الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحولات الصراع والحرب في العلاقات الدولية

رعد تغوج

2016 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


تحولات الصراع والحرب في العلاقات الدولية
رعد تغوج
هُنالكَ شبه اجماع بين المُختصين على أنَّ الحروبَ بينَ الدُول في انخفاض مُستمر، على الأقل في القرن العشرين، على عكس العُنف violence داخل الدول، الذي هُوَ أخذٌ في الإطراد والإزدياد، وقد تنبأ صمؤيل هنتغتون بذلك منذُ عام 1968 عندما أصدر كتابهُ "النظام السياسيّ لمُجتمعات مُتغيرة"، وقد ذهبَ ريتشارد نيد ليو إلى نفس النتيجة "الإحصائيّة" في كتابه الشهير "لماذا تتحارب الأمم".
بيدَّ أنَّ التحولات لا تقتصرُ على الإنتقال من حالة الصراع بين الدول إلى صراع داخل الدول، بل هُنالكَ شبه غياب كامل للدولة بمفهومها المَركزيّ في العلاقات الدُولية المُعاصرة، فالدولة الليبراليّة العسكريّة دشنتْ أنساق أو كيانات ما فوق الدولة، مثل التحالافات الدُوليّة coalitions (الناتو، البريكس،..) وإذا كانَ الجُزء الذي هُوَ الدولة سابقٌ للكُل، الذي هُوَ التحالف، إلا أنَّ – وهذه المُفارقة – الكلّ أصبحَ أقوى من الجزء بل ومُلزماً للأجزاء كلها باتخاذ قرارته!
ولم تكتفِ الدولة الليبرالية بتدشين "ما فوق الدولة" إنما دشنت أنساق ما تحتَ الدولة، وهي الميلشيات والأحزاب المُسلحة، التي تمتدُ من حركة زباتسيتا في المكسيك والفارك في كولومبيا، مروراً ببوكو حرام في افريقيا وأبو سياف في الفلبين، وليسَ انتهاءاً بكيانات ما تحت الدولة المُنتشرة في سوريا، مثل داعش والمُثنى الإسلامية وجبهة النصرى وغيرها من التكتلات التي تُعتبر فاعلاً actors قوياً في العلاقات الدُوليّة.
والمُفارقة هي أنَّ أنساق ما فوق الدولة أضحت تُحاربُ أنساق ما تحت الدولة، مع غياب شامل للدولة بمفهومها المركزيّ التقليديّ الموروث من أرسطو، فالناتو يحارب داعش، وجبهة الفارك تحارب الأجنحة اليمينية المُسلحة right wigs guerilla في كولومبيا، ولا نكادُ نستثني صراعاً دولياً معاصراً تتحاربُ فيه جيوشاً نظاميّة.
المُعضلة في هذا الطرح هي أنّ الحروب هي حروب لا تناظرية asymmetric ، وهذا النوع من الحروب يخلق تهديدات عملياتيّة هجينة hybrid operational threats مما يُشكلُ ثِقلاً على الأجهزة الأمنيّة ومراكز الدراسات والباحثين للتنبؤ prediction بمستقبل الصراع، وهذا ما يجعلُ بعض مراكز صنع القرار ومراكز الأبحاث المرموقة think tanks تُقدمُ شاغراً للفنانين والشعراء كي يحدسوا بخيالهم الجامح احتمالات الحرب والصراع المُتاحة، وقد دُفعت بعض مراكز الأبحاث الأخرى، والباحثين المُستقلين إلى توظيف القراءة الوصفية فقط للصراع، مثل عالم الرياضيات الشهير يوهان غالتون، الذي وضع مُثلث غالتون الشهير في وصف توجهات الصراع وسلوكياته وتناقضاتهُ البُنيويّة.
ولجأ طرفٌ ثالث إلى الاعتماد على نظرية الخواء chaos system التي تنبني على أسسٍ فيزيائية ورياضيّة صارمة، ومُلخصها المَشهور هو أنه إذا رفرف جناحُ فراشة في الصين فإنَّ ذلك يُؤثر على اعصار مُستقبليّ في البرازيل! أي الأخذ بنظرية الصُدفة ودفعها قُدماً إلى الأمام عبر زحزحة إبستمولوجيّة وترحيل مفاهيميّ من حقل الفيزياء والرياضيات التحليليّة إلى ميدان العلوم السياسيّة.
يُعتبرُ هذا الصنف من الباحثين أدقُ ما وصلتْ له العلوم السياسيّة ومراكز الأبحاث الأمنيّة والإستراتيجية، التي تستعينُ بهم كبرى الحكومات والدُول في العالم اليوم، فهو طرح يُقدم نموذجا تنبؤياً predictive model بناءاً على تغيرات خيميائية طفيفة (أثر الفراشة). كما تأخذُ بعين الإعتبار ثورة الإنفوميدياً المُعاصرة وتدفق الملعومات الهائل عبر الفضاء السبرانيّ، حيثُ يُقدر معهد MIT حجم المعلومات المتدفقة ب 2.7 بليون زيتابايت، وهذا ما دفعَ شركة IBM لتخصيص 20 بليون دولار منذ 2005 لأغراض التحليل فقط!
يقومُ الصنف الثالث من الخبراء بتحليل هذا الكم العشوائيّ الهائل من المعلومات باستخدام أحدث ما توصلت له نظم التحليل، وهو ما بات يُعرف THE ANALATICS EDGE ، وهي تقنية معالجة المعلومات الهائلة DATA MINING باستخدام مصفوفات حاسوبيّة تُقدم تنبؤات يعجز عنها العقل البشريّ، ومن هذه البرامج (R, SAS, SPSS,STATA,PANDAS,MINITAB) وغيرها من التقنيات المُتاحة للباحثين على الإنترنت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر