الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميل لنفس الجنس من الناحية السيكولوجية

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2016 / 5 / 12
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


شعارنا حرية - مساواة - أخوة
من أجل ثقافة عقلانية تنتمي لعصرنا
ترددت كثيرا منذ ثلاث سنوات في الكتابة عن هذا الموضوع الحساس بالنسبة للبعض .و لكن إطلاعي عبر الأنترنيت على الكثير من المغالطات و عبر الأخبار على الظلم و الإعتداءات التي تلحق بعض المواطنين غير المسؤولين عما حدث لهم في الماضي الذي لم يره أحد بل و الذين كانوا ضحايا لتجاوزات خطيرة مست شخصياتهم الطفولية البريئة و كانت خرقا سافرا لحقوق الطفل كما تنص على ذلك الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل وما يحدث لهم من تشهير الآن عبر وسائل الإعلام من طرف الجاهلين ، كل هذا جعلني أعدل عن ترددي وأقرر الكتابة فيه من وجهة نظر علم النفس (السيكولوجيا) الموضوعية التي لا علاقة لها بعلم السياسة.
و لنبدأ من البداية ، ففي الأحوال العادية أي إذا إستثنينا تلك الحالات التي تحدث فيها إضطرابات عند تكوين الخلايا الجنسية الأنثوية (البويضات) و لا تفترق فيها بعض الصبغيات (خييطات توجد في نوى الخلايا و تحتوي على الذخيرة الوراثية DNA أي النماذج الجاهزة التي على أساسها تُصنع كل جزيئات الجسم و أعضائه و يتم التعبير المادي والبيولوجي على خصائصه المورفولوجية والوظيفية ) فالبشر يولدون يا إما ذكورا أو إناثا .ليس هناك من جنس ثالث . وبالتالي ليس هناك من إستعداد فطري لدى هؤلاء عند الولادة للميل لنفس الجنس أي أن الميل الجنسي لنفس الجنس ليس وراثيا.
لنكن واضحين في هذا الأمر.
إن هذا "الشيء غير العادي لكن الطبيعي" ليس وراثيا .و الحديث هنا هو عن الميل الجنسي لنفس الجنس .
و لماذا سميت هذا "الشيء (غيرالعادي) لكن الطبيعي "ميلا لنفس الجنس" وليس "شذوذا جنسيا" كما يسميه الجاهلون ؟
لأنه من الناحية التشخيصية الإكلنيكية للأجهزة الجنسية عند الأفراد الذين يعنيهم الأمر لا يكون هناك أي شذوذ أو إضطراب عضوي أو وظيفي لهذه الأجهزة أو لكل أجهزة الجسم بما في ذلك المراكز العصبية بكل بساطة .
إنهم من هذه الناحية أناس عاديون تماما مثل الجميع .
إذن الذين ينعتون الميالين لنفس الجنس بالشواذ هم في واقع الأمر ناس شتامين و جاهلين وكارهين تجاه هذه الشريحة من البشر تعيسة الحظ لوجودها في مجتمع متخلف حضاريا من الناحية العلمية.
إن نعت الأفراد الميالين لنفس الجنس بالشواذ الجنسيون هو أمر كالتكفير تماما إعتداء على البشر الذين ساقهم حظهم العاثر للتواجد في مجتمع متخلف حضاريا و جاهل بالعلوم الحديثة في مجمله وعدواني و إقصائي تجاه أفراده.و لا ينعت الميالين لنفس الجنس بالشواذ إلا الجاهلون العدوانيون المعتدون في الواقع على حق الغير في عيش اختلاف مفروض عليه.
و لماذا قلت "هذا الشيء غير العادي لكن االطبيعي" ؟
"طبيعي" لأن الميل لنفس الجنس ملاحظ علميا في الطبيعة عند الكثير من الأنواع الحيوانية الثديية مثل الإنسان .نذكر من بينها قردة البونوبو التي توجد في غابات الكونغو الديموقراطية على سبيل المثال لا الحصر.
"غير عادي" لأنه من الناحية الإحصائية القاعدة أو la norme أو ما هو عادي normal هو الميل الجنسي للجنس الآخر المختلف قصد التكاثربنسبة كبيرة جدا تفوق 99 في المائة .و بالتالي فحالات "لميل لنفس الجنس" عددها قليل إحصائيا، بعض الحالات في الألف .إذن لا يمكنها أن تشكل القاعدة أي la norme .
لكن هل يجوز التظاهر السلمي في الشارع العام من طرف الميالين لنفس الجنس ذكورا و إناثا خلال فترات معينة من السنة فيما يسمى Gay and Lesbian Pride في بعض المدن والعواصم العالمية ؟
من الناحية القانونية لاشيء يمنعهم من ذلك .
لكن لنفرض أنه بجانب تظاهرات الميالين لنفس الجنس تظاهر أيضا الناس العاديون في نفس المدن ، ألن يؤدي ذلك لعرقلة المرور في تلك المدن و ربما قامت مظاهرات مناهضة يسمونها فتنة و إثارة القلاقل والبلبلة و ما إلى هنالك؟
السؤال المطروح هو لماذا لا يتظاهر الناس العاديون فقط لأنهم عاديون.
هذا السؤال الإنكاري يوضح لنا أن "الميالين لنفس الجنس" يحتجون أو يريدون القول أنهم مختلفون و علانية أمام العالم .لأن الميل لنفس الجنس غالبا ما يحاط بالسرية و الإقصاء .إنه نوع من التعبير عن الذات و عن الراحة النفسية خلال هذه التظاهرات و هو نوع من الفرح بسبب أنهم وجدوا من يشبههم و يشعرهم بالدفء الإنساني و لو في خانة الإقصاء .
في هذا الإطار تندرج تصريحات المغني البريطاني إلتون دجون الذي قال أن أهم يوم في حياته كان هو يوم إعلانه أنه ميال لنفس الجنس .
نفس الشيء بالنسبة لأحد وزراء فرنسا السابقين وزير الثقافة فريديريك ميتران.(أنظر الرابط أسفله ) الذي أعلن ميوله الجنسية غيرالعادية التي تخجل في الواقع بسبب وجود أبناء عند هذا المسؤول الفرنسي .
لقد قال وزير الثقافة الفرنسي السابق فريديريك ميتران أن الإعلان عن ميله الجنسي نحو الذكور هو عنصر مهم من عناصر الهوية .يقصد هويته هو.
و غير الوزير الفرنسي هذا الكثير من المسؤولين في عالم السياسة و الإقتصاد و الأعمال و الفن و الرسم و غير ذلك أغلبهم من وسط ثري تجدهم في التظاهرت التي تحدثنا عنها قبل قليل .أو هكذا يقال .
إن تصريحات الناس النافذين خصوصا من عالم السياسة أو غيره قد تكون أهدافها سياسية و تتأسس على أكاذيب .
لانه لا يمكننا رؤية ناس يمارسون الجنس من قوم لوط كما يطلقون عليهم بشكل قدحي.
ويمكن أيضا أن تطلق إشاعات من طرف معارضين سياسيين عن كون أناس يعارضونهم من عالم السياسة ميالون لنفس الجنس للحط من كرامتهم و قدرهم أو للتأثير عليهم سياسيا .
واذا عدنا للتظاهرات فبعد مرور ها و انتهائها هل يحقق المتظاهرون ذلك الشعور بالراحة الذي كانوا يبحثون عنه بصفة نهائية ؟
قطعا لا .لماذا ؟
لأنهم يعيدون الكرة مرة و إثنتين و ثلاث وأربع و و و طيلة حياتهم دون تحقيق ذلك ؟
إذن أين يكمن المشكل طالما أننا قلنا أنه ليس عضويا و أنه من الناحية العضوية ليس هناك أي مشكل أو إضطراب أو "شذوذ" عند هؤلاء الناس ؟
يقول لنا علم النفس إن مشكلة الميل الجنسي لنفس الجنس مسألة عاطفية سيكولوجية تفاعلية في الطفولة مع وسط عدواني تجاههم تحدث بسبب خلل في العلاقات العائلية و في التربية وظروفها.
يا إما بسبب الخوف الناتج عن وجود شخص ديكتاتور و عنيف و عدواني يصعب الوصول إليه أو التعامل معه كعضو في العائلة قد يكون هو الأم التي تُخضع الأب و تصبح الآمرة الناهية القاسية في العائلة أو العكس أي بسبب غياب كلي لأب ديكتاتوري قاسي و مهيمن بشكل مثير.
يا إما بسبب تربية منذ نعومة الأظافر وسط البنات لطفل ذكر بالنسبة للذكور لا يقضي معظم أوقاته مع الذكور.
كل هذا يولد في الطفولة عند الذكور من الناحية النفسية سلوكا متجها نحو الخضوع و هو السلوك المعروف لدى النساء .
عند المراهقة و إشتغال الهرمونات الجنسية وإستيقاظ الغريزة الجنسية وعوض أن يتجه السلوك الجنسي نحو الجنس الآخر المختلف فإنه يخطئ العنوان فيتجه نحو الذكور بالنسبة للذكور و نحو الإناث بالنسبة للإناث .
إنه نوع من التعبير عن إحتياج عاطفي كبير وعميق يمكن نعته بالفقر العاطفي الطويل المدى الذي عانى منه الأطفال في صغرهم بسب غياب طويل لحنان وعاطفة الأبوة أو الأمومة العادي و بسبب الوجود في وسط مغاير لما كان يجب ان يكون.
لذلك يحب هؤلاء الأطفال في الواقع الظهور و تشارك الأوقات الممتعة بالنسبة لهم مع من يحبون من غير ذويهم من الذكور أو الإناث حسب جنسهم عندما يكبرون و يتخطون المراهقة و يصبحون راشدين.
إنهم يحتاجون لمن يربت على كتفهم ويلامسهم لمسة حنان و يشعرهم بالاهمية و الامان كتعويض عن ذلك الحنان الامومي او الابوي المفقود في وسط غير عادي معقد بالتعليمات و الإحتياطات و الحذر والحيطة و غير ذلك خال من العاطفة لا يرحم الأطفال وكل شيء فيه محسوب بالمليمترلا يقبل الخطأ .لأن كل خطأ قد يكون مميتا للجميع حسب تقدير المسؤولين عنه.
إن الميل الجنسي لنفس الجنس في نظري هو نوع من الرغبة في الإنتقام اللا واعي المتوقف منذ الطفولة في اللاشعور بسبب ذلك القلق و الحاجة اللتان إنحبستا في النفس تجاه الجنس الذي تسبب فيه .الذكور بالنسبة للذكور والإناث بالنسبة للإناث .لأن العملية الجنسية في واقع الأمر هي إنهاك للآخر المشابه جنسيا للذي تسبب في الشقاء و إن تخللتها كلمات الحب .
فهل من تقويم ممكن لهذه الظاهرة ؟
لقد استعملت هنا كلمة تقويم أي جعل شيء ما سويا عوض كلمة علاج التي تستعمل في الامراض كي لا يفهم منها ان الامر يتعلق بمرض نفسي .لأن ما يجب هو فقط تحويل الميل الجنسي من الاتجاه نحو نفس الجنس نحو الوجهة الصحيحة أي نحو الجنس المخالف.
و إذا تخيلنا ذبابة تريد الخروج من نافذة زجاجية مغلقة و شفافة ظنا منها أنه لا يفصلها عن الفضاء الخارجي أي شيء ، فتحاول مرارا و تكرارا دون جدوى محاولة الخروج هذه حتى تصاب بالعياء ثم تحاول مرة أخرى و في كل مرة تجد الحاجز الزجاجي ماثلا أمامها بإصرار ، فيمكن القول أن الخروج من مشكلة الميل الجنسي لنفس الجنس شيء يشبه هذا أي أن المعنيين بالأمر يعتقدون أنه يجب مواجهة أنفسهم.
لذلك فإن الخطوة الأولى التي يجب إتخاذها بشجاعة بالنسبة لهم في نظري هي مواجهة الحاجز الزجاجي و تكسيره عوض لوم ومواجهة أنفسهم ثم النظر بشجاعة و ثقة و إعطاء قيمة و إفتخار لأنفسهم لا العكس.
ثاني خطوة طالما أن الماضي الجنسي مع نفس الجنس قد تكون له تبعات و إلتزامات ووسطاء فيجب التخلص من هذا الماضي عبر الإعلان عن توقف هذا الإتجاه الميلي لنفس الجنس و عدم إعتباره كما صرح بذلك وزير الثقافة الفرنسي عنصرا للهوية .لأن الهوية الذكورية البشرية محسومة بنجاعتها في التوجه للجنس الآخر.هذه هي الهوية الحقيقية والعادية.
ثالث خطوة هي طلب مساعدة المحيط العائلي و الشريك الجنسي المخالف والناس الصادقين و أطباء النفس لا الإستغلاليين و الطامعين أو الإبقاء على التقوقع على الذات و السير هروبا إلى الأمام وتأبيد المعاناة .
إذا حدث هذا فإن الحاجز الزجاجي والقيد قد إنكسرا و جاءت الحرية للمعنيين بالأمر.
إذن متمنياتي للأطفال الذين عانوا من هذا و يجدون أنفسهم في صعوبة اليوم كراشدين أن يستفيدوا مما قدمت هنا بعجالة في هذه المحاولة لتقويم المسار كي ينعموا بنفسية مريحة و يباشروا حياتهم العادية بنفس جديد و حرية ويتجددوا للحياة بفرح و نشاط .فهم في نهاية المطاف أغلى عند ذويهم و عائلاتهم و محبيهم مهما واجهتهم من شرور.فما ضيعنا من وقت هنا إلا من أجلهم.
كمال آيت بن يوبا (التهامي صفاح سابقا.إسم إداري من مواليد 1957) بتاريخ 11/05/2016

رابط إعتراف وزير الثقافة الفرنسي فرديريك ميتران أيام رئاسة نيكولا ساركوزي للجمهورية الفرنسية .
http://www.voici.fr/news-people/actu-people/frederic-mitterrand-comment-son-pere-a-appris-son-homosexualite-436662








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا -غارقة في المجهول-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان، من س


.. هل فرنسا قادرة على تشكيل -ائتلاف حكومي-؟ • فرانس 24




.. -مواجهات محتدمة- وإطلاق الغاز المسيل للدموع في ساحة الجمهوري


.. رفع علم فلسطين على جسر موستار الأثري بالبوسنة والهرسك




.. عاجل| 10 شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي على جباليا النزلة