الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق ... بين المتظاهرين والقاعدين !

رياض البغدادي
الامين العام للحركة الشعبية لإجتثاث البعث

(Riyadh Farhan)

2016 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


العراق ... بين المتظاهرين والقاعدين !
بقلم : رياض البغدادي
ينقل لنا المؤرخون ان العراق لم يستقر سياسيا واجتماعيا بعد ثورة الامام الحسين)ع،(وقد توالت الثورات بعد ثورة كربلاء و صار العراق يمثل نقطة توتر واستنزاف للخلافة الاموية حتى ان الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان عمد الى نشر العيون الذين يأتونه بأخبار العراق اولا بأول.. وقد فتح ميزانية خاصة لذلك ،وينقل المؤرخون ان احد عيون عبد الملك تأخر ثلاث سنين ولم يأت له بخبر العراق ولما جاء الى قصر الخلافة ( دخل الحاجب يخبر الخليفة بقدوم المبعوث للعراق فقال الخليفة دعه يدخل وأدخل معه السياف فلما دخل الرجل عاجله عبد الملك بن مروان بالسؤال اين انت منذ ثلاث سنين وقد صرف لك الف الف درهم ولماذا تأخرت هذا التأخير فأجابه بأنك بعثتني الى العراق وانا قمت بمهمتي على احسن ما يكون حيث كنت اطوف ارجاء العراق قصبة قصبة واسجل عاداتهم وتقاليدهم وطبائعهم واحوالهم وطريقة تفكيرهم ثم اطوف مرة اخرى لكي اكون دقيقا في ارسال ماكنت قد سجلته فأتفاجأ بأن عاداتهم وتقاليدهم ومطالبهم وحتى طريقة تفكيرهم وما يصرحون به قد تغير تغيرا كاملا فأعمد الى محو ماسجلته سابقا وكتابة مارأيته لاحقا وبعد ستة اشهر اعود واتحقق مره اخرى فأرى ايضا تغييرا شاملا قد حدث وبقيت على هذه الحال ثلاث سنين واما مصر فطفتها وعلمت انهم يطيعون من يعدل فيهم واما الشام فإنهم يطيعون من ينفق عليهم واما العراق فحاله كما اخبرتك لم اعرف لهم حالا(.
هذه القصة ان صحت فبها وان لم تصح فإننا نعلم اليوم يقينا ان العراق هذا حاله وبكل اسف , فلو رجعنا الى ما سجله الاعلام قبل سنة من الان لتأكدنا بأن العراقيين كانوا يطالبون بإصلاح شامل وكامل بدءاً من مجالس المحافظات الى مجلس الوزراء مرورا بالمحكمة الاتحادية وقد تظاهروا بمئات الالاف على مدى اكثر من عشرين جمعة في المحافظات وفي ساحات بغداد الا انهم يوما بعد يوم صار يقل عدد المتظاهرين ويتقلص حضورهم الى ان انتهى الى حضور العشرات فقط عندما تبنت المرجعية الدينية في النجف الاشرف مطالبهم واصبحت تضغط على القوى السياسية لتنفيذ مطالب الناس في الاصلاح وانهاء الفساد المتفشي في مفاصل الدولة .
وبعد ان يئست المرجعية من اجبار الحكومة والقوى السياسية تنفيذ وصاياها بالاصلاح ,علقت تواصلها مع الحكومة احتجاجا على عدم استماعها لمطالب الناس والنصائح التي كانت ترسلها للحكومة عبر منبر صلاة الجمعة لمعتمد المرجعية وممثلها الخاص في العتبة الحسينية , وهذا كان مفهوما للجماهير بكونه ضوءاً اخضر للتظاهر مرة اخرى , فخرجت الناس في تظاهرات وصفها الاعلام الغربي بأنها مليونية لكن المتغير الجديد في المعادلة هذه المرة اصبح للمتظاهرين طرف اجتماعي- ديني مهم يمثلهم وهو السيد مقتدى الصدر ابن المرجع الشهيد محمد الصدر فحضر السيد الصدر الى بغداد وخطب بالجموع المتظاهرة واعلن برنامجه للاصلاح مهددا الحكومة والقوى السياسية بأنها ستتحمل مسؤولية عدم تنفيذ مطالب المتظاهرين.. وتوالت الاحداث الى ان اعتصم السيد الصدر في المنطقة الخضراء وبعدها عندما تأكد المواطنون من عدم جدية القوى السياسية في تنفيذ الاصلاح انفلت زمام الامور في الشارع ودخل المتظاهرون المنطقة الخضراء المحصنة واحتلوا مبنى مجلس النواب وصار اثناء ذلك اعتداء للمتظاهرين الغاضبين على بعض اعضاء مجلس النواب فتأزمت الامور وتفتت قرار القوى السياسية المنضوية تحت سقف مجلس النواب وانعكس ذلك على مجلس الوزراء الذي اصبح معطلا وفشل المجلس لحد الان اعادة قواه للانعقاد مرة اخرى .
هذا السرد الممل لكاتب المقال قبل قارئه كان مهما للدخول في طريقة تفكير العراقيين المتظاهرين منهم و( القاعدين ) ويمكن تلخيص الحالة العراقية اليوم امام هذه المتغيرات كالاتي :
1. هناك من يصر على التظاهر الى ان تتحقق مطالب الاصلاح .
2. ومن الناس من يفضل القعود , لان الذي يحصل في الساحة بحسب مايراه , هو تصارع المفسدين فيما بينهم .
3. ومن الناس من يرغب في التظاهر لكن ما يوقفه هو عداؤه السياسي للتيار الصدري الذي تبنى قائده مشروع الاصلاح .
4. ومن الناس من هو تابع لما درج على انتخابه في كل انتخابات من القوى السياسية , واصبح يبرر قراراتها بطريقة تثير القرف , وقرارها الان هو عدم التظاهر .
5. ومن الناس من يشكك في مشروع الاصلاح وفي نوايا من تبناه واعني السيد الصدر .
6. ومن الناس من فضل الجلوس على التل ويراقب الاحداث ليصطف مع المنتصر بعد سكون غبار المعركة .
وبالتالي يمكن تلخيص الحالة العراقية للستة اشهر المنصرمة بأنهم فريقين , الفريق الاول متظاهر ومستعد لفعل اي شيئ لأنجاح مشروع الاصلاح وهؤلاء هم اتباع التيار الصدري المعروفون بشجاعتهم وقوة اندفاعهم وطاعتهم لزعيمهم السيد مقتدى الصدر والفريق الثاني ( قاعد ) وهم ذاتهم من هادن المحتل الامريكي في الوقت الذي كان يسقط العشرات من التيار الصدري في مقاومته للقوات الامريكية ومن الانصاف يجب ان نقول ان التيار الصدري بحاجة لعمل كبير لاعادة ثقة الناس به بعد الاخطاء التي ارتكبها الكثير من منتسبيه في السنين الماضية .
ترى هل ستتغير الحالة العراقية في الستة اشهر القادمة وهل يمكن ان نتخيل ان يصبح القاعد متظاهرا والمتظاهر جالسا في بيته يراقب ؟؟!!
رحم الله من قال "لقد ملأتم قلبي قيحا " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو