الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكالية تأصيل الديمقراطية في الفكر الاسلامي( الحلقة1)

منذر خدام

2016 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


إشكالية تأصيل الديمقراطية في الفكر الإسلامي
منذر خدام
1
الديمقراطية في الفكر الإسلامي النهضوي .
إن الضغط الذي مارسته التحولات العميقة التي كانت تجري في المجتمعات الأوربية، ولا تزال ،على المشتغلين في الحقل الثقافي، والفكري،من داخل المنظومة الفكرية الإسلامية دفعتهم للتفتيش في المرجعية التراثية الإسلامية عن أدوات مفهومية تصلح لقراءة ما يجري في أوربا.وأمام الانبهار والتأثر بالحركة النهضوية الأوربية ،وفكرها التنويري ،وليبراليتها السياسية ،حاول النهضويون الإسلاميون في القرن التاسع عشر قراءتها من موقع الفكر التراثي الإسلامي وبأدواته ،وقد حققوا نجاحات جيدة على هذا الصعيد.فمقابل كل مصطلح أساسي في الفكر الليبرالي اجتهدوا في إيجاد ما يقابله في الفكر التراثي الإسلامي. فمقابل الديمقراطية والعقد الاجتماعي والتمدن والمنفعة وغيرها أصبح لديهم الشورى والتضامن الاجتماعي والعمران والصالح العام . ومع أن النزعات الإصلاحية كانت واضحة لدى الجيل الأول من المفكرين النهضوين الإسلاميين إلا انهم أخفقوا في تأصيل وتبيئة الفكر النهضوي الليبرالي في البلدان الإسلامية.من جهة لأنهم قرأوه بغير أدواته فجاءت قراءتهم انتقائية، ومن جهة ثانية لعمق واستقرار المرجعية التراثية الإسلامية في الوعي العام.رغم ذلك فقد كانت مساهماتهم في الحقل السياسي خصوصا مساهمات هامة، جاءت متقدمة كثيرا عن مساهمات العديد من المفكرين الإسلاميين النهضوين التاليين ، وبشكل خاص مساهمات العاملين منهم في الحقل السياسي.ومن بين أعلام تلك المرحلة يعتبر الطهطاوي بحق أول من وضع أسس التفكير السياسي الحديث بالديمقراطية في كتابه " تخليص الإبريز في تلخيص باريز" الذي صدر في عام 1834. وقد تطور فكر الطهطاوي لاحقا بحيث أخذ ينظر إلى الديمقراطية نظرة شاملة أوسع شملت الحقل الاجتماعي والاقتصادي إلى جانب الحقل السياسي.
ومن يتفحص كتاب خير الدين التونسي" أقوم المسالك في معرفة أصول الممالك " الصادر في عام 1867 يكتشف عمق وشمولية حضور الفكر الديمقراطي لديه والذي عبر عنه من خلال
منظومته الفكرية الإسلامية. ففي موضوعات الكتاب وتحت عناوين فرعية نقرأ: "مطلب اقتضاء الظلم لخراب العمران " و" مطلب وجود المشورة وتغيير المنكر ونتائجها" و "مطلب أن استقامة سيرة الوزير لا تفي بمصالح المملكة إذا لم يكن لإدارتها قوانين ضابطة" و" مطلب عواقب الاستبداد والعمل بالرأي الواحد " وغيرها كثير مما يتلاقى مع الفكر التنويري الديمقراطي.
وفي سياق انشغال جمال الدين الأفغاني في البحث عن أسباب تخلف المسلمين بالمقارنة مع نهضة وتقدم أوربا وجد من بين الأسباب ما يتعلق بـ " غياب العدل والشورى " وتفرد الحكام المسلمين بالسلطة وممارستها من خلال تحكيم القوة القاهرة في رقاب العباد حتى تأصل في نفوسهم " الذل والاستكانة والخلود للرقاد ". ولم يجد الأفغاني بديلا للخروج من هذه الحالة المستحكمة التي وصلت إليها الشعوب الإسلامية غير إشراك " الأمة في حكم البلاد عن طريق الشورى وانتخاب نواب الأمة".
وتطرق الكواكبي أيضا إلى أسباب تخلف العرب والمسلمين فوجدها عديدة من بينها أسباب دينية ، وأخرى أخلاقية ، وثالثة سياسية ، وقد شرح ذلك في كتابيه : أم القرى وطبائع الاستبداد. وحسب الكواكبي فإن " أعظم فائدة استفادها أهل الشرق من الأوربيين معرفة ما ينبغي أن تكون عليه الحكومة واصطباغ نفوسهم بها ". ويزيد عبد الرحمن الكواكبي فيعتبر أن أولئك الساسة والحكام الذين يحاولون الخلط بين السياسة والدين لا يتمسكون بالدين إلا بقدر تمكينهم من البسطاء وإن " موقفهم هذا لا أصل له في الإسلام كدين ".
وفي كتابه " الإسلام وأصول الحكم" دعا الشيخ علي عبد الرازق إلى فصل الشريعة عن النظام السياسي، وحسب رأيه " لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى في علوم الاجتماع والسياسة كلها، وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا له واستكانوا إليه، وان يبنوا قواعد ملكهم ونظام حكومتهم على احدث ما أنتجته العقول البشرية وأمتن ما دلت تجارب الأمم على انه خير أصول الحكم ". وأضاف أن الخلافة ليست من أصول الدين، وليس في الإسلام شكل محدد إسلامي للسلطة. وأكد ذلك محمد عبده في قوله " ليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة للدعوة إلى الخير والتنفير من الشر ".
وقد ربط الكثيرون منهم بين التقدم والشورى وبين التخلف والاستبداد ورسموا حدودا واضحة بين مجال الدولة ومجال الدين دون أن يصلوا إلى حد القطيعة. وبسبب مواقفهم الانتقائية فقد جعلوا على الفكر النهضوي الأوربي قيوداً ليست من طبيعته، بحيث يأتي متوافقا مع الشريعة ، مما قاد العديد منهم إلى التناقض والتلفيق. فعلى سبيل المثال اعتبر الطهطاوي الملك خليفة الله في الأرض ، حسابه على ربه وبالتالي ليس في فعله مسؤولية لأحد من رعاياه.لكن بعض المفكرين النهضويين من الجيل الثاني من ذهب شوطا بعيدا باتجاه العلمانية والديمقراطية وخير مثال على ذلك علي عبد الرازق وابن باديس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما حقيقة هبوط طائرات عسكرية روسية بمطار جربة التونسية؟


.. ليبيا: ما سبب الاشتباكات التي شهدتها مدينة الزاوية مؤخرا؟




.. ما أبرز الادعاءات المضللة التي رافقت وفاة الرئيس الإيراني؟ •


.. نتنياهو: المقارنة بين إسرائيل الديمقراطية وحماس تشويه كامل ل




.. تداعيات مقتل الرئيس الإيراني على المستويين الداخلي والدولي |