الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل وجود الدستور وإجراء الانتخابات كفيلان بمواجهة الاستبداد والمركزة؟

عماد صلاح الدين

2016 / 5 / 20
دراسات وابحاث قانونية


هل وجود الدستور وإجراء الانتخابات كفيلان بمواجهة الاستبداد والمركزة؟
عماد صلاح الدين
حين يجري الحديث، عن مركزة السلطات المختلفة، في الدولة؛ فإما أن الأمر ينصرف إلى:
1- أن الدولة المُمركزة فيها السلطات هي شمولية استبدادية من الأساس، ونظام الحكم أو طريقة الحكم وفلسفتها، قائمة على التفرد والمرّكزة، سواء في السياسة، أو التنفيذ، أو التشريع، أو القضاء، وحتى الإعلام، حين يغدو موجها وتابعا، كدعاية وتدعيم، لنظام الحكم في الدولة.
2- أن الدولة المُمركزة فيها السلطات، هي شمولية استبدادية، من الناحية المراسية والعملية؛ على رغم ادعاء الديمقراطية، وكتابة الدستور، الناظم للدولة كلها، في أساسها وشكلها وسلطاتها والحديث عن الفصل بين الأخيرة كتشريعية أو تنفيذية أو قضائية؛ بل وربما من ناحية الدعاية والترويج لنظام الحكم، يجري الحديث إلى درجة التوضيح والتفلسف الدستوري والقانوني والفقهي، عن الفصل بين السلطات فصلا مرنا، بحكم ما هو معروف عالميا، ضمن منظومة النظرية والممارسة الديمقراطية، عن التداخلية بين تلك السلطات.
والقصد من أعلاه؛ أن المسألة في الفصل ما بين السلطات في الدولة، وعدم الميل إلى تداخليتها، المخلة بطبيعة ماهياتها وأدوارها في المجتمع، بحيث تصبح مركّزة في يد السلطة التنفيذية، التي هي في العادة الجهة الأقوى، حتى لدى النظم الديمقراطية العتيدة، أو ما يجري عكسها سواء بطريقة مباشرة؛ كما في النظم الاستبدادية الشمولية أو الملكية اللادستورية، أو غير مباشرة في قول الدسترة واللامركزة وممارسة عكسهما في التطبيق والتنفيذ، هذه المسالة - ومن جديد- قوامها ومركزية الحكم عليها تقييما، ليس مرتبطا في الأساس بهذا النظام أو ذاك، ولا حتى بكتابة الدستور الناظم لكل الدولة بما فيها سلطاتها؛ وإنما مرجعية ذلك هي البيئة الأخلاقية والثقافية والاجتماعية القائمة عمليا في بلد أو دولة ما؛ فإذا كانت تلك البيئة سماتها على صعيد الأفراد والمجموعات السياسية والاجتماعية والمدنية والأهلية والحزبية وجماعات المصالح والضغط وغيرها، تقوم على ثقافة بناء الإنسان في أبعاده الكلية والمتكاملة، والمؤهلة له لاعتقاد وممارسة التعددية والتنوع والحوار والمشاركة والمساءلة، بسند مكون الحرية والكرامة والعدالة والمساواة؛ عندها فان نظام الحكم يكون ديمقراطيا وتشاركيا وسلميا، وعلى فرض أن طارئا اخل بالواقع المستقر؛ من حيث وضوح الدستور وممارسته، وبالخصوص فيما يتعلق بعدم مركزية السلطات واحتكارها من جهة ما هي السلطة التنفيذية هنا، سواء أكانت ممثلة بأعلى هرمها التنفيذي، أو كانت جماعة حكم مسيطرة على جل أو جميع أركان ومفاصل نظام الحكم في الدولة؛ فان البيئة الثقافية والاجتماعية تكون عامل طارد أساسي، وربما إن جاز التعبير هنا احتكاري" بمعنى الفرادة في ذلك" ودون تدخل من عامل خارجي كدول أو أحلاف أو تجمع أو جامعة أو حتى كهيئة الأمم المتحدة، ومن خلال مجلس الأمن الدولي التابع لها، وتحت البند السابع من نظامه المنظم له، ذلك كله بسبب الحصانة والملائمة الصحيتين، التي يتمتع ويتكون، منهما المجتمع ذاتيا وداخليا.
أما في النظم غير الديمقراطية، والتي لا يوجد لها مقومات، ولا فواعل رفع الحالة الديمقراطية وممارستها عمليا؛ فسواء تم كتابة الدستور أم لم يتم، وإن تغير النظام أو بقي؛ فالحالة الشمولية مرتبطة بغياب الإنسان الفاعل؛ الباحث عن حريته والحرية الجماعية، و بالتالي عن الشكل والمسار السليم، للتفكير والممارسة الاجتماعية والحكمية الرسمية؛ إنها البيئة والمكون الاجتماعي، الخالي من مقومات الحصانة والسلامة الإنسانية، في بيئات فواعل قهرها قائمة ومتفاقمة؛ في المرض والجهل والفقر والانحطاط الديني والأخلاقي والاجتماعي، وبالتالي تنعدم الإمكانية لا للالتزام بما جاء به الدستور عن الديمقراطية والتشاركية، وعن الفصل بين السلطات المختلفة والمتنوعة في الدولة، ولا حتى فيما يخص إمكانية التعديل والتصحيح لأجل الضمانة في حسن الأداء الرسمي والحوكمي، على صعيد الدولة والمجتمع، من خلال انتهاج مسيرة التراكم الايجابي، بهذا الخصوص.
لذلك، حين تنعدم الفرص السلمية، نحو حقانية التطبيق والتنفيذ لما تجيء به الدساتير نظريا، ولما تدعيه النظم السياسية – كذلك- خطابيا وإعلاميا، يصبح المجتمع مضطّرا للدخول في فوضى اجتماعية وسياسية وحكمية عارمة، لأجل تغيير أوضاعه وأوضاع دولته بالقوة ومن خلال فعل الثورة، والتي ستواجه هذه الأخيرة بثورة مضادة؛ وفقا لسابق التجربة التاريخية بهذا الخصوص، إلى أن يتم التوافق، وربما بعد سنين طويلة، بين مكونات المجتمع، على شكل وحضور، للتداول السلمي لسلطات الدولة المختلفة؛ بعدما يتم التوصل إلى ذلك قناعة ويئسا؛ من مزيد استفراد واحتكار واستبداد، ومزيد حروب أهلية ودماء ويتامى وأرامل وتهجير.
أخيرا، ومما يجدُر التنويه له هنا، أنه لو كانت في الممارسة الديمقراطية إجراء الانتخابات على درجاتها المختلفة، كافيا لحل مشكلة الاستبداد والمركزة والاحتكار، لما كانت هناك انقسامات ولا حروب أهلية ولا إقصاء ولا تهميش، وهذا يدل - من جديد- أنّ المعول عليه هو البيئة الثقافية والاجتماعية، كحاضنة للديمقراطية والدستورية وعدم المركزة من عدمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين