الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاهيم -عديدة- للثورة ..!!

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2016 / 5 / 22
الادب والفن


مفاهيم "عديدة" للثورة ..!!
حنا إبراهيم ،شاعر ، روائي وقاص فلسطيني ، من مواليد 1927. اهتم بكتاباته بتوثيق حياة الفلسطينيين ، ابان ثورة 36، مروراً بقيام دولة اسرائيل،. تحدث عن الثوار ، المهجرين والمتسللين الذين حاولوا العودة الى بيوتهم وقراهم بعد النكبة . يُعتبر كاتب وشاعر "البروليتاريا" . كان عضوا في الحزب الشيوعي واستقال منه. وقصته "مفهوم قديم للثورة" ،هي إحدى قصص مجموعته القصصية المعنونة ب"أزهار برية "
ملخص للقصة :
سعيد الناطور ، بطل القصة ، هو ثائرٌ ريفي ، يسير ذات صباح ربيعي في المناطق الوعرية المحيطة بقريته ، وكان الطقس رائعاَ والهواء عليلا والجو يعبق بروائح الازهار البرية ، لكنه وهذه المرة من تجواله في ارجاء الطبيعة الخلابة ، كان مهموماً ويعاني من تأنيب الضمير، فقد شارك بالأمس في عملية تصفية جسدية لأحد المتهمين بخيانة الثورة ، بناء على أمر صادر من القائد ابو درة . لم يكن واثقاً من صحة ومصداقية قرار الحكم الذي صدر عن محكمة ثورية . فلو كان من اصدر القرار قائد فصيله "نايف" ، لما تسرب الشك اليه ، فنايف شخص موثوق ويدقق في احكامه قبل اصدارها ، وقد نفذ سعيد سابقا حكما بالإعدام بحق متهم بالخيانة ، وحينها كانت التهمة ثابتة على المتهم صالح عبد الحميد، وكان وراء القرار نايف.
وأثناء تجواله في المسالك الوعرية ، ينقلب الطقس ويبدأ هطول شديد للأمطار ، والتي لم يستطع تفاديها أو الإختباء منها ، وعلى البعد لاحت له إمرأةٌ تتشح بالسواد ، وقد غطت نفسها ببطانية اتقاء المطر ، يقترب منها فتدعوه للإحتماء من زخات المطر تحت البطانية . تأملها ، فظهر له بأنها إمرأة جميلة ، وعندما التصق كتفاهما شعر بحرارة جسدها ، "كان كتف المرأة الذي يلامس كتفه يبعث في نفسه شعورا بالطمأنينة والقوة معاً" .(ص 32) ..يتبادلان الاحاديث عن الطقس ، وينتقلان من مكان الى آخر ، بعد أن اوحلت الارض تحت اقدامهما، ليقترح سعيد على المرأة الإنتقال الى مغارة قريبة ، وبعد ممانعة قصيرة ينتقلان اليها، فيجدانها خالية من الناس فيشعل سعيد نارا " فقد كان يرتجف من البرد وربما من الإنفعال أيضا" (ص 32).
تشجعه المرأة على تجفيف ملابسه ، بما في ذلك قميصه ، لكنه متردد خوفا من ان يقدم أحد الى المغارة فيراه بلا قميص، لكن المرأة تشجعه قائلة :لن يأتي أحد ..!! مع ما في هذا القول من "تشجيع" لسعيد على الإقدام للقيام بأمور أُخرى .. تتطور الأحداث ويدور بينهما حديث عن الأحوال الشخصية ليكتشف سعيد بأنها أرمل.. يدنو منها ويضع يده على كتفيها فلا تمانع ، وبدأ يقبلها بشراهة ... يقول سعيد " ما أقل عقل الرجل الذي يموت تاركا خلفه مثل هذا الجسد " (ص 34). ليكتشف بأنها زوجة رجل مقتول هو صالح عبد الحميد ، والذي نفذ عليه سعيد الحكم بالاعدام .تتغير الأمور بينهما ، ويعود سعيد الى مزاجه من الليلة السابقة ، وحينما تحاول المرأة معرفة سبب هذا التحول ، يقول لها بأن زوجها كان خائناً للثورة وكان لا بد من إعدامه ، ليحتد الحديث بينهما ، دون ان يخبرها بأنه هو قاتل زوجها بناء على قرار الثورة .. تحاول المرأة إعادته الى حالته قبل الحديث عن زوجها ، لكنها لا تنجح ، فتقول بحقد ظاهر " لكن لماذا تفتح جروحا قديمة ؟" (ص 35). ليتنكب بندقيته وينطلق ..
تحليل مضمون النص :
عنوان القصة "مفهوم قديم للثورة " ، يوحي بأن مفاهيم أُخرى للثورة قد نشأت ، أي اصبح هناك مفهوم حديثٌ للثورة، قد يجعل مضمون أحداثها يختلف عن هذا المفهوم القديم للثورة .. ولعل الكاتب ومن خلال عنوان القصة ، يوجه نقداً غير مباشر للمفاهيم الجديدة للثورة. فالمفهوم القديم الذي يقصه على مسامعنا في قصته ، يعني فيما يعنيه ،عدم إقامة أية علاقة كانت مع من خان الثورة ، أو مع من يمتُ إليه بصلة ما .تدور أحداث القصة في الريف الفلسطيني ، حيث لم يكن مستغرباً أن تخرج النساء لتأدية أعمال الفلاحة ، بحيث تحصل صدفة "شبه مستحيلة" ، هطول المطر ، وغياب تام للناس من الحقول ، وقدوم سعيد ، وتواجد المرأة .. مما يجعل تسلسل الأحداث مقبولا ومنطقيا .
تتناول القصة قضيتان مركزيتان ، أولاهما ،الثورة وما آلت إليه في فترة متأخرة ، أما الثانية فهي قضية العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة ، متمثلة بالرغبة المتبادلة في لقاء حميم . وتتشابك القضيتان في القصة بحيث ترتبطان عضويا، دون أن يكون بينهما هذا الترابط في أوضاع مختلفة ومغايرة .. فسعيد المهموم والأرملة التي تعاني حرمانا جنسيا، يجدان أحدهما لدى الآخر ، "حلاً" للإشكال في تلك اللحظة من حياتيهما. لكن سعيد يحمل "مبادئ" بل "أيديولوجيا" ترى في" مضاجعة ثائر لزوجة خائن للثورة أمر لا يقره شرف الثورة "(ص35) ، بينما المرأة والتي حاولت النسيان ، تشعر بالغضب وخيبة الأمل من اسلوب سعيد الذي يفتح جراحا قديمة كانت قد اندملت .. ورغم حقدها على "قتلة زوجها" من الثوار، المجهولين بالنسبة لها، فإنها تُريد أن تستمر الحياة ، بما فيها رغبتها في لقاء حميم ،فهي تقول " يوجد رب يحاسب الجميع " (ص 34). لكن لنا أن نتساءل ، هل كانت ستوافق هي الأخرى على ممارسة الجنس مع قاتل زوجها ، إذا عرفت هويته ؟! ويبقى السؤال الأهم ، ما ذنب هذه المرأة ، فهي لم تخن الثورة كزوجها مثلا ، فلماذا يجب تحميلها المسؤولية عن خيانة زوجها بل والشراكة فيها ؟ وفي حالة التصادم بين الرغبات (في لقاء حميم)، وبين الولاء لشرف الثورة ، يتضح لنا من القصة ، بأن الولاء لشرف الثورة (لدى سعيد) ، هو في المركز الأول ، لذا يُضحي برغبته من أجل الحفاظ على ولاءه للثورة وشرفها.. فهل هذا هو المفهوم القديم للثورة الذي قصده الكاتب ؟! فيما يبدو بأن المفهوم الجديد ،هو عكس ذلك ، حيث يتم تفضيل المصلحة الشخصية على مصلحة "الثورة " ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز قاسم ذكرتني قصتك بقصة:
أفنان القاسم ( 2016 / 5 / 22 - 11:34 )
ألمانية، قتل أحد الجنود الألمان زوج إحدى الألمانيات في ألمانيا الشرقية وهو يحاول اجتياز الجدار إلى ألمانيا الغربية، وبعد هدم الجدار، يذهب الجندي للبحث عن الزوجة، فتقع في غرامه، وعندما يعترف لها بالحقيقة، تكون الصدمة، فيتركها ، وكل واحد يعود إلى حياته: من دون أي تعقيد أو فلسفة! لم يكن التركيز على الولاء، التركيز كان على إراحة الضمير، كأعظم لفتة إنسانية


2 - العزيز الغالي الاستاذ افنان
قاسم حسن محاجنة ( 2016 / 5 / 23 - 05:49 )
صباحك فل
نعم اراحة الضمير هي الأصل وكأعظم لفتة إنسانية كما تقول
احترامي استاذ

اخر الافلام

.. الفنان أيمن عبد السلام ضيف صباح العربية


.. موسيقى ورقص داخل حرم المسجد في عقد قران ابنة مفيدة شيحة يثير




.. على طريقته الخاصة.. الفنان الفرنسي -زاربو- يحكي قصصا عن لبنا


.. الموسيقي التونسي سليم عبيدة: -قضايا انسانية ،فكرة مشروعي الج




.. الفنان بانكسي يفاجىء جمهور فرقة موسيقية بإلقاء قارب مطاطي عل