الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عائدون...ألا زلت تذكر يا صديقي؟!

طلال ابو شاويش

2016 / 5 / 15
الادب والفن


أتذكر يا صديق القبر ؟
يوم اخفينا وجوهنا ذات زمن و نقشنا على الجدار الممتد لمدرسة اللاجئين في المخيم ...عائدووووووووووووون؟!
يومها كانت فلسطين على مرمى حلم جميل و كان الانتظار اقصر من موال بدوي في ليلة سامر....
اتذكر كيف بكينا وكدنا نختنق تحت اللثام الاحمر؟
نقشناها بخط جميل فضحنا...فكل اهالي المخيم عرفوا بموهبتنا الفطرية في الرسم بالألوان و الكلمات....
يومها بكينا زواريب المخيم و ازقته... كما بكينا جدي المنتظر وأخي الأسير و أمي الثائرة و أمك التي قهرتها الحياة بجنون والدك الطيب..وشهداء القناص الاسرائيلي الاشقر الحاقد...و جرحى القوات الخاصة التي الهب رصاصها كلية جارنا الطفل غسان...كما بكينا مهانة كبارنا و هم يمسحون الشعارات بالطين تحت اعواد المشانق ويتسلقون أعمدة الكهرباء نصف عراة لانزال الأعلام ...
يومها تعمدنا ان يكون الشعار طويلا يمتد من أخر السور غربا حيث يتكئ على الصبار و حتى أوله شرقا حيث يعانق وجه أي زائر الى المخيم....لنضاعف العبء على من يقدر له زيارة قوات الاحتلال فجرا...
عائدووووووووووووووون....و متنا عدة مرات... و عاد الشهداء و رحلوا مرات...وشفي الجرحى و أصيبوا مرات...وتحرر الاسرى و اعتقلوا ثانية مرات... و قبرنا الحلم و احييناه مرات....
عائدوووووون....
و مر بنا السلام يرتدي زي بابا نويل و يطلي وجهه بنفس الأصباغ التي نقشنا بها شعارنا...نعم... مر بنا السلام وغادرنا مرات...
وضحكنا يا صديقي الى حد الاغماء و نحن نستذكر مهامنا السرية السخيفة التي أبكتنا حماسة ولهفة وراء الحلم ذات زمن...
ضحكنا و نحن نتحسس الألام الفظيعة للغضاريف المبكرة في ظهورنا المتخشبة...و نرتمي على بوابة المعبر ككلبين اجربين استسلما لموت مهين يرفض ان ياتي...
عائدووووووووون.....
وقهقهنا و نحن ننتظر في سرداب الامن امام مكتب ضابط صغير علمناه قواعد اللغتين العربية و الانجليزية في نفس مدرسة اللاجئين ...استدعانا للتحقيق بشان سخافاتنا على ما يدعونه الفيس بوك ...وجرب ان يرهق هذين الخمسينيين بفذلكات الامن المستوحاه من نماذخ رجال المخابرات الاسرائيلية....قهقهنا الى حد الاغماء للاسئلة المتطابقة التي تدحرجت عن شفتيه ككلمات الملك السعودي الامي في خطاباته للأمة...
عائدووووون...
وصدحت ضحكاتنا الخائبة في الحانة الاولى التي احتضنتنا ذات سفر...فقد تسمرت نساء الحانة الجميلات أمام سكيرين سالت الكحول من مسامات صدريهما دون ان يثملا...و خابت صدورهن و مؤخراتهن الجميلة في تحريك ذاك الاله الافعى الواهن بين ساقيهما...و عادا من الحانة ليكملا حلم العودة السابح كالنمل في رأسين تخضبا بالحزن و اليأس الصافيين....
عائدوووووون...
انه الجنون يا صديقي التعس....نحزن و نبكي و و نتذكر ونضحك تحت سحابات دخان الماضي المتخثرة فوق وجودنا....
ردد معي يا صديق القبر ...ووحد صوتينا المتهدجين ....عائدووووووووون...
يا نبيذ رام الله... عائدون....يا ظلام غزة.....عائدووووووووون...
ايتها المدن الراحلة ....عائدون...
ايها الشعراء الكاذبون....عائدون...
ايها القادة الفاسدون ....عائدون....
ايتها الاحزاب الستالينية المريضة بعقدة الاقلية ....عائدون....
ايتها الحركات المفتونة بكثرة الغوغاء ....عائدون....
ايتها العصابات السرية الماخوذة بفائض القوة ....عائدون...
ايها المعلمين الجهلة ....عائدون....
أيها الاطباء الشاذون....عائدون....
ايها العمال العاطلون عن الحياة...عائدون....
ايها الصناع الغشاشون...عائدون....

اصرخ معي يا صديقي الذي يحميني و اقيه من التيه و السقوط و السكر و الثمالة...
سنرجع يوما...اخبرنا اصدقاء القبور ...عائدوووووووووووووون !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا