الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النكبة الحقيقة: لماذا تم تجاهل الفوارق العلمية والحضارية مع دولة الاحتلال ؟!

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2016 / 5 / 16
القضية الفلسطينية


مرت علينا اليوم الذكرى 68 للنكبة الفلسطينية. 531 قرية ومدينة تم تهجيرهم من فلسطين في مثل هذا اليوم. كان الصراع داوريني بكل معنى الكلمة. شعب يمثل زبدة الحضارات الغربية المتقدمة أمام شعب شرقي فاته اكتشاف الكهرباء وطاقة الديزل والغواصات النووية والصواريخ الموجهة.

في جميع المعارك والثورات التي خاضها الشعب الفلسطيني، تجاهلت القيادة الفلسطينية منذ العام 1936 وحتى اللحظة في 2016 جميع الفوارق الحضارية والعلمية مع دولة الاحتلال، وتم بالتالي تضليل الشعب الفلسطيني بشعارات طنانة فارغة من أي مضمون يرقى بالصراع مع دولة الاحتلال بوصفه صراع تقدم أمام تخلف. علم أمام خرافة. تجهيز عقلاني مادي أمام دروشة وتخاريف.

حتى عندما تكونت السلطة الفلسطينية عام 1994، لم تأتينا ببرنامج بديل يقارع حالة التخلف، بل قامت بتكريس مناهج متخلفة تساهم في تخدير وعي الناشئة حول بطولات تاريخية مضت وانتهت في الزمان الغابر. فماذا يفيد الحديث عن صلاح الدين والمنجنيق والسيوف أمام طائرات الفانتوم والأباتشي ؟! ولماذا يصر مؤلفوا مناهج التاريخ الفلسطينية على انتقاء حوادث تاريخية مجتزأة ومفصولة عن الواقع في حينها. لماذا تم تضخيم موضوع صلاح الدين بتحرير القدس وبقاء باقي فلسطين تحت السيطرة الصليبية ؟! لماذا لا يدرس تاريخ إنشاء المؤسسات الصهيونية التي شكلت أساس الدولة مثل الجامعة العبرية ومستشفى هداسة واتحاد النقابات " الهستدروت " فيما بقينا نحن نمضغ ونلوك سيرة فاتحينا وأبطالنا رافضين بشدة الاعتراف بالتخلف والتقهقر الحضاري ؟!

في الذكرى ال 68 للنكبة، يجب الوقوف بشكل ناقد أمام حقيقة الصراع، نريد ثورة في مناهج التعليم. ثورة في المفاهيم الديمقراطية وحرية التعبير. ثورة في تكوين عقول الناشئة حول العمل المؤسسي وقدسية الصالح العام. ثورة ضد استغلال المنصب والفساد. ثورة لترسيخ مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن الانتخابات يجب أن تحدث بشكل دوري كل 4 سنوات. ثورة فكرية ثقافية ضد المنهاج الوهابي المتزمت والعنصري والطائفي الذي تم فرضه بصورة قسرية لا تراعي الصراع الحضاري والعلمي.

يجب إحياء ذكرى النكبة بتظاهرات مدنية سلمية يفهمها العالم المتحضر، أما حضور جمهور فصائلي يقدر بعشرة أفراد لأهداف صورة لمواقع التواصل فهو نكبة حقيقية تضاف إلى ذكرى النكبة.

ليست النكبة الحقيقية مجرد تهجيرنا بالقوة من فلسطين، بل كل النكبة في العقل الفلسطيني الرافض لرؤية الصراع بوصفه صراعاً حضارياً علمياً بين شرق متخلف وغرب متقدم. بين الحجر في مواجهة القنبلة النووية والقلاع في مواجهة الفانتوم والزجاجة الحارقة مقابل الصواريخ الموجهة. في ذكرى النكبة نؤكد على حاجة الفلسطينيين إلى ثورة في مناهج التاريخ والفقه العقلاني العلمي في مواجهة مناهج عنصرية فاشية لا ترى التفوق إلا من خلال توسع عسكري احتلالي لا من خلال الفتوحات العلمية والابتكارات والاختراعات كما فعلت كل من اليابان وكوريا والصين.

للأسف فإن معظم الكتاب الفلسطينيين والعرب يرفضون الاعتراف بأن طبيعة الصراع مع دولة الاحتلال هي صراع بين شرق متخلف مثخن بالدروشة والخرافة مقابل غرب متقدم يقوم على العلوم .. صحيح أن الحركة الصهيونية تدعي الوصاية على يهود العالم ومصالحهم ولكن أغلب اليهود ( حتى في إسرائيل ) يعلمون أن الصهيونية حركة ملحدة تستغل الدين. لو كانت إسرائيل تقوم على العقيدة فما علاقة تكنولوجيا البلوتوث لتوجيه الصواريخ بالتوراة والتلمود ؟؟! في الحقيقة لا علاقة إطلاقاً، وإنما دولة الاحتلال الفعلية تقوم على معهد وايزمان والجامعة العبرية ومعهد التخنيون التطبيقي في حيفا. علينا ملاحظة أن دولة الاحتلال تنفق مليارات الدولارات على البحث العلمي الحقيقي وليس على التنقيب في التوارة والدجل والشعوذات!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحن متخلفون وهم متقدمون علينا...ولكن
مصعب بشير ( 2016 / 5 / 16 - 11:11 )
تحية طيبة. لا شك في أن إسرائيل تسبقنا. ولكنها أيضا تروج لأساطير. هم ليسوا زبدة الحضارة الغربية، الصهيونية أسوء صنيعاتها، هي جزء منها وليست أفضل ما فيها، فألمانيا النازية كانت سابقة لكل من عاصرها تكنولوجيا (مع أن من عاصرها لم يكن بينه وبينها فجوة كالتي بيننا وبين الصهاينة). من جهة أخرى كل مظلوم في نضاله أضعف ماديا من المحتل، إن نقد حالة تكريس الخزعبلات لدينا لا يجب أن تمنعنا يا صديقي من الأخذ بعين الحسبان أن المظلوم سينتفض مهما كان. أكرر لابد من نقد الذهنية العنترية لدينا وأنا معك في أن ننقد كل أسس هذه الذهنية. دمت بود.


2 - تحية وتقديرا
حميد خنجي ( 2016 / 5 / 17 - 11:36 )
وأخيرا ها قد وضعت يدك على الجرح يا زميل. نعم هو صرع حضاري وإلا ماكن اليهود يقبلون بقرار التقسيم والفلسطينيين والعرب لم يقبلوه، بالرغم من أنه المشرع الوحيد في سياقه الزمني، الذي كان سيؤسس لدولتين ديمقراطيتين جارتين مسالمتين، حتى تتوفر الظروف الموضوعية والذاتية لبلوغ نوع من وحدة فيدرالية بين الكيانين، الذين كانا سيكونان الأكثر تقدما في دنيا العرب! غير أن الرياح أتت بما لاتشتهيه مصالح الشعبين الفعلية. هذا ما أدركته في حينه قلة من الانتليجنسيا الفلسطينية (عصبة التحرر وقائده الفذـ توفيق طوبي). ولكن كانت المشاعر الجياشة للقومجية الفلسطينية والعربية سيدة الموقف وقتئذ.. وهي التي تسببت في النكبة وليس تأسيس الدولة العبرية كان سببا في النكبة! تلك العنتريات والعصبويات هي التي كانت العقبة الكأداء للتطور اللاحق والمأمول التقدمي للكيانين، حيث أخذ التاريخ منحى آخر غير مستحب! والأغرب أننا لم نتعلم الدرس بعد! بمعنى أننا مازلنا ننطلق من - الثوابت- و- المقدسات- الوهمية. ولا يمكننا أن نعترف الآن أن جوهر القضية هو؛ الهول المرعب من قبل اليهود في مسألة الإشكالية الديمغرافية والخلل الديمغرافي بين الشعبين


3 - الزميل مصعب بشير
عبدالله أبو شرخ ( 2016 / 5 / 17 - 15:51 )
مع تقديري لمشاركتك واهتمامك، إلا أنني شعرت بأن مسألة التفوق العلمي والحضاري ( وأشدد - الحضاري ) مع الإسرائيليين بالنسبة لك ليست مهمة في ميزان القوى، وكأن انتكاسات ومجازر وكوارث ونكبات شعبنا عبر التاريخ لم تحرك لديك ما يجعلك تفكر بالفعل في تساؤلات مثل ( هل كنا بحاجة إلى الانتحار المسلح ؟ ولماذا لم نتخذ منهج اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة ؟ ) ..
مع كل الود


4 - الزميل حميد خنجي
عبدالله أبو شرخ ( 2016 / 5 / 17 - 15:54 )
أتبنى قولك ( نحن لم نتعلم الدرس بعد )، وبإمكانك أن تقرأ مداخلة الزميل مصعب بشير لتعرف أن مسألة افتعال الصدام وإشعال الحروب مع عدو متفوق علميا وتكنولولجيا لم تكن مسألة مهمة في الفكر الفلسطيني.
شكرا لمرورك وتقبل مودتي

اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب