الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا هي محاكمة العصر ؟

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2005 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


نادراً ما شهد التاريخ محاكمة تشبه محاكمة صدام حسين!!
ليس لأنه قائد مهزوم في حرب غير شرعية وظالمة، فصدام قاوم حتى اللحظة الأخيرة قبل اعتقاله.. واستمر مقاوماً داخل سجنه وخرج على العالم أجمع أثناء محاكمته واثقاً من نفسه، صلباً.. لا يخشى جلاديه ويقول بأعلى صوته، (الإعدام وكندرة أي عراقي.. لكن رفقاً بكرامة العراق وعزته).
وليس لأن جلاديه وقضاته هم غزاة وهمجيون، وارتكبوا من جرائم ضد الإنسانية أبعد وأكثر توحشاً من سنوات حكمة على مدار ثلاثة عقود.. فصدام لم يحكم على نصف مليون طفل عراقي بالموت.. كما فعلت أميركا إبان حصارها للعراق.
وصدام لم يخرب بغداد والبصرة والموصل وباقي مدن العراق.. بالأسلحة (الذكية) والعملاء!!
وصدام لم يعرّ سجناءه ويستمتع برؤيتهم (عراة) يتوجعون من ألم عميق في كبريائهم وضمائرهم وهم أبناء شعب طالما اعتز بشرفه وكرامته.
وصدام لم يفتت العراق إلى أكراد وسنة وشيعة في سبيل استباحته من الغرباء... بل حاول جاهداً الإبقاء على عراق عزيز متماسك ومهاب الجانب.
إنها محاكمة العصر...
ليس لأنها محاكمة طاغية ألغى كل قيم الديمقراطية وقيم (المواطنة) والحق بالاختلاف والتعبير والرأي الآخر.. أضحى اليوم معتقلاً في المعتقلات نفسها التي قضى فيها على خصومه..
إنها محاكمة العصر...
لأنها فاتحة عهد جديد وقيم جديدة تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على العالم أجمع.
العالم الذي لم يكن يوماً كما هو عليه اليوم!!
دائماً وأبداً كانت هناك قوى مختلفة تتنافس على السيادة الكونية، بدءاً من الإمبراطوريات الرومانية والفارسية والفرعونية والعربية... والهكسوس والفيلمنغ والمغول والتتر مروراً بالعثمانيين والبريطانيين والفرنسيين... وصولاً إلى عالم القطبين: أميركا على رأس الحلف الأطلسي والسوفييت على رأس حلف وارسو.
ومع هزيمة السوفييت... تسيدت أميركا العالم بجدارة وقسوة وتوحش.. ولا يوجد لديها أية أوهام في سيادتها تلك!!
ومحاكمة صدام اليوم هي فاتحة هذا العنوان العريض:
من لا يعجب الولايات المتحدة من الأنظمة في العالم أجمع فهو نظام (مارق) وظلامي وقمعي ولا بد من إزالته عن الخارطة السياسية... وبالقوة!!
وبالتالي فهي رسالة للعالم أجمع و(الحاضر يعلم الغائب) أن أميركا قادمة إلى كل زاوية في العالم لتضع بصمتها الإمبراطورية الجديدة لتعين (الحاكم المدني) الجديد ـ (ابن البلد) الذي تراه مناسباً.. وليذهب كل من يعارض إرادتها إلى الجحيم!!
ولكن!!
هل استطاعت أميركا أن تفرض إرادتها على كوريا الشمالية مثلاً فيما يخص الأسلحة النووية عند الأخيرة؟!
وهل استطاعت أن تفرض إرادتها على الصين حين أرادت الأخيرة استعادة تايوان إلى بلدها الأم: الصين العريقة؟!
أميركا رغم هذا التوجه الإمبراطوري المدجج بأكثر الأسلحة تدميراً وفتكاً.. وبالقانون الدولي ولعبة المصالح الاقتصادية... إلا أنها لم تنجح بغزواتها العسكرية وفرض إرادتها إلا على الشعوب المتخلفة والفقيرة... والأهم الشعوب التي ابتعدت عن الحياة الديمقراطية وفقدت أهم سلاح من أسلحتها وهو الشعب الحر القادر على قول: (لا) بالقوة نفسها التي يقول فيها (نعم)!!
هل نتعلم شيئاً من محاكمة العصر، ومن قولة صدام التي فطن لها متأخراً على ما يبدو: (الإعدام يساوي كندرة أي عراقي.. المهم هو العراق)؟!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -