الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنها هي ..

نصيرة أحمد

2016 / 5 / 19
الادب والفن


"الى الفتى الذي طلب منه احد الممرضين في احدى مستشفيات المدينة في الانفجار الاخيرأن يحرك عربة احدى الجنائز الى الثلاجة ..وعندما كشف وجه الجنازة وجدها أمه ..."
.......

البرد أتوسله أن يلمسني بعمق .أيّ فيىء أستظل به أنا .قلت للسماء أن تبكي قليلا لأغتسل تحت عرشٍ لايستجيبُ للنداء ..أناديك في الفجر الذي أصبح عناء وضيما لاينقضي . كم تمنيّت أن تذوب روحي بلا عناء . وأكون قطعة ثلج في حافظة الموت .في احدى المستشفيات المقرفة في بغداد ..يأكلني قلبي شيئا فشيئا أذ تكدسّت الارواح الطاهرة وأنا اتأمل خبايا الليل القاتم إذ ينفرج على عيون غافيات وأنامل تُمسك الحديد البارد بقوة .سأسجلّه الأن .يوم شتائيّ بارد مثل اليوم الذي رمتني فيه أمي الى الشارع الخلفي من مدينة كتمت صراخها بغباء .أناديك ..لاترد ..فالجنون يطغى والشمس لاتغيب الا بأرادة مختومة بشمع أحمر يتوسّد جرحا ينزف بتلقائية .كنت أسمع خوفي يلهث قرب السياج .وقفت أنتظر وينتظر معي جسدٌ مسجّىً على طاولة قذرة. من يعدّ هذه الاجساد الباردة الملقاة بفزع على صفيح يرتجف دون ان يُدوّن قبل قبل ساعة من الفجر.من يدنيني منها وهي تعرفني وتعرف صدري الذي ضمها وهي تبكي بحرة .قلت لها أن تهدأ لئلا يرانا أحد ويرى ضعفنا في الغرفة المزدانة بالغبار المحروق .كانت تنظر اليه بدقة مثلما نظرت اليه قبل زمن تشرد بين النار والنار.هُتك المساء وأنا أشم رائحة الجلد المحروق .من ينسيني ضيما أخافه كل هنيهة .عبثا أن تفارقني الشمس الباردة اذ تولدُ مسحوقة بين أواني الفقراء في مدينة الخوف والهمس المظلم .انه يناديني لعلك تدري أنها ذات العينين الغافيتين والشرر يتطاير من قلبي .ألملم حبات الألم وتقاطيع العوز وأبواب أغلقت بالدم الدافىء .تهمس ليتك تمزج الضيم بالبهاء ..ليتك تلقط حبات الندى البارد عن أصابع تعبث بالرجاء والسماء التي لاتجيب..ليتك تغفو على دمي الذي استبيح هذا الفجر أو كل فجر على الأرصفة التائهة في وطن يتداعى على الطريق الفاصل بين القبر والقبر .إنه يناديني وحدي دون كل العيون التي تبحث عن بقايا الأجساد التي تقاطعت حول عربات اللاجدوى .من يعرفني ويعرفها فيصمت كل الزمن حدادا على دعابة الوطن الذي نطق الشهادة ايذانا بموته الرحيم .هل ترسلها الى ثلاجة الأماني الباردة فالأزقة تزدحم بالثأر والرمل الذي يدفن عشاء لم يجهز بعد..أو غداء كان محبوكا في زاوية البيت الذي سيصمت عن عينيها وخوفها ودمعها . من يعرفني ويعرفها فيطالب بالثأر للقلب الذي سيمضي فوق جنازة المدينة المسجاة خلف النهر الذي يأكله عطش موروث ..بأصابعي دونت اغماضة العيون التي لن تستفيق كلما عاندت شؤم الزمن الأهوج الخائف..بأصابعي أطفأت أمنيات القلب الباهتة ..بأصابعي أعدت غطاء الدفء ...تلفعي به وانت تمرقين بسرعة نحو المجهول الصامت الذي لايستجيب لصراخي ..لعلك تعرفينني وأنا لم أعرفك ...وهو يناديني خذها بعربة الموت الى حتف أهوج لايميز بين النقاء والبراءة والظلم والظلام ....تعجز أقدامي عن حمل هذا الجسد الذي يتصنع الرجولة التي مضى عهدها ..مضى عهدي وأنا أعبث بالدمع واليتم وصوت يشهق بالحب .ليتك تعلم أيها القلب أنني أمعن بالقوة وأنا أهذي بهذا الهلع وشهقة الدم الموقوت ..ليتيني أفقد صمتي وصوتي معا فلا تناديني ذلك المساء لأسجد تحت العربة البيضاء وهي تسجي الروح الهادئة الى مثوى قرأته بين يديها على الارصفة السوداء التي تحبس التاريخ واكذوبة الوطن الذي تبرأ من أسمائنا إذ أسقطها سهوا أو عمدا ذات ليلة في وليمة النهر البارد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي