الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات مواطن على معبر رفح الحدودي

رامي مراد
باحث مهتم بقضايا التنمية - فلسطين

2005 / 12 / 9
القضية الفلسطينية


بين الحلم الوردي و كوابيس الواقع
بعد طول انتظار تابعنا جميعا حفل افتتاح معبر رفح الحدودي مع مصر، و في خضم متابعتي لبرامج الحفل إذ بي استمع إلى خطاب الرئيس محمود عباس و الذي تحدث بشكل واضح عن معبرا نظاميا إنسانيا سيتم فتحه أمام حركة المسافرين يوم السبت الموافق 26/11/2005م، فلم انتظر طويلا بعد سماع تلك الكلمات و بدأت بحزم أمتعتي استعدادا للسفر إلى جمهورية مصر العربية، و رغم علمي بان المعبر سوف يفتح من الساعة الثانية عشرة ظهرا و حتى الساعة الرابعة بعد العصر إلا أنني صممت على التوجه إلى المعبر يوم السبت في تمام الساعة الخامسة صباح و وقفت مع مسافرين آخرين في طابور منتظم على أمل حجز مكان لي في الطابور الذي سيتم من خلاله تسليم الجوازات كي يتسنى توزيع المسافرين على السيارات الخاصة لتنقلهم إلى صالة المسافرين الفلسطينية،
كل ذلك و أنا ارسم في مخيلتي معبرا ورديا رسمه لي خطاب المسئولين في حفل الافتتاح اقل ما يمكن أن يحترم إنسانية الإنسان الفلسطيني و يحفظ كرامة المسافرين، و استمريت بالوقوف في ذلك الطابور بجانب مسافر اشتعل في رأسه الشيب متجها إلى المكسيك لأنه يعمل مهندسا زراعيا هناك، في انتظار فتح الشباك الذي سيتم من خلاله تسليم جوازات السفر، و في حوالي الساعة التاسعة صباحا فتح الشباك و دقت حينها إنذارات الخطر و انتشرت الفوضى في المكان بكامله فأصبح من في الخلف في المقدمة بل وصل الحد لان يقفز الناس فوق بعضهم البعض و اختنق عدد من كبار السن و النساء و المرضى و انتشرت الفوضى في المكان و سقط جوال ذاك المسافر الذي كان واقفا بجانبي في الطابور الوهمي و نزل ليستعيده فسقط أرضا و خرج بعد دقائق و قد كسرت نظارته و مزق جزء من ملابسه، لكنه كان سعيدا لأنه قد استطاع رغم كل ذلك أن يسلم جواز سفره و وقفنا سويا بعيدا بانتظار أن ينادى على أسماؤنا و نوزع في سيارات السفر، و هنا بدأت الأحلام الوردية تتحطم على صخرة الواقع الأليم و المزري و سالت نفسي حينها عن دور رجال الأمن و الشرطة فأين هي؟ وما سر غيابها؟ و لماذا لم تاخذ على عاتقها تنظيم المسافرين؟ ام انهم يعتقدون اننا في بلاد اليابان و يمكننا ان ننظم انفسنا بذواتنا دون تدخل رادع؟ لم اكن قادرا على تفهم ذلك الغياب؟.
و بينما نحن كذلك و اذا بالاسماء بدات تنادى و بدا توزيع المسافرين على السيارات و حينها بت لا ادري ان كنت في معبر للمسافرين ام في سوق للخضار او لبيع الحلال، فقد كان في كل جولة ينادى فيها اسماء يتم توزيعهم على السيارات يكون مطلوبا من كل مسافر سلم جوازه ان ينطلق مهرولا خلف السائقين جميعهم كي يعرف اين يوجد اسمه فلم يجده فيعاود الجلوس على الارصفة تحت حر الشمس بانتظار جوازات اخرى ينادى عليها و هكذا...، و ليت الامر وقف عند هذا الحد بل تعداه لترى بقدرة قادر مسافرين ياتون من بيوتهم فلا ينتظرون دقيقة واحدة بل يسلموا جوازاتهم و يوضعوا في السيارات الاولى و انت واقفا لا تدري ماذا يحدث، ربما هي الواسطة او ربما دفع الاموال مقابل التسهيلات و بصراحة فالمعاناه تستحق لان يدفع في سبيل تخطيها ليس مئة دولار فحسب بل اكثر من ذلك، المهم بقينا ننتظر تحت حر الشمس ساعات طويلة حتى وصل بي الامر لان ارغب باسترجاع جوازي و العودة الى بيتي، و بينما انا كذلك وجدت اسمي اخيرا في حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر في سيارة رقم اربعين طبعا بعد ان بحثت عن اسمي في التسعة و ثلاثون سيارة السابقة، و عندما وجدت اسمي ارتحت قليلا و اعتقدت للحظات ان المعانا قد انتهت و لكن سرعان ما تبدد هذا الاعتقاد عندما رايت امامي طابور السيارات، و خصوصا مع علمي بان الوقت ينفذ و المعبر سيقفل في تمام الساعة الرابعة، المهم عندما غادرت سيارة رقم خمسة و ثلاثون انفعت مسرعا باحثا عن السائق حتى يجهز السيارة و نستعد للانطلاق و اذا بساعقة اخرى تحل عليا عندما عرفت من السائق بانه ينتظر جوازاتنا جميعا التي عانينا ما عانينا لتخرج لنا من الجوازات بعد عودتها هناك كي يمرر معنا اثنين من اصحاب الواسطة يجب ان يصعدوا معنا بدل اثنين اخرين قد وجدوا لهم واسطة فسبقونا منذ وقت طويل، المهم عادت جوازاتنا و ركبنا السيارة متجهين لاجتياز البوابة الاولى و عندما وصلنا البوابة الثانية اذا باحد رجال الامن قادما بزيه المدني يسال عن سيارة رقم اربعين و يصر على ضرورة ان ينزل الشخصين الذين ركبوا معنا مؤخرا و يصر على عودتهم مرة اخرى للخارج و هنا حدث اشتباك بالكلام بين رجل الامن هذا و رجل امن اخر تبع واسطة هذين الشخصين و انتهى الامر بمرورنا جميعا عبر البوابة الثانية و كان الوقت حينها قد اصبح الرابعة و دقيقتين و بسرعة توجهنا الى الباص و من ثم الى صالة المغادرين في الجانب الفلسطيني حيث توجد الرقابة الاوروبية هناك و من ثم الى الباص مرة ثانية و من ثم الى البوابة المصرية، و هناك فتحت لنا البوابة الفلسطينية و خرجنا منها و انتظر الباص امام البوابة المصرية بانتظار ان تفتح و بقينا في داخل الباص الذي يحمل ما يقرب السبعين مسافر و مسافرة من كبار السن و المرضى و النساء و الاطفال حتى الساعة السادسة تقريبا و حينها نزلنا من الباص لنسال عن سبب التاخير و عن مصيرنا فكانت الواقعة التي بدا معنا مرحلة جديدة من المعاناة، حيث عرفنا بان الجانب المصري الملتزم بالاتفاق حول المعبر قد اغلق ابوابه امام استقبال أي مسافر بعد الساعة الرابعة و الجانب الفلسطيني لا يستطيع ارجاعنا نظرا لان المراقبين الاوروبيين قد غادروا المعبر و لا يجوز بحسب اتفاق تشغيل المعبر دخول أي مسافر دون وجود الرقابة الاوروبية، و هنا ادركنا باننا سننام في العراء في داخل الباص او خارجه سيان حتى الاحد صباحا عندما يفتح المعبر المصري ابوابه امام حركة المسافرين و بالفعل بقينا كذلك جميع من في الباص حتى الساعة الواحدة او الثانية صباحا حتى ادرك الحرس الفلسطيني على البوابة الازمة و مشكلة كبار السن و المرضى و النساء و الاطفال فسمحوا لنا بالعودة و المبيت في صالات الانتظار الفلسطينية على المعبر و بقينا كذلك حتى الاحد صباحا حيث عدنا في الباص حيث كنا بانتظار فتح بوابة المصريين و في حوالي الساعة الحادية عشر صباحا فتحت البوابة المصرية و انطلق بنا الباص متجها هناك ايضا على امل ان المعاناة قد انتهت لكنها استمرت المعاناة نتيجة اكتظاظ المسافرين في الصالة المصرية و انتظار جوازات سفرنا و السماح لنا بدخول مصر و بقينا كذلك حتى الساعة الرابعة بعد العصر من يوم الاحد 27/11/2005م حيث سمح لي بالدخول.
و هنا في الختام اقول العبارة التي قلتها في مقابلتي مع الصحافة الاجنبية على المعبر " ذلك المعبر و بظروفه هذه لا يمكن ان يكون مناسبا لتجمع من الحيوانات، و ليس للبشر ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل عرضت على السلطة تسلم معبر رفح والسلطة رفضت| #غرفة_ال


.. السلطة الفلسطينية ترفض الطروحات الإسرائيلية بشأن معبر رفح




.. على وقع التقدم الروسي.. كييف تستبدل القائد العسكري المسؤول ع


.. كييف تقر بتقدم القوات الروسية في خاركيف




.. مسن فلسطيني يسجد لله بعد الإفراج عنه والاطمئان على عائلته