الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخنادق .. مسرحية قصيرة للعرض في الشارع

محمد سمير عبد السلام

2016 / 5 / 18
الادب والفن


الخنادق مسرحية قصيرة للشارع
د. محمد سمير عبد السلام
تخصص دائرة في الشارع، أو الحديقة؛ كي يؤدى فيها العرض، وفي بداية العرض نستمع إلى عزف الربابة بمصاحبة الطبلة، وتغني المطربة مقطعا من أغنية "بص على الحلاوة" للريس متقال، وتردد مجموعة الممثلين في الخلفية المقاطع نفسها، وفي مركز الدائرة نشاهد كلا من ممدوح، وحسن يرقصان، ويمارسان التحطيب في بهجة، وفرح، ويرتديان الجلابيب، وعمامة الرأس- ثم يهدأ التحطيب تدريجيا مع خفوت الأغنية، ثم يتراجعان إلى الدائرة، وفي هذه الأثناء يدخل الراوي، ويتحدث، وفي الخلفية عزف خافت على الربابة.
الراوي: أنا جاي النهاردة احكيلكم حكاية، قصدي أفكركم بحكاية قديمة، لكن بتحصل كل يوم، وكل ساعة، حكاية الضحك، والدم في بلادنا الجميلة.
ممثل1: ضحك إيه، ودم إيه يا عمنا، ما تفهمنا. احنا مش فاهمين حاجة من كلامك الغريب ده.
الراوي: حكاية ممدوح، وحسن قديمة، وجديدة في بلدنا؛ كانوا أصحاب، وحبايب؛ وكانوا متعلمين، وجه اليوم اللي اختلفوا فيه؛ ممدوح خطب بنت واحد من الأكابر، جميلة، وغنية، وحسن معجبوش الحال، وحب يغير كل حاجة في الحكاية، والحدوتة، لكن .....
ممثل 2: لكن إيه يا عمنا.
الراوي: حسن حب يلعب ويرقص رقصة التحطيب تاني، وهو بيتنفض، وعينيه مبحلقة، ووشه محمر.
ممثل 1: وبعدين؟
(نستمع مرة أخرى لعزف الربابة بمصاحبة الطبلة، ويهدأ العزف تدريجيا، ثم تغني المطربة مقاطع من أغنية "صاحب" لأحمد منيب، وتردد المجموعة المقاطع نفسها وراءها في الدائرة، ثم نستمع إلى الطبلة وحدها، ويدخل حسن غاضبا إلى مركز الدائرة، ويحمل عصا التحطيب).
حسن: ما تيجي نرقص رقصة التحطيب زي كل يوم يا ممدوح.
ممدوح: ماشي، ولواني مستني النهاردة خطيبتي هند، وانت كمان باين عليك متغير شوية.
حسن: لا أبدا أنا زي الفل، وبعدين لو جت هند تبقى تتفرج علينا برضه.
ممدوح: والله فكرة، يلة بينا.
(يبدآن اللعب على نغمات الربابة بمصاحبة الطبلة، ثم يدخل من وسط الجمهور عليهما بلياتشو يرتدي عفريتة سوداء، والمكياج – على وجهه – يوحي بالبهجة، وبعض الملامح المرعبة في العينين، والفم).
(يتحرك البلياتشو بينهما حركات مضحكة بجسده، ويسخر من كل واحد منهما، ثم يسخر من نفسه، وفجأة يقوم بحركات سحرية تعبيرية غامضة، ويمسك بعصا عليها قناع بسيط لجمجمة، يقف في المركز بعد ذلك، ثم نشاهد كلا من حسن، وممدوح، وهو ينظر إلى جهة عكس الآخر، وظهر كل منهما في مواجهة الآخر، ثم ينفرد البلياتشو بحسن).
المشهد الثاني
(يرقص البلياتشو أمام حسن، وهو يرتدي عفريتة سوداء، وفي مركزها شعلة نار متوهجة).
حسن: انت مين يا جدع انت؟
البلياتشو: أنا جوة تفكيرك، وبراك برضه، حلوة الفزورة دي؟
حسن: لا، بايخة، شوف غيرها، يا تقول انت مين بشكلك البشع ده؟
البلياتشو: أنا بشع؟، طيب ده أنا شبهك، أنا نفسك.
حسن: وأنا نفسي بشعة كدة؟
البلياتشو: الله يسامحك.
حسن: طيب يا سيدي، وبعدين حضرتك هنا ليه؟
البلياتشو: أنا اللاعيب، أنا ملك اللعبة، وعايزك تبقى زيي تمام؟
حسن: يعني إيه؟ فهمني.
البلياتشو: ممكن تبقى عمدة، أو ملك من ملوك ألف ليلة.
حسن: ألف ليلة؟ إزاي؟
البلياتشو: وممكن كمان تتزوج هند اللي كنت بتحبها.
حسن: معقول؟
البلياتشو: طبعا، انت قوي، وبتلعب تحطيب كويس، يعني ممكن تبقى الملك.
حسن: يعني إيه؟
البلياتشو: لعبة، فلعبة، وكله لعب فلعب، تمسك النبوت، وتضرب ممدوح.
حسن: اخرس، انت عارف إن ممدوح أخويا، وصاحبي، أعمل فيه كدة؟
البلياتشو: كله تمثيل في تمثيل، زي ما أنا برقص قدامك كدة، وبلعب بالبمب، والصواريخ.
حسن: وبعدين؟
البلياتشو: هتخلص الحدوتة، وتنام مستريح.
حسن: مستريح؟ انت أكيد مختل.
البلياتشو: انت حر، اللعبة هتفلت منك، وكلها زمية زهر، وتلاقي نفسك فوق لو تبعتني.
حسن: على رأيك الدنيا كلها لعب فلعب.
البلياتشو: والشاطر يرقص كدة زيي.
(يرقص رقصة عبثية وبيده العصا وأعلاها تكوين الجمجمة).
المشهد الثالث
(عزف للربابة، والمطربة تغني مقاطع من أغنية "الوعد والمكتوب" لأحمد منيب، ثم تبدأ لعبة تحطيب جديدة تظهر فيها هند بين حسن، وممدوح، تؤدي حركات تعبيرية على الموسيقى بينهما، وتبتسم، يرقصان أثناء الأغنية، يتجه نحوها ممدوح، وعندما يقترب منها، يضربه حسن بالنبوت بقوة، فيسيل بعض الدم على الأرض)
هند: (تصرخ): ممدوح .. مالك يا حبيبي أنت كويس؟ رد علي.
تخاطب حسن:
كدة برضة يا مجنون، هو ده لعب برضه؟
عايز إيه؟ سيب صاحبك، وسيبني، وبلاش لعبك السخيف ده
انت كدة دايما، شايفني زي العروسة أو المانيكان اللي عايز تاخده من غير تعب، ومش عايز تشوف غير نفسك، وأوهامك، وبس.
يا ريت تعيد النظر في نفسك، وفي الخنادق السودا اللي جواك.

(يدخل عليهم فجأة الأستاذ مصطفى؛ وهو مثقف معروف في البلدة، يرتدي بدلة متسخة، وطاقية رأس).
مصطفى: إيه اللي انت عامله ده ياد انت وهو، بتضربه كدة ليه ياد يا حسن؟
حسن: ما انت شايف يا أستاذ، هو اللي مش محترم اللعبة، وبيستهبل هو والبنت دي.
مصطفى: اطلع من دول ياد، ده أنا شايفك واخده على خوانة، مش علي أنا يلا.
حسن: اعذرني يا أستاذ، ما هو اللي قالي هتبقى ملك.
مصطفى: هو مين ياد يا حسن؟
حسن: البلياتشو.
مصطفى: بلياتشو؟ هو احنا في السيرك ياد ولا إيه؟
حسن: فعلا حسيت وأنا بكلمه إننا في سيرك، لكن كئيب قوي يا أستاذ.
مصطفى: وبعدين مش مهم بلياتشو، ولا دب، المهم نتعلم.
حسن: آه يعني نبقى زيك كدة، تحفة.
مصطفى: أنا تحفة ياد يا حسن، طيب.
(يرفع البنطلون، ثم يسقط جزء منه بصورة مضحكة).
حسن: طيب حوش حوش (يضحك).
مصطفى: يمكن أكون تحفة، أو فانوس سحري، لكن بشوف وبسمع حاجات أكبر من تفكيرك، ومن النبوت ده.
حسن: طيب يا خويا سمعنا.
مصطفى: لازم نتعلم من حكايات الحرافيش بتاعة عمنا نجيب محفوظ.
حسن: والله؟
مصطفى: طبعا، وكمان حكاية أبو زيد الهلالي، ودياب.
الراوي: (يغني مقاطع من السيرة الهلالية على الربابة، ويمهد لمقتل أبي زيد)
ولما طمع دياب في ملك الأمير حسن، قام قتله بالغدر وهو نايم، وبقت مريم تعدد وتبكي وتقول:
جزءا من السيرة:
"دمعي جرى فوق خدي وانسكب
والنار في قلبي تزيد من اللهب



شمس المعارف أظلمت أنوارها
والليل أصبح بالمخاوف والكرب


يا كوكب الاقبال يا أمير حسن
يا عزنا يا فخرنا يا منتسب


الله يجازي دياب في حال العمى
الله يجازي دياب في هم وتعب


(تغنى هذه الأبيات كما في السيرة المسموعة)

الراوي: وعلشان الحكم قتل أبا زيد وصار ندمان لغاية ما انقتل هو الآخر، ومخدش حاجة معاه غير السوء، والكره.
يظهر ممثل يؤدي دور دياب قبل مقتل أبي زيد
(دياب يخاطب نفسه)
طول عمرك محظوظ يا أبو زيد، رغم إني أنا البطل الحقيقي في كل المعارك
نسيت .. ؟
أنا اللي قتلت الزناتي خليفة، وكنت السبب الحقيقي في انتصار بني هلال
لغاية ما الأمير حسن طمع في حقي في الملك
وبعديها عرف بقوة دياب لما قتلته
مفاضلش قدامي غيرك
أنا البطل
أنا لازم أسترد ملك تونس منك
الأمر بسيط
لعبة، وخدعة، وتمثيل
سنبلة قمح هنلعب بيها سوا
مين ياخد السنبلة الأول؟
مين يوصل لنهاية اللعبة؟
مين يوصل للبطولة في اللعبة
في التمثيلية
مجرد مسابقة فرسان
وبعدين اخلص منك
وابقى بطل بني هلال الوحيد
وكل الملك ده يبقى ليه يا أبو زيد
نشاهد تعبيرا حركيا يوضح خداع دياب لأبي زيد وضربه على رأسه بالدبوس.
بعدها يغني الراوي على لسان دياب، وهو يبكي جزءا من السيرة:
"فأوصيك يا أبو زيد مني وصية
سلم على زيدان عز الجار

وسلم على أولاد أختي وأبوهم
عقل ونصر وعمهم نصار

وسلم على خالي بدير بن فايد
وسلم على الأمارا وأخيار

أودعتك الله يا هلالي سلامة
غدا نلتقي في آخر الأعمار"
يقول الجملتين الأخيرتين بصوت حاسم وهادئ على أنغام الربابة.

حسن: (يمسك بيد ممدوح): تعالى يا أخويا، لازم نفضل حبايب زي زمان، نفسي أصدقك يا أستاذ.
مصطفى: لازم كلنا نمسك النبوت ده، ونضرب الأرض، ونرقص، ونحلم بعالم تاني، وهناك هنالاقي حسن عايش، ومعاه نعيمة)
(المطربة تغني جزءا من موال حسن ونعيمة)
يفضل أن يكون الجزء الأخير من موال حسن ونعيمة لمحمد طه على الربابة.
(البلياتشو يرقص بهدوء، وحزن خلفها)
البلياتشو يمسك بصورة حسن في يد، وبالجمجمة في اليد الأخرى، ويرقص رقصة كئيبة، ثم يتأوه بألم تارة، ويضحك تارة أخرى.
د. محمد سمير عبد السلام - مصر










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع