الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا فرَّ الصدر إلى إيران بعد إشعال الفتنة؟

عبدالخالق حسين

2016 / 5 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


بعد "غزوة" اجتياح المنطقة الخضراء، وتخريب البرلمان، والاعتداء على النواب، يوم 30/4/ 2016، الجريمة النكراء، التي ارتكبها المتظاهرون بقيادة مقتدى الصدر وتياره، وتصفيق الشعبويين لهم من بعض الكتاب بذريعة محاربة الفساد، وباسم الديمقراطية، وحق التظاهر السلمي(1)، تكررت الجريمة عصر يوم أمس الجمعة (19مايس/أيار الجاري)، حيث أقدم المئات من المتظاهرين ثانية على اقتحام المنطقة الخضراء، ومبنى مجلس النواب، ومكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي. ويا للمهزلة فقائد القوة الأمنية في المرة الأولى خان مهمته في اداء واجبه الوطني، إذ بدلاً من حماية مؤسسات الدولة من المخربين راح يقبِّل يد مقتدى الصدر وأمام وسائل الإعلام، وسمح للمتظاهرين بدخول البرلمان لتدميره، فيا لها من إلتزام بالواجب. فكيف لحكومة تريد إدارة الدولة بهكذا قادة أمنيين؟ ولكن هذه المرة يبدو أن القوة الأمنية قد أدت واجبها، فردت على المتظاهرين بما هو مناسب.

ويبدو أن اجتياح البرلمان ومجلس الوزراء وصلت عدواه إلى المحافظات الجنوبية، إذ أفادت الأنباء أن "اقتحم المئات من المتظاهرين مبنى مجلس محافظة البصرة وسط المدينة، احتجاجا على "استهداف” المتظاهرين في العاصمة بغداد". وتكررت الحالة في الهجوم على مقر محافظة ذيقار.(2) فهؤلاء يريدون تدمير مؤسسات الدولة بدون رادع، وهذه هي الديمقراطية في زعمهم.

هذه الأوضاع الشاذة لا بد وأن وراءها عقول تخريبية مدبرة ذات امتدادات خارجية، وكما ذكرنا سابقاً، هي نفسها التي أعدت الاعتصامات في المناطق الغربية قبل عامين، والتي مهدت لداعش بذريعة عزل وتهميش السنة. وهذه المرة يتم الهجوم على مؤسسات الدولة في قلب العاصمة، بحجة محاربة الفساد وباختراق التيار الصدري ومباركته. ولكن الغرض الرئيسي هو تدمير العراق وإغراقه في فوضى عارمة، وإشعال حرب أهلية، يكون فيها الكل ضد الكل، ولا يعرف العدو من الصديق، كل ذالك باسم الديمقراطية وحرية التظاهر ومحاربة الفساد.

نعم حرية التظاهر مضمونة في النظام الديمقراطي، ولكن لها شروطها، إذ كما أشار الصديق الأستاذ طعمة السعدي في مقاله القيم، الموسوم: (حرية ألتظاهر مكفوله لكن لها شروطها وآدابها وأخلاقها..)، وذكر بعضاً من هذه الشروط منها على سبيل المثال:
(طلب إجازة للمظاهرة من الحكومة، بيان مكان وزمان إقامتها بالإتفاق بين شرطة ألمدينة وقادة ألمظاهرة، وإدراج أسماء قادة المظاهرة، وتعهد قادة ألمظاهرة أنها سلمية ولا تخرق ألقوانين ألمرعية، أو تعتدي على رجال ألشرطة، وألأشخاص، والممتلكات ألعامة، ويتحملون تبعات هذا التعهد..الخ)(3)
إلا إن هذه التظاهرات التي حصلت باسم التيار الصدري، لم تكن سلمية، ولا هي وفق الشروط المذكورة أعلاه، والمتبعة في الأنظمة الديمقراطية. ولكن مع ذلك وللأسف الشديد، نالت المديح والثناء والتحريض من قبل العديد من الكتاب.

فالفساد أيها السادة لا يمكن معالجته بتدمير مؤسسات الدولة، والاعتداء على القوات الأمنية، لأن هذه الطرق لا تخدم إلا أعداء الديمقراطية، وأعداء العراق وجعله غير قابل للحكم. وفي خضم هذه الفوضى يطلع علينا أياد علاوي للصيد بالماء العكر وذلك بـدعوة الحكومة "الى الحوار مع المتظاهرين واطلاق سراح المعتقلين"(4). في الحقيقة هذه دعوة إلى المزيد من الفلتان الأمني وليس إلى "ضرورة الحفاظ على حرمة المؤسسات والنظام والممتلكات العامة" كما أدعى في بيانه العتيد.

والسؤال هنا: لماذا فر مقتدى الصدر إلى إيران؟
في الحقيقة بعد أن أشعل نيران الفتنة وحقق ما عجز عن تحقيقه الدواعش في الوصول إلى البرلمان لتخريبه، وشعر بفقدانه السيطرة على المتظاهرين والمخربين، لم يجد مقتدى الصدر أمامه في الخروج من ورطته والتنصل من مسؤوليته من كل ما حصل، غير الفرار إلى إيران. وفي أول الأمر أنكرت وسائل الإعلام الإيرانية نبأ سفر الصدر إلى طهران، ولكن الأنباء الأخيرة أكدت وجوده في مدينة قم الإيرانية وإلى أجل غير مسمى، وأن زيارته ليست رسمية، ولم يقابل أي مسؤول إيراني. فما هو مغزى سفر الصدر إلى إيران واعتكافه في قم؟

المعروف عن هذا الرجل أنه شعبوي، يحب الزعامة والظهور وقيادة الجماهير البائسة، مستغلاً تضحيات أسرته ومكانتها الدينية في الوسط الشيعي، ولكنه في نفس الوقت ذو ثقافة هابطة جداً دون الابتدائية، ولا تتعدى قراءة بعض الكتب الدينية، فهكذا إنسان من السهولة استخدامه كحصان طروادة. وربما تأكد أن أعداء العراق من الدواعش خدعوه فتظاهروا باسمه، وتم اختطاف تياره وتوجيهه للتخريب ومن تحت عباءته حققوا ما عجزوا في تحقيقه بالغزو المباشر واحتلالهم للمحافظات ذات الأغلبية السنية.
إن موقف مقتدى الصدر هذا يذكرني بما قاله الرئيس جمال عبدالناصر في الستينات من القرن الماضي مؤنباً علي صالح السعدي بعد جريمة 8 شباط 1963، وانفلات الأمور من أيدي البعثيين، أن قيادة الدولة ليست كقيادة مظاهرة. ولعل مقتدى الصدر وجد نفسه في نفس ورطة السعدي حتى وقبل أن يقود الدولة.
إن دواعش اليوم هم أبناء وأحفاد مجرمي إنقلاب 8 شباط 1963، ففي صباح ذلك اليوم الأسود، وكنت في القطار الصاعد من البصرة إلى بغداد تلقينا نبأ الجريمة بالراديو الترانسستر، وعند وصولي المحطة العالمية، توجهت إلى ساحة التحرير فشاهدت الساحة وشارع الرشيد والجمهورية والسعدون غاصة ببحر من الجماهير وهي تهتف بصدق (ماكو زعيم إلا كريم). وكنا نشاهد الدبابات والمدرعات قادمة من جسر الجمهورية، وضباطها يحملون صور الزعيم وهم يرددون نفس الهتاف لتفسح لها الجماهير الطريق للتوجه إلى وزارة الدفاع لضرب المتآمرين، وتبن فيما بعد أن هؤلاء الضباط كانوا من الانقلابيين، واستخدموا صور الزعيم والهتاف من أجل خدع الجماهير، ومن ثم ضرب ثورة تموز وقيادتها. وما أشبه اليوم بالبارحة، فهؤلاء استغلوا الجاهل مقتدى الصدر وتياره الأجهل لضرب الديمقراطية وإعادة العراق إلى ما قبل 2003.

على الدكتور حيدر العبادي، كرئيس السلطة التنفيذية، والقائد العام للقوات المسلحة، الالتزام التام بواجبه الدستوري في حفظ أمن وسلامة الشعب، والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه في العبث بأمن الشعب المبتلى بهؤلاء المخربين، ومن وراءهم من الكتاب الشعبويين الذين يجملون لهم جرائمهم باسم مكافحة الفساد، وهو قول حق يراد به باطل، خاصة في فترة تصاعد انتصارات القوات الأمنية على الدواعش من فلول البعث المقبور.
ومن واجبات الكاتب ليس التزلف للجماهير وتشجيعها على التخريب، فهذه غوغائية مدمرة، وقد وصفهم الإمام علي بأنهم (همج رعاع ينعقون خلف كل ناعق).
فمحاربة الفساد، وحرية التظاهر لها قوانيها وشروطها، ولا تتم بضرب مؤسسات الدولة والاعتداء على المسؤولين، بل هذه الأعمال هي محاولات يائسة لتحقيق ما فشل في تحقيقه على أيدي الإرهابيين الدواعش، كما سهلت هذه التظاهرات الأعمال الإرهابية من التفجيرات في بغداد والحلة وغيرهما.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
_______________
روابط ذات صلة
1- عبدالخالق حسين: اجتياح البرلمان..إصلاح أم تخريب؟
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=837

2- متظاهرون يقتحمون مبنى مجلس البصرة
http://www.akhbaar.org/home/2016/5/212132.html

3- طعمة السعدي: حرية ألتظاهر مكفوله لكن لها شروطها وآدابها وأخلاقها وإلتزاماتها لمن يفقهون
http://www.akhbaar.org/home/2016/5/212140.html

4- علاوي يدعو الى الحوار مع المتظاهرين واطلاق سراح المعتقلين
http://www.akhbaar.org/home/2016/5/212130.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام مكرر
محمد سعيد العضب ( 2016 / 5 / 21 - 22:05 )
كلام معروف ومكررلتبرير موقف متاخذ مسبقا .. هل يمكن الكاتب المتكمن ان يبين لنا بوضوح وبموضوعيه الخلاف الصارم بين الصدر وباقي الحنفه التي سيطرت علي مقاليد الحكم منذ عام 2003 ولغايه اليوم .فحسب ما اثبتثت التاريخ لعقد ونيف ان الفشل والاخفاق قد راافق مسيره ما اطلق عليه - الدوله الديمقراطيه الجديده - التي جلبها ا الغزو والاحتلال الاميركي لغايات استراتجيه مجهوله ودمر من خلالها و عبرهم البلد ,حيث ضاع الامن والاستقرار الالاف القتلي والضحايا , نهب ثروات البلد وضياع خيراته ,توقف تام للتنميه الاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه .فالحقيقه المره التي يجب عدم انكارها ان كافه القيادات ابتداء من اعضاء مجلس الحكم وانتقالا الي علاوي والجعفري والماللكي والعبادي جمعيا كانت شخصيات ارادت تحقيق مطامحها الخاصه والحزبيه الضيقه وتناست بناء الدوله والامه ,بالتالي لا تختلف بتاتا عن شعبويه طفلها المدلل مقتدي


2 - الان
فريد جلَو ( 2016 / 5 / 21 - 23:29 )
الان فقط سقطت ورقة التوت عنك وعن كل من يدعي الوطنيه زورا


3 - الصدر وإيران برا برا
س . السندي ( 2016 / 5 / 22 - 04:49 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي عبد الخالق وتعقيبي ؟

1: أولاً الصدر لم يهرب إلى إيران كما تقول بل أخذ مكرهاً أليها بعد تهديد قاسم سليماني له بسحب كلابه من الساحات وإلا سنطلق كلابنا عليهم ، ورسالته وصلت للصدريين (السيارات المفخخة) ؟

2: أنا ضد تهريجات مقتدى الصدر ، ولكن مايجري بحق العراق والعراقيين قمة الخسة والغدر ولا يمكن السكوت عليه ، والدليل سرقات وتصفيات بختم الحكومة والحشد الشعبي ، ولا من رقيب ولا من حسيب ؟

وأخيراً ...؟
لقد أثبت الإخوة الشيعة مع ألأسف أنهم أسوأ من السنة ، فلقد أخذوا العراق من سيّء إلا أسوأ ، ، فلا غرابة مادام نبعهم واحد ، سلام ؟


4 - مقتدى تصدر الأنام
غريب بصري ( 2016 / 5 / 23 - 11:32 )

يا ناعما بنشوة الأحلام، يا نوما تكاثر الأصنام

من مجلس النهاب تحل بنا النائبات، يا عوام

ثوب يحاك نسجه، البسوه بانتظام

حذار تخلعوه، وصار رأي عام

الناس أصناف كما الثياب، هذا خامل وذا فتى همام

وذاك مقصي ويقتدي، وهذا مقتدى تصدر الأنام

إمامهم نهج علي، ومعاوية يبايعون، لا الإمام.
ظ.غ

اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |