الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسْطرة كَمَهْرَب.. تهويد السراج نموذجا

رحاب العربي

2016 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


مرة أخرى يعيد الليبيون تسويق نظريتهم السمجة القديمة لتبرير سقوطهم المريع وعجزهم عن معالجة أسباب أزمتهم ومحاسبة ذواتهم ، وذلك باللجوء الى آلية الاسطرة واختلاق أبعاد أسطورية لأزمتهم تتراوح بين تعليق أسبابها على حائط الله (الله غالب) وبين تهويد رموزها بهدف تبرئة ذاتهم وتنويم عقولهم وتبرير فشلهم في مواجهة الحقائق المرّة والصادمة التي وصلوا لها بعد إطاحة النظام السابق واكتشاف خواء عقولهم وعدمية تفكيرهم وعبثية مشروعهم..

فبعد أسطورة تهويد القذافي التي علق عليها الليبيون كل أخطائهم في حق وطنهم على مدى أربعة عقود بتماهيهم مع كل نزوات القذافي وشطحاته، ولازال غالبيتهم يرددون تلك الأسطورة بكل فجاجة وعناد؛ هاهم اليوم مرة أخرى يستدعون هذه الأسطورة لإلباسها الى واحد من الأدوات التي نصبها الأمريكان كواجهة لإدارة مصالحهم في ليبيا فبراير، ممثلة في النائب فائز السراج الذي أصبح بقرار غير معلن من واشنطن وكيلا شرعيا لإدارة مصالحها ومصالح حلفائها في مستعمرتها الجديدة ليبيا فبراير المحروسة بحراب مليشيات الإخوان المسلمين والجماعة الليبية القاتلة ومليشيات عرقية وقبلية لا وجود لليبيا كوطن في أجندتها ..

لم نفاجأ بتلك القصص السمجة والفجة عن أصول يهودية لفائز السراج التي هي أكليشيهات جاهزة يتم إلباسها لكل من لا يروق لشعب الله المحتار في ليبيا، هذا الشعب الذي يكابر ويرفض بعناد الاعتراف بخطيئته التي ضيعت عليه أربعة عقود من الزمن كانت كفيلة بنقله من مرحلة التخلف الى مرحلة النمو، وها هو اليوم يعيد نفس السيناريو الذي ردده سابقا على كل المستويات عن أصول يهودية للقذافي، لتوظيفه اليوم من جديد في مواجهة حكومة واشنطن المفروضة في غرب البلاد، بالدفع بقصص عن أصول يهودية للسراج.. وهي قصص تعكس سذاجة مردديها وهزال تفكيرهم ومجافاة عقولهم للواقع وعجزها عن التعامل معه ..

واليوم وأمام مرحلة التأزم الجديدة التي دفعت لها ليبيا بتنصيب السيد السراج حاكما لها في خرق مفضوح لشرعية مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه التي كان الأمريكان أنفسهم أول من باركها، وهي أزمة لا تقل خطورتها عن خطورة إزاحة القذافي، وذلك لجهة ارتباطه (السراج) بدوائر الامبريالية الأمريكية العدو التاريخي لتحرر الشعوب من الهيمنة والتخلف؛ وبعد أن رمى الليبيون ملف اليهودي برنار ليفي صديقهم وحليفهم الفاعل في إنجاز إطاحة القذافي، في غياهب النسيان؛ ها هم يعيدون اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي حواراتهم وتجمعاتهم رواية أسطورية عن أصول يهودية للسيد السراج، وكأنهم لم يستعينوا بالأمس القريب فقط بهذا اليهودي الصريح الذي يفخر بانتمائه الصهيوني في إسقاط القذافي! ..

استدعاء هذه الأسطورة عن أصول يهودية للسراج تتم لأمرين مهمين بالنسبة لمطلقيها:
أولهما للتحريض ضده والحشد لإسقاطه لمعرفة من يقف وراء هذه الرواية الأسطورية مدى إجماع الليبيين على الوقوف في وجه كل ما يمت لليهود بصلة، خاصة إذا واكب هذه الأسطورة ضوضاء إعلامية تحريضية ، وذلك بفعل حالة الالتباس في عقول العرب ومنهم الليبيون التي تخلط بين اليهودي والصهيوني.. وكأننا نفتقر للقرائن والأدلة التي تؤكد عدم شرعية سلطة ما يعرف حكومة الوفاق الوطني وتعريتها من أي شرعية تدفع بها واشنطن وحلفائها الأمر الذي يستدعي منا الدفع بمثل هذه الأساطير الساذجة عن أصول يهودية للسراج !
وثانيا لتبرئة النفس من المسؤولية عن تغلغل المخابرات الأمريكية وكل أجهزة التخريب العالمية في مفاصل ليبيا وسيطرتها على البلاد بعد أن فتح ثوار فبراير أبواب البلاد مشرعة أمام كل شُذّاذ الأفاق لتغذية صراعاتهم العبثية وبيع ضمائرهم للشيطان ..
وهناك أمر ثالث لكنه يخدم أطرافا خارجية تحرص على بقاء ليبيا في وضع التخبط والاضطراب، وهو يتعلق بإبعاد الليبيين عن التفكير السليم والبحث عن الأسباب الحقيقية لأزمتهم، وضمان بقائهم أسرى لأساطير لا وجود لها، تضمن استمرار مأساتهم..

وأمام هذا الواقع المرير الذي أوصل الليبيون بلادهم له بفعل تشرذمهم تقوقعهم على كياناتهم القبلية والجهوية والعرقية وحشدهم ورفعهم للسلاح في وجه بعضهم وفتحهم أبواب بيوتهم لكل تجار الإرهاب وممولي الحروب العبثية وبعد سقوط بلادهم لقمة سائغة بين فكي الوحش الأمريكي الكريه؛ هاهم يعيدون ترويج نفس اسطوانة التهويد التي طالما رددوها حول القذافي معتقدين أنهم بذلك يمكنهم تبرئة أنفسهم من جريمة ضياع بلادهم وتدمير مستقبل أبنائهم.

وفي أجواء أسطرة أزمتهم وتعليقها على مشجب التهويد او حائط الله؛ سيظل الليبيون يعيدون إنتاج مشاكلهم من جديد كلما وصلت بهم الأمور الى الحائط وانسدت في وجوههم المنافذ، ويبقى المخرج الوحيد والسليم لكل الأزمات والمشاكل التي تواجههم اليوم كأفراد او كشعب هو الاعتراف وبكل شجاعة بالمسؤولية عن ما وصلت له بلادهم من ارتهان للهيمنة الأمريكية والغربية وتدمير لكل مشاريع إعادة البناء التي باشرها النظام السابق في الوقت الضائع وبددوا هم اليوم بعبثهم ونزقهم كل أمل في إعادة بنائها ، والبدء في معالجة حقيقية و واقعية تتعامل مع الواقع بعقلانية وبعد نظر لإخراج ليبيا أولا من مخالب الوحش الأمريكي ثم البدء في ترميم كل الشروخ والأخطاء التي ارتكبوها في حق وطنهم وأنفسهم وتجاوز كل مراراتهم لصالح هدفهم الأسمى وهو بناء ليبيا كوطن لكل الليبيين، تنتمي الى محيطها العربي والإفريقي وتحترم كل الشرائع والقوانين الدولية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع