الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارات التمدن: حواري مع وفاء سلطان حول: غياب الحوار.... هو السبب الرئيسي والأهم لكل كوارثنا في الشرق العربي

ماهر عدنان قنديل

2016 / 5 / 11
مقابلات و حوارات


تحت رعاية مؤسسة الحوار المتمدن:

تعريف بالدكتورة وفاء سلطان: أمريكية من أصل سوري، في عام 2006 صنفتها مجلة "تايم" الأمريكية كواحدة من أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم، تتميز بإنتقادها الدين الإسلامي من ناحية معالجته لقضايا المرأة والفكر الاقصائي والحض على العنف. (المصدر: ويكيبيديا بالعربية).

* ماهر عدنان قنديل: تحياتي الأستاذة وفاء سلطان، سعيد بتواجدك معنا من خلال حوارات التمدن.. لن يكون بالإمكان تواجد حوارات جادة بدون تواجد عقول تقبل وجهات نظر مختلفة عن وجهات نظرها.. مشكلتنا ليست في غياب الحوار فقط بل في غياب التنوع الفكري كذلك.. أظن أن تركيبة الدول من الناحيتين السياسية والإجتماعية في منطقتنا هي التي زرعت فينا عدم تقبل الآخر بحيث تختلف تركيبة دولنا عن تركبية الدول الغربية التي تعتمد على إبراز المدنية التي أحد أساسياتها دستور يصون حقوق الأفراد وحرياتهم كما تنص على ذلك المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن: -أن كل مجتمع ليس فيه ضمانات لحقوق الأفراد وليس فيه تحديد للسلطات هو مجتمع ليس فيه دستور-.. نحن دولنا لازالت تعتمد أنظمة قديمة من خلال إعتماد نشر إيديولوجية جماعية هدفها خدمة المركزية وإبرازها.. قد تكون الأمور في تحسن بسبب الإنفتاح التكنولوجي -الكوسموبوليتي- العابر للحدود لكنها لازالت بطيئة..

* وفاء سلطان: عزيزي السيد ماهر، وأنا سعيدة لأنك أول من طرح تعليقا.. غياب الحوار يؤدي إلى احتكار فكري وبالتالي غياب التنوع الفكري... نعم، الانترنت رغم صغر سنها ـ نسبيّا ـ لعبت ومازالت وستظل تلعب دورا في هدم الجدار الحديدي الذي بُني حول الشعوب المقموعة التي تحكمها سياسات ديكتاتورية. كيف يتم الغسيل الدماغي من الناحية النفسية؟ يتم بعزل الشخص المراد غسيل دماغه عن أي فكرة أخرى تختلف عن الفكرة المراد زرعها! هكذا تمت برمجتنا وغسيلنا الدماغ... لقد كنّا معزولين تماما عن أية فكرة مغايرة للفكر الإسلامي، ولذلك استطاع ذلك الفكر أن يحتكر الساحة بدون أي منافس. سعت الأنظمة الديكتاتورية لفرض هذا الفكر بالقوة وحمايته وعزل شعوبها عن الأفكار الأخرى، لأنها رأت في استمرار التدين اسلوبا ممنهجا لتجحيش الناس وبالتالي فرض الهيمنة عليهم واستمرار ضمان وجودها. لقد كان رجل الدين الإسلامي والديكتاتور فكّين لكماشة واحدة يقبضان باحكام على شعوب المنطقة... داهمتهم الانترنيت في عقر ديارهم وبدأت بتكسير سجونهم... وكل يوم نشهد سقوط حجر بعد حجر... لكن العملية ـ للأسف ـ ليست بالسهولة التي نتصورها... كما وصلنا إلى ذلك الوضع المآساوي عبر قرون من الزمن، كذلك سنأخذ زمنا طويلا لكي نتخلص منه! ما يسعدني أننا مشينا الخطوة الأولى والأهم باتجاه رحلة طولها بلايين الخطوات...

* ماهر عدنان قنديل: قد يكون الحوار المدني بين الأطياف والإيديولوجيات المختلفة في منطقتنا مهم لكنني لا زلت مُصراً على أن المشكلة في منطقتنا هي سياسية بالدرجة الأولى وليست إجتماعية ولا مدنية.. التركيبة في دولنا والظروف في منطقتنا في الزمن الراهن مشجعة على الإنقسامات وليست تركيبتنا النفسية هي المشجعة على ذلك.. الإنسان العربي عندما يذهب إلى فرنسا أو أمريكا تجده يتحاور ويتأقلم مع الظروف وإن كان ذلك (أحياناً) دون إرادته لأنه يجد مناخاً سياسياً وتركيبة قانونية وواقع أمنياً يجبره ويحثه على ذلك.. نحن في الجزائر مثلاً نلاحظ التغير الكبير الذي يحدث في تركيبة المجتمع بعد تغير المناخ السياسي والظروف السياسية والتشريعية والأمنية مقارنة بالمناخ الذي كان سائداً خلال العشرية السوداء الفوضوية التي عاشتها الجزائر..

* وفاء سلطان: الحياة تفاعل مستمر بين كل جوانبها. كل جانب يؤثر بالآخر ويتأثر به. تغيير الظرف السياسي بالتأكيد سيؤدي إلى تغيير على الصعيد النفسي والفكري والإجتماعي والإقتصادي... وأي تغيير على أي صعيد آخر سيؤدي إلى تغيير على الصعيد السياسي! الحياة في بلادنا جمود وركود على كل الأصعدة، وأي تغيير مهما كان طفيفا لا بد وأن يحرك ذلك المستنقع. شكرا لإنخراطك الفعال في هذا الحوار اتمنى أن أسمع منك باستمرار

* ماهر عدنان قنديل: في كل العصور والأزمنة هناك تركيبة مختلفة من البشر والشخصيات، أظن أن الوصول إلى حوار شامل بين كل المكونات الإجتماعية مستحيل ويبدو طوباوياً بعض الشئ، يجب الإكتفاء بما هو موجود في كل جانب والبناء عليه..

* وفاء سلطان: نحن لا نقول أن الحوار يجب أن يكون بين الإنسان وبين كل إنسان آخر على سطح الأرض... علما بأن التكنولوجيا الحديثة اقتربت بنا إلى هذا الحد! أنا من الذين يؤمنون بكونيّة الإنسان، أي أن كل إنسان موصول بكل إنسان آخر بشكل أو بآخر، إلى حد أستطيع أن أقول عنده: أن يدي تلامس الفنجان الذي في يدك الآن، بغض النظر أينما تعيش وتتواجد في تلك اللحظة! قد تكون الفكرة غريبة بضع الشيء، ولكنها مشروحة بكتابي الذي انشره على صفحات -الحوار المتمدن- بشيء من التفصيل. عندما يطرح أحد ما فكرة ما، لا تختفي بل تُحتفظ في مركز -الذاكرة الكونية-، وعندما يبحث إنسان آخر عن فكرة ما قد تقوده طاقته إلى التواصل مع ذلك المركز فتخطر بباله تلك الفكرة! لقد صدف أكثر من مرة أن عالمين في مكانين مختلفين من العالم توصلا إلى نفس الفكرة في نفس الوقت! المهم، قد تكون فكرتك صح، وليس لدي أي اعتراض، ولكن يجب أن لا تمنعنا من أن نستمر في التعبير عن آرائنا!

* ماهر عدنان قنديل: ظن أن بعض التفاصيل البسيطة التي لا تبدو بتلك الأهمية يجب التوقف عندها كثيراً لأنها توضح الكثير من الأمور.. هنا أود التطرق لنقطة أراها هامة في إطار البحث عن الإنفتاح وأسباب إنعدام الحوار وهذه النقطة رغم أهميتها يتم إغفالها من غير قصد من قِِبل جميع الأطراف.. فالمشكلة حسب رأيي تكمن في عمق تركيبة ونفسية الإنسان نفسه بحيث تكون الإيديولوجيات والديانات بمن يتقمصها كما يقول المفكر فراس السواح. فعندما تكون شخصية ونفسية إنسان -ما- عدوانية وشريرة سيبقى كذلك مهما ذكر أيات من القرأن أو شعارات من الشيوعية أو غيرهما.. أظن أن دراسة تركيبة الإنسان تحتاج إلى وقفة طويلة خصوصاً عندما نسمع أن فلاسفة من غير منطقتنا الجغرافية وتركيبتنا العقائدية كجون جاك روسو يقول أن الإنسان طيب ولكن المجتمع سئ. في حين، يقول هوبز: الإنسان ذئب لأخيه الإنسان. وغيرها من العبارات التي تصف عدوانية نفسية الإنسان عموماً وقبحه..

* وفاء سلطان: لا اؤمن بالنقطة التي طرحتها، ودعني أوضح لماذا؟ حاول علماء النفس والسلوك منذ أن بدأوا، ومازالوا يحاولون أن يحددوا تأثير البيئة بالنسبة لتأثير الوارثة (أي الجينات) وانتهوا إلى اتفاق عام أن النسبة 50/50، بمعنى أن نصف التأثير للبيئة ونصفة للجينات. لذلك، مع تحسين البيئة لاحظوا انهم استطاعوا أن يتغلبوا عن الكثير من الصفات التي تحملها الجينات. مثالا: طفل لديه استعداد للإجرام، إذا تربى ونشأ في بيئة صالحة زرعت فيه الحب وقبول الآخر والعمل الحسن والمثابرة منذ نعومة أظفاره سيعتدل خط سيره! حتى الناس الذي لديهم استعداد للأمراض كالسكري والألزايمار والسرطان والبدانة، لو عاشوا في بيئة صحية من ناحية الطعام والنشاط الجسدي والعقلي سيخف احتمال إصابتهم بتلك الأمراض! تصور أن الإنسان الذي يستمر على حل -الكلمات المتقاطعة- في جريدة الصباح كل يوم يخفف من احتمال اصابته بالخرف والنسيان مع التقدم في العمر. وإذا كانت نظريتك من أن الإنسان إذا ولد شريرا سيخرج شريرا ولا علاقة لتعاليمه الدينية وبيئته بالموضوع، لكان وضع السعودية اليوم كوضع سويسرا! فنسبة الذين يحملون جينات اجرامية في سويسرا لا أظن أنها تقل عن نسبة الذين يحملونها في السعودية... ورغم أن العلماء اتفقوا على أن يعطوا نصف التأثير للوراثة ونصفها للبيئة لكنني اؤمن ايمانا قطعيا من أن البيئة تستطيع وبسهولة أن تعزز الوراثة أو تعدلها... الوراثة تأتي أولا والبيئة ثانيا، ولذلك تستطيع البيئة أن تؤثر في الوارثة فهي تأتي لاحقا!

* ماهر عدنان قنديل: ما قصدته في مداخلتي السابقة هو أن الإنسان بطبعه أناني وأحادي في العموم مهما كانت بيئته أو جيناته، ولذلك ما نراه من عنف يمارس بإسم الدين أو بإسم أي إيديولوجية أخرى هو راجع لطبيعة الإنسان العدوانية أكثر منه لطبيعة النصوص، ولذلك نجد حتى عند المتدينين أنماط من الناس ومن التصرفات ما بين أقصى المتطرف إلى المسالم الذي يردد عبارة -لي ديني ولهم دينهم- رغم أنهم يعبدون نفس الديانة ويقرأون نفس النصوص إلا أن تفسيراتهم ترجع إلى نمط تفكيرهم الذي قد تتأثر بالبيئة وبالجينات وكذلك بتركيبة نفسية أراها أعمق من مجرد الإنبثاق عن البيئة والجينات فقط بل تدخل أمور عديدة في تكوين نفسية الإنسان قد تكون البيئة بمفهومها الأوسع جزء مهم لتكونها وحتى بعض الأمور البسيطة قد تؤثر كذلك في تكوين نفسية الإنسان.. شاهدت إحدى حواراتك مع رجل الدين الشيخ طارق يوسف (الذي كنت قد شاهدت إحدى حواراته كذلك مع الأخ رشيد) ووجدت هذا الرجل يتميز بخطاب معتدل ومتميز أعجبني إتزانه وخطابه الرزين رغم أنه رجل دين نهل من نفس النصوص التي نهل منها كل شيوخ الدين.. قد يرجع ذلك إلى التركيبة النفسية الطيبة التي يتميز بها هذا الشيخ وأظنه لو كان ماركسياً أو ليبيرالياً أو من أي إيديولوجيا آخرى كان سيكون بنفس الإعتدال لأن نفسيته طيبة، ما أريد قوله بهذا المثال أن في العالم نوعين من الناس أشخاص ذو نفوس طيبة وأشخاص ذو نفوس شريرة.. قد تتدخل البيئة والجينات في صناعة أشخاص طيبون أو شريرون لكن هل تتدخل النصوص في ذلك؟ أم أن النفسية فقط المنبثقة من البيئة والجينات وأمور آخرى هي التي تحدد ذلك؟

إنتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع