الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة إلى صديقي الوزير

المريزق المصطفى

2016 / 5 / 18
حقوق الانسان


رسالة مفتوحة إلى صديقي الوزير
المريزق المصطفى
سلام عليكم صديقي الوزير المحترم،
ترددت كثيرا قبل مكاتبتكم، و فكرت طويلا فيما سأكتبه لكم، و كل أملي أن لا أعكر مزاجكم في هذه الأيام التي تتعالى فيها أصوات نسائية و شبابية و حقوقية و ثقافية و سياسية احتجاجا على مشروع القانون المتعلق بالعمال المنزليين، و خاصة حول النقطة المتعلقة بتحديد سن الشغل.
بداية، لن أدخل معكم في نقاش – قد يكون عقيما رغم أهميته القصوى- حول المقاربة الاجتماعية و التربوية و الثقافية التي اعتمدتم عليها في صياغة المشروع المشئوم الذي تشرف عليه وزارتكم المحترمة، وزارة التشغيل و الشؤون الاجتماعية.
و لن أناقشكم في مرجعيات الفهم و التفسير و الخلفيات التي تحكمت في قراءتكم لفضاء الصراع و الهيمنة، و لن أسألكم عن أسباب دوافعكم لإعادة إنتاج اللامساوات في مجتمعنا و تكريس العبودية المقنعة.
و لن أذكركم - و الله- لا بطروحات ماركس و الأممية العمالية و لا بطروحات باكونين و نزعته الفوضوية. لكن إذا سألتني لماذا قررت مكاتبتكم اليوم، سأجيبكم: لأنني أريد أن أعيش صداقتي معكم بصوت عال.
صديقي الوزير المحترم،
لقد تألمث كثيرا و أنا أقرأ تصريحاتكم حول الحركة الاجتماعية المناهضة لمشروع قانون و زارتكم، و التي اعتبرتموها " ضجة مفتعلة"، و كان من يناهض تشغيل الأطفال في العتمة أو في النهار..في الضيعات الفلاحية و في المقالع و في البيوت و أوراش المتلا شيات و محلات التجارة و مراكب الصيد، و في الأسواق و الشوارع ( يبيعون السجائر و يمسحون الأحذية)، فهو يغرد خارج الصرب و لا يثير سوى الضجيج.
إن كتابة رسالتي المفتوحة هذه لسيادتكم، ليست " ضجيجا" إضافيا من حيث زمانها و معناها و مضمونها و دوافعها و غايتها، بل هي رسالة من صديق جمعتكم به قصصا و روايات إنسانية و إجتماعية و جمعوية و ثقافية، و هي - كذلك- عتاب و احتجاج على ما تدافعون عليه من غلط و من عواقب و خيمة على مستقبل أطفالنا الذين ناضلتم و ناضلنا جميعا من أجل حمايتهم و لكي لا يتكبدوا ما عانينا منه نحن من جمر و رصاص و من قمع و عذاب و من تهميش و حكرة و من استغلال و سوء المعاملة و من معانات مع المدرسة و المستشفى و الشغل و الهجرة، و من حرمان من الحق في التعبير و الرأي و الاضراب.
صديقي الوزير المحترم،
إن عوامل الوحدة الجاذبة، أفشلها صناع الردة و النكوصية و الانفصال، و ما الشتات و التفرقة و الخوف من المستقبل إلا دليلا ساطعا على ما نعيشه من أزمة في الأخلاق و المابدئ و القيم. فأرجوكم لا تضربوا عرض الحائط كل المبادرات و النداءات و الدعوات التي تناضل من أجل مغرب الكرامة و المساوات و الحماية الاجتماعية و العدالة المجالية. فقبل حملكم لحقيبة وزارة التشغيل و الشؤون الاجتماعية، كنا جميعا تحت سقف "المنظمة المغربية لحقوق الانسان" و كنتم من المدافعين عن حقوق المغربيات و المغاربة في شمولياتها و سموها، و أسسنا جميعا المنتدى الوطني للمدينة (الذي أتشرف برئاسته)، و كان حلمنا و لا زال، نلخصه في مدينة مواطنة في كل أبعادها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الحقوقية و الثقافية، كما جمعتنا نضالات و اهتمامات مشتركة.
لن أتقدم لك بالنصح و الموعظة، فقط أريد أن أعبر لك عن حزني وعن مرارتي و أنا أراكم توقعون على مأساة جديدة باسم الشرع و القانون، و كأن "قانون الخادمات" هو المحدد في الصراع اليوم في المغرب.
صديقي الوزير المحترم،
بالأمس كان يتم اختطاف الأطفال من باب المدارس، و يزج بهم في غياهب السجون و المعتقلات السرية منها و العلنية، و بالأمس كان الأطفال يتم عرضهم للبيع في القرى و أسواق البوادي، ويتم تحليق رؤوسهم و يمنع على عائلاتهم زيارتهم، و بالأمس كان الأطفال عرضة للاستغلال البشع ضدا على العهود و المواثيق. و اليوم في زمن حقوق الإنسان، أدعوكم للتراجع عن مشروع قوانينكم، و أدعو و زارتكم أن تعمل على استرجاع أطفالنا القاصرين المشردين في العواصم الأوروبية هروبا من جحيم الفقر و الاستبعاد الاجتماعي، و أن تفتح مراكز مواطنة لكل الأطفال المشردين في شوارع المملكة، و تمكينهم من الحماية الاجتماعية و من التعليم و الصحة و الشغل، بدل التوقيع على تشغيلهم و تبرير استبعادهم و استغلالهم. إن و زارتكم تحمل اسما مركبا: " التشغيل و الشؤون الاجتماعية"، و هذا هو بيت القصيد.
فبيننا و بينكم التاريخ، لأننا أيها الصديق الوزير المحترم لن نقبل تشغيل أطفالنا، و أنتم كذلك لن تقبلوا بتشغيل أبنائكم في السن الذي تدافعون عليه. إن المكان الطبيعي لأطفالنا هو المدرسة.
مراكش، 16 ماي 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية