الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصورة تتوضح اكثر الصورة تتكرر

ربحان رمضان

2005 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


بعد سقوط امبراطورية الاتحاد السوفييتي ورغم دفاع النظام الاشتراكي ( ذو الطابع البيروقراطي) المستميت عن كراسي الحكم فيها ومحاولات أقطاب النظام الاحتفظ بميزات البقاء بمناصبهم فقد سقطت الامبراطورية وسقطت معها أو بعدها بفترة قصيرة بقية أنظمة المنظومة الاشتراكية الأخرى ( هنغاريا ، تشيكسلوفاكيا .. ) ، إلا أن ماحدث للرئيس الروماني (تشاوشيسكو) وإعدامه في محاكمة صورية من قبل الانقلابيين دفع ماتبقى من أنظمة تلك المنظومة إلى التعقل وإلى البحث عن مخارج لأزمات بلادها فلم تجد أفضل من أن تصنع معارضات من إخراجها وتصميمها فظهرت للعلن أحزاب لم تكن تعرفها أوتسمع عنها شعوب تلك الدول .. وهذا ماحدث تماما ً في بولونيا وبلغاريا الاشتراكيتان ..
في تلك الفترة كنت أقيم في بلغاريا وكنت ألتقي ببعض الكتاب والمثقفين البلغار بواسطة رفاقنا الذين سبق وتخرجوا من جامعاتها ، كما كان الأستاذ جورج حداد الكاتب التقدمي العربي وصاحب دار الكاتب للنشر والتوزيع يسمح لي بمرافقته في زياراته لهم ليعرفني على بعضهم الآخر .
تلك المعارضة ، وأقصد اتحاد القوى الديمقراطية التي توحدت جميع قوى وشخصيات المعارضة تحت رايتها كانت من صنع الحزب الشيوعي البلغاري فقد بدأت تلك القوى تعلن عن غضبها من المظام ، وتطالب في تغييره في المظاهرات والاحتجاجات التي عمت المدن البلغارية إضافة إلى نشر الصحف الجديدة التي لم تكن قد عرفتها بلغاريا منذ عهد الملكية فصدرت صحف جديدة كصحيفة الديمقراطية ، وبلغاريا ، و168 ساعة ، وصعوبة ، والصوت ..
وذات مرّة كنا جورج حداد (أبو مازن) وأنا في زيارة لمركز الإعلام البلغاري (София Прес) وكان مسؤولها في ذلك الحين شيوعي يهودي من يهود بلغاريا اسمه نسيم كوهين ، سأله أبو مازن ماهذا يارفيق ؟ ماهذه المعارضة التي تسمحوا لها بالتحرك ضد الشيوعية والنظام الاشتراكي كيفما شاءت ؟
فأجابه كوهين : " لا خوف على الشيوعية ، فجيلو جيلف ( رئيس الإتحاد المذكور ، ورئيس الجمهورية فيما بعد ) رفيقنا ويالاتفاق معنا أسس اتحاد القوى الديمقراطية CдC "
اطمئن يارفيق ، سنعود فيما بعد .
وفعلا وبعد أن سقط النظام ، ُأعتقل الرئيس تودور جيفكوف ، وحوكم بتهمة اختلاس تسع آلاف ليفة بلغارية ( بما تعادل في تلك الأيام 900 دولار أمريكي ) وعاد وريث العرش الملكي ЦарСимеон(تسار سميون) فأصبح رئيسا ً للوزراء ، وتحول الحزب الشيوعي إلى الحزب الاشتراكي البلغاري ، وظهرت أحزاب باسم الديمقراطيين البلغار وباسم قومييهم وباسم غجرهم ، وأتراكهم ، وليبراليهم ... والمكدون والطراكيين .. وغيرهم ... والآن وبعد خمسة عشر عاما ً على سقوط النظام الاشتراكي عاد الشيوعيون بقوة وحازوا على نسبة عالية من الأصوات واحتلوا غالبية كراسي البرلمان وأثبتوا وجودهم مجددا ً في المراكز الاقتصادية والثقافية والاعلامية ..
هذه الصورة تعاد في سوريا كما هي وبدون رتوش ، حزب بعث حاكم ، جبهة مشابهة للجبهة المشاركة للنظام الإشتراكي في بلغاريا وهي حزب الفلاحين ، وبضع نقابات رديفة ، ثم المعارضة المصطفة في طابور موجه بواسطة (الريموند كونترول) ..
بل أن أحزاب المعارضة السورية تتخذ الآن مواقف متخلفة عما كانت تطرحه قبل إعلان دمشق سواء بالنسبة للمطالبة بإطلاق الحريات الديمقراطية ، أو إلغاء القوانين التعسفية ، أو المطالبة بحل المشكلة الكردية كجزء أساسي من القضايا الوطنية في سوريا وإعتبار الشعب الكردي هو القومية الثانية في البلاد يجب الإعتراف به ضمن الدستور والقوانين التي توضع للبلاد رغم أن فصائل الحركة الكردية والمتمثلة بالتحالف والجبهة الكرديان اصطفت أيضا ضمن هذا التجمع ووقعت على إعلان دمشق (نجد ذلك التراجع واضحا ً في تصريحات الأستاذ هيثم المالح الأخيرة حول القضية الكردية ) فقد صرح الأستاذ لصحيفة إيلاف: بأنه لا يعتقد ان ايقاف انشطة الاحزاب الكردية والعمل السياسي، هي بداية حملة تشنها السلطات تطال فيها كل الأحزاب السياسية المعارضة وجمعيات حقوق الإنسان وهيئات المجتمع المدني في سورية.او ان هذه الخطوة محاولة واضحة لقمع أي نشاط سياسي، أو حراك مجتمعي لان المشكلة في اعتقاده بين النظام والاحزاب الكردية لان الاخيرة عنصرية ومنغلقة .
في نفس الوقت الذي نجد فيه أن بعضا ً من البعثيين استيقظت ضمائهم فاصطفوا مؤخرا وبشكل علني في طابور المعارضة ليطالبوا يطالب بإعادة ً النظر في مفاهيم كثير ة وقاموا بتبني وثيقة تتضمن بنوداً كانت تعتبر بمثابة برنامج للمعارضة قبل ان تتبنى المعارضة المذكورة وثيقة "إعلان دمشق" هذه المجموعة من البعثيين ونواب مســـتقلون وشــخصيات ســـياسية حزبية وغير حزبية وقعوا مؤخرا ً " وثيقة وطنية " ترفض الاستقواء بالخارج وتنتقد الإجراءات التي اتخذتها الدولة حتى الآن في مواجهة خطر العدوان الخارجي ومجمل الأوضاع الناشئة بعد تقرير ديتليف ميليس رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق وقرار مجلس الأمن الأخير.
كما طالبت الوثيقة الموقعة من جانبهم برفع الأحكام العرفية وبضبط العمل بقانون الطوارىء فيما يخص القضايا التي تمس الأمن الوطني حصراً، وبمنع تدخل الأجهزة الأمنية في شؤون الأحزاب السياسية، وبإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، وحل مسألة المتواجدين خارج القطر لأسباب سياسية والمجردين من الحقوق المدنية، وبسن قانون للأحزاب يضمن حق الانتماء السياسي لجميع المواطنين على أسس وطنية شاملة ويضمن فصل أجهزة الدولة وامتيازاتها عن بنية الأحزاب السياسية.
بقيت أحزاب الجبهة الوطنية في موقع المتفرج وسبقت مجموعة البعثيين المذكورة أحزاب إعلان دمشق وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية في طرحها مطالبها حول القضية الكردية في سوريا حيث تبنت الوثيقة المذكورة مطلباً بحل مسألة المجردين من الجنسية من المواطنين الأكراد الذين جردوا من الجنسية السورية بموجب قانون الإحصاء الاستثنائي لعام 1962والذي جرى تحديدا ًفي الجزيرة، وطالب البعثيون المذكورون بإعادة الجنسية لجميع من حرم منها منذ عقود، وبمنع أي تمييز بين المواطنين على أساس قومي أو ديني أو طائفي، وضمان الحقوق المدنية والثقافية والاجتماعية لجميع المواطنين التي ترتكز على مبدأ المواطنة ضمن إطار وحدة الوطن.
أما من لم يوقع من الأكراد لا على إعلان دمشق ولا إعلان حلب فهم أيضا ً والمتحالفين مع بعضهم لايريدون أي تغيير في الحكم وهذا واضح تماما ً في موقف البارتي الديمقراطي السوري حيث جاء في بلاغ مكتبهم السياسي مايلي : " .. إننا في الحزب الديمقراطي الكردي السوري وعلى خلاف ما تطرحه معظم قوى المعارضة الداخلية كالموقعين على إعلان دمشق أو المتحفزين للتوقيع على غيرها من إعلانات باتت في طور المرحلة النهائية لصدورها ـ فإننا نرى بأن مواقفها ودعواتها للقطع مع النظام واعتباره قد استنفذ أي دور إيجابي له للمساهمة في حل القضايا الوطنية ، هو موقف يجانب الحقيقة ولا يخدم قضايانا الوطنية ، بل يعقد الوضع الوطني في البلاد ويدفعه باتجاهات غير محمودة ويسهم في إضافة سلبيات جديدة على العوامل السلبية المتراكمة أصلاًًً .. "
ويؤكد حزب آزادي على وطنية النظام وعدم التوجه في تغييره حيث ورد في البلاغ الذي أصدرته اللجنة المركزية لحزب آزادي الكردي مايلي : " .. تمحورت نقاشاتها حول الآليات الكفيلة بتجاوز حالة الأزمة التي تلف أداء السلطة وكذلك مجمل القوى الوطني .. " ثم : " .. تمهد السبيل ـمام طموحات المواطن السوري ، ويجسد تطلعاته في أن سوريا لكل السوريين ، وذلك عبر حوار وطني ديمقراطي شفاف ، ركيزته التغيير الديمقراطي ، وأدواته الشفافية والإقرار بالواقع السوري كما هو عليه ، وهذا بحد ذاته ، يتطلب إلى رؤية كردية واضحة المعالم ..."
الشـــيوعيون البلغار ، وقرائنهم البولونيون عادوا عبر صنايق الاقتراع بعد مدة طويلة من تخليهم عن الحكم للمعارضة ، فهل سييتخلى البعثيون بســـهولة عن الحكم ؟
وهل( فيما إذا تخلوّا للمعارضة عن الحكم ) سيعودوا ثانية عبر صناديق الاقتراع ؟

سأترك الجواب للمستقبل ربما توضح الأيام القادمة سؤالي أكثر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل


.. إيران.. تعرف على مواقف جليلي وبزشكيان في ملفات السياسة الخار




.. مقابلة خاصة مع نائب وزير الخارجية التركي ياسين أكرم سرم


.. أوضاع الشرق الأوسط وحرب غزة تحظى باهتمام كبير في قمة شانغهاي




.. نتنياهو بين ضغط عائلات المحتجزين وتهديدات ائتلافه اليميني