الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا ما حدث

عبد جاسم الساعدي

2016 / 5 / 26
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


مقدمة الطبعة الثالثة

أصدر الصديق المناضل عدنان عباس كتابه «هذا ما حدث » العام 2008 ، وألحقه بالجزء الثاني منه "هذا ما حدث" مقالات وملاحظات وردود العام 2014.
يمثل الكتاب جهداَ نضاليا مهماَ، وعودة لاستذكار الماضي الحزبي والسياسي ابتداء من أواخر خمسينيات القرن الماضي حتى انعقاد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي العام 1985.
شكل الكتاب مدخلاَ للحركة والنضال والمواجهات والإخفاق وحملات التعذيب والاعتقال في منطقة الفرات الأوسط بصفة خاصة، وتلك سمة طيبة من سمات الكتاب في البحث وإثارة الأسئلة واستدعاء الماضي.
فأتاح الجزء الثاني مساحة مهمة للحوار والنقاش والمشاركة، بإضافات سياسية ونضالية شكلت إلى حد ما، سيرة ذاتية لبعض المداخلات، فظهرت تجارب حزبية مماثلة لقادة ورفاق وشهداء ومناضلين أشداء في الحزب الشيوعي.
أسهمت إلى حد كبير في اغناء كتاب هذا ما حدث وعمقت معاني الحرية في الكتابة والحوار كما لاحظنا لدى إسهامات الكتاب: ذياب مهدي غلام و د. حسام رشيد ومحمد علي محيي الدين وباقر إبراهيم، الذي كان حاضراً بوضوح في مسيرة المناضل عدنان عباس وتأثيراته في الحياة الحزبية والسياسية وناظم عبد الملك اديبس أبو ذكرى ود.كاظم الموسوي ومذكرات احمد باني خلاني "أبو سرباس "وتقي الوزان وغيرهم من المناضلين.
تشكل خصوبة الذاكرة والتنظيم والعودة إلى الماضي ومتابعة الأحداث أهم عناصر التشويق في الكتاب، وكأنه يطمح لإزالة هم متراكم بتجارب عدة من خلال الكتابة بتحويلها إلى ارث سياسي مهما كان الاختلاف وتعدد القراءات بشأنه.
لم تسلم مسيرة الحزب الشيوعي بخاصة بعد عقد الجبهة مع حزب البعث العام1973 ، وما بعدها من "اختراقات أمنية"، شلت تنظيمات الحزب وأدت إلى وقوع عدد من المناضلين بأيدي جلادي النظام، وسادت بحسب الكتاب حال الفوضى والإرباك وغياب الديمقراطية وهيمنة «السكرتير الأول » على سياسة الحزب وتشكيلاته التنظيمية، وبقيت الأسئلة من دون إجابات ولا عمق في النقد والتحليل في الموقف السياسي والفكري بين خط آب/ 1964 وما بعده ومجازر "بشتا شان "في السليمانية اشترط مسؤول الجحوش في قضاء" جمجمال" في السليمانية على كل من يطلب عفو السلطة، فعليه إن يقتل شيوعيا ويسلم سلاحه إلى السلطة ففي هذا الموقع استشهد اكثرمن ثلاثين رفيقا بهذا الأسلوب، ثمانية منهم كانوا نياما و
أطلقت عليهم النيران والأربعة الآخرون أطلق عليهم الجحوش المجرمون النار من الخلف...
كنت دائما أتمنى إن ينبري باحثون ودارسون وطلاب دراسات عليا لتقديم
دراسات نقدية تحليلية عن مؤتمرات الحزب الشيوعي العراقي، وما يكتنفها من كنت دائما أتمنى إن ينبري باحثون ودارسون وطلاب دراسات عليا لتقديم دراسات نقدية تحليلية عن مؤتمرات الحزب الشيوعي العراقي، وما يكتنفها من صراعات وأهواء شخصية وميول أحيانا قومية ومدى تأثيرات العوامل الخارجية الإقليمية والمحلية كما وجدنا في أزمة المؤتمر الرابع العام 1985 وقرارات الطرد والاستغناء كما حدث للمناضل عدنان عباس وباقر إبراهيم، والإشكاليات الديمقراطية والاجتماعية وصنوفها التي تعود في كل الأحوال إلى طينة العراق الاجتماعية بكل تداعياتها ومفاصلها التي نجدها في حجم الاتهامات والشكوك والإقصاء وحتى "النميمة" لغياب الاستقلالية الفردية والثقافية والأسئلة النقدية التي كانت تسود عند التراجع السياسي والتفكك التنظيمي، فالانتماء خارج الوطن، قد خرج من التوصيفات الحزبية الثقيلة، ليأخذ فضاء الحرية في الحركة والتواصل وتبادل الرأي، لعل كتاب الصديق "عدنان عباس " يدخل في إطار حرية الكتابة وعرض التجربة بما يحمله من استطرادات تاريخية وتجارب حزبية يقدمها للحوار في "هذا ما حدث " كما كان يراها، من زاويته النضالية، بعد خمسة عقود.
لم تسعفه مذكرات كافية ومنفتحة على تجارب الآخرين ولا أرشيف ووثائق يمكن أن يستكمل به كتابه، وان جال في خضم النضال والتراجع والانكفاءات بذاكرة ممتلئة حيوية بالأسماء والعوائل والمناضلات والحركة و اللقاءات.
ولاشك، إن حزباَ بحجم الحزب الشيوعي العراقي منذ ثلاثينيات القرن الماضي حتى الآن، لا يقارن به حزب آخر، بما شمله من فضاءات النضال والوعي والتضحيات، وله دور تاريخي في تحريك الوعي الطبقي والثقافي والسياسي، تعرض لازمات وانقسامات ومنحنيات صاعدة و أخرى هابطة، إلى حد التراجع والتنازل عن مبادئه في اتفاقات وقرارات ابتداء من فشل المقاومة وانكساراتها وخلوها من شروط الإعداد والتنظيم عند مواجهة انقلاب 8 شباط 1963 وكذلك ما يعرف بخط آب 1964 وتحالفاته الجبهوية مع حزب البعث والتعريف بدوره في انتفاضة 3 تموز العام 1963 ، وكذلك غياب الموقف الواضح من احتلال العراق العام 2003
كما لاحظنا عدوانية وعنف بعض منتسبيه على العراقيين الذين عارضوا قانون "تحرير العراق " وانضموا إلى التظاهرات "المليونية " في أوروبا.
وكان يمكن الاستغناء عن الاستطرادات التاريخية والشخصية التي
أثقلت الكتاب، والتركيز على الأبعاد التحليلية والنقدية لعشرات القضايا السياسية ومنها قضية "خان النص " العام 1977 والاختراقات الأمنية والتدخلات الأجنبية والإقليمية وقضية الكفاح المسلح في كردستان العراق ونوعية العلاقات مع الأحزاب القومية الكردية.
يمثل الكتاب إضافة تاريخية مهمة، يمكن للباحثين والدارسين الاستفادة منه لتعميق الوعي النقدي بالتجربة وتفكيك عناصر الانتماءات الاجتماعية والقبلية وتداخلها مع الانتماءات الثورية والحزبية، والتناقضات التي تعتمل داخل تلك الأزمات.
يعرف إن أبا ناديا لم يهدأ طوال مدة الإعداد للحرب على العراق في الحركة والتواصل والعلاقات المتنوعة التي انتهت بتكوين "هيأة العمل الوطني" التي كانت مقدمة طيبة للحوار والاعتراف بالآخر والقبول بتعدد الآراء والانتماءات.
ولعل إنشاء " جمعية الثقافة العربية " في لندن، كانت تمثل التوازن النوعي الثقافي بين طرفين، يميل احدهما نحو تعضيد الاحتلال إلى حدَ الهوس بكسر تلك القيود والمبادئ التي نشأوا عليها حتى الدخول المباشر مع أجهزة المخابرات الأجنبية ،والمراكز الإعلامية والثقافية والحملات المنظمة التي كان يقودها بعض العراقيين في لندن و اربيل وبيروت التي دعت بيسر لحملة التواقيع، والنداءات المدفوعة الثمن...
وكان الصديق عدنان عباس مع اصد قاء آخرين قد آزروا جمعية الثقافة العربية،ابتداء من العام 1996 ، من خلال الفعالية الثقافية الأولى لمهرجان القصة العراقية في قاعة "الكوفة " في لندن التي عبرت عن وعي آخر واستقلالية ثقافية استمرت فعالياتها الثقافية حتى العام 2002 . ورعت في جانب أخر أبناء الجالية العربية في لندن، لتعليمهم اللغة العربية والثقافة الإنسانية.وكان يمكن الاستدلال على تراجع سياسة الحزب الشيوعي والدخول في عقد صفقات جبهوية من خلال حدثين اثنين هما: إضراب عمال شركة الزيوت النباتية في 5/ 11/ 1968، الذي قاد الهجوم المسلح على العمال المضربين، آمر معسكر الرشيد فهد جواد الميرة والقيادي في حزب البعث صلاح عمر التكريتي فاغتيل العامل النقابي جبار لفتة وجرح عمال آخرون...
وبعد يومين اثنين كان الهجوم الوحشي المنظم في7/ 11/ 1968 ، على التجمع السلمي المجاز من قبل صدام حسين الذي نظمه الحزب الشيوعي وقاد الهجوم عليه المجرم جبار كردي في ما سمي بتجمع ساحة السباع وللقضية فصول أخرى...
لكننا لا ندري حقيقة، لماذا تغفل مذكرات أصدقائنا الشيوعيين مثل هذين الحدثين اللذين لم يظهرا في أدبيات الحزب الشيوعي، إننا في الوقت الذي نحيي جهود صديقنا المناضل عدنان عباس، كنا نأمل منه آن يتولى الكتابة عن تلك التجربة،وان يقف عند أهم الأحداث، والمحطات التاريخية بمزيد من التعريف والتحليل لفائدة الأجيال والباحثين.
نختتم مقدمة الطبعة الثالثة، بما أضافه الصديق مؤلف الكتاب عدنان عباس عن الملاحظات التي أشاد فيها بإضراب عمال شركة الزيوت النباتية في 5/ 11/ 1968 الذي قمعته حكومة حزب البعث آنذاك بقوة السلاح.
واستشهد فيه العامل النقابي جبار لفتة، وكان الأخ الدكتور عبد جاسم، أحد المشاركين والمنظمين لهذا الإضراب، والذي يعد تحديا لمواجهة سلطة البعث، التي تولت حكم البلاد في انقلاب تموز العام 1968 ، وتعرض للاعتقال مدة عام بتهمة حمل السلاح وأضاف: اقدر عاليا الجهد الذي بذله د. عبد جاسم مشكوراَ لمعالجة الأخطاء الإملائية والنحوية بالإضافة إلى الجوانب الأخرى المتعلقة بالتصميم ومساعيه لطبع الكتاب.
كما أقدم جزيل الشكر إلى المهندسة أمل كاظم الطائي، التي قامت بتصحيح
النسخة الأصلية على الحاسوب، واقدر عاليا الملاحظات الايجابية التي أبدتها خلال قراءتها لهذه المذكرات، ومن بينها الشخصيات التي أشارت إليها لعلاقات تربطهم سابقاَ مع والدها المحامي كاظم الطائي...


د.عبد جاسم الساعدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم