنة 2000، 50% من سكان العالم إلى ساكنة حضرية في أفق ما يعادل 63% سنة 2005.

كما يوضح لوفيبر، أن أزيد من 3,4 من الأفراد يسكنون في المدينة، أي ما يعادل 50% من سكان العالم.و يضيف هونري لوفيبر أن هؤلاء الحضر تلتحق بهم 60 مليون أخرى، و هكذا في 2030، سيكونوا ما يقرب 5 مليار، خاصة في آسيا و افريقيا.

إنها سابقة لم تعشها الإنسانية من قبل، و لا يجب أن تنسينا أن هؤلاء المتمدنون الجدد سيكونوا فقراء و مستقبلهم رهين بالتوجهات السياسية الاقتصادية التي يتحكم فيها المتحكمون.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة