الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات المصرية: أسلمة وبلطجة ورشاوى وتزوير.. حاجة تقرف

هويدا طه

2005 / 12 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا تعرف بالضبط ماذا كانت تتوقع القنوات الفضائية عندما غطت الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية بكثافة غير عادية.. قبل أن يفتر حماسها تماما عندما حل موعد الجولة الثانية؟! فعدا قناة الحرة.. فتر حماس الجزيرة والعربية وغيرهما من قنوات أعطت مساحة كبيرة لتغطية الجولة الأولى.. ثم في الجولة الثانية تعرضت لتلك الانتخابات كخبر من الدرجة الثانية، على كل حال.. الانتخابات المصرية الحالية لا تستحق فعلا أكثر من ذلك من حيث كونها (انتخابات)، وإن استحقت تركيزا إعلاميا من حيث كونها (حادثة) مثيرة للفضول، أو مادة للفرجة.. كتلك التي تقدمها الأفلام المختصة برصد صراعات الغاب!
تغطية قناة الحرة لتلك الجولة الانتخابية- على عكس بقية القنوات- جاءت مكثفة.. وكان معها على مدار اليوم مراسلها الدءوب طارق الشامي.. ينقل لحظة بلحظة أحداث يوم انتخابي كامل صوتا وصورة.. أسلمة وبلطجة ورشاوى وتزوير وقتلى وجرحى.. وأرقام فلكية لما ينفق من أموال على الدعاية الانتخابية ومشاهد الصراع الشرس على مقاعد البرلمان.. وكأن تحت قبته تختبئ مغارة علي بابا!
لكن.. وقد عبنا على كل القنوات في تغطيتها للجولة الأولى من الانتخابات إغفالها (المواطن العادي).. فإنه من الإنصاف لقناة الحرة الإقرار بأن آراء المواطنين العاديين- العاديين جدا- أخذت مساحة معقولة عن طريق لقاءات طارق الشامي معهم في الشارع، تعليقات هؤلاء المواطنين على الانتخابات كانت بالغة العمق.. وإن جاءت بمفردات الشارع المصري العفوية وليس بمصطلحات المثقفين المتورمة، مواطن قال وقد عاد لتوه من المستشفى.. وأربطة الشاش حول رقبته جراء (ضربة سيف) من بلطجي:(ليه كل ده.. لما مرشح يصرف عشرين مليون جنيه عشان كرسي في البرلمان.. يبقى حيرجع منه كام)؟! وقال آخر:(رحت انتخب شفت المنظر رجعت.. شفت في إيدين البلطجية مطاوي وسكاكين وسيوف بتنزل على راس الناس رجالة ونسوان.. والأمن كان بيحميهم، يا راجل.. دوول ضربوا القاضي نفسه إللي في اللجنة وطلعوه بره)!
أما تقدم الإخوان المسلمين في هذه الانتخابات- والذي أثار جدلا إعلاميا بسبب شعارهم الغائم (الإسلام هو الحل)- فهو أمر لا يخرج عن السياق الكلي لتردي الأحوال في مصر! فهؤلاء الذين يقولون للناس ليلا ونهارا إن (الآخرة خيرٌ وأبقى) استخدموا في انتخابات (الدنيا الفانية) نفس أساليب الحزب الحاكم! من رشوة الناخبين إلى شراء الأصوات إلى تأجير البلطجية! والمدهش أنه في الوقت الذي ينفي فيه الحزب الحاكم استخدامه للبلطجية (ببجاحة إللي تكلمه يتهيك وإللي فيه يجيبه فيك!) لم ينف الإخوان استخدامهم لتلك الأساليب! السيد عصام العريان قال لإذاعة بي بي سي البريطانية إن لجوءهم لبلطجية تابعين لهم كان من باب (درء أذى) بلطجية الحزب الحاكم! بل ويبرر الإخوان استخدام المال بما يصفونه بأنه (فتوى) تجيز ذلك لأنهم مستضعفون! ظهور الإخوان والحزب الحاكم كوجهين لعملة واحدة في تلك الانتخابات.. عبر عنه ببلاغة حزينة الباحث أنور الهواري في لقاء أجرته معه قناة الحرة حينما قال:(أتقدم بعزائي للشعب المصري! لأن برلمان يتقاسمه الحزب الوطني والإخوان هو مُصاب.. يستوجب تعزية المصريين)!
مُصاب المصريين لا تعبر عنه فقط هذه الانتخابات التي تثير شعورا (بالقرف)! إنه أعمق من ذلك بكثير.. مُصاب مصر يكمن في (استشراء العفن).. في السياسة والثقافة والاقتصاد وفي فهم المجتمع لنفسه وللعالم، هذا النوع من (عفن المجتمعات) له تقيحات دالة عليه، ظهر منها في الانتخابات الجارية الآن.. الأسلمة والبلطجة والتزوير.. وسقوط الناس رهائن للفساد السياسي رغما عنهم.. وأسرىً للتخدير الديني برضاهم، وغير ذلك مما ينتجه تحوّل رجال الدين والسياسة إلى (سماسرة) يوجهون المجتمع إلى الحضيض، وللأسف.. يزدحم التاريخ بتجارب عديدة.. تدلل على أن المجتمعات عندما تتعفن لا يطهرها إلا.. حريق، يصل إلى الجذور ويشيع فوضى عارمة.. قبل أن تهدأ ناره بعد إزالة قلب ذلك العفن، وربما يكون ارتهان مصير الشعب المصري بيد برلمان يتشكل الآن من (سماسرة الدين والسياسة) هو الإنذار الأخير.. بأن شيئا ما تتجمع أطرافه في أفق مصر.. لعله شرارة.. لمثل هكذا حريق..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله