الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الوعي

ماجد صفوت استمالك

2016 / 5 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في الربع الاول من القرن العشرين ومع ذروة 1919 م تولد لدي العامة وعي و حماس للشأن السياسي ، وتزامنا مع عصر التنوير أثمر ذلك دستور 1923 ونواة لديموقراطية حقيقية بمجلسي الشيوخ والنواب وحياة نيابية رائعة - بمقاييس ذلك العصر ومقارنة بالمجالس في الدول الاوروبية وقتها ، و نحن عندما نذكر مجلس النواب نري بعين الخيال باشوات بكروش ضخمة مطربشين اكبر مهاراتهم الخطابة ، فنري ذلك الباشا يتصبب عرقا في انفعال وهو يلقي خطبة عصماء رنانة تستمر لساعات وتنتهي بتصفيق.

ولكن دعني اخبرك يا صديقي ان لهذا المجلس معارك سياسية رائعة و اصلاحات تستحق الاشادة خصوصا في ظل الاحتلال خاصة مع مضايقات السرايا ، فبدءا من 15 مارس 1924 حيث انعقد البرلمان الاول وعلي مدار8695 يوما قضتها مصر في ظل الحكم النيابي انعقد خلالها 1339 جلسه يتخللها عدة فترات توقف اجبارية اجمالي ايامها 4435 يوما اي بنسبة 51٪-;- توقف من فترة الحكم النيابي ، و استمر اثر ذلك المجلس طوال الربع الثاني من القرن العشرين حتي عام 1947 .
برغم تلك الصورة الخاطئة التي ورثناها يمكننا القول انها تجربة ديموقراطية ناجحة و اؤكد بمقاييس عصرها.

وبعد فترة صمت سياسي ممنهج استمر طويلا عاد الوعي السياسي للجيل الجديد من المصريين في الربع الاول من القرن الواحد و العشرين ، وفي عام 2011 بصعوبة وبتدريج بطيء دخل الاهتمام السياسي في دائرة الاهتمامات لرجل الشارع ، بدأ الاهتمام بالسياسة أولا بدافع المشاهدة ومعرفة الاحداث الجارية ثم بعد ذلك بدأ المواطن العادي يدرك ان له دوراً ينبغي ان يقوم به بالمشاركة في استفتاءات و انتخابات و تطور ذلك الدور الي الاحتجاجات و الاضرابات والمظاهرات ، تحول المواطن من مشاهد و متابع للاحداث الي مشارك فعّال و تحولت المشاركة من مبادرة اختيارية الي ضرورة حتمية.

و الملحوظ في الامر ان هذا الجيل الحديث العهد بالسياسة و الذي تربي علي تجاهل السياسة و امورها هرباً من الملل او هرباً من امن الدولة تكوّن لديه ارتباط وثيق بين السياسة و بين المظاهرات ، و اصبح الناشط السياسي هو الثائر و الصامد امام المدرعات وقنابل الغاز.

وهذا الارتباط الخاطيء الذي ترسّب في الاذهان تسبب في عزوف البعض عن السياسة خاصة بعد استقرار الامور عقب الانتخابات الرئاسية الاخيرة و عدم ادراك الجانب الاخر و الاكثر اهمية للحياة السياسية وهو الحياة النيابية ، التغيير الهاديء نحو الافضل فبدلا من المظاهرات واثارها السلبية ينبغي ان نسعي نحو التغيير خطوة خطوة بهدوء وسلمية وذلك عن طريق تفعيل الديموقراطية ،
و بدلا من الضغط لتغيير الاشخاص التي تحكم بنفس القانون ينبغي تغيير القانون الذي يحكم به الاشخاص ، لأن الفاصل في علاقة المواطن بالدولة وعلاقة المواطن بالمواطن هو القانون ، لذلك فتغيير قانون اجدي من تغيير منفذ القانون ، و بالطبع اجبار الاشخاص علي تنفيذ القانون في حالة التقاعس .
المعركة هنا ليست معركة مع الدولة المعركة هي لبناء الدولة ويكون البناء بتفعيل الديموقراطية و زيادة الوعي لدي العامة وبناء منظومة من قوانين عادلة سليمة و اشخاص مكلفون بتنفيذ نفس القانون بدون اعتبارات شخصية او انتماءات ، مع اجهزة رقابية شديدة الفاعلية والكفاءة .

لدينا بالفعل برلمان قائم وهذا امر جيد برغم بعض المآخذ و التحفظات ، المطلوب هنا تفعيل صلاحيات البرلمان و اضافة صلاحيات اخري ان تطلب الامر و الاستعداد للانتخابات القادمة (بالنسبة للاحزاب) و ليست المعركة لحل البرلمان بل الابقاء و التطوير ، فمعاول الهدم لا تجيد البناء .

وبناءا عليه الانتماء الفعال لحزب اهم من النزول في مظاهرة ، المشاركة الجادة في حملة توعية أهم من الاشتراك في مسيرة ، وختاما يمكننا القول ان أفضل ما يقدمه الانسان لوطنه هو أن يثقف نفسه













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة